ما أسباب فشل عمليات الإغلاق في الصين لمواجهة كورونا؟
ذكر مكتب الصحة الوطني، أن عدد الإصابات الجديدة التي سُجلت الأربعاء الماضي، بلغ 31.454 إصابة، بينها 27.517 حالة من دون أعراض.

ترجمات - السياق
رغم الإجراءات الصارمة لمواجهة انتشار كورونا، سجلت الصين، الخميس، أعلى حصيلة يومية للإصابات الجديدة، إذ بلغت عددًا غير مسبوق منذ بدأ الفيروس التفشي قبل قرابة ثلاث سنوات.
بدورها، تساءلت صحيفة التايمز البريطانية، عن أسباب عدم جدوى إجراءات الإغلاق الصينية في مواجهة كورونا، موضحة أنه في كل مرة تلجأ فيها بكين إلى هذه الإجراءات، ينتصر الفيروس في النهاية.
ففي مدينة تشنغتشو الواقعة وسط البلاد، التي تضم مصنعًا ضخمًا لهواتف آيفون، فرضت السلطات إغلاقًا عامًا في العديد من أحياء المدينة لمكافحة الفيروس بعدما أثار تفشيه احتجاجات عنيفة وحالة ذعر.
وذكر مكتب الصحة الوطني، أن عدد الإصابات الجديدة التي سُجلت الأربعاء الماضي، بلغ 31.454 إصابة، بينها 27.517 حالة من دون أعراض.
هذه الحصيلة أعلى من الرقم القياسي البالغ 29.390 إصابة، المسجل منتصف أبريل، عندما كانت شنغهاي -ثالث أكبر مدينة في العالم من حيث عدد السكان- ترزح تحت إغلاق عام، وكان سكانها يكافحون لشراء الطعام والحصول على الرعاية الطبية.
الصين التي يتجاوز عدد سكانها 1.2 مليار نسمة، القوة الاقتصادية الرئيسة الوحيدة في العالم، التي لا تزال تحاول وقف تفشي الفيروس، من خلال إغلاق مدن ووضع المخالطين للمرضى في حجر صحي صارم.
وشهدت العاصمة الصينية -في الأيام الأخيرة- تفشيًا للوباء بشكل لم يسبق له مثيل، منذ بدأ فيروس كورونا التفشي قبل قرابة ثلاث سنوات.
لن يختفي
وذكرت "التايمز" أن الفيروس دائمًا ما يربح في الصين، وأنه منذ ظهور الفيروس وبدء انتقاله من إنسان إلى آخر، في مدينة ووهان قبل نحو 3 سنوات، لم يكن هناك أي هدف لإجراءات الإغلاق إلا كسب المزيد من الوقت، أو على الأقل هذا ما كان يفترض.
وأضافت، أنه "بعد ثلاثة أشهر من انتشاره، بدا من الواضح أنه لن يختفي".
وأشارت إلى أنه الآن، أصبحت إجراءات احتواء الفيروس مرتكزة على الجوانب السياسية، أكثر من أي شيء آخر، فالأمم تراوحت سياساتها بين صفر كورونا، وما يتبع ذلك من إجراءات شديدة، من جانب، ومناعة القطيع، شديدة التسامح، من جانب آخر، بينما حاولت دول التوسط بين هذين المنهجين، بحيث تقلل معدلات العدوى، وتحافظ -قدر الإمكان- على معدلات النمو الاقتصادي.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الصين التي تعد أكثر الدول سكانًا، منحت ملايين المواطنين جرعتي اللقاح، إضافة إلى الجرعة المعززة، ومع ذلك ما زالوا عرضة للإصابة بالفيروس.
ونوهت إلى أن الإصابات تأتي بشكل طبيعي، بينما تقترب فترة حماية هؤلاء -المواطنين الملقحين- من الانتهاء، بعدما تحور الفيروس -على مدى ثلاث سنوات- وغيَّـر جلده، والكثير من خصائصة أكثر من مرة، وبات من الصعب إيقافه.
أمام هذا التحول المخيف، أعلنت السلطات أنه لم يعد يُسمح لسكان المدن بمغادرة المنطقة، من دون إبراز نتيجة سلبية لاختبار كورونا، والحصول على إذن من السلطات المحلية بذلك، ونصحتهم بعدم مغادرة منازلهم "إلا عند الضرورة".
شهدت العاصمة الصينية -في الأيام الأخيرة- تفشيًا مكررًا للوباء بشكل لم يسبق له مثيل، منذ بدأ فيروس كورونا التفشي قبل قرابة ثلاث سنوات.
وتتمسك ثاني قوة اقتصادية في العالم بتطبيق سياسة صفر كورونا، من خلال فرض تدابير إغلاق مفاجئة وعمليات فحص واسعة النطاق وحجر صحي صارم، للسيطرة على تفشي الوباء، وهي سياسة تصورت السلطات في بكين أنها نجحت في المراحل الأولى من انتشار الفيروس.
لكن موجة الإصابات الأخيرة تشكل اختبارًا لقدرة هذه السياسة على الصمود، في وقت يسعى فيه المسؤولون لتجنُّب إغلاق على مستوى مدن، كما حصل في شنغهاي لمدة شهرين في أبريل الماضي.
