كيف خسر بايدن السعودية؟
وول ستريت جورنال: أمريكا خسرت السعودية وستدفع الثمن في أزمة أوكرانيا

ترجمات - السياق
يبدو أن السعوديين يعيدون حساب مصالحهم، لأنهم يخشون عدم القدرة على الاعتماد على الولايات المتحدة، وسط عداء إدارة بايدن، فضلاً عن انسحابها المُرعب من أفغانستان، فقد رفض ولي العهد السعودي طلبات الرئيس الأمريكي بضخ المزيد من النفط، وورد أنه رفض حتى تلقي مكالمة هاتفية من بايدن، بحسب "وول ستريت جورنال".
وسلَّطت الصحيفة الأمريكية الضوء على العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، قائلة إن واشنطن خسرت الرياض التي تعد حليفاً استراتيجياً مهماً لها.
وأشارت الصحيفة -في افتتاحيتها- إلى التقارير التي تفيد بأن السعودية تقترب من بيع شحنات النفط إلى بكين مقابل اليوان الصيني، قائلة إن هذا القرار سيضيف تكلفة كبيرة للتعامل، الذي وصفته بـ"الفاشل" لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرياض.
إشارة تنذر بالخطر
وأضافت "وول ستريت جورنال": رغم أن تفاصيل الترتيبات الجديدة المحتملة لتجارة النفط السعودية الصينية لا تزال غامضة، وقد تحدث الجانبان -منذ سنوات- عن تسعير بعض مبيعات النفط باليوان، فإن ذلك قد لا يحدث، لأن نحو 80% من مبيعات النفط العالمية تسعَّر بالدولار الأمريكي، كما أن اليوان غير قابل للتحويل بحرية مثل العملات الاحتياطية، إضافة إلى أن الريال السعودي مرتبط بالدولار.
ومع ذلك، يبدو أن الجانبين حريصان، كما أن الأخبار المتعلقة باستئناف المناقشات، ترسل إشارة تنذر بالخطر، فقد التزمت السعودية عام 1974، بإجراء تجارة نفطها بالدولار فقط، مقابل الحصول على ضمانات أمنية من واشنطن، لكن إدارة بايدن تقوَّض تلك العلاقة عند كل منعطف، ويبدو أن السعوديين سئموا ذلك.
صفعة أمنية
وفقاً لـ "وول ستريت جورنال" فإن أول إجراءات السياسة الخارجية لإدارة بايدن، كان إنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، كما رفعت التصنيف الإرهابي عن الحوثيين، ثم أجل البيت الأبيض صفقة لبيع الأسلحة إلى الرياض، القرار الذي رأت الصحيفة أنه كان "صفعة أمنية على الوجه".
وأضافت: "رد الحوثيون هدية بايدن، من خلال إرسال طائرات مسيرة وصواريخ، لمهاجمة حقول النفط والمدن السعودية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة، وفي هذه الأثناء، يراقب السعوديون، وهم يشعرون بالذعر، بايدن وهو يحاول إتمام اتفاق نووي جديد، يمنح إيران الموارد اللازمة لتمويل الحروب بالوكالة ضد الرياض، حتى تحصل طهران على قنبلتها النووية".
وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن ومستشاريه يقولون إن الأمر كله يتعلق بحقوق الإنسان، كما أنه عند رفع التصنيف الإرهابي عن الحوثيين، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن مخاوف إنسانية أيضاً.
خطأ إدارة بايدن
قالت "وول ستريت جورنال": "صحيح أن قتل الصحفي جمال خاشقجي كان عملاً شائناً، كما أن محنة اليمن تبدو يائسة، لكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اتخذ خطوات أخرى نحو تحرير البلاد في الداخل، فضلاً عن أن الولايات المتحدة بحاجة إلى كل صديق يمكنها الاحتفاظ به، في هذا الجزء الصعب من العالم، لكن يتصور المتشددون في إدارة بايدن، خطأ، أن قوة مثل أمريكا لديها رفاهية التعاون فقط مع الدول المثالية".
ولكن يبدو أن السعوديين يعيدون حساب مصالحهم، لأنهم يخشون عدم القدرة على الاعتماد على الولايات المتحدة، بالنظر إلى عداء إدارة بايدن، وانسحابها المُرعب من أفغانستان، فقد رفض ولي العهد السعودي طلبات بايدن بضخ المزيد من النفط، كما ورد أنه رفض حتى تلقي مكالمة هاتفية من الرئيس الأمريكي، حسب "وول ستريت جورنال".
اليوان العالمي
من جانبها، فإن بكين تبدو سعيدة في أن تكون وسط هذا الاختراق، وقد تستفيد إذا تمكنت من إقناع الرياض بترتيب استخدام اليوان مقابل النفط، لأن الأمر سيساعد الصين في دعم "اليوان العالمي"، بما في ذلك انتشار أكبر للعملة في جميع أنحاء العالم، وهذا بدوره قد يفتح الباب أمام الصين، لتقديم اليوان كعملة تجارية لخصوم الولايات المتحدة مثل روسيا وإيران، ما يجعل العقوبات الاقتصادية الأمريكية أقل فعالية بكثير، حسبما ترى الصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى معاناة احتياطي العملة في الولايات المتحدة، قائلة: رغم أن الدولار لا يزال متفوقاً على المستوى العالمي في الوقت الحالي، فإنه يجب على واشنطن أن تتراجع عن أي تحديات ناشئة، خاصة من المنافسين الاستراتيجيين، وتلك تُعَدُّ "مهمة عاجلة" بالنسبة لوزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين.
فشل نهج بايدن
رأت الصحيفة أن الخلل، الذي حدث في علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، يسلِّط الضوء على فشل نهج بايدن، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لم يكن يولي الكثير من الاهتمام بالقيم الأمريكية، لكن بايدن يتمايل كثيراً في الاتجاه المعاكس.
وقالت "وول ستريت جورنال": "يبدو أن بايدن ومستشاريه في السياسة الخارجية، يفكرون في أن التعمق في حقوق الإنسان وأزمة المناخ، سيحقق الفوز لمصالح الولايات المتحدة، إلا أن الرؤساء الأمريكيين الناجحين، مثل رونالد ريجان، كانوا يمزجون بين المثالية والواقعية، بشأن الفاعلين السيئين في العالم، والحاجة إلى الأصدقاء".
وأضافت: في هذا العصر الجديد من المنافسة بين القوى العظمى، فإن الولايات المتحدة لا تستطيع تحمُّل تكلفة نفور الحلفاء، الذين يمكن أن يساعدوا في ردع المعتدين الاستبداديين، المصممين على الإضرار بمصالح الولايات المتحدة وقيمها، محذرة من أن واشنطن ستدفع ثمن خسارتها للسعوديين في أزمة أوكرانيا.