حرب أوكرانيا.. قوات روسيا تحاصر كييف وزيلينسكي: موسكو تريد محونا

في محاولة لمنع القوات الروسية -التي تتقدم- من السيطرة على محطة للطاقة النووية الأوكرانية، بالقرب من بلدة إنيرهودار الجنوبية الشرقية، أغلق مئات العمال والسكان طريقًا مؤديًا إلى المحطة.

حرب أوكرانيا.. قوات روسيا تحاصر كييف وزيلينسكي: موسكو تريد محونا

السياق

على وقع جولة جديدة من المباحثات الروسية الأوكرانية، التي من المرتقب أن تبدأ بالتزامن مع اليوم السابع للهجوم الروسي على أوكرانيا، تعيش العاصمة كييف أجواء متوترة، وسط انتشار نقاط التفتيش في جميع أنحائها.

فالمدينة الأوكرانية تستعد ليوم آخر من الضربات والانفجارات المحتملة، بعد أن صعدت القوات الروسية هجومها، على صعيدين؛ الأول باستهداف منشآت عسكرية وحيوية، وإطلاق أخبار وُصفت بـ«الشائعات» عن سقوط مدينة خيرسون الجنوبية.

إلا أن مدينة كييف لم تكن وحدها، التي تمثل هدفًا «كبيرًا» للقوات الروسية، بل إن مدينة أوديسا في مرمى نيران القوات الروسية، وغدت مدينة أشباح، بعد أن تحصن مواطنوها والقوات الأوكرانية، بأكياس الرمل استعدادًا للمعركة التي لم تبدأ.

وفي محاولة لمنع القوات الروسية -التي تتقدم- من السيطرة على محطة للطاقة النووية الأوكرانية، بالقرب من بلدة إنيرهودار الجنوبية الشرقية، أغلق مئات العمال والسكان طريقًا مؤديًا إلى المحطة.

وأظهرت مقاطع فيديو حشدًا كبيرًا من الناس، يحملون الأعلام الأوكرانية، يغلقون الطريق صباح الأربعاء، مستخدمين شاحنات القمامة لإغلاق الطريق.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن نحو ستة آلاف روسي قُتلوا، في الأيام الستة الأولى من الغزو الروسي لبلاده، مضيفًا أن الكرملين لن يستطيع السيطرة على أوكرانيا بالقنابل والضربات الجوية.

وقال زيلينسكي، في تسجيل مصور: "إنهم لا يعلمون شيئًا عن كييف، عن تاريخنا لأن الروس تلقوا أوامر بمحو تاريخنا ومحو بلدنا ومحونا جميعًا". وأضاف: "الكرملين لن يستطيع السيطرة على بلادنا بالقصف والقنابل".

 

دفاع مستميت

بدوره، قال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو، في تصريحات لشبكة «سي إن إن»: الرغبة في الاستقلال الأولوية بالنسبة لنا، مشيرًا إلى أنه يدافع عن عائلاته ومدينته وبلده، داعيًا البلدان إلى دعم أوكرانيا، لأنه سيكون «من الصعب البقاء» من دونها.

وقال كليتشكو: البنية التحتية -الكهرباء والتدفئة والمياه- جاهزة للعمل في كييف، مشيرًا إلى أن السلطات تجري اتصالات مباشرة بالصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية، التي أرسلت المواد الغذائية وهي في طريقها إلى العاصمة الأوكرانية.

وأكد كليتشكو أن ما تحتاجه كييف هو مزيد من العقوبات القاسية ضد روسيا، قائلًا: «علينا أن نظل متحدين(..) الحرب ليست فقط على أوكرانيا، إنه تحد للعالم الحديث، للعالم الديمقراطي».

واتهم كليتشكو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمحاولة إعادة تشكيل الاتحاد السوفييتي و«جعل أوكرانيا جزءًا من الإمبراطورية الروسية»، مشددًا على أن «الأوكرانيين سيقاتلون من أجل كل ميدان وكل شارع في كييف، إذا تقدمت القوات الروسية في المدينة».

وتوقع المسؤول المحلي «معركة ضخمة، لكننا نقاتل من أجل عائلاتنا»، مشيرًا إلى أن القصف العنيف لماريوبول خلَّف عشرات الجرحى.

ويستمر القتال العنيف حول ماريوبول، حيث طوَّقت القوات الانفصالية المدعومة من روسيا، المدينة الواقعة جنوبي أوكرانيا، التي يبلغ عدد سكانها 400 ألف شخص، من ثلاث جهات.

وأفاد سكان بقصف عنيف خلال الليل، لكن عمدة ماريوبول فاديم بويشينكو قال إن السلطات الأوكرانية تمكنت من استعادة بعض الاتصالات المحمولة، بعد أن تعرضت المدينة للقصف وإطلاق النار.

وأشار إلى أن عدد الجرحى المدنيين يتزايد كل يوم، قائلًا: «يوجد اليوم 128 شخصًا في مستشفياتنا(..) لم يعد أطباؤنا حتى إلى منازلهم، إنهم يقاتلون من أجل حياة سكان ماريوبول».

وتأمل القوات الروسية الاستيلاء على ماريوبول، لاستكمال ممر بري يربط جنوبي روسيا بشبه جزيرة القرم، التي ضمتها «بشكل غير قانوني» عام 2014 من أوكرانيا.

 

محاولة لنيل اعتراف

وقالت وكالة الإعلام الروسية الرسمية، الأربعاء، إن العلم الأوكراني أنزِل من سفارة الدولة في موسكو، مشