أزمة أوكرانيا.. كيف سترد أمريكا حال دعم الصين لروسيا؟
حتى الآن فإن الإدارة الأمريكية ترى أن بكين من غير المرجح أن تتدخل بشكل كبير في أي قيود أمريكية، لأن ذلك قد يعرض للخطر وصول الشركات الصينية إلى السوق المحلية الكبيرة للولايات المتحدة، والشبكات المالية العميقة والتقنيات الحيوية.

ترجمات - السياق
في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأمريكية، إلى فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، حال غزوها لأوكرانيا، تضع واشنطن نُصب عينيها ما إذا كانت بكين ستدعم موسكو، في مواجهة هذه العقوبات، والمُضي قدمًا في تجاوز هذه الأزمة، إذ تخشى واشنطن دعم بكين لـموسكو.
وأوضحت "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن مسؤولي الإدارة الأمريكية يدرسون فصل البنوك الروسية الكبيرة عن الشبكات المالية العالمية، واستخدام ضوابط تصدير جديدة، لحظر بيع التكنولوجيا العالمية، التي تعتمد على البرامج والمعدات الأمريكية إلى الكيانات الروسية، في قطاعات مثل الفضاء والذكاء الاصطناعي والبحرية وغيرها.
دور بكين
وعن دور بكين، في التصدي لهذه العقوبات، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين -مطلعين على مناقشات الإدارة بشأن هذه المسألة- قولهم: "عند تقييم خيارات العقوبات، يتعين على الإدارة الأمريكية تقييم المدى الذي ستذهب إليه بكين لمساعدة موسكو، من خلال حشد موارد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لزيادة تمويل التجارة والإمداد والسلع الخاضعة للعقوبات".
وأضافوا: "حتى الآن فإن الإدارة الأمريكية ترى أن بكين من غير المرجح أن تتدخل بشكل كبير في أي قيود أمريكية، لأن ذلك قد يعرض للخطر وصول الشركات الصينية إلى السوق المحلية الكبيرة للولايات المتحدة، والشبكات المالية العميقة والتقنيات الحيوية".
وحسب الصحيفة الأمريكية، تذهب آراء إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بالغت في تقديراتها لمدى إمكانية مساعدة الصين ودعمها لروسيا، لأن ذلك قد يعرض بكين نفسها للخطر، كما يدفع الولايات المتحدة إلى فرض قيود على تصدير التكنولوجيا إلى الصين، بصفتها المستورد الأضخم في العالم للرقائق الإلكترونية، وأشباه الموصلات، التي تُستخدم في كل شيء، من السيارات حتى أجهزة الكمبيوتر العملاقة، حيثُ تهيمن الولايات المتحدة على سوق إنتاج هذه الرقائق.
مواجهة التحايل
ولمواجهة أي تحايل صيني لمساعدة روسيا، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، تحذيرهم، من أنه في الوقت الذي يخشى فيه العالم وقوع هجوم روسي محتمل ضد أوكرانيا، في أي وقت، يتعين على الولايات المتحدة التعامل مع شراكة الصين المكثفة مع روسيا، واستعداد بكين للتحايل على العقوبات الأمريكية ضد كوريا الشمالية وإيران، بمنتهى الجدية والحزم.
وقال جيمس لويس، الخبير التكنولوجي والدبلوماسي السابق، الذي يعمل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "إن كانت روسيا بمفردها، لكانت في وضع أصعب بكثير، لكن مع وجود الصينيين إلى جانبها -لديها ثاني أكبر اقتصاد في العالم- فإن ذلك يحد مما يمكنك الحصول عليه من آثار العقوبات".
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الصيني شي جين بينغ، اللذين يشتركان في الإصرار على تقويض القوة الأمريكية، عقدا قمة هذا الشهر قبل ساعات من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، وأصدرا بيانًا بعد ذلك، يصفان شراكتهما بأنها "لا حدود لها"، وتضمن البيان انتقادات للولايات المتحدة وتحالفاتها.
وردًا على ذلك، نقلت الصحيفة، عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله: البيان يشير إلى "تحالف أساسي" بين البلدين، مشيرًا إلى أن لقاء شي وبوتين –في ظل حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية- يُظهر اعتراف الزعيم الصيني -ضمنيًا- بأن ما تفعله روسيا بحق كييف مشروع.
وأوضح المسؤول الأمريكي الكبير، أن مسؤولي الإدارة الأمريكية حذروا المسؤولين الصينيين، من أن العقوبات التي ستوقع على موسكو، في حال إصرارها على غزو أوكرانيا، يمكن أن تورط الشركات الصينية التي تتعامل مع الكيانات الروسية، مشيرًا إلى أن المسؤولين الأمريكيين يتواصلون أيضًا مع المديرين التنفيذيين في صناعة التكنولوجيا، للحصول على ضوابط التصدير المحتملة.
رد صيني
من جانبه، قال ليو بينغيو المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، إن بكين تعترض على أي استخدام أمريكي لضوابط التصدير والعقوبات الاقتصادية على روسيا ضد أي دولة أخرى، مضيفًا: "تعارض الصين عقوبات أحادية الجانب لأي دولة، وما تسمى الولاية القضائية طويلة المدى على دول أخرى، بناءً على القانون المحلي".
ووفقًا لصناعة التكنولوجيا والمسؤولين التنفيذيين الآخرين، الذين أطلعتهم الإدارة الأمريكية على دور الصين في أي عقوبات "يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتبنى استراتيجية الانتظار والترقب بشأن العقوبات، وتجهز رد الولايات المتحدة على تصرفات روسيا، ثم ترى كيف تتفاعل الشركات الصينية".
وأوضحت "وول ستريت جورنال": "إذا قررت بكين مساعدة موسكو، يمكن أن يحاول الطرفان تجاوز النظام المالي العالمي، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، عبر مجموعة من الأدوات تتمثل في استخدام العملات الوطنية في التبادل التجاري، والاعتماد على التمويل الصيني، بدلًا من مؤسسات التمويل التي تهيمن عليها واشنطن وحلفاؤها.
كما يمكن للصين أيضًا استخدام البنوك الأصغر، التي تكون أقل تعرضًا للمعاملات الدولارية، كما فعلت الشركات الصينية في الماضي للتعامل مع إيران وكوريا الشمالية، بموجب عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
ووفقًا لـ "وول ستريت جورنال" يُمكن أن تعرقل بكين أيضًا ضوابط التصدير الأمريكية المخطط لها، من خلال استخدام قانون مكافحة العقوبات الأجنبية الصادر حديثًا، لتوجيه الشركات العاملة في الصين، لتجاهل القيود الأمريكية أو مواجهة العقوبات.
وأشارت إلى أنه من غير المرجح، أن تغامر الشركات الصينية بتجاوز العقوبات الأمريكية لدعم روسيا، وفقدان الوصول إلى الرقائق الأمريكية اللازمة لمختلف الصناعات الحيوية في الصين، بدءًا من السيارات حتى أجهزة الكمبيوتر العملاقة، حيثُ يُمكن لواشنطن في هذا الإطار الضغط على تايوان وكوريا الجنوبية -الموردين الرئيسين للرقائق إلى الصين، اللذين تجمعهما علاقات التعاون والصداقة مع الولايات المتحدة- لوقف بيع الرقائق الإلكترونية إلى الصين".