المملكة والقوة... كيف يمكن إنقاذ العلاقات الأمريكية السعودية؟

اختلفت السعودية وأمريكا كثيرًا على أسعار النفط، لكن الاختلاف هذه المرة يكمن في السياق الجيوسياسي، خصوصًا في ظل الحرب بأوكرانيا، التي حددتها إدارة بايدن كنقطة انعطاف تاريخية ستحدد مستقبل النظام العالمي.

المملكة والقوة... كيف يمكن إنقاذ العلاقات الأمريكية السعودية؟

ترجمات – السياق

مع تدهور العلاقات الأمريكية السعودية، منذ تولي الرئيس جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة، تساءلت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، عن إمكانية إنقاذ هذه العلاقة، خصوصًا بعد أن أعلنت الرياض في أكتوبر 2022، أن أوبك بلس، وهي مجموعة من الدول المصدرة للنفط، ستخفض إنتاج النفط بشكل كبير، بمليوني برميل يوميًا.

كان الرئيس الأمريكي أكد -بمقابلة مع شبكة سي إن إن في أكتوبر الماضي- أنه "ستكون هناك عواقب" على السعودية بسبب قرارها، في إطار تحالف أوبك بلس النفطي، خفض الإنتاج.

ولم يحدد بايدن الإجراءات التي يمكن أن تتّخذها إدارته، للرد على القرار السعودي، لكن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي قال: "الرئيس يريد إعادة تقييم للعلاقة بين واشنطن والرياض بعد هذه الصفعة الدبلوماسية السعودية للولايات المتحدة".

وقال كيربي إلى "سي إن إن" إنه "في ضوء التطورات الأخيرة ومقررات أوبك بلس، يعتقد الرئيس أن علينا إعادة تقييم للعلاقات الثنائية مع السعودية". وأشار إلى أن الهدف من هذه المراجعة "التأكد من أن العلاقة تخدم مصالح أمننا القومي".

زمام المبادرة

وبحسب "فورين أفيرز"، فإن السعودية كأكبر مُصدر للنفط في العالم، أخذت دائمًا زمام المبادرة في جهود مجموعة أوبك "لإدارة سوق النفط العالمية".

وأشارت المجلة إلى أن هذه الخطوة -قرار أوبك بخفض الإنتاج- كان لها تأثير فوري، وإن كان متواضعًا نسبيًا على أسعار النفط، التي ارتفعت من مستوى منخفض للعام بنحو 76 دولارًا للبرميل قبل الإعلان إلى نطاق يتراوح بين 82 و91 دولارًا منتصف نوفمبر الماضي.

لكن الصدمة التي شعر بها الأمريكيون -وفق المجلة- كانت جيوسياسية أكثر منها اقتصادية، فقد طلبت إدارة بايدن، من المملكة العربية السعودية تأجيل الخفض، لكن الرياض مضت في ذلك متجاهلة طلب واشنطن.

وأوضحت المجلة أن الاتهامات المتبادلة بين واشنطن والرياض، أثارت تساؤلات عن مستقبل العلاقات الثنائية.

وردًا على قرار أوبك بلس، أعلنت إدارة بايدن أنها ستعيد تقييم علاقتها مع المملكة العربية السعودية، وقالت إن التخفيضات "ستزيد الإيرادات الروسية وتقلل من فعالية العقوبات" التي كانت ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبينما تعهد روبرت مينينديز ، السناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي، بمنع بيع الأسلحة للسعودية، قدم العديد من أعضاء الكونغرس مشروع قانون لسحب القوات الأمريكية من المملكة.

ورغم هذه الضغوط، رفضت الرياض التراجع، قائلة إن قرار أوبك بلس كان بالإجماع ومبنيًا على "أسباب اقتصادية بحتة".

وبينت المجلة، أنه خلال الأشهر الفاصلة، تراجعت حدة التوتر لدى الجانبين، ويبدو من غير المرجح أن تؤدي إعادة تقييم العلاقات مع المملكة العربية السعودية، التي وعدت بها إدارة بايدن إلى تغيير كبير.

