تروث سوشيال.. منصة ترامب الجديدة تستعد للإطلاق التجريبي

مشروع ترامب للتواصل الاجتماعي تروث سوشيال البديلة لتويتر رسميًا قد يبدأ الشهر المقبل، لكن مع تقدم الأعمال التجارية، قد لا يكون الغضب السبيل الأفضل للنجاح

تروث سوشيال.. منصة ترامب الجديدة تستعد للإطلاق التجريبي

ترجمات - السياق

لأشهر عدة، ظل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يروِّج لمنصته الجديدة "تروث سوشيال"، التطبيق الرائد الذي سيطلق قريبًا، كمنصة يمكن أن تزدهر فيها حرية التعبير من دون القيود التي تفرضها منصات التواصل الأخرى.

ومن المقرر عرض مشروع ترامب للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" في متجر تطبيقات أبل الاثنين، حسبما ذكرت منشورات مسؤول تنفيذي عن نسخة تجريبية اطلعت عليها "رويترز" ما يشير إلى عودة الرئيس السابق إلى وسائل التواصل.

وسيعيد هذا المشروع حضور ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أكثر من عام على حظره من "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب" في أعقاب هجوم أنصاره على مبنى الكونغرس الأميركي، في السادس من يناير 2021 بعد اتهامه بنشر رسائل تحرِّض على العنف.

وبحسب "نيويورك تايمز" فإن "غيتر"، البديل اليميني لـ "تويتر" أسسه العام الماضي مستشار سابق لترامب، فهي كشبكة تمثل ملاذاً من الرقابة، وهو مشابه لـ"بارليه"، الذي هو في الأساس استنساخ آخر لـ "تويتر" مدعوم من مانح كبير للحزب الجمهوري، أما  "مي وي " و"كلاوت كلاب" فيشبهان "فيسبوك"، لكنهما يروِّجان لخطاب من دون قيود.

ومن المقرر إطلاق "تروث سوشيال" للجمهور في مارس، رغم الكشف عن نسخة تجريبية بطريقة محدودة مؤخرًا.

وحال إطلاق "تروث سوشيال"، سيكون تطبيق ترامب هو الأحدث والأكثر وضوحًا، الوافد إلى عالم مزدحم للغاية بشركات وسائل التواصل الاجتماعي، التي ظهرت في السنوات الأخيرة، واعدًا ببناء عالم افتراضي موازٍ بعد "تويتر" و"فيسبوك" و"جوجل" وغيرها من المنصات الرئيسة في قمع خطاب الكراهية.

 

سوق ضخم

بدورها، قالت شانون ماكجريجور، أستاذة الصحافة والإعلام في جامعة نورث كارولينا، التي درست منصات وسائل التواصل الاجتماعي: "هناك جمهور وسوق، لكنه ليس ضخمًا، معظم الناس لا يريدون إصدارًا من الإنترنت حيث كل شيء مسموح به ."

وتطارد أغلبية الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا البديلة المجموعة نفسها من المستخدمين، وقد يقضي كثيرون منهم جزءًا بسيطًا من وقتهم على وسائل التواصل الاجتماعي في قضايا حزبية.

إضافة إلى ذلك، فإن النقاد اليمينيين -الذين يجتذبون جمهورًا كبيرًا- لديهم بالفعل قواعد جماهيرية كبيرة وراسخة، على وسائل التواصل الاجتماعي السائدة، ما يجعل من غير المرجح أن ينتقلوا إلى منصة جديدة ما لم يتم تجميدهم.

ونظرًا لأن معظم المستثمرين التقليديين في وادي السيليكون، لا يسارعون إلى تمويل التكنولوجيا البديلة، فإن نمو هذه الشركات يعتمد على مجموعة صغيرة من الداعمين الماليين، الذين يستثمرون في قضايا حزبية.

وأفادت شركة رامبل، التي تأسست عام 2013 للتنافس مع "يوتيوب" وهي أقدم شركات الوسائط الاجتماعية البديلة، بأن إيراداتها تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا العام الماضي.

ومع ذلك، في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، كانت إيراداتها أقل من 7 ملايين دولار، وبالمقارنة، حقق موقع يوتيوب ما يقرب من 9 مليارات دولار من عائدات الإعلانات في ربعه الأخير.

 

صعوبة التحقق

تزعم الشبكات البديلة للمنصات التقليدية، أنها سجلت عشرات الملايين من المستخدمين، لكن يصعب التحقق من أرقام المستخدمين لمعظم هذه الشركات، أو كيفية تعريف المستخدمين، حيث لا يتم تعقبها بشكل مستقل في كثير من الأحيان.

 غير أن الخبراء قالوا إنه من غير المرجح أن تشكل تحديًا تنافسيًا خطيرًا لمنصات التواصل الاجتماعي التقليدية، التي تضم مليارات المستخدمين. 

وعلى سبيل المثال، هناك أكثر من 1.9 مليار مستخدم نشط يوميًا في "فيسبوك" و211 مليون مستخدم نشط يوميًا على "تويتر" يشاهدون الإعلانات.

وقال واياي تسو، الأستاذ المساعد في الاتصالات بجامعة ماساتشوستس أمهيرست، إن الكثيرين من الذين يزعمون أنهم يتوقون إلى شبكة اجتماعية تخدم قضيتهم السياسية، غالبًا ما يكونون غير مستعدين للتخلي عن "تويتر" أو "فيسبوك" وأضاف  أن  المنصات الكبيرة تظل أدوات مهمة لـ "المستخدمين الحزبيين" لنشر رسائلهم.

