كيف تنتهي حرب أوكرانيا؟
تمر الحرب في أوكرانيا بمرحلة محفوفة بالمخاطر، فإما أن تنتهي بحل سلمي وإما تستمر الفظائع بشكل لم يسبق له مثيل، أو ربما بصدام بين روسيا والناتو.

ترجمات - السياق
مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا، شهره الثاني، تساءلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن طريقة نهاية الحرب، مشيرة إلى أنها تمر بمرحلة محفوفة بالمخاطر، فإما أن تنتهي بحل سلمي وإما تستمر الفظائع بشكل لم يسبق له مثيل، أو ربما بصدام بين روسيا و"الناتو".
وقالت الصحيفة، في تحليل لسبنسر بوكات ليندل -أحد محلليها- إنه مع استمرار القوات الأوكرانية بإعاقة التقدم الروسي في كييف، سافر الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بروكسل الأربعاء الماضي، لعقد اجتماع طارئ مع قادة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لمناقشة كيفية الرد على الهجوم الروسي ومساعدة 3 ملايين أوكراني فروا من البلاد.
وأوضحت أن ما يزيد خطورة هذه المرحلة، أنها من ناحية توقف الغزو الروسي بشكل أساسي، على حد تعبير وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وفشل الرئيس فلاديمير بوتين -حتى الآن- في تحقيق أي من أهدافه الرئيسة، لكن من ناحية أخرى، فقد حدث ذلك بعد أن فقدت روسيا أكثر من 7 آلاف من قواتها، وفقًا للحكومة الأمريكية، ومن ثمّ فقد يقرر بوتين تصعيد حملة القصف، التي تركت بالفعل أجزاء من أوكرانيا في حالة خراب، إذ إنه وفقًا لتقديرات، فقد قُتل أكثر من 900 مدني، منذ بدء الحرب في 24 فبراير الماضي.
مسارات محتملة
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى عدد من المسارات المحتملة لمآل الحرب وطريقة انتهائها، موضحة أنه حتى مع اشتداد القصف الروسي على كييف الأسبوع الماضي، بدأ ممثلو أوكرانيا وروسيا جولة جديدة من المفاوضات.
وحسب الصحيفة، فقد توسط في المحادثات وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو، الذي قال إن البلدين يحرزان تقدمًا بطيئًا لكنه مهم بشأن القضايا الرئيسة، معربًا عن أمله بإعلان وقف لإطلاق النار، إذا لم يتراجع الجانبان عن التقدم الذي حققاه نحو التوصل إلى اتفاق.
ورغم أن لدى الجانبين شروطاً، من المرجح أن تظل غير قابلة للتفاوض، فإن النتيجة الأكثر ترجيحًا تقسيم أوكرانيا، "فيأخد بوتين جنوب شرقي البلاد، وينتقل ذوو الأصول الروسية إلى هناك، وبقية الأمة الأوكرانية تستمر كدولة ذات سيادة"، حسب وجهة نظر القائد الأعلى السابق لقوات الحلفاء لأوروبا، الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس.
وعن احتمال اتفاق سلام، نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين غربيين، استبعادهم التوصل لاتفاق سلام على المدى القريب، موضحة أنه بينما أشار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى انفتاحه على التخلي عن تطلعات بلاده إلى عضوية "الناتو"، يستمر هجوم روسيا على قدم وساق.
وتأكيدًا لهذا الاحتمال، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إنه لا يرى أي مؤشرات على أن الحكومة الروسية تشارك في جهود حسنة النية لإنهاء الحرب، بعد يوم من تعبير نظيره الفرنسي جان إيف لودريان عن شكوك مماثلة.
تغيرات سريعة
نقلت "نيويورك تايمز" عن إيما أشفورد، الزميلة البارزة في مبادرة المشاركة الأمريكية الجديدة في مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن، قولها: "يبدو أن ضعف الأداء العسكري الروسي دفع موسكو إلى التهدئة في مطالبها، إذ يتحدث المسؤولون الروس الآن بصيغة أقل عن تغيير النظام ونزع السلاح والمزيد عن الحياد الأوكراني والمكاسب الإقليمية المحتملة".
وأضافت أشفورد: "يبدو لي أننا شهدنا بعض التحركات حتى من الروس -خلال الأسابيع القليلة الماضية- نحو الحل، لكن قد يستمر الأمر أسبوعين آخرين، وحينها قد نصل إلى النقطة التي يكون لدينا فيها فرصة للمفاوضات".
