سيناريوهات نهاية العالم... التغير المناخي أم الحرب النووية؟

كوكب الأرض يسلك الطريق السريع إلى جحيم مناخي

سيناريوهات نهاية العالم... التغير المناخي أم الحرب النووية؟

السياق

مع اقتراب نهاية كل عام، وعلى مدى آلاف السنين، يتنبّأ كثيرون بنهاية العالم، لكن في ظل المخاطر الناجمة عن حرب نووية والتغير المناخي، هل بات الكوكب بحاجة للبدء على الأقل بالتفكير في السيناريو الأكثر سوداوية؟

مطلع 2022 لم يتوقّع كثر أن يتطرّق الرئيس الأمريكي خلال العام إلى خطر نهاية العالم، على خلفية تهديدات أطلقتها روسيا باستخدام الأسلحة النووية في غزوها أوكرانيا.

ففي أكتوبر قال بايدن: "لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ عهد كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962".

وفي العام الذي بلغ فيه عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن كوكب الأرض يسلك "الطريق السريع إلى جحيم مناخي".

وفي ظواهر قصوى نُسبت على نطاق واسع إلى التغيّر المناخي، غمرت مياه الفيضانات ثلث أراضي باكستان، وقضى الجفاف على المحاصيل في منطقة القرن الإفريقي، وسط إخفاق عالمي في تحقيق هدف حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.

أكبر خطر لاندلاع حرب نووية

في تقرير سنوي، حذّرت مؤسسة التحديات العالمية، وهي مجموعة سويدية تجري تقييمًا للمخاطر الكارثية، من أن خطر استخدام أسلحة نووية هو الأكبر منذ عام 1945 حين دمّرت الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في الضربتين الذريتين الوحيدتين في التاريخ.

وحذرت المؤسسة -في تقريرها- من أن حربًا نووية شاملة، وإضافة إلى ما ينجم عنها من خسائر بشرية، من شأنها أن تطلق سحبًا من الغبار تحجب الشمس وتقلّص القدرة على زراعة الأغذية، وتؤدي إلى "فترة من الفوضى والعنف، أغالبية الناجين سيموتون من الجوع خلالها".

وقالت المحاضِرة في جامعة شيكاغو كينيت بينيدكت، التي قادت فريق معدي القسم النووي للتقرير، إن المخاطر أكبر مما كانت عليه أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، إذ يبدو مستشارو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقل قدرة على لجمه.

في حين أن أي ضربة نووية روسية ستشمل على الأرجح أسلحة "تكتيكية" صغيرة، يخشى خبراء تصعيدًا سريعًا إذا ردت الولايات المتحدة.

وشدّدت بينيدكت وهي كبيرة مستشاري "مجلة علماء الذرة" من أن الأمور ستسلك "في هذه الحال منحى مختلفًا تمامًا".

وستنشر المجلة في يناير أحدث تقييم لها لـ"ساعة نهاية العالم" المضبوطة منذ عام 2021 عند مئة ثانية قبل منتصف الليل (منتصف الليل في هذه الساعة يرمز إلى نهاية العالم، بينما ترمز المئة ثانية إلى خطر اقتراب نهاية العالم).

وفي خضم التركيز على أوكرانيا، تعتقد الاستخبارات الأمريكية أن كوريا الشمالية مستعدة لإجراء تجربة نووية سابعة، وسبق أن أعلن بايدن تلاشي احتمالات الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وسط توترات بين الهند وباكستان لا تزال قائمة.

ووجّهت بينيدكت انتقادًا لمراجعة إدارة بايدن موقفها في الملف النووي، واحتفاظها بحق الولايات المتحدة في استخدام الأسلحة النووية بـ "ظروف قصوى".

وقالت: "أعتقد أن هناك نوعًا من التآكل المطّرد في القدرة على إدارة الأسلحة النووية".

أسوأ مخاطر المناخ

قبيل المحادثات التي أجريت في مصر رأى خبراء الأمم المتحدة أن العالم يتجّه نحو احترار يتراوح بين 2.1 و2.9 درجة مئوية، لكن خبراء من خارج الهيئة الأممية يحذّرون من أن الرقم أعلى بكثير، مع تسجيل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عام 2021 رقمًا قياسيًا جديدًا رغم الجهود المبذولة للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.

وحذّر لوكي كيمب خبير المخاطر الوجودية في جامعة كامبريدج، من أن احتمال ارتفاع درجات الحرارة لا يلقى الانتباه اللازم، محمّلا مسؤولية ذلك إلى مبدأ الإجماع في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وتخوّف العلماء من أن يلصق بهم توصيف مثيري القلق.

وشدد كيمب على وجوب إجراء تقييم أكثر تعمّقا "لكيفية تعاقب المخاطر في العالم".

من شأن التغير المناخي أن يسبب آثارًا مضاعفة على الأغذية، مع تراجع محاصيل القمح والحبوب.

وشدّد كيمب على وجوب عدم الاستقراء من عام واحد أو حدث أوحد، لكن دراسة شارك في إعدادها حذّرت من أن ارتفاع حرارة الأرض ولو بدرجتين مئويتين فقط، من شأنه أن يعرّض الكوكب إلى مخاطر لم يشهد مثيلًا لها منذ العصر الجليدي.

وخلصت الدراسة التي استندت إلى فرضية تزايد الانبعاثات والنمو السكاني بنسبة تتراوح بين المتوسطة والمرتفعة، إلى أن ملياري شخص قد يعيشون بحلول عام 2070 في مناطق متوسط الحرارة فيها 29 درجة مئوية، ما يزيد الضغوط على الموارد المائية، بما في ذلك بين الهند وباكستان.

حالات تدعو للتفاؤل

لكن العام لم يكن سوداويًا كله، ففي حين تشهد الصين نهاية 2022 طفرة في وفيات كورونا، ساعدت اللقاحات كثيرًا في طي صفحة الفيروس الذي تسبب بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية في مايو بوفاة 14.9 مليون شخص عامي 2020 و2021.

وفي تطوّر فاجأ المراقبين، اتُفق على مؤتمر عن التنوّع البيولوجي ترأسه الصين واستضافته مونتريال في ديسمبر أثمر اتفاقًا نص على حماية 30 بالمئة من أراضي العالم وبحاره.

وسبق أن شهد العالم تحذيرات من السيناريو الأسوأ، من توقع توماس مالتوس في القرن الثامن عشر أن إنتاج الغذاء لن يواكب النمو السكاني، إلى كتاب "القنبلة السكانية" أكثر الكتب مبيعًا في الولايات المتحدة عام 1968.

وأحد أبرز المنتقدين الحاليين للتشاؤم هو الأستاذ في جامعة هارفارد ستيفن بينكر، الذي يشدد على أن العنف تراجع بشكل كبير في العصر الحديث.

وفي تصريحات أدلى بها بعد غزو أوكرانيا، أقر بينكر بأن بوتين أعاد إطلاق الحروب بين الدول، لكنّه شدد على أن فشل الغزو يمكن أن يعزز الاتجاهات الإيجابية.

وأقر بايدن -في كلمة وجّهها إلى الأمريكيين بمناسبة عيد الميلاد- بأن الأوقات عصيبة، لكنه أشار إلى تراجع كورونا ومعدّلات التوظيف الإيجابية.

وقال بايدن: "نحن بالتأكيد نحرز تقدمًا، والأمور تتحسن".