ذا أتلانتك: الولايات المتحدة مفلسة سياسيًا
hلولايات المتحدة ليست إنساناً له عمر محدود، ويحتاج إلى الادخار من أجل التقاعد، لكنها دولة يتعهد دستورها بإقامة العدل وتعزيز الرفاهية العامة، وطالما أن الدولة متماسكة سياسياً وتستمر في دفع ديونها المجدولة، فإن المستثمرين الكبار سيكونون سعداء للغاية لإقراضها المال

ترجمات - السياق
قالت مجلة ذا أتلانتك الأمريكية، إن مجلس الشيوخ تجنَّب، على الأقل في الوقت الحالي، الدخول في أزمة بشأن سقف الديون الفيدرالية، بعد أن وافق بعض الجمهوريين في المجلس، على مضض، على مساعدة الديمقراطيين في تأجيل دفع فواتير الحكومة حتى ديسمبر المقبل.
وأشارت المجلة، في تقرير، إلى أن الحديث عن أن الولايات المتحدة تحمَّلت المواجهات التي تمت في الكونجرس بشأن هذه القضية، التي من المؤكد أنها ستتحمل المزيد منها، بعد أسابيع من الآن، أمر سخيف للغاية.
أخطاء مماثلة
ورأت المجلة الأمريكية، أن أزمة الإفلاس "غير الضرورية" هذه دائماً ما تلوح في الأفق، ليس لأن الدولة لا تستطيع دفع فواتيرها، لكن لأن عدداً كافياً من الأقوياء لن يسمحوا بذلك، مشيرة إلى أن الأخطاء المماثلة في الماضي، أدت إلى كوارث.
ووصفت المجلة، ما يحدث في الوقت الحالي في الولايات المتحدة بـ"إفلاس الدولة الوشيك" الذي أدخل فرنسا في أزمة، أواخر الثمانينيات من القرن الثامن عشر، وقالت:"صحيح أن فرنسا في القرن الثامن عشر، تختلف عن أمريكا في القرن الحادي والعشرين، في نواحٍ لا تُعد ولا تُحصى، حيث طورت الولايات المتحدة مجموعة من الآليات، بما في ذلك إنشاء نظام الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد ولحماية أعمال الحكومة، إلا أن مثل هذه الآليات لا تكون إلا في حال رغب المسؤولون في تفعيلها".
ورأت المجلة أنه يبدو في الآونة الأخيرة، أن العكس هو الذي يحدث، موضحة أن الجمهوريين حولوا الإجراءات الإدارية الروتينية إلى فرص، للحصول على تأييد حزبي، مؤكدة أن هذه التطورات لا تهدد الديمقراطية فحسب، بل تهدد الحواجز الإجرائية التي تهدف إلى حمايتها أيضاً.
أمريكا ليست انسان
وقالت المجلة: الأزمة ستظل تحت السيطرة فقط، حتى تفقد الحكومة السيطرة عليها، ونصحت المسؤوليين الأمريكيين بضرورة أن يكونوا حذرين من الفاعلين السياسيين، الذين يعتقدون أن تجنُّب الأسوأ ليس مسؤوليتهم.
وتابعت: "الولايات المتحدة ليست إنساناً له عمر محدود، ويحتاج إلى الادخار من أجل التقاعد، لكنها دولة يتعهد دستورها بإقامة العدل وتعزيز الرفاهية العامة، وطالما أن الدولة متماسكة سياسياً وتستمر في دفع ديونها المجدولة، فإن المستثمرين الكبار سيكونون سعداء للغاية لإقراضها المال".
وأشارت إلى أن "عدم مواجهة الولايات المتحدة اليوم، لأي عوائق اقتصادية أو مالية، أمام الحصول على مزيد من القروض، باستثناء العوائق السياسية والقانونية، قد يوفر بعض الراحة، لكنه يشير لقدرة البلاد المتزايدة على جلب الصدمات الاقتصادية التي تسببها لنفسها"، وأضافت: "سمعتها تضررت بشدة بالفعل، بسبب سياستها الخارجية المتقلبة، فضلاً عن عدم وجود استجابة وطنية لوباء كورونا، وأزمات الحقوق المدنية المستمرة، لذا فإن عدم وجود مدفوعات أوائل ديسمبر المقبل، حتى لو تم العثور على تدابير لتعويضها في وقت لاحق، من شأنه أن يؤدي إلى تراجع مصداقية الولايات المتحدة بشكل أكبر، ولن تكون استعادتها سهلة".
ولفتت المجلة، إلى أن المؤسسات النقدية تشبه المؤسسات السياسية، لأنها تعمل بشكل مستمر، كما أن القيمة المالية تشبه الديمقراطية، في كونها شيئًا قيد الإنشاء، لكن على الأقل يسمح المفهوم الأساسي للديمقراطية، الذي يتمثَّل في أن ينتخب الناس قادة للعمل باسمهم ولصالحهم بإمكانية حدوث تغيير، لكن من خلال موافقة زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل على التأجيل، فإنه مهَّد المسرح السياسي في البلاد لأزمة دستورية، ولمزيد من الاضطرابات في أعمال الحُكم الفِعلي للبلاد، معتبرة أن هناك حلًا أفضل، يتمثَّل في إلغاء سقف الديون بشكل نهائي، في الولايات المتحدة.