إيكونوميست: الصراع الأمريكي الصيني يتشعَّـب ولا يستثني شيئًا
نشرت مجلة إيكونوميست البريطانية مقالاً بعنوان: احتدام التنافس الصيني الأمريكي على المستويات كافة،، بدءًا من التجارة وفتح أسواق جديدة إلى حد التسلح.

ترجمات - السياق
نشرت مجلة إيكونوميست البريطانية مقالاً بعنوان "احتدام التنافس الصيني الأمريكي على المستويات كافة"، بدءًا من التجارة وفتح أسواق جديدة إلى حد التسلح.
ففي الثاني عشر من يونيو 2021، صرّح البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء مجموعة السبع، ستطلق خُطة للمساعدة في تمويل البنية التحتية للدول الفقيرة.
وتُعَدُّ خُطة المساعدة هذه، التي يطلق عليها إعادة بناء عالم أفضل (Build Back Better World B3W)، معارضةً صريحة لمبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI)، التي بدأت عام 2013، والتي تشمل أيضاً تمويلَ مشروعات البنية التحتية في الدول الفقيرة.
وستقدّم خُطة B3W تمويلًا لمشروعات تشمل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، للمساهمة في مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، كما تشير خطة الولايات المتحدة الأمريكية -التي ما زالت غامضة بعض الشيء- إلى أنه سيجري تطوير المشروعات بطريقة مستدامة، كما ستعمل هذه الخُطة على استهداف رأس المال الخاص، بخلاف الصين التي تستهدف الشركات المملوكة للدولة.
غالبًا ما يتحدّث المسؤولون الأمريكيون والصينيون، عن توسيع نطاق تسلحهم في مواجهة بعضهم، وفي غضون ذلك، منع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الاستثمار في العديد من الشركات التي لها صِلة بالقوات المسلحة الصينية، وقد ضاعف الرئيس بايدن هذه القواعد، من خلال تعزيز الأسس القانونية للعقوبات، فمنذ توليه الرئاسة الأمريكية مثّلت المنافسة مع الصين قمة أولوياته، كما استخدمت إدارته جميع الأدوات المتاحة، للرد على ما تصفها بالممارسات التجارية غير العادلة للصين.
قط وفأر
المنافسة بين الجانبين الصيني والأمريكي، تسير بشكل متوازن على المستويات كافة، وعلى نحو متزايد تكرِّر بكين وواشنطن تصرفاتهما وأفعالهما، على طريقة القط والفأر، ففي العاشر من يونيو الجاري، أقر المجلس التشريعي الصيني قانونًا، يسمح للحكومة باتخاذ إجراءات ضد الأفراد والشركات، بسبب امتثالها إلى عقوبات الدول الأخرى ضد الصين.
القرار الصيني، جاء بعد أيام من قرارات أمريكية أوروبية، بتطبيق إجراءات عقابية ضد عدد من الشركات الصينية، بدعوى اتهام الحكومة الصينية بسوء معاملة أقلية الأيغور في منطقة شينجيانغ الغربية، وهدمها الحريات في هونغ كونغ.
وينص القانون الصيني الجديد، على أنه يمكن للحكومة مصادرة الأصول، ومنع معاملات الشركات التي تمتثل للتدابير الأمريكية أو الأوروبية ضد الصين.
وعلى عكس قانون المفوضية الأوروبية بشأن العقوبات الأجنبية، الذي يحظر الامتثال لها، فإن القانون الصيني لا يجعل مثل هذا النشاط غير قانوني بشكل صريح، بدلاً من ذلك، يُقصد به أن يكون رادعًا ويوفِّر للسلطات وسيلة قانونية لفرض تدابير مضادة، كما تقول وسائل الإعلام الحكومية.
وتضع الأنظمة المتنافسة -الصين وأمريكا- الشركات متعددة الجنسيات في مأزق، إذ يحضر مديرو الصناديق ندوات عبر الإنترنت، عن كيفية التعامل مع العقوبات الأمريكية والصينية المعقَّدة بشكل متزايد، كما يقول غير شنغ لي من جمعية إدارة الاستثمار البديل بالصين، وهي هيئة صناعية: "لم يكن أمام الشركات خيار سوى اتباع العقوبات".
وبالمثل، لم يكن لدى الدول الفقيرة سوى القليل من البدائل لمشروع طريق الحرير الصيني، حتى الآن.. لكن إذا نُفّذت خطة إعادة بناء عالم أفضل (B3W) الأمريكية بشكل جيد، يمكن أن توفِّر منافسة صحية في هذا الأمر، كما يقول وانج جيانغيو من جامعة مدينة هونغ كونغ.
صناعة الأسلحة
إيكونوميست عرجت على صناعة الأسلحة، والتنافس الشديد بين الصين وأمريكا في هذا المجال، وأوضحت في تقريرها أن كبريات شركات الأسلحة في الجانبين تضررت واستفادت في آن واحد، من ازدياد حدة التنافس بين البلدين، وضربت مثلاً بشركة جيانجابج، المملوكة لـ"مؤسسة صناعة الطيران في الصين" AVIC، أضخم مؤسسة للصناعات الفضائية والدفاعية في الصين، التي شهدت تراجعًا في أسعار أسهمها بنسبة 50% منذ طرحها للتداول في بورصة شنغهاي العام الماضي، إلا أنها سرعان ما عادت إلى المكاسب، وزاد الطلب على منتجاتها، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بل وتضاعف صافي أرباحها خلال تلك المدة، على أساس سنوي.
هناك أيضًا شركة AVIC (أفيك)، وهي المجموعة الرئيسة الراعية لبرنامج تصنيع الطائرات الحربية المقاتلة في الصين، التي تمتلك أصولًا يزيد مجملها على تريليون يوان صيني (نحو 157 مليار دولار أميركي)، ولديها 24 فرعًا، وتُتداول أسهمها في أسواق المال، إلا أنها أيضًا ضمن الشركات التي تقع عليها عقوبات أمريكية.
ونقلت إيكونوميست عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام SIPRI، قوله إن "مبيعات الأسلحة الإجمالية للشركات الأربع الكبرى في الصين -وأضخمها AVIC- تجاوزت 50 مليار دولار على الأقل منذ عام 2015، ورغم العقوبات الأمريكية، فإن التوتر الأمريكي الصيني كان سببًا مباشرًا في ازدياد حجم مبيعات هذه الشركات، بسبب التفاوت الكبير في الأسعار، إذ تُعَدُّ أرخص كثيرًا من مثيلاتها الأمريكية".
هواوي
ومن أبرز الشركات التي أُضيرت أيضًا من العقوبات الأمريكية، وفي الوقت نفسه استفادت، شركة هواوي، التي حظرها ترامب، بسبب مخاوف من صِلتها بـ"جيش التحرير الشعبي" PLA (الجيش الصيني).
وإضافة إلى ذلك، منع ترامب شركة "أميركان إنفيتستورز" المالية والاستثمارية من حيازة أسهم في شركة "سبيس سات" الصينية، المدرجة ضمن قائمة "فورتشن" لأكبر 500 شركة مملوكة للدولة في العالم، وهي الشركة التي تدير برنامج الفضاء في الصين.
ورغم أن العالم اسبتشر خيرًا بقدوم بايدن، فإنه سرعان ما سار على نهج سلفه، خصوصًا ما يخص العلاقات بالصين، ولم يتراجع عن تلك العقوبات المفروضة على الشركات الصينية، بل على العكس من ذلك، شدَّد -في الثالث من يونيو الجاري- بعض هذه العقوبات على شركات ذات صلة بمجموعات تصنيع دفاعية واستطلاعية.