وفي نوفمبر 2022، منحت إدارة بايدن "حصانة سيادية" لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في قضية مدنية أمريكية رفعتها عليه خطيبة الصحفي، جمال خاشقجي.

وتمثل الحصانة "علامة واحدة" من العديد من المؤشرات الأخرى، على أن العلاقة الأمريكية السعودية "ليست في طريقها إلى التمزق"، حسب "فورين أفيرز".

لكن أزمة أوبك بلس وتداعياتها جاءت لتشير إلى مرحلة جديدة في العلاقة، إذ إنه لأول مرة منذ منتصف القرن العشرين، عندما بدأت العلاقة، لم تعد الرياض في استراتيجية واشنطن الكبرى.

بايدن وابن سلمان

تشير "فورين أفيرز" إلى ما عدته تعارضًا بين شخصيتي الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، فالأخير "عنيد" ويسعى إلى إعادة تشكيل اقتصاد المملكة ورفع دور بلاده كلاعب عالمي مستقل.

على النقيض من ذلك، فإن بايدن "لديه أسلوب أكثر حذرًا ويريد جعل الديمقراطية محور سياسته الخارجية، ويسعى لحشد العالم ضد روسيا والصين".

وبينت المجلة، أن ما سمتها هذه "الفجوة" بين شخصيتي وأهداف الرجلين، كانت مهمة بلا شك في تشكيل العلاقات بين البلدين.

وبحسب المجلة، "يشير الجدل بشأن منظمة أوبك بلس إلى ثلاثة تغييرات مهمة في العلاقة الثنائية، ستكون لها عواقب أكثر ديمومة من تصرفات وردود فعل أي من صُناع القرار.

أولاً: تغير ميزان القوى العالمي، إذ يتضاءل النفوذ النسبي لواشنطن مع تحول النظام الدولي إلى متعدد الأقطاب، ما يجعل الدول ذات القوة المعتدلة -مثل المملكة العربية السعودية- أكثر عرضة للتحوط في رهاناتها، وأقل احتمالًا لمشاركة المصير عينه مع قوة عظمى واحدة فقط.

ثانيًا: بينما يدفع تغير المناخ العالم بعيدًا عن الوقود الأحفوري، تتعرض المملكة العربية السعودية لضغوط للاستفادة من احتياطاتها النفطية، لكنها تستطيع تأمينها.

ثالثًا: مثل كل قضية ذات أهمية في السياسة الأمريكية، أصبحت مسألة العلاقات الأمريكية بالمملكة العربية السعودية مستقطبة بشكل مكثف، على طول الخطوط الحزبية في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك -إلى حد كبير- إلى أن السعوديين أنفسهم أوضحوا تفضيلهم للجمهوريين.

وترى المجلة أن التداخل الاستراتيجي الكبير، الذي حدد العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية على مدى عقود، لم يعد موجودًا، لكن آفاق التعاون في مجموعة ضيقة نسبيًا من القضايا الإقليمية والاقتصادية، تظل جيدة.

أهمية النفط

وبينت "فورين أفيرز" أن المملكة العربية السعودية أصبحت مهمة للولايات المتحدة، بعد الحرب العالمية الثانية، وهو صراع سلط الضوء على الدور المركزي الذي سيلعبه النفط في الاستراتيجية العسكرية الحديثة والتنمية الاقتصادية.

وأشارت إلى أنه منذ ذلك الحين، شهد العالم ثلاث فترات في توزيع القوة العالمية: الأولى الحرب الباردة، لم يكن أمام المملكة العربية السعودية خيار سوى دعم الأهداف الجيوسياسية للولايات المتحدة، إذ لم يكن بإمكانها الاعتماد على المساعدة الأمنية والاقتصادية من الاتحاد السوفييتي، الذي دعم العديد من خصوم الرياض الإقليميين، واعتنق أيديولوجية شيوعية ثورية، تتعارض مع الأساس الإسلامي المحافظ للحكم السعودي.

