مع استمرار الحرب الأوكرانية.. أزمة غذاء تهدد الملايين

تنتج أوكرانيا نحو 10% من صادرات القمح العالمية، و14% من صادرات الذرة، وقرابة نصف زيت دوار الشمس في العالم، وفقًا لوزارة الزراعة الأميركية.

مع استمرار الحرب الأوكرانية.. أزمة غذاء تهدد الملايين

ترجمات – السياق

قالت صحيفة وول ستريت، إن الأزمة الروسية الأوكرانية تهدد جزءًا كبيرًا من الإمدادات الغذائية، حيث تُعد روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدري الحبوب عالميًّا، وشكّلتا عام 2019 نحو 26% و20% من صادرات القمح والشعير العالمية على التوالي.

كما تسببت الأزمة الأوكرانية، في ارتفاع أسعار العقود الآجلة للقمح، الأمر الذي ينعكس على سلاسل التوريد العالمية، التي ما زالت تتعافى من التداعيات السلبية لجائحة كورونا، ويزيد أسعار المستهلكين.

 

حصاد أوكرانيا

وأكدت "وول ستريت جورنال"، في تقرير، أن الغزو الروسي لأوكرانيا، وهما من أكبر منتجي المحاصيل في العالم، بدأ التأثير في إنتاج المحاصيل بالأراضي الزراعية، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض صادرات القمح والذرة وزيت الطهي، وسينعكس سلبًا على الدول التي تعتمد على أوكرانيا.

وتنتج أوكرانيا نحو 10% من صادرات القمح العالمية، و14% من صادرات الذرة، وقرابة نصف زيت دوار الشمس في العالم، وفقًا لوزارة الزراعة الأميركية.

وأوضحت أنه إضافة إلى أزمة حصاد القمح، لم يتبق سوى أسابيع قليلة على زراعة الذرة، ولا يستطيع المزارعون في أوكرانيا الحصول على الأسمدة والمواد الكيميائية، ولا الوقود للجرارات والمعدات الزراعية.

وحسب الصحيفة، تواجه الصادرات الزراعية لأوكرانيا وروسيا تحديات مختلفة، مشيرة إلى أن أوكرانيا عانت القصف العنيف لأسابيع، حيث تعرضت بعض المناطق السكنية والبنية التحتية لأضرار جسيمة.

ووفقًا لمعهد السياسة الغذائية والأبحاث، تكتمل أغلبية صادرات القمح والشعير ودوار الشمس في أوكرانيا بحلول فبراير -الشهر الذي بدأ فيه الغزو الروسي- إلا أن صادرات الذرة الأوكرانية تظل ثقيلة عادةً خلال الربيع حتى أوائل الصيف.

وبينت "وول ستريت جورنال" أن المحاصيل المزروعة موسم 2022 تتعرض للخطر جراء الحرب، حيث تبدأ زراعة الشعير في مارس والذرة في أبريل، بينما لا يُزرع القمح الشتوي عادة حتى أواخر الصيف.

 

الشرق الأوسط

وبحسب تقرير الصحيفة، فإن تداعيات الأزمة تُعد أكثر تأثيرًا على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ تعتمد تلك البلدان على إمدادات البحر الأسود، كطريق تجاري ومصدر مهم للواردات من روسيا وأوكرانيا، بينما أعاق الصراع طرق ووسائل الشحن، موضحة أن سلة الغذاء المتنوعة في مصر، واحتياطاتها الاستراتيجية من القمح، يمكن أن تساعدها في التكيف على المدى القريب، بينما ستكافح دول أخرى مثل اليمن في سد فجوة الواردات.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن ديفيد لابورد، زميل أبحاث كبير في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية قوله، إن مصر لديها "سلة غذاء منوعة نسبيًا" واحتياطي استراتيجي من القمح، يمكنها من التأقلم مع نقص الإمدادات على المدى القريب.

وحسب الصحيفة، تستورد مصر، التي يبلغ تعداد سكانها 105 ملايين نسمة، أكثر من 70% من القمح الذي تستخدمه للطحن، ويأتي ثلثا ذلك من روسيا وأوكرانيا.