وتعتمد منصات غتر و بارليه ورامبل على "تويتر" لإعلان انضمام  شخصية مؤثرة إلى صفحاتها، وعلى سبيل المثال، استخدمت بارليه  "تويتر" لنشر رابط لإعلان أن ميلانيا ترامب، السيدة الأولى السابقة، ستجعل من منصة بارليه "منزلها في  وسائل التواصل الاجتماعي".

 

غرف صدى

مارك واينستين، مؤسس "مي وي"، وهي منصة تضم 20 مليون مستخدم مسجل، تصنف نفسها كخيار لـ "فيسبوك"، قال إن شركات وسائل التواصل الاجتماعي البديلة، تزدهر بشكل أساسي في المجالات البعيدة عن السياسة.

وأضاف: "المشكلة مع تروث سوشيال وغيتر وبارليه، أن هؤلاء منافسون لتويتر، وهم في الأساس غرف صدى لطيف سياسي ضيق". 

قال واينستين: بدلاً من متابعة المستخدمين بسبب معتقداتهم السياسية، يستهدف "مي وي" الذين يرغبون في حماية خصوصية منشوراتهم عبر الإنترنت. 

جدير بالذكر أن عرض "مي وي" الأساسي مجاني، لكنه يفرض رسومًا على خدمات اشتراك معينة، وقد جمعت شركته الناشئة 24 مليون دولار من 100 مستثمر.

ولكن نظرًا لأن الأسباب السياسية، هي الدافع الأكبر للمشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي البديلة، فإن أغلبية هذه المنصات تتسارع في تبني الفرص. 

هذا الشهر، قالت "كاوت كلاب"، التي لديها أربعة ملايين مستخدم مسجل فقط، إن منصتها يمكن استخدامها لجمع الأموال لسائقي الشاحنات المحتجين في أوتاوا.

ولم يكن ترامب بعيدًا عن الركب، فقال في بيان: "فيسبوك وكبار شركات التكنولوجيا يسعون لتدمير قافلة الحرية لسائقي الشاحنات"، وأضاف أن شركة ترامب ميديا ​​ستسمح لسائقي الشاحنات "بالتواصل بحرية على موقعه الجديد عندما ينطلق  قريبًا جدًا".

 

نجومية ترامب

وذكرت "نيويورك تايمز" أن بين منصات التواصل الاجتماعي البديلة، قد يكون لمشروع ترامب أفضل فرصة للنجاح إذا تم إطلاقه، ليس فقط بسبب نجومية الرئيس السابق ولكن أيضًا بسبب ثقله المالي. 

ففي سبتمبر، وافقت شركة "ترامب ميديا" ​​على الاندماج مع شركة ديجيتال وارلد، وقد جمع الكيانان مليار دولار من 36 مستثمرًا في اكتتاب خاص.

ولكن لا يمكن استغلال أي من هذه الأموال، حتى ينتهي المنظمون من تحقيقهم في ما إذا كانت شركة ديجيتال وارلد قد انتهكت لوائح الأوراق المالية، في التخطيط لدمجها مع "ترامب ميديا".

في غضون ذلك، تحاول شركة ترامب ميديا، التي تقدر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار بناءً على سعر سهم ديجيتال وارلد، توظيف أشخاص لبناء نظامها الأساسي.

وحاولت جهات التوظيف، الوصول إلى الموظفين السابقين في منصة بارليه، وفقًا لوثائق اطلعت عليها صحيفة التايمز. 

ففي أسئلة الفرز، سعى القائمون على التوظيف إلى معرفة المزيد عن "منافذ وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعرض كبدائل لتويتر وفيسبوك، وسألوا المرشحين عما إذا كانوا يعتقدون أن شبكة تروث سوشيال ستواجه تحديات في جني الأموال أو الإشراف على المحتوى" .

 

ليست منصة اجتماعية

 لا تزال بارلر، المنصة التي تحظى بشعبية لدى مؤيدي ترامب، تعاني دورها المفترض بعد الاحتجاجات العنيفة في مبنى الكابيتول الأمريكي في يناير 2021 بعد احتشاد الآلاف من المشجعين الغاضبين من ترامب.

وانخفضت تنزيلات التطبيق 88% العام الماضي، بعد أن أزالته أبل وغوغل من متاجر التطبيقات الخاصة بهما .

بالمقابل، فإن منصة بارليه، التي ذكرت في يناير أنها جمعت 20 مليون دولار من المستثمرين، عادت منذ ذلك الحين إلى متجر آبل، 

ومع ذلك، استمرت الاضطرابات الداخلية، ففي العام الماضي أقيل بارلر جون ماتزي، أحد مؤسسيها، من منصبه كرئيس تنفيذي.  وقال ماتزي إنه فُصل بعد خلاف مع السيدة ميرسر -ابنة مدير صندوق تحوط ثري وهو الداعم الرئيس لشركة بارليه- بشأن كيفية التعامل مع المحتوى المتطرف في المنصة.

وقالت كريستينا كرافينز، المتحدثة باسم بارلر، إن الشركة "حظرت المحتوى العنيف والتحريضي" واستثمرت في "أفضل ممارسات تعديل المحتوى".

 وذكرت "نيويورك تايمز" أن تعديل المحتوى سيكون تحديًا لمنصة ترامب الجديدة، التي لم يتمكن نجمها الرئيسي ترامب، من نشر رسائل منذ أوائل عام 2021، عندما طردته تويتر وفيسبوك  من منصتيهما بسبب "التحريض على العنف المرتبط بنتيجة انتخابات 2020 الرئاسية".

وقال ماتزي: "ترامب يبني مجتمعًا يناضل من أجل شيء ما أو أي شيء يعتقده، هذه ليست منصة اجتماعية للأصدقاء والعائلة أو لمشاركة الصور."