في ذلك الوقت، ظلت القرارات المتعلقة بإنتاج النفط السعودي، في أيدي شركات النفط الأمريكية، التي طورت صناعة النفط السعودية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

وحسب المجلة، كانت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية كزوجين أيديولوجيين غريبين، إذ إن الأعداء المشتركين والاحتياجات الاقتصادية التكميلية جعلتهما شريكين بشكل افتراضي، بينما كان الاستثناء الوحيد لهذه العلاقة، الصراع العربي الإسرائيلي، فقد أدى اختلافهم في هذه القضية إلى أكبر أزمة في تاريخ العلاقات الثنائية، بعد أن حظرت الرياض النفط عام 1973، ردًا على الدعم الأمريكي لإسرائيل في حرب يوم الغفران.

أضرت السياسة السعودية بالاقتصاد الأمريكي بشكل مباشر، إلا أنه تم تجنُّب الأزمة بسرعة، بعد أن أنهت الدبلوماسية الأمريكية الحرب وقادت مفاوضات توجت بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979.

في السنوات التالية، عندما أصبح النفط قضية بارزة أكثر من أي وقت مضى، بالنسبة لصانعي السياسة في الولايات المتحدة، أصبح الحفاظ على العلاقات الجيدة بالسعوديين هدفًا متزايد الأهمية من الحزبين (الديمقراطي والجمهوري).

وقد نما التعاون خلال الثمانينيات، حيث ساعد البلدان الأفغان والمقاتلين الأجانب بشكل مشترك، في مقاومة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، ووصل إلى ذروته خلال حرب الخليج 1990-1991، التي تزامنت مع نهاية الحرب الباردة، وأظهرت فائدة العلاقات الثنائية بين الجانبين.

بينما كانت الفترة الثانية هي فترة القطبية الأحادية للولايات المتحدة، التي امتدت من انهيار الاتحاد السوفييتي إلى وقت ما عام 2010.

في هذه الحقبة -حسب المجلة الأمريكية- كانت الولايات المتحدة الخيار الوحيد لدول مثل المملكة العربية السعودية، التي سعت إلى الشراكة مع قوة عظمى.

ولكن خلال هذه الفترة، وقعت أزمة كبيرة أخرى، هجمات 11 سبتمبر، التي خطط لها أسامة بن لادن، سليل إحدى أغنى العائلات السعودية، ونفذها 15 سعوديًا .

ومن ثمّ فإنه منذ أن استهدفت القاعدة الأسرة السعودية الحاكمة والولايات المتحدة، وجدت الدولتان مرة أخرى أن عدوًا مشتركًا يمكن أن يجمعهما.

وخلال "الحرب على الإرهاب" اللاحقة، نما كل من الرئيسين الأمريكيين جورج دبليو بوش وباراك أوباما علاقات استخباراتية وثيقة بالمملكة العربية السعودية.

وتواصلت العلاقات على ما يرام، ولم يعكر صفوها غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003.

وبينما تسير الأمور على وتيرة واحدة، تزايدت وتيرة نهاية "عالم أحادي القطب" منذ عام 2010، الذي بلغ ذروته عام 2020، خصوصًا مع الانسحاب الأمريكي من العراق وأفغانستان، ونمو الخلل الوظيفي والاستقطاب في السياسة الداخلية الأمريكية، وصعود الصين، ومحاولة عودة روسيا كقوة عظمى لإيجاد توازن دولي جديد.

والآن، خلال الفترة الثالثة من العلاقات الأمريكية السعودية، لا يوجد عدو مشترك يدعم العلاقات بين البلدين، بينما تسعى إدارة بايدن إلى حشد التحالفات الدولية ضد روسيا والصين، لكن المملكة العربية السعودية لا ترى أيًا من هاتين القوتين عدوًا.

الصين

وتبين "فورين أفيرز" أن الصين الآن أكبر عميل وشريك تجاري للسعودية في مجال النفط، وزادت التجارة بين المملكة العربية السعودية والصين، من أقل من 500 مليون دولار عام 1990 إلى 87 مليار دولار عام 2021.

