غزو روسيا لأوكرانيا.. يعمق الخلاف بين أردوغان وبوتين

الزعيمان التركي والروسي وجدا نفسيهما على طرفي نقيض في مجموعة من النزاعات المسلحة، لكن المخاطر في أوكرانيا قد تكون أكبر من أي وقت مضى

غزو روسيا لأوكرانيا.. يعمق الخلاف بين أردوغان وبوتين

ترجمات - السياق

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن العلاقات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، كانت وثيقة في بعض الأحيان، ومثيرة للجدل في أحيان أخرى، إذ أقام الزعيم التركي روابط مع موسكو لكسب نفوذ ضد الغرب، لكن أيضاً بدافع الضرورة، بسبب تعرُّض أنقرة للضغط من جهات عدة من قِبل موسكو.

وأضافت "نيويورك تايمز" في تقرير: رغم أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن هناك الكثير من عدم الثقة بها بسبب مغازلة أردوغان لروسيا، لدرجة أنها لم تتم دعوتها لحضور واحد على الأقل، من اجتماعات التحالف، على مستوى القيادة قبل الغزو الروسي، وفقًا للباحثة البارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أسلي أيدنتاسباس.

 

على طرفي نقيض

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت نفسه، وجد بوتين وأردوغان نفسيهما -في السنوات الأخيرة- على طرفي نقيض بالصراعات في أذربيجان وليبيا وسوريا، إذ أنها كثيرًا ما هددت القوات الروسية بشن هجومها على آخر منطقة يسيطر عليها المتمردون في دمشق، ما قد يجبر ما يصل إلى أربعة ملايين سوري على الفرار إلى تركيا، كما أن الجيش الروسي يعمل على تعزيز وجوده في منطقة القوقاز منذ عام 2020.

ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين أوكرانيين، فإن روسيا تبدو مهيأة للسيطرة على الشواطئ الشمالية للبحر الأسود، مع تقدمها في كييف، التي أثار أردوغان فيها حفيظة موسكو، من خلال بيعه طائرات من دون طيار تركية لها، والتي استُخدم بعضها لضرب المدرعات الروسية.

وذكرت الصحيفة أن أردوغان وبوتين تحدثا عبر الهاتف في 23 فبراير الماضي، قبل ساعات من بدء الغزو، كما كرر الرئيس التركي عرضه للوساطة بين روسيا وأوكرانيا، وجدد دعوته للرئيس الروسي لزيارة اسطنبول، للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هناك.

ورأت أن أردوغان ظل يحافظ على تبني نبرة معتدلة في تصريحاته بشأن الأزمة الأوكرانية، واصفاً غزو كييف بأنه "غير مقبول" لكنه استمر في الدعوة إلى حل سلمي.

 

عدم ثقة

وتقول أسلي أيدينتاسباس، وهي زميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن هناك شعوراً بالغضب في الدائرة المحيطة بأردوغان في الرئاسة، لأن بوتين كذب عليهم بشأن نيته في أوكرانيا، مضيفة: "لقد تأخرت تركيا في اتخاذ الإجراءات وإجلاء رعاياها من كييف، لأنها لم تصدق سيناريو الولايات المتحدة لغزو واسع النطاق، ورفضت تحذيراتها".

وتابعت آيدينتاسباس: "أشك في أن أردوغان كان يثق في علاقته ببوتين، وأظن أنه اعتقد أن تدخله في أوكرانيا سيكون مجرد توغل بسيط، وقد فشلت تركيا في إجلاء مواطنيها بناءً على هذا الاعتقاد، وهو ما ثبت أنه خطأ كبير في التقدير".

ورأت الصحيفة أنه يبدو أن الموقف قد أدى إلى تحول في موقف تركيا تجاه روسيا الأحد الماضي، عندما وصف وزير الخارجية التركي ورئيس الاتصالات الرئاسية تدخل موسكو ضد أوكرانيا -لأول مرة- بأنه من أعمال الحرب، ونظراَ لأن تركيا تشرف على الوصول إلى البحر الأسود من خلال اتفاقية مونترو، وهي معاهدة دولية لعام 1936 تنظم السفن البحرية التي تمر عبر مضيق البوسفور، فإن وصف الأمر بأنه حرب، يسمح لأنقرة بإغلاق مضيق البوسفور أمام سفن الدول المعنية.

وتابعت: "لا تزال هناك ثغرة بالنسبة لروسيا، حيث إنها، كواحدة من الدول المطلة على البحر الأسود، يمكن أن تدعي أن حركة السفن الخاصة بها لازمة للعودة إلى قاعدتها الأصلية، وقد مرت سفن حربية وغواصة روسية بالفعل إلى البحر الأسود في الأسابيع الأخيرة، ولعبت دوراً في الهجوم على أوكرانيا، لكن تحرك تركيا قد يعقد قدرة موسكو على إرسال تعزيزات أو إعادة إمداد قواتها".

وتقول أيدينتاسباس: "صحيح أن مثل هذا القرار لا يغير قواعد اللعبة، لكنه يمثل مصدر إزعاج للروس، إذ إنه لأمر مزعج ألا يكون أسطولك قادراً على مرور مضيق البوسفور إلى البحر الأسود"، مشيرة إلى أن تغير اللهجة التركية كان "مؤشراً على المشاعر السائدة في أنقرة".

 

تقدير خاطئ

قالت "نيويورك تايمز": رغم أنه لا يُعرف الكثير عن عملية صنع القرار في تركيا -في الساعات الأخيرة قبل اندلاع الحرب- فإن من الواضح أن أردوغان أخطأ في تقدير سرعة العملية الروسية وشدتها، ومدى ضرورة الإجلاء.

ووفقاً لسجلات تتبع الرحلات الجوية، هبطت طائرتان للقوات الجوية التركية في كييف، إحداهما برمز TUAF600، الساعة 12:15 صباح الخميس والأخرى TUAF601، في الساعة 3:43 صباحاً، وبعد ساعتين من هبوط الطائرة الأولى، أعلنت أوكرانيا إغلاق مجالها الجوي، بسبب الهجوم الروسي الوشيك، كما بدا أن الطائرة التركية الثانية لم تتمكن من الهبوط، الذي كان مُقرراً الساعة 2:46 صباحاً، لكنها هبطت بعد ساعة، لكن لا توجد سجلات عن مغادرة الطائرتين العسكريتين، في الساعات التي تلت هبوطهما، إذ أعلنت أوكرانيا وروسيا إغلاق المجال الجوي بحلول ذلك الوقت.

وأشارت الصحيفة إلى أنه كان من الممكن أن تظل الرحلات الجوية غير مرئية، في حال كان الطيارون قد أغلقوا أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بهم، لكن صور الأقمار الصناعية -التي اطلعت عليها "نيويورك تايمز"- تشير إلى خلاف ذلك.