إيران... انكسار اقتصادي وإعدامات بالجملة وخلع الحجاب لعنة تطارد النظام
آخرهم لاعبة الشطرنج الشابة سارة خادم الشريعة التي شاركت في بطولة دولية من دون ارتداء الحجاب الإلزامي، الذي تفرضه السلطات المتشددة في طهران على الإناث

السياق
جملة من الأزمات السياسية والاقتصادية، على الصعيدين المحلي والدولي، تواجه النظام في طهران، وبين الضغوط الأممية والتظاهرات المستمرة والأوضاع الاقتصادية المتردية، تقدَّم محافظ البنك المركزي الإيراني باستقالته، وعيّنت الحكومة خلفًا له، بعد أن عانى الريال انخفاضًا قياسيًا بسبب العقوبات الشديدة المفروضة على البلاد منذ 2018، وفق ما أوردت وسائل إعلام رسمية.
وأوردت وكالة تسنيم بالعربية أن "مجلس الوزراء وافق على استقالة محافظ البنك المركزي علي صالح آبادي وعيَّـن محمد رضا فرزين خلفًا له".
وأضافت أن ذلك جاء "تزامنًا مع تشديد تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية خلال الأسابيع الأخيرة"، وأوضحت أن محمد رضا فرزين كان مديرًا تنفيذيًا للبنك الوطني.
عُيّن المحافظ المستقيل قبل خمسة عشر شهرًا، وجاء تنحّيه في وقت فقد الريال نحو ربع قيمته في شهرين فقط، وانخفض من نحو 330 ألفًا للدولار إلى 430 ألفا مع ارتفاع التضخم.
وتتعرض إيران لسلسلة من العقوبات الأميركية منذ عام 2018، عندما انسحب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 بين طهران والقوى الدولية الكبرى.
وخفف الاتفاق المعروف رسميًا بخطة العمل الشاملة المشتركة العقوبات السابقة، مقابل فرض قيود على برنامج طهران النووي، لضمان عدم تطويرها سلاحًا نوويًا، وهو أمر طالما نفت سعيها إليه.
كما استهدف الغرب العديد من الشركات الإيرانية وكبار العسكريين، بعد اتهام الجمهورية الإسلامية بتزويد روسيا طائرات مسيّرة لاستخدامها في الحرب بأوكرانيا، عقب الغزو الروسي لتلك الدولة قبل عشرة أشهر، لكن طهران تنفي أيضًا هذه الاتهامات.
بخلاف ذلك، تعرّضت طهران لرزم عقوبات من أوروبا والولايات المتحدة وكندا ودول أخرى، على خلفية كيفية تعاملها مع الاحتجاجات، التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر بعد أيام من توقيفها.
توفيت الشابة الإيرانية الكردية، بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران، بزعم ارتدائها حجابًا غير ملائم.
أزمة الشطرنج
منذ اندلاع تلك التظاهرات، تنوعت أنواع الاحتجاجات من جموع الشعب، إلى الشخصيات العامة والمؤثرة، إذ شاهدنا فريق كرة القدم الإيراني في كأس العالم يمتنع عن ترديد النشيد الوطني، كذلك خرجت الجماهير في مسيرات احتفالًا بخسارته وخروجه أمام "غريمه الأمريكي" وطالما سجل الرياضيون الإيرانيون مواقف اعتراضيه على القمع في بلادهم، آخرهم لاعبة الشطرنج الشابة سارة خادم الشريعة (25 عامًا) التي شاركت في بطولة دولية من دون ارتداء الحجاب الإلزامي، الذي تفرضه السلطات المتشددة في طهران على الإناث.
ذلك كان في بطولة العالم للشطرنج السريع والخاطف في كازاخستان هذا الأسبوع، ما أحدث حالة من الجدل والفخر، إذ ينظر الى هذه الخطوة على أنها تأييد للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 16 سبتمبر، في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني.
وهو الحدث الذي لم تمتنع طهران من الرد عليه، إذ أكد رئيس اتحاد الشطرنج الإيراني أن اللاعبة التي خاضت بطولة دولية هذا الأسبوع من دون الحجاب الإلزامي في الجمهورية الإسلامية، لم تكن تمثّل بلادها رسميًا.
وتعليقًا على ظهور خادم الشريعة، قال رئيس الاتحاد حسن تاميني: "هذه اللاعبة شاركت بحرية وعلى نفقتها الخاصة"، وفق ما نقلت وكالة فارس.
وأضاف: "لم تشارك خادم الشريعة في هذه البطولة من خلال الاتحاد، بل فعلت ذلك بشكل مستقل وقامت بهذه الحركة".
