دروس سرية.. معلمون في أفغانستان يتحدون طالبان وينظمون فصولًا لتعليم الفتيات

المعلمة فوزية كانت ضمن كثيرات من المعلمات، ينظمن مثل هذه الدروس، بينهن باشتانا دوراني، التي تقيم فصولًا سرية لتدريس الفتيات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات.

دروس سرية.. معلمون في أفغانستان يتحدون طالبان وينظمون فصولًا لتعليم الفتيات

ترجمات - السياق

«دروس سرية في المنازل للمراهقات»، كانت وسيلة معملين في أفغانستان، لمقاومة حظر «طالبان» لتعليم الفتيات، في تحد كشف رغبة دفينة لدى الآباء والطلاب والمدرسين، لعدم الاستسلام لقرارات الحركة المسلحة.

وقالت «وول ستريت جورنال»، إن معلمين أفغانًا بدأوا تنظيم دروس سرية في المنازل، للمراهقات اللاتي تحرمهن حركة طالبان من التعليم، مشيرة إلى أن قرار أولياء الأمور، يكشف معارضة قوية لعودة القواعد الاجتماعية الصارمة، التي فرضتها حركة طالبان وتعيد فرضها، خلال فترة توليها الحكم.

ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن معلمة أفغانية سمتها فوزية، قولها، إن عملها السري الجديد مع المراهقات ضروري، مشيرة إلى أن جلوس الفتيات في المنزل، سيؤدي لإصابتهن بـ«الاكتئاب أو إدمان هواتفهن».

وبينما قالت «وول ستريت»، إن مقاومة الحظر تعني أن أفغانستان تغيرت كثيرًا خلال العقدين الماضيين، أكدت المعملة فوزية، أن الطالبات اللاتي تدرس لهن، بحاجة إلى الأمل بأن المدارس سيعاد فتحها قريبًا.

 

مستوى مرتفع

فرحات ابنة المعلمة فوزية، التي طلبت استخدام اسمها الأول فقط، تقول للصحيفة الأمريكية، إن «مستوى التعليم حاليًا مرتفع»، مشيرة إلى أنها تساعد والدتها، في تعليم المراهقات، بمن في ذلك أختها الصغرى.

وقالت الفتاة، التي تبلغ من العمر 22 عامًا، إن الفصول الصغيرة مثل هذه، لا يمكن أن تحل المشكلة، مطالبة بضرورة إعادة فتح المدارس.

المعلمة فوزية كانت ضمن كثيرات من المعلمات، ينظمن مثل هذه الدروس، بينهن باشتانا دوراني، التي تقيم فصولًا سرية لتدريس الفتيات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات.

وقالت دوراني، في تصريحات للصحيفة الأمريكية: «إذا فقدنا الزخم، لن تكون هناك طبيبات ومهندسات ولا قابلات»، مشيرة إلى أن قرابة 100 طالبة جنوبي أفغانستان مسجلات في دورس حضورية وأخرى عبر الإنترنت.

وعبَّـرت المعلمة الأفغانية عن أملها بتوسيع البرنامج، ليشمل أجزاء أخرى من البلاد.

 

رغبة جامحة

الرغبة الجامحة لتعليم الفتيات لم تقتصر على المعلمات، بل إن ناصر، 28 عامًا، مدير مدرسة في حي شيعي غربي كابل، رفض الالتزام بقوانين حركة طالبان، وأعاد فتح المدرسة للفتيات بعد الصف السادس، رغم أن الحركة تمنع تعليم الإناث من قِبل المعلمين الذكور.

ناصر الذي لم يكشف اسمه الثاني، قال لـ«وول ستريت جورنال»: «إذا اكتشفت طالبان ما أفعله، ستعاقبني(..) لكنني أتحمل مسؤولية أفعالي، أريد أن تكمل الفتيات دراستهن».

من جهة أخرى، قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة طالبان الأفغانية، إن مدارس وجامعات الفتيات ستفتح أبوابها في أفغانستان العام المقبل، مشيرًا إلى أن الإمارة الإسلامية تحاول إنشاء آلية، في ضوء التعاليم الإسلامية والمبادئ الوطنية، قبل السماح للمرأة بمواصلة تعليمها والعمل في المكاتب.

وأضاف مجاهد، أمام تجمع للشيعة الأفغان في كابل: نؤكد لأخواتنا أن مؤسساتهم التعليمية ستبدأ قريبًا، وتحاول الإمارة الإسلامية إيجاد آلية تتماشى مع المبادئ الإسلامية والوطنية لهذا الغرض.

