الدبيبة يرفض تسليم السلطة لحكومة باشاغا بعد فوزها بثقة البرلمان.. يوم ساخن في ليبيا

تضمنت التشكيلة الوزارية الجديدة، 29 وزيرًا، و6 وزراء دولة، إضافة إلى ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، بعد إضافة خالد علي الأسطى نائبًا ثالثًا ضمن التشكيلة المعدلة

الدبيبة يرفض تسليم السلطة لحكومة باشاغا بعد فوزها بثقة البرلمان.. يوم ساخن في ليبيا
فتحي باشاغا

السياق

جلسة برلمانية «ساخنة» تعطل عقدها ساعات طويلة، حتى قرر البرلمان الليبي إجراءها من دون إنذار، ليعلن خلالها منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، التي يعوِّل عليها لقيادة المرحلة الانتقالية.

فبأغلبية النواب الحاضرين في مقر المجلس بمدينة طبرق، شرقي ليبيا، الذين تجاوزوا 101 نائب، صوَّت 92 برلمانيًا لصالح منح الثقة لحكومة باشاغا، بعد أن أجرى الأخير بعض التعديلات على التشكيلة التي نوقشت مساء الاثنين.

وتضمنت التشكيلة الوزارية الجديدة، 29 وزيرًا، و6 وزراء دولة، إضافة إلى ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، بعد إضافة خالد علي الأسطى نائبًا ثالثًا ضمن التشكيلة المعدلة.

 

تركبية الحكومة

وبموجب التشكيلة الجديدة، جرى تكليف جمعة خليفة محمد بحقيبة التربية والتعليم، وإلغاء وزارة الإعلام، التي واجهت اعتراضات الإعلاميين والصحفيين الليبيين، خشية تحكم الحكومة في السلطة الرابعة.

وأسند باشاغا حقيبة الخارجية إلى الوزير حافظ قدور، بينما أسند وزارة الدفاع -التي كانت عليها اعتراضات عدة- للنائب الثاني لرئيس البرلمان احميد حومة، وأسقط وزيري دولة من التشكيلة السابقة، هما وزير الدولة للقادة الشباب، ووزير الدولة لشؤون الانتخابات.

كما أسند وزارة الداخلية للعميد عصام أبوزريبة من مدينة الزاوية، وكلف أسامة حماد بوزارة المالية، إضافة إلى إسناد وزارة العدل لخالد عبدربه، ووزارة الحكم المحلي لسامي الضاوي، والصحة لوزير التعليم الأسبق عثمان عبدالجليل.

وفور إعلانه منح الثقة لحكومة باشاغا، أكد البرلمان الليبي أن نوابه تعرضوا وعائلاتهم لتهديدات بالقتل من أطراف لم يسمها، مطالبًا النائب العام الصديق الصور بفتح تحقيق عاجل.

 

تهديدات للنواب

وأدان البرلمان ما تعرَّض له عدد كبير من الأعضاء من تهديدات بالقتل لهم ولعائلاتهم، والمنع من العودة لبيوتهم، مشيرًا إلى أن الأمر وصل إلى الاعتداء على المنازل.

وقال مجلس النواب، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: «هذه التصرفات الإجرامية والإرهابية لا يمكن أن تصدر إلا من مجرمين خارجين على القانون»، معبرًا عن تضامنه ودعمه لجميع النواب تجاه ما يتعرَّضون له بصرف النظر عن أي توجُّه سياسي.

وحمَّل البرلمان الليبي السلطة التنفيذية مسؤولية أمن أعضاء مجلس النواب وسلامتهم، مطالباً النائب العام بفتح تحقيق عاجل في ما حدث، وإحالة المجرمين إلى العدالة.

لم يقتصر الأمر على التهديدات التي تعرَّض لها النواب الليبيون؛ بل إن رئيس حكومة تصريف الأعمال المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، عدَّ تصويت البرلمان ومنحه الثقة لحكومة فتحي باشاغا تأكيداً لاستمرار رئاسة البرلمان، في انتهاج ما وصفه بـ«التزوير لإخراج القرار باسم المجلس بطرق تلفيقية»، على حد قوله.

وقال الدبيبة في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن «الليبيين تابعوا التزوير في العد الذي كان واضحًا بالدليل القطعي على الشاشة»، زاعمًا أن «العد لم يبلغ النصاب المحدد من قِبل المجلس لنيل الثقة، رغم عدم وضوح صورة مانحي الثقة».