وفي العام نفسه، كانت الصادرات السعودية إلى الصين ومعظمها من النفط والمنتجات البترولية "أكبر بثلاث مرات" من الصادرات السعودية إلى الولايات المتحدة.

أمام ذلك، تعد روسيا "الشريك الضروري" للمملكة العربية، في إدارة سوق النفط العالمية.

وتنتج دول (أوبك بلس) ما يقرب من 40 مليون برميل من النفط يوميًا، تشكل السعودية وروسيا مجتمعتين أكثر من نصف هذا العدد.

واختلفت السعودية والولايات المتحدة كثيرًا على أسعار النفط، لكن الاختلاف هذه المرة يكمن في"السياق الجيوسياسي"، خصوصًا في ظل الحرب بأوكرانيا، التي حددتها إدارة بايدن كنقطة انعطاف تاريخية ستحدد "مستقبل النظام العالمي".

فبالنسبة للسعودية، كما هو الحال للعديد من الدول، بما في ذلك "الهند وإسرائيل"، أنها مجرد "حرب إقليمية"، حسب "فورين أفيرز".

في غضون ذلك، لدى السعوديين شكواهم الخاصة، فقد شنّ الرؤساء الأمريكيون الثلاثة السابقون حملتهم الرئاسية، على أساس أن الولايات المتحدة بحاجة إلى قضاء وقت وجهد أقل في الشرق الأوسط، وهو ما لا يبعث على الارتياح لنظام سعودي يرى إيران، التي وسعت نفوذها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، تهديدًا إقليميًا خطيرًا.

وحسب المجلة، كان الهدف المعلن لتركيز الولايات المتحدة على منطقة الخليج العربي عبر السبعين عامًا الماضية، حماية التدفق الحر للنفط، لكن عندما شنت إيران هجومًا صاروخيًا وبطائرة من دون طيار على منشآت النفط السعودية في سبتمبر 2019 -وهو أخطر هجوم على التدفق الحر للنفط منذ أن أشعل صدام حسين النار في حقول النفط الكويتية عام 1991- لم تفعل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شيئًا، رغم العلاقات الوثيقة التي عززتها إدارته مع الرياض. ومن ثمّ لم تعد المملكة شريكًا تلقائيًا للولايات المتحدة.

وترى المجلة أن العلاقة الاستراتيجية الحميمة، التي استمرت عبر العصور لن تعود، لكن التعاون المحدود يمكن أن يستمر، حتى مع بعض الخلافات بين الجانبين.

الزيت والماء

وأوضحت "فورين أفيرز" أنه رغم أن المملكة العربية السعودية تفضل أسعار نفط أعلى مما يرغب فيه رؤساء الولايات المتحدة، فقد اعتادت المملكة -في بعض الأحيان- الاستجابة لطلبات واشنطن لزيادة المعروض وضخ المزيد من النفط في السوق، عادةً في الفترة التي تسبق الانتخابات الأمريكية، لكنها في أكتوبر 2022، تجاهلت نداءات واشنطن.

فمن وجهة نظر الرياض، يجب أن تستغل المملكة فرصتها الأخيرة للاستفادة قبل انتهاء عصر النفط، إلا أن الضرورات التي تسعى المملكة إلى تحقيقها لن تتوافق مع التقويم الانتخابي للولايات المتحدة.

وبحسب المجلة "بصرف النظر عن التزام الولايات المتحدة بتبني الطاقة النظيفة، ستكون هناك حاجة إلى النفط خلال الفترة الانتقالية، وبعيدًا عن رغبة الأمريكيين في الابتعاد عن الشرق الأوسط، فإن لدى واشنطن التزامات جيوسياسية في المنطقة تجذب الولايات المتحدة إليها مرة أخرى".

ورغم أن إدارة ترامب اقتربت كثيرًا من الرياض، ودعمت خطط ابن سلمان، فإن بايدن بدأ إدارته بالتعامل بشكل سلبي مع المملكة، والحط من مكانتها، ورفض التحدث مع ولي العهد، وأذن بنشر تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن وفاة خاشقجي.

