مسار جديد لإسرائيل... لماذا تثير حكومة نتنياهو المخاوف؟

حسب محللين، فإن نتانياهو قدم تنازلات كبيرة لليمين المتشدد، على أمل أن يحصل على حصانة قضائية، أو إلغاء محاكمته بتهم فساد

مسار جديد لإسرائيل... لماذا تثير حكومة نتنياهو المخاوف؟

السياق 

معارضة لم يستمر فيها بنيامين نتانياهو كثيرًا، ليعود إلى السلطة من جديد، بعد فراق دام أشهرًا عدة، ليقود ما يصفها محللون بالحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

ويواجه نتانياهو (73 عامًا) الذي كان رئيس الوزراء 15 عامًا، بينها 12 عامًا بشكل متواصل، تهمًا تتعلق بالفساد.

وقبيل مراسم أداء اليمين الدستورية، قال نتانياهو: "هذه المرة السادسة التي أقدم فيها حكومة لأحصل على دعم البرلمان، أنا متحمس مثل المرة الأولى".

وقاطعه نواب من المعارضة بغضب، لكنه رد عليهم: "النظام الديمقراطي يختبر قبول الخاسر لقرار الشعب، في ديمقراطية فاعلة أنت تحترم قواعد اللعبة".

في ربيع 2021، أطاح تحالف متنوع أيديولوجيًا من اليسار والوسط وحزب عربي، نتانياهو بعد 12 عامًا في السلطة. وقاد ذلك التحالف الزعيم المؤيد للاستيطان نفتالي بينيت والمذيع السابق يائير لبيد.

لكن طالما تعهد نتانياهو بالعودة إلى السلطة وإعادة بناء اليمين.

وأفضت انتخابات الأول من نوفمبر، التي كانت الخامسة خلال أربع سنوات، إلى فوز نتانياهو وشروعه في مفاوضات مع الأحزاب الدينية المتشددة واليمينية المتطرفة التي خاضت الانتخابات، بينها حزبا "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموطريتش و"القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير.

وأعرب أساتذة قانون وشخصيات أمنية عن قلقهم من توجه الحكومة الجديدة، وكذلك الفلسطينيون.

ويتوقع رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية يوهانان بليسنر "أن تأخذ هذه الحكومة البلاد إلى مسار جديد".

ورأى بليسنر أن الحكومة المقبلة "ستكون كالحلم لشركاء نتانياهو"، مضيفًا لوكالة فرانس برس: "حلم من طرف واحد وكابوس للطرف الآخر".

تسييس القانون

بينما صوَّت البرلمان الإسرائيلي على مجموعة من القوانين الخاصة بالحكومة الجديدة، بينها قانون يسمح للنائب أرييه درعي من حزب شاس بتولي حقيبة وزارية، رغم ارتكابه مخالفات ضريبية.

كما جرى التصويت على قانون يسمح بتوسيع سلطة بن غفير وزيرًا للأمن الداخلي، ليشمل جهاز الشرطة أيضًا.

دفعت هذه القرارات الجديدة، بمسؤولين بارزين في إسرائيل، للتعبير عن مخاوفهم.

ومن هؤلاء المدعي العام غالي باهراف ميارا، الذي حذر من "تسييس مؤسسات إنفاذ القانون"، موضحًا أن ذلك من شأنه "توجيه ضربة خطيرة لأهم المبادئ الأساسية لسيادة القانون".

أما قائد الجيش أفيف كوخافي، فقد أعرب -خلال اتصال هاتفي بنتانياهو- عن مخاوفه من السماح لزعيم "الصهيونية الدينية" بتسلم شؤون الإدارة المدنية في الضفة الغربية التابعة لوزارة الدفاع.

وحذرت الولايات المتحدة الأميركية -عبر وزير خارجيتها- من أن واشنطن ستعارض التوسع الاستيطاني، وأي محاولة لضم الضفة الغربية.

وقال حزب الليكود -بزعامة نتانياهو في بيان الأربعاء- إن الحكومة ستواصل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.

وبحسب محللين، فإن نتانياهو قدم تنازلات كبيرة لليمين المتشدد، على أمل أن يحصل على حصانة قضائية، أو إلغاء محاكمته بتهم فساد.

بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية في جامعة إسرائيل المفتوحة دينيس شاربيت "هذه الحكومة تمثل إضافة لضعف نتانياهو السياسي المرتبط بسنه ومحاكمته، وحقيقة أن لدينا عائلة سياسية جديدة من اليمين الثوري المتشدد، لم يسبق أن شهدناها بمثل هذه القوة في إسرائيل".

وأضاف شاربيت أن سموطريتش وبن غفير "لديهما تعطش شديد للسلطة ويعرفان أن ما لن يحصلا عليه خلال ثلاثة أو ستة أشهر أو حتى عامين، لن يحدث".

انفجار مقبل

وشهدت الأشهر القليلة الماضية زيارات عدة من بن غفير لـباحة المسجد الأقصى التي يطلق عليها اليهود جبل الهيكل، أقدس موقع في الديانة اليهودية.

وتشهد باحات المسجد الواقع في المدينة القديمة من القدس الشرقية، مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين، وتعد مصدر توتر شديد بين المسلمين واليهود منذ عقود.

ويمكن لغير المسلمين زيارة الموقع الديني، لكن من دون الصلاة فيه.

في مايو 2020، خاضت إسرائيل وحماس تصعيدًا دمويًا، وكذلك شهد أغسطس الماضي تصعيدًا استمر ثلاثة أيام بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي.

والثلاثاء، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي المنتهية ولايته بيني غانتس عن "تخوفه" من "التوجه المتطرف" للحكومة المقبلة، الذي رأى أنه يضر بأمن إسرائيل.

وقال غانتس: "أعتقد أن تصرف الحكومة بطريقة غير مسؤولة قد يتسبب بتصعيد أمني"