من ناحية أخرى، تضيف "وول ستريت جورنال": يُمكن أن يمنح الارتفاع الشديد في أسعار الوقود، البلدان المصدرة للنفط مثل العراق، مزيدًا من المرونة لدفع ثمن القمح حتى بأسعاره المرتفعة، حيثُ أبرز الصراع مدى هشاشة النظام العالمي، من خلال الاضطرابات في سلاسل الإنتاج والإمداد، التي سببتها جائحة كورونا.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الصادرات الزراعية لأوكرانيا وروسيا تواجه تحديات مختلفة، إذ تعرضت بعض المناطق السكنية والبنية التحتية الأوكرانية لأضرار جسيمة، كما يُعاني الاقتصاد الروسي مجموعة من العقوبات الاقتصادية من المجتمع الدولي، بخلاف إيقاف مئات الشركات عملياتها وأنشطتها داخل روسيا.

 

الأضرار المستقبلية

وعن الأضرار المستقبلية، أشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن آثار الحرب ستمتد في المستقبل، إذ صرحت شركة باير الألمانية العملاقة لعلوم المحاصيل، بأن قرارها بالاستمرار في إرسال البذور والمبيدات الحشرية إلى روسيا، يعتمد على استعادة السلام.

وقالت الشركة إنها قدمت "مدخلات زراعية أساسية" للمزارعين الروس لزراعة هذا العام "لتخفيف الضغط الإضافي على نظام الغذاء العالمي" وستتخذ قرارًا عام 2023.

وأضافت باير أنها تأمل أن يتمكن المزارعون الأوكرانيون من تأمين حصاد 2022 "لأن نافذة الزراعة ستغلق في غضون أسابيع قليلة".

ومما يزيد حدة الأزمة -حسب "وول ستريت جورنال"- أن هناك دلائل على أن روسيا تمنع الآن الحبوب من سوق التصدير، للحد من أسعار الخبز في الداخل، نتيجة لانخفاض قيمة الروبل، مشيرة إلى أن الحكومة أصدرت مرسومًا يحظر الصادرات إلى دول أخرى، في جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (الاتحاد الجمركي للدول السوفيتية السابقة الذي جمعه فلاديمير بوتين عندما كان يتشدق بالقوة الناعمة) حتى نهاية أغسطس، كما حظرت صادرات السكر خلال الفترة نفسها.

وبينت الصحيفة الأمريكية، أنه حتى لو تمكنت روسيا من حصاد هذا العام، فإن العقوبات تجعل من المستحيل تقريبًا على العديد من الشركات الغربية القيام بأعمال تجارية هناك، مضيفة: "ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت البلدان الأكثر اعتمادًا على المنتجات الزراعية الروسية، ستستمر في الاستيراد كالمعتاد، أو تسعى للحصول على سلع من أماكن أخرى".

وشددت على أن النزاع ستكون له آثار كبيرة في المواطنين عبر العالم، خصوصًا الشرق الأوسط، الذين يواجهون الآن زيادة غير عادية في أسعار السلع، بعد ارتفاع تكاليف النقل بسبب تضخم أسعار الوقود، مشيرة إلى أنه حتى قبل الغزو، كان المزارعون يكافحون لتحمُّل تكاليف الأسمدة المرتفعة، إذ قطعت روسيا -وهي مورد رئيس للأسمدة للعالم- صادراتها مؤخرًا لضمان الإمدادات للمزارعين في الداخل.

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنه بصرف النظر عن الإمدادات، تشكل الحرب والأزمة الإنسانية أيضًا تهديدًا للأمن الغذائي الإقليمي، إذ بدأت المواد الغذائية والإمدادات الأساسية النفاد، في المدن الأوكرانية المحاصَرة، بينما فر أكثر من ثلاثة ملايين شخص من أوكرانيا منذ 24 فبراير الماضي -بدء الغزو- حتى منتصف مارس الجاري "نصفهم من الأطفال".

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الأمن الغذائي في أوكرانيا أصبح مُهددًا، وتجلى ذلك بداية نفاد المواد الغذائية والإمدادات الأساسية في المدن الأوكرانية المحاصَرة، بخلاف الارتفاع الشديد في أسعار الغذاء، وارتفاع تكاليف النقل بسبب تضخم أسعار الوقود.