التطرف يأكل بعضه.. هكذا تواجه طالبان تنظيم داعش
بداية الخلاف بين داعش وطالبان، كانت مع اتهام مسلحي داعش للحركة، بأنهم -باعوا القضية الأفغانية- مقابل توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة والتعاون في انسحابها

ترجمات – السياق
سلَّطت مجلة إيكونوميست البريطانية، الضوء على التحديات التي تواجه حركة طالبان في أفغانستان، وأبرزها التهديدات المتتالية لتنظيم داعش، مشيرة إلى أن التنظيم المتشدد يعد أكبر تحدٍ أمني للحركة، بعد شهرين من توليها السلطة.
ووصفت المجلة، في تقرير، مشاهد العنف والرعب، جراء الهجمات التي شنها التنظيم على مسجدين للشيعة، خلال أسبوعين متتاليين، التي أدت إلى مقتل نحو 100 مصل على الأقل، وإصابة المئات، مشيرة إلى أن تفجيرات المساجد هذه، رافقتها اغتيالات لمقاتلين من طالبان وقطع رؤوسهم، ناهيك عن هجوم في العاصمة كابل.
وقبل سبعة أيام، في مسجد جوزار السيد آباد في عاصمة ولاية قندز، انقطعت صلاة الجمعة بسبب فظاعة مماثلة، ففي ذلك الهجوم قُتل ما لا يقل عن 50 شخصًا، بينما أعلن الفرع المحلي لتنظيم داعش، المعروف باسم ولاية خراسان، مسؤوليته عن التفجيرين.
بدايات التنظيم
وكشفت "إيكونوميست"، أن تنظيم داعش وجد له موطئ قدم لأول مرة في المنطقة عام 2014، ولم يكن معاديًا بشدة للغرب فحسب، بل سرعان ما أصبح منافسًا لدودًا لطالبان.
وأشارت المجلة، إلى أن بداية الخلاف بين داعش وطالبان، كانت مع اتهام مسلحي داعش للحركة، بأنهم (باعوا القضية الأفغانية)، مقابل توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة والتعاون في انسحابها.
وتبع ذلك -حسب المجلة البريطانية- هجوم مسلحي داعش بانتظام على الأقلية الشيعية في البلاد، الذين يعدونهم كفارًا، مشيرة إلى أن وحشيتهم جعلتهم سيئي السُّمعة في بلد اعتاد الرعب، كما بدأوا اقتسام الأراضي، في المقاطعات الشرقية لأفغانستان، قبل أن يُهزموا على يد طالبان، الذين استفادوا من الضربات الجوية الأمريكية ضد هؤلاء الجهاديين.
الهروب من السجن
وأوضحت "إيكونوميست"، أنه خلال أغسطس المضطرب مع انهيار حكومة أشرف غني، الرئيس السابق، هرب مئات من مقاتلي تنظيم الدولة من السجن، مشيرة إلى أنه بدعم من هذه التعزيزات، تحولت المجموعة من محاولة السيطرة على الأراضي الريفية، إلى شن حملة إرهابية في المناطق الحضرية، مستخدمة تكتيكات الكر والفر والتفجيرات الانتحارية ضد طالبان.
ونقلت المجلة، قول ديفيد بتريوس، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، الذي قاد أيضًا القوات الدولية في أفغانستان من 2010 إلى 2011 لأعضاء البرلمان البريطاني: إن طالبان "أصبحت على دراية بمدى صعوبة أن تكون قوة لمكافحة التمرد والتطرف كونها في الأساس حركة متمردة".
وتعليقًا على ذلك، قالت "إيكونوميست": "كانت رسالة طالبان، عندما استولت على السلطة، أنها ستحقق السلام، لكن من الواضح أنها لم تفعل ذلك حتى الآن، وتبدو محاولاتها للتقليل من شأن التمرد جوفاء"، مشيرة إلى أن ذلك ظهر جليًا عندما زعم المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، قبل يوم من تفجير أحد المساجد، أن داعش ليس تهديدًا كبيرًا في أفغانستان، وتمت السيطرة عليه، موضحة أن مثل هذا التراخي، لا يطمئن الأفغان ولا جيرانهم.
ودعا الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في 18 أكتوبر الجاري، طالبان إلى بذل المزيد من الجهد لوقف العنف، وحذر من أنه "يجب أن يعرفوا ما إذا كانوا لا يتعاملون مع داعش بجدية، وإذا لم يتم تدمير داعش، فإن ذلك سيمهد الطريق لمضايقات العديد من الدول والشعوب الأخرى في المنطقة".
وتعليقًا على تصريحات رئيسي، قالت "إيكونوميست": "في الواقع، قد تدفع الهجمات على الشيعة، إيران إلى التواصل بشكل أوثق مع طالبان، وربما تبادل المعلومات الاستخباراتية".
رد طالبان
وردًا على هذه المخاوف، أكدت طالبان أنها تفكك خلايا تنظيم داعش خراسان، وأشارت "إيكونوميست"، إلى أنه وردت أنباء عن مقتل رجال دين على صلة بالمسلحين واعتقال المتعاطفين معهم، ولكن كما اكتشفت القوات الغربية على مدى السنوات العشرين الماضية، فإن الجهود الوحشية أو الخرقاء لمكافحة التمرد، يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية.
ونقلت المجلة البريطانية، عن أسفانديار مير من معهد الولايات المتحدة للسلام، مؤسسة فكرية حكومية في واشنطن، تحذيره من "حلقة مفرغة" من مكافحة التمرد والعنف على خلفية الهجمات التي تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة، لا سيما ضد الأقليات.
من جانبه، قال هارون رحيمي، أستاذ القانون المساعد في الجامعة الأمريكية بأفغانستان: رغم أن تنظيم داعش يمثل في الوقت الحالي، أخطر معارضة مسلحة لطالبان، فإن تطرفه وجنون العظمة، يجعلان من غير المرجَّح أن يجتذب مجندين من دوائر أوسع مناهضة لطالبان، لكن طالبان تعلم أن أعداءهم الكثيرين، سيراقبون علامات الضعف هذه من كثب.