للمرة الثانية.. هل ينجح البرلمان العراقي في انتخاب رئيس الجمهورية؟

توجد مخاوف من تكرار سيناريو الجلسة السابقة، مع استمرار الانقسام الشديد بين الأطراف الشيعية

للمرة الثانية.. هل ينجح البرلمان العراقي في انتخاب رئيس الجمهورية؟

السياق

بعد مرور 6 أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر الماضي، لا يزال العراق بلا رئيس جديد، ما يعني آليًا شغور منصب رئيس الحكومة، الذي يتولى السلطة التنفيذية.

ومن المقرر أن يعقد البرلمان العراقي السبت جلسةً ينتخب فيها رئيساً للجمهورية، في محاولة هي الثانية، وسط تأزم سياسي مستمر منذ أشهر، لكن الدعوات إلى المقاطعة تهدد بإفشال العملية.

وعلى رئيس الجمهورية أن يسمّي، خلال 15 يومًا من انتخابه، رئيسًا للوزراء، وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان. ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة المكلّف مهلة شهر لتشكيلها.

إلا أن هذا المسار السياسي غالبًا ما يكون معقدًا وطويلًا في العراق، بسبب الانقسامات والأزمات الحادة، وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.

ويوجد أربعون مرشحاً لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ عام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني.

 ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.

ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد عام 2005 بعد الغزو الأميركي، الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين عام 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديًا الى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسُّنة مجلس النواب.

ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليدياً منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.

وفشلت المحاولة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية في 7 فبراير الماضي، لعدم اكتمال نصاب الثلثين (أكثر من 220 نائباً من 329) بسبب مقاطعة الإطار التنسيقي الذي يمثّل أحزاباً شيعية بارزة، مثل كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتحالف الفتح، المظلّة التي تنضوي تحتها فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.

وبعد فشل الجلسة الأولى، ثمّ تعليق المحكمة الاتحادية ترشيح وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري المنتمي الى الحزب الديمقراطي الكردستاني للرئاسة، أعيد فتح باب الترشح للمنصب.

 

مناورة سياسية

وتوجد مخاوف من تكرار سيناريو الجلسة السابقة، مع استمرار الانقسام الشديد بين الأطراف الشيعية.

ويدفع التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، إلى عقد الجلسة.

وقد شكّل تحالفاً برلمانياً من 155 نائباً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتكتل سني كبير من مجموعة أحزاب أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

ويؤكد الصدر حيازته أغلبية كافية في البرلمان، للمضي في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، ويأمل فك الارتباط مع تقليد التوافق، الذي يتيح لمختلف القوى السياسية النافذة المشاركة في السلطة. وبذلك، يضع الصدر خارج حساباته قوى وازنة على الساحة السياسية، خصوصًا الإطار التنسيقي.

في المقابل، يدعو الإطار التنسيقي الذي يملك تحالفاً بأكثر من مئة نائب، إلى المقاطعة.

وأعلن تحالف "إنقاذ وطن" الذي يقوده الصدر دعمه الواضح للمرشح ريبر أحمد للرئاسة، ولجعفر الصدر، سفير العراق لدى لندن وقريب زعيم التيار الصدري، لرئاسة الحكومة.

ودعا الصدر النواب المستقلين إلى المشاركة والتصويت.

في الأثناء، أكدت مصادر برلمانية لـ "فرانس برس" أن نحو 131 نائباً قد يقاطعون الجلسة، ما يعني عدم تحقق النصاب، وإرجاء جديد للانتخابات البرلمانية.

ويهدّد ذلك بإطالة أمد الأزمة، وقد يؤدي إلى حلّ البرلمان وانتخابات تشريعية جديدة.

وفي حال انعقاد الجلسة، يستبعد رئيس مركز التفكير السياسي والمحلل السياسي العراقي إحسان الشمري أن "يحسم الانتخاب من الجولة الأولى".

ويشير إلى احتمال عدم تحقيق "أي من المرشحين  الأوفر حظاً أغلبية الثلثين" اللازمة لانتخاب رئيس. ويعني ذلك احتمال التوجه إلى "جولة ثانية" للانتخابات الرئاسية، "لحصول المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات على أغلبية الثلثين".

ويستبعد الشمري حل البرلمان في حال إخفاق الجلسة، ويرى أن هذا الطرح "مناورة سياسية تهدف إلى تحفيز النواب لحضور الجلسة من أجل تحقيق النصاب".