سلالات مختلفة
وحسب "التايمز" شهدت الصين، ظهور سلالات مختلفة للفيروس، منذ بدء ظهوره في ووهان، منها دلتا، وأوميكرون، وما صاحب ذلك من ارتفاع معدلات الإصابة عالميًا.
وبينت أن الصين مثال واضح على الإجراءات المتشددة للإغلاق، بدعوى أنه "لو لم يلتقِ الناس، فإنه لا يمكن أن تنتقل العدوى بينهم، لكن ليس من الممكن تقييد حياة الناس".
وأضافت: "الناس، والفيروس، سيجدون طريقة حتمًا لتجاوز هذه الإجراءات، لكن فقط دولة مثل الصين، هي التي تتمسك بهذه الإجراءات المتشددة من الإغلاق بشكل مستمر، والإصرار على سياسة صفر كورونا، رغم أن النتائج تأتي دائمًا مختلفة".
كانت سياسة "صفر كورونا"، للحد من انتشار الفيروس، التي تنتهجها الصين، أنقذت سكانها البالغ تعدادهم 1.4 مليار نسمة، بيد أنها وجهت ضربة موجعة للاقتصاد وحياة الناس.
ورغم ذلك فإن الإصابات المتزايدة، تأتي أيضًا بعد أسابيع من تخفيف البلاد بعض القيود المفروضة بسبب كورونا.
وبدأت السلطات تخفيف قيود الحجر الصحي المفروضة على المخالطين، من سبعة أيام في المنشآت الحكومية إلى خمسة أيام، وثلاثة أيام في المنزل، وتوقفت عن تسجيل حالات الاختلاط الثانوية، ما سمح للعديد من الأشخاص بتفادي الاضطرار إلى الحجر الصحي.
كما سعى المسؤولون إلى تجنُّب فرض تدابير إغلاق شاملة، من النوع الذي عانته مدينة شنغهاي.
بيد أنه في ظل مواجهة الارتفاع المتجدد في الإصابات ببكين، بخلاف تسجيل أول حالات وفاة بالفيروس منذ أشهر، اضطر المسؤولون إلى فرض بعض القيود في مناطق عدة، مع إغلاق المتاجر والمدارس والمطاعم مجددًا.
فشل التلقيح
من الأسباب التي ساعدت في تفشي الفيروس -حسب "التايمز"- الموقع الجغرافي البعيد نسبيًا للصين بعيدًا عن الغرب، مشددة على أن الصين لم تكن محظوظة بطبيعتها الجغرافية مترامية الأطراف، إذ لم تحظ بمساعدات دولية متتابعة للحفاظ على نجاح خطتها (صفر كورونا).
ونقلت عن خبراء دوليين قولهم: إن هذا النظام القوي في الصين، الذي يستمر في فرض إجراءات إغلاق قاسية، هو النظام نفسه الذي فشل في تلقيح جميع المواطنين، وفشل أيضًا في توفير الرعاية الصحية الكافية لجميع المرضى، ما تسبب في ظهور إصابات جديدة.
وكمحاولة لوقف هذه الإصابات، أعلن مسؤولون أن مدينة تشنغتشو، وسط البلاد، ستفرض تدابير إغلاق على 6 ملايين شخص من يوم الجمعة.
يأتي ذلك في أعقاب احتجاجات عنيفة، شهدها مجمع صناعي كبير يتبع شركة فوكسكون، المصنعة لأجهزة آيفون، واعتذرت الشركة عن "خطأ فني" في أنظمة السداد الخاصة بها.
كما شارك مستخدمون على الإنترنت قصصًا أخرى، تتحدث عن معاناتهم ويأسهم، تعبر عن فرط استياء الرأي العام.
كانت أنباء وفاة طفلة في مدينة تشنغتشو بسبب تأخر تقديم رعاية طبية لها بسبب قيود كورونا، أثارت غضبًا شديدًا الأسبوع الماضي.
وتعد الصين آخر اقتصاد رئيس لا يزال يطبق تدابير القضاء على كورونا مع فرض قواعد الفحص والإغلاق الشامل، ورغم ذلك سجلت حاليًا إصابات بالفيروس في 31 مقاطعة.
وقال الرئيس الصيني، شي جينبينغ، إن فرض قيود صارمة ضروري لحماية كبار السن في البلاد.
ورغم ذلك، فإن مستويات التطعيم أقل من الدول المتقدمة الأخرى، ويحصل نِصف الأشخاص فقط، الذين تتجاوز أعمارهم 80 عامًا على التطعيمات الأولية.
وفي الوقت الذي تشهد فيه الصين زيادة الإصابات، لا يزال المعدل أقل بكثير من المعدلات التي سُجلت في العديد من الاقتصادات المتقدمة الأخرى، خلال ذروة تفشي الجائحة.
كما ظل عدد الوفيات الرسمي المعلن في الصين منخفضًا، إذ تجاوز عدد الوفيات 5200 منذ بدء الجائحة.
ويُعادل ذلك ثلاث حالات وفاة بسبب كورونا، بين كل مليون شخص في الصين، مقارنة بـ 3000 وفاة لكل مليون شخص في الولايات المتحدة، و2400 لكل مليون شخص في المملكة المتحدة.