وتحدد الجمهورية الإسلامية القواعد الواجب على الرياضيات الالتزام بها لدى تمثيل بلادهن في مسابقة خارجية، منها تغطية الرأس.
إلا أن عددًا من الرياضيات ظهرن -في الأسابيع الماضية- بمسابقات خارجية من دون الالتزام بذلك.
من أبرز هؤلاء المتسلّقة إلناز ركابي، التي شاركت من دون حجاب في مسابقة آسيوية، استضافتها كوريا الجنوبية في أكتوبر، مكتفية بوضع عصبة على الرأس.
ولقيت ركابي (33 عامًا) استقبالًا ترحيبًيا لدى عودتها إلى طهران، إذ تجمّع العشرات في مطار الإمام الخميني الدولي، واستقبلوها بالهتافات والتصفيق لدى خروجها من مبنى الركاب.
وقالت المتسلّقة في تصريحات للإعلام الرسمي بعيد وصولها، إن عدم وضعها للحجاب حصل بطريق الخطأ.
وفي نوفمبر، انتقدت وزارة الرياضة الإيرانية مشاركة نيلوفر مرداني في مسابقة للتزحلق بالعجلات في تركيا من دون حجاب، مؤكدة أنها لم تكن تمثّل بلادها رسميًا.
وخلال التظاهرات الأخيرة، عبّر كثيرون من الرياضيين والرياضيات عن تأييدهم لمطالب النساء، وطالت بعضهم إجراءات من السلطات، مثل التوقيف المؤقت.
قالت منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية في إيران، التي مقرها أوسلو، إن ما لا يقل عن 100 إيراني اعتُقلوا خلال أكثر من 100 يوم من الاحتجاجات في بلادهم، يواجهون تهماً يعاقب عليها بالإعدام.
وتهز إيران احتجاجات اندلعت بعد وفاة مهسا أميني، الشابة الكردية الإيرانية البالغة 22 عامًا، في 16 سبتمبر إثر اعتقالها على يد شرطة الأخلاق.
إعدامات بالجملة
بينما أعدمت طهران هذا الشهر شابين على صلة بالاحتجاجات، في حملة قمع متصاعدة من السلطات، يقول ناشطون إنها تهدف إلى بث الخوف بين السكان.
وفي تقرير نُشر الثلاثاء، كشفت المنظمة أن 100 سجين معرضون لعقوبة الإعدام بينهم 13 صدر بحقهم حكم الإعدام. وأشار إلى أن العديد منهم لا يستطيعون الوصول إلى محام.
وقال رئيس المنظمة محمود أميري: "بإصدار أحكام الإعدام وتنفيذ بعضها بحق متظاهرين تريد السلطات أن يخرج الناس من الشارع".
وأضاف لوكالة فرانس برس: "كان لذلك تأثير معين، لكن ما لاحظناه -بشكل عام- كان زيادة النقمة على السلطات"، مضيفًا أن "استراتيجيتها في بث الخوف مع تنفيذ عمليات الإعدام فشلت".
في حصيلة حديثة نُشرت الثلاثاء، قالت المنظمة إن 476 متظاهرًا قُتلوا منذ منتصف سبتمبر.
وقالت الأمم المتحدة في نوفمبر إن 14 ألف شخص على الأقل اعتُقلوا منذ بدء الاحتجاجات في إيران.
في 12 ديسمبر أعدم ماجد رضا رهناورد (23 عامًا) شنقًا في مكان عام، بعد أن دانته محكمة في مشهد (شمال شرق) بقتل اثنين من قوات الأمن.
وقبل أربعة أيام من ذلك، أعدم محسن شكاري(23 عامًا) لإصابته رجل أمن بجروح.
وأعلنت السلطة القضائية أنه حُكم على تسعة آخرين بالإعدام على صلة بالاحتجاجات، سُمح بإعادة محاكمة اثنين منهم.
ودعا والد أحد المحكوم عليهم بالإعدام محمد قبادلو عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى الإفراج عن نجله.
وقال الوالد في مقطع فيديو هذا الأسبوع: "محمد ليس لديه سجل جنائي حتى الآن" مؤكداً أنه يعاني اضطرابًا عقليًا.
واتهم الشاب البالغ 22 عامًا بـ "الإفساد في الأرض" بعد أن "هاجم شرطيين بسيارة، ما أدى إلى قتل أحدهما".
وأفاد موقع ميزان أونلاين، التابع للسلطة القضائية، بأن قبادلو خضع لتقييم نفسي، خلص إلى أنه "كان مدركـًا لطبيعة الجريمة التي ارتكبها".