 

راية العصيان

وادعى رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، أن إجراءات سحب الثقة من حكومته وإعلان حكومة جديدة حدثت «بالمخالفة للاتفاق السياسي الذي نص على آليات واضحة في إجراءات التعديل الدستوري، وتشكيل السلطة التنفيذية، التي كانت بإجراءات أحادية تعود بالبلاد لمرحلة الانقسام»، على حد قوله.

ولم يعترف الدبيبة بالحكومة الجديدة، مؤكدًا استمرار حكومته في عملها، قائلًا: «لن تعبأ الحكومة بهذا العبث(..) سنركز جهودنا لإنجاز الانتخابات بوقتها في يونيو المقبل»، وفق الخطة التي سبق أن أعلنها من جانب واحد.

إلا أن رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا، نفى مزاعم الدبيبة، مؤكدًا أن جلسة منح الثقة كانت عملية ديمقراطية نزيهة واضحة، وبإرادة ليبية، مشيرًا إلى أن منح الثقة لحكومته جرى بطريقة واضحة وشفافة وعلانية.

 

المرحلة المقبلة

وعن المرحلة المقبلة، قال باشاغا إن حكومته تسعى للمصالحة والمشاركة والاستقرار والانطلاق نحو الازدهار والنماء، مشيرًا إلى أن حكومته لم تأتِ للانتقام ولا تصفية الحسابات، بل لأجل بناء الوطن».

وطالب رئيس حكومة ليبيا المكلف الجميع، حتى المعارضين، بالتعاون «لأنني أرى نفسي مسؤولاً عن كل الليبيين وخادماً للشعب من دون استثناء ولا مفاضلة ولا تمييز»، مؤكدًا التزامه بإجراء الانتخابات في مواعيدها بحسب خارطة الطريق، التي أعدها البرلمان.

وتعهد باشاغا بالتعاون مع مجلسي النواب والرئاسي وما يعرف بـ«الأعلى للدولة»، معبرًا عن تطلعه لإقامة علاقات «طيبة» مع دول الجوار وتلك الصديقة لبلاده، وفق الاحترام المتبادل.

وتقدم رئيس الحكومة المكلف للبعثة الأممية في ليبيا بالشكر على جهودها، التي لم يحددها، مبدياً تطلعه للتعاون لإكمال باقي الاستحقاقات الليبية.

 

رسالة لليبيين

ووجَّه رسالة إلى الليبيين، قائلًا: «الحكومة ستستلم مهامها في العاصمة طرابلس بشكل سلمي وآمن»، من دون أن يحدد تلك الطريقة، رغم اعتراض الدبيبة على تسليم السلطة.

إلا أن باشاغا قال إن حكومته باشرت إجراء التدابير القانونية، «واتصلنا بجميع الجهات الأمنية والعسكرية، ولدينا ترتيبات معهم»، مجددًا ثقته بأن عملية التسليم ستكون بشكل سلس وآمن ومن دون أي مشكلة.

ورغم جلسة منح الثقة التي عقدها البرلمان الشرعي لليبيا، فإن ما يعرف بـ«الأعلى للدولة» الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان، عدَّ ما حدث في جلسة النواب بمنح الثقة لحكومة جديدة «مخالفة للاتفاق السياسي»، متجاهلًا التزكية التي أرسلها للبرلمان بشأن حكومة باشاغا.

وأكد المجلس الإخواني، أن استمرار إغلاق الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا «يعدُ جريمة إنكار للعدالة».

 

حلف اليمين

رغم ذلك البيان، أعلن البرلمان الليبي أنه ماضٍ في طريقه، مؤكدًا أنه سيعقد غدًا الخميس، جلسة لأداء الحكومة لليمين الدستورية، بحسب رئيس المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب عبدالحميد الصافي.

وقال الصافي، إن فخامة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، أوضح أن جلسة البرلمان المخصصة لأداء الحكومة لليمين الدستورية، ستكون في العاشرة من صباح الخميس، بمدينة طبرق، وبحضور التشكيلة الوزارية للحكومة، إضافة إلى ممثلي المجتمع الدولي. وأكد صحة بيان مجلس النواب رقم 01 لسنة 2022 بشأن تعرُّض عدد من النواب للتهديد.

من جانبه، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي علي التكبالي، إن تصويت النواب أنقذ ليبيا من الانقسام،  مطالبًا الجميع بأن يقبلوا بالأمر ويعملوا لتوحيد الصف.

وهنأ التكبالي، الشعب الليبي على منح أعضاء البرلمان الثقة لحكومة الاستقرار، قائلًا: «‏نهنئ الشعب الليبي بحكومة الاستقرار، ونرجو أن تكون اسمًا على مسمى».