ذا أتلانتك: هوس بوتين بالحرب العالمية الثانية يعيق غزوه لأوكرانيا

بوتين لا يدرك التغيير الذي طرأ على الحروب منذ الحرب العالمية الثانية

ذا أتلانتك: هوس بوتين بالحرب العالمية الثانية يعيق غزوه لأوكرانيا

ترجمات-السياق

انتقدت مجلة ذا أتلانتك الأمريكية طريقة إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للحرب في أوكرانيا، وتكراره أخطاء الاتحاد السوفييتي السابقة.

واستشهدت المجلة، في تحليل للمؤرخ البريطاني الشهير أنتوني بيفور، بقول المستشار الألماني السابق أوتو فون بسمارك ذات مرة: "الأحمق فقط هو الذي يتعلم من أخطائه، لكنني أتعلم من الآخرين"، قائلة إن ما يعد مثيراً للدهشة أن الجيش الروسي يكرر أخطاء سلفه السوفييتي الماضية.

 

تكرار الخطأ

وأضافت: "في أبريل 1945، أرسل المارشال جورجي جوكوف، بعد تعرضه لضغوط شديدة من القائد السوفييتي جوزيف ستالين، دباباته إلى برلين من دون دعم المشاة، ويبدو أن قوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم ترتكب الخطأ نفسه فحسب، لكنها استخدمت أيضاً الطريقة نفسها التي ربط بها أسلافهم قطعاً غريبة من الحديد، بما في ذلك إطارات الأسِرة، بدباباتهم على أمل أن تؤدي هذه المعادن المضافة إلى تفجير الأسلحة المضادة للدبابات قبل اصطدامها بها، إلا أن الأمر لم يساعد في إنقاذ الدبابات الروسية، لكنه جذب الفرق الأوكرانية المتخصصة في صيد الدبابات، كما جذبت الدبابات السوفييتية في برلين مجموعات من شباب هتلر وقوات الأمن الخاصة".

ورأت المجلة أن هوس الرئيس الروسي "المشوه" بالتاريخ، خاصةً بما يُطلق عليها "الحرب الوطنية العظمى" ضد ألمانيا، أدى إلى تحريف خطابه السياسي، الذي قالت إنه يتضمن تناقضات غريبة، الأمر الذي أثر في نهجه العسكري بشكل واضح.

وأوضحت المجلة: صحيح أن الدبابات كانت رمزاً عظيماً للقوة خلال الحرب العالمية الثانية، لكن استمرار بوتين في رؤيتها بالطريقة نفسها يعد أمراً غير معقول، إذ أثبتت هذه المركبات أنها معرضة للتدمير من الطائرات من دون طيار والأسلحة المضادة للدبابات، في النزاعات الأخيرة في ليبيا وأماكن أخرى، كما أن قدرة أذربيجان على تدمير الدبابات الأرمنية بسهولة، كانت نقطة حاسمة في انتصارها عام 2020 في منطقة ناغورنو كاراباخ.

 

محرقة جثث

يبدو أن بوتين تعلم القليل فقط من الماضي، فرغم أنه يستطيع إخفاء الحقيقة عن معظم السكان الروس، بسبب سيطرته على وسائل الإعلام، فإن مجنديه، الذين أُجبروا على توقيع عقود جديدة لتحويلهم إلى متطوعين، يدركون الحقيقة، وفقًا للمجلة.

ووصف بيفور معاملة الرئيس الروسي لشعبه بأنها "قاسية مثل معاملته لأعدائه"، قائلاً إن الجيش أحضر محرقة جثث متنقلة إلى أوكرانيا، للتخلص من الضحايا الروس وتقليل عدد أكياس الجثث التي تعود إلى الوطن، وهو ما رآه تجاهلاً لمشاعر الجنود مماثلًا لما كان يقوم به أسلاف بوتين السوفييت.