وأمام هذه التطورات، ترى "نيويورك تايمز" أن ضعف أداء الحملة العسكرية الروسية، كان من المفترض أن يدفع بوتين نحو الدبلوماسية، لكن في الوقت الحالي يبدو من المرجح أن ذلك سيدفعه نحو التصعيد، وهو ما بدا واضحًا في الأيام الأخيرة، عندما كثفت روسيا قصفها على المناطق المدنية، في محاولة للضغط على كييف.
وتنقل الصحيفة الأمريكية عن توماس فريدمان، كاتب عمود في "التايمز"، قوله إن هذه هي خطة روسيا (ب)، مضيفًا: "أعتقد أن بوتين يفكر في أنه إذا لم يستطع احتلال جميع أوكرانيا، والسيطرة عليها بالوسائل العسكرية، وفرض شروط السلام الخاصة به، فإن أفضل شيء هو إجبار نحو 10 ملايين أوكراني، لاسيما النساء والأطفال وكبار السن، إلى اللجوء لبولندا والمجر وأوروبا الغربية، لتشكيل أعباء اجتماعية واقتصادية شديدة، لدرجة أن دول "الناتو" هذه ستضغط -في النهاية- على زيلينسكي للموافقة على أي شروط يطلبها بوتين لوقف الحرب".
الرد الغربي
وعن الطريقة التي سترد بها الدول الغربية على هذا التصعيد، نقلت "نيويورك تايمز" عن ديفيد سانجر من صحيفة التايمز قوله: "في هذه الحالة سنعود إلى الحروب بالوكالة على طريقة الحرب الباردة".
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه إذا واجه بوتين تمردًا مدعومًا من الغرب، فليس هناك من معرفة إلى أي مدى سيكون رد فعله، موضحة أنه من الصعب التنبؤ بعواقب هذا الصراع المدمر الذي طال أمده.
وتعليقًا على ذلك، ذكرت الصحيفة أن الباحثين الثلاثة الكبار في "أتلانتيك كاونسيل" باري بافل، وبيتر إنجلكه، وجيفري سيمينو، أكدوا أنه إذا انهارت حكومة أوكرانيا، فقد تستبدل بها روسيا حكومة عميلة، وترسم ستارة حديدية جديدة في جميع أنحاء أوروبا.
وفي ما يخص خطة بوتين بشأن اللاجئين الأوكرانيين، حذر مراقبون من أنه رغم الحفاوة الحالية لاستقبالهم في شتى أنحاء أوروبا، فإن تمويل إعادة توطينهم غير كافٍ، كما أنه من المرجح أن يتراجع الدعم الشعبي للمساعدات الإنسانية على المدى الطويل، ما يزيد خطورة الوضع.
الدور الصيني
وعن الدور الصيني، نقلت "نيويورك تايمز" عن إيمي تشين، التي تغطي الشأن الصيني بالصحيفة، قولها: الصين وروسيا تشتركان في الاعتقاد بأن الولايات المتحدة مصممة على عرقلة صعود بلديهما، وقد أبدتا رغبة في رؤية نظام عالمي يتضاءل فيه نفوذ واشنطن إلى حد بعيد".
بينما أوضح الكاتب في "نيويورك تايمز" بول كروغمان، أنه مع ذلك يشك كثيرون في أن تصبح الصين طرفًا رئيسًا في الصراع، لأن هناك حدودًا لقدرتها على مساعدة روسيا اقتصاديًا، مشيرًا إلى أنها بتقديم الدعم العسكري لروسيا، فقد تخاطر الصين بتنفير القوى العالمية الأخرى التي تتعامل معها.
لهذا السبب جزئيًا -حسب "نيويورك تايمز"- يعتقد فريق أن الصين قد تتدخل لإنهاء الهجوم الروسي، مشيرًا إلى أنه في الوقت الحالي، تسير الصين على طريق وسط، حيث ترفض على الفور الدعوات لإدانة هجوم روسيا وتعهدت بوقف تصعيد الصراع.
وقالت الصحيفة: رغم إخفاقات روسيا الأولية في أوكرانيا، يعتقد العديد من المعلقين أنها مسالة وقت فقط، قبل أن يطلق بوتين القوة لجيشه على مدن أوكرانية أخرى ويسقط حكومتها، ولن يمنعه من ذلك سوى الموت، وفق ما ذكرته ماشا غسين، التي تغطي الشأن الروسي في مجلة نيويوركر الأمريكية، والتي أردفت: "لأنه إذا ظل حيًا سيحدث ذلك مرارًا وتكرارًا، في مولدوفا وأوكرانيا وجورجيا ودول البلطيق وبولندا".
وعن توقعاتها بكيفية انتهاء الحرب في أوكرانيا، رأت "نيويورك تايمز" أن شنّ بوتين أي هجوم موسع على دول سوفيتية سابقة أخرى، من شأنه أن يخاطر بمواجهة مباشرة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إما عمدًا وإما مصادفة.