لكن الحرب في أوكرانيا والارتفاع اللاحق في أسعار النفط تسببا في إعادة النظر الأمريكية.

وتبين المجلة، أن عزل السعوديين كان ممكنًا أثناء انخفاض الطلب العالمي على النفط خصوصًا مع جائحة كورونا، لكن عندما حاولت الولايات المتحدة قطع صادرات النفط الروسية، مع تعافي الاقتصاد العالمي والطلب على النفط، احتاجت واشنطن إلى المملكة العربية السعودية مجددًا.

وبالنسبة للسعوديين، تلوح الصين وروسيا الآن في الأفق، أكثر من أي وقت مضى، لكن ذلك لا يعني أن الرياض ستعمل ضد الولايات المتحدة على المستوى العالمي، حسب المجلة.

وفي ما يتعلق بالقضايا الكبرى في الشرق الأوسط، فإن واشنطن والرياض ليستا بعيدتين عن بعضهما، ولم يعد العائق التقليدي "العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، عقبة بفضل "الدفء في العلاقات السعودية الإسرائيلية"، حسب المجلة.

ويبدو أن جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني، الذي انسحب ترامب منه عام 2018، "ستفشل"، وعلى واشنطن حتمًا أن تجد سياسة جديدة لردع أو منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، مع الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة أو تقليصه، ولدى السعودية " المصلحة نفسها".

ورغم أن الإرهاب ليس على رأس جدول الأعمال، لا تزال الولايات المتحدة مهتمة بمنع عودة التنظيمات المتطرفة مثل "القاعدة وداعش" وجماعات أخرى.

وفي عهد محمد بن سلمان، لم تعارض السعودية تلك الجماعات في المنطقة فحسب، بل قللت أيضًا من تأثير المؤسسة الدينية السلفية في المملكة، حيث تشجع على تفسير أكثر" تسامحًا وانفتاحًا للإسلام"، وفقًا لـ"فورين أفيرز".

ورغم خلافاتهما على أسعار النفط، لا تزال المصالح الاقتصادية للبلدين "متداخلة".

وتسعر الرياض نفطها بالدولار، وهو ما يدعم دور الدولار كعملة احتياطية للعالم، لأن مستهلكي النفط يجب أن تكون لديهم دولارات في متناول اليد، لتمويل احتياجاتهم من الطاقة.

ومن مصلحة الرياض وواشنطن مواصلة التعاون في القضايا العسكرية والاستخباراتية، وبالنسبة للسعودية، فلا تستطيع روسيا أو الصين توفير مستوى التعاون الأمني الذي تستطيعه الولايات المتحدة.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أنه إذا ظل النفط والشرق الأوسط مهمين بشكل هامشي لمصالح الولايات المتحدة، فإن علاقة العمل مع المملكة العربية السعودية لابد أن تبقى ضرورية، حيث لا يمكن فعل الكثير لعكس التحول في ميزان القوى العالمي، أو لتخفيف الضغط الذي تشعر به الرياض للاستفادة من النفط، لكن يمكن لكل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تعزيز العلاقات الثنائية، إذا أعاد كل جانب النظر في كيفية رؤيته للسياسة الداخلية للآخر.

وتابعت: "في الواقع، في التكوين العالمي الجديد، على واشنطن أن تجتمع مع الرياض في كثير من الأحيان، لإقناع المملكة برؤية الأمور على الطريقة الأمريكية"، مشيرة إلى أن الحوار الاستراتيجي السعودي الأمريكي لم ينعقد منذ عامين، ومن ثمّ فإن "السعوديين يلاحظون هذه الأمور جيدًا".

وأضافت المجلة: "لا تزال عناصر التعاون المستمر بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قائمة، لكن على البلدين أن ينحيا جانبًا بأحلامهما غير الواقعية في تغيير أو التأثير في السياسات الداخلية للآخر، ويجب أن يتعلم كل جانب كيفية التعامل مع الآخر كما هو، وليس كما يرغب أن يكون".