ووفقاً للمؤرخ البريطاني، فإن هناك نمطًا قديمًا يعيد نفسه في أوكرانيا، وهو اعتماد الجيش الروسي على البنادق الثقيلة، إذ إنه في الحرب العالمية الثانية، تفاخر الجيش الأحمر بقوة مدفعيته التي أطلق عليها "إله الحرب"، وفي عملية برلين أطلقت مدفعية "جوكوف" أكثر من 3 ملايين قذيفة، ما أدى إلى تدمير المزيد من أجزاء المدينة أكثر من الهجوم الجوي الاستراتيجي للحلفاء، كما استخدم السوفييت قاذفات صواريخ الكاتيوشا لقتل أي مدافعين متبقين، والآن تحطم مدفعية بوتين التقليدية المباني الأوكرانية المفتوحة بالطريقة القديمة نفسها، للقضاء على مواقع القناصة المحتملة، ولكن باستخدام الذخائر الحرارية المدمرة، التي تخلق كرة نارية تمتص الأكسجين، بدلاً من الكاتيوشا القديمة.

وأضافت المجلة: "كشف تدمير الروس لجروزني وحلب ضآلة تطور عقيدة الصراع منذ الحرب العالمية الثانية، على عكس القوات المسلحة الغربية، حيث أظهر التحالف الدولي الذي استعاد مدينتي الرقة والموصل من تنظيم داعش، نهجاً أكثر استهدافاً بكثير، إذ تم إغلاق كل مدينة ثم طهرها التحالف منطقة تلو الأخرى".

 

 

التنصت على المكالمات

رأت المجلة أنه من الواضح أن جيش بوتين ليس الجيش الأحمر، كما أن روسيا بوتين ليست الاتحاد السوفييتي السابق، لأن الفساد المؤسسي في جميع أنحاء الحكومة، أثر في كل شيء، مشيرة إلى أن الضباط الروس يستفيدون من بيع قطع الغيار، كما أنهم يتجاهلون توفير الدعم اللوجستي لصالح إقامة المشاريع الخاصة، ورغم أن وحدات النخبة والمظليين والقوات الخاصة لا تزال موجودة داخل الجيش الروسي، فإنه يمكنهم تحقيق القليل بمفردهم، في ظل فوضى القيادة والسيطرة السيئة، على حد قولها.

ورغم اعتماد القوات الروسية على أبراج الاتصالات من الجيل الثالث، لأنها تعدها آمنة، فإنها دمرتها عند غزوها لأوكرانيا، وبالنظر لأن النظام أصبح ببساطة لا يعمل، على الضباط الروس التواصل عبر مكالمات الهواتف المحمولة، الأمر الذي يبدو أنه يروق للأوكرانيين، الذين يستطيعون سماع مضمون هذه المكالمات، حسب الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم أن غزو جورجيا عام 2008، الذي تسبب في انتكاسة للجمهورية السوفيتية السابقة الصغيرة، وكشف عدم كفاءة وضعف روسيا، أدى إلى ظهور خطط لإعادة تجهيز وإصلاح قوات بوتين المسلحة، فإن من الواضح أن تلك الجهود باءت بالفشل، الأمر الذي يكشف الافتقار إلى المثالية والاستقامة والشعور بالواجب، داخل نظام الرئيس الروسي.

 

انهيار عسكري

رأت مجلة ذا أتلانتك، أنه سيكون من الصعب للغاية تغيير أي من هذه الأمور في هذه المرحلة المتأخرة والحاسمة من غزو أوكرانيا، وتابعت: "أواخر عام 1942، فاجأ الجيش الأحمر نفسه والعالم بتحول مفاجئ في ستالينجراد، وهناك مؤشرات على أن قوات بوتين تعمل أيضاً على تعديل تكتيكاتها حول كييف وشرقي أوكرانيا، لكن هذا الإصرار -الشبيه بأسلوب ستالين- على تصحيح مسار الجيش الروسي، والمدعوم بإعدام الفارين والضباط الفاشلين، يمكن أن يوسع الصراع ويدفعه نحو حمام دم، بسبب الدمار القاسي والطاحن".

ونهاية التحليل، قالت "ذا أتلانتك": "رغم التوقعات للحرب الروسية في أوكرانيا، يبدو أن الانهيار العسكري الروسي بات ممكناً، إذ يمكن أن يؤدي تراجع الروح المعنوية إلى انسحاب مذل لقوات بوتين، وهي النتيجة المدمرة المحتملة لعجزه عن التخلي عن الماضي السوفييتي".