وقال جعفر مهدوي، وهو زعيم شيعي أفغاني، أمام الحشد، إن العام المقبل سيشهد إعادة فتح المدارس للفتيات فوق الصف السادس.

وكان وحيد الله هاشمي، مدير البرامج والمساعدات الخارجية في وزارة التربية والتعليم في طالبان، قد قال إن الحركة المسلحة ملتزمة بتعليم الفتيات، وتعمل الآن على إعادتهن إلى المدارس.

وأضاف المسؤول في حركة طالبان، أنه لم يتم فصل أي مدرس، مشيرًا إلى أن «هذه رسالة إيجابية للعالم بأننا نعد آلية، نحن لا نعمل على القضاء على المدارس والجامعات النسائية».

وقالت «وول ستريت جورنال»: رغم ارتفاع معدلات القراءة والكتابة بشكل كبير، خلال العشرين عامًا الماضية في أفغانستان، فإن تعليم الفتيات لا يزال أقل من الفتيان.

وقالت الأمم المتحدة، في تقارير، إن 40% من الفتيات أكملن المرحلة الابتدائية، مقارنة بـ70% من الأولاد، مشيرة إلى أن الحصول على التعليم لا يزال محدودًا، في المناطق الريفية الفقيرة على وجه الخصوص، حيث يوجد عدد قليل من المدارس للبنين والبنات.

 

قيود طالبان

ومنذ وصولها إلى السلطة منتصف أغسطس الماض، منعت حركة طالبات المسلحة، الفتيات ما بعد الصف السادس من الذهاب للمدرسة، رغم تعهداتها بفتح المدارس للمراهقات.

وبينما أعادت حركة طالبان فتح مدرسة للبنين في 17 سبتمبر الماضي، إلا أنها لم تسمح للفتيات فوق الصف السادس بالذهاب إلى المدارس، ما أثار احتجاجات دولية واسعة النطاق.

كان ذبيح الله مجاهد، قال إن إحدى المشكلات المتعلقة بإعادة فتح مدارس وجامعات البنات اقتصادية، مشيرًا إلى أن فرض العقوبات يزيد تعطيل العملية التعليمية.

يأتي ذلك بينما تضغط حركة طالبان، للإفراج عن أكثر من 9 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني، التي تحتفظ بها الولايات المتحدة، إلا أن مسؤولين أمريكيين قالوا إن واشنطن ملتزمة بتقديم مساعدات إنسانية لأفغانستان، لكنها مترددة في تقديم دعم مباشر للحكومة الجديدة، ما لم تحترم طالبان حقوق المرأة.

كانت منظمة العفو الدولية قالت إنه يجب السماح للفتيات في أفغانستان، بالعودة إلى المدرسة الثانوية ومواصلة تعليمهن، ونشرت شهادات جديدة من التلاميذ والمعلمين، توثق تهديدات طالبان وأعمال العنف.

وأوضحت المنظمة، في تقرير ترجمته «السياق»، أنها أجرت أكثر من 20 مقابلة جديدة، أخبر الطلاب والمعلمون ومديرو المدارس خلالها المنظمة الحقوقية، بأن الترهيب والمضايقات من حركة طالبان المسلحة، تسببت في استمرار انخفاض معدلات الالتحاق بالمدارس على جميع المستويات، لا سيما بالنسبة للفتيات.

 

سياسات تمييزية

«في الوقت الحالي، تُمنع الفتيات في أفغانستان من العودة إلى المدرسة الثانوية»، تقول أنييس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، مشيرة إلى أن حركة طالبان تتجاهل حقوق وتطلعات جيل كامل من الفتيات، وسحقهن في جميع أنحاء البلاد.

وأضافت المسؤولة الحقوقية: رغم أن «التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان، يتعين على طالبان -بصفتها سلطات الأمر الواقع التي تدير البلاد- أن تحافظ عليه»، إلا أن السياسات التي تنتهجها طالبان «تمييزية وظالمة وتنتهك القانون الدولي».

وطالبت كالامارد، حركة طالبان بإعادة فتح المدارس الثانوية على الفور للفتيات، ووضع حد لجميع المضايقات والتهديدات والاعتداءات ضد المعلمين والطلاب، ووقف أي استخدام عسكري للمدارس في أفغانستان.

كما دعت المجتمع الدولي، إلى ضمان التمويل المناسب لقطاع التعليم في أفغانستان، لتمكين المدارس من مواصلة عملها، من خلال منظمات مثل الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية، مشيرة إلى أن عدم القيام بتلك الخطوات يحرم ملايين الطالبات الأفغان من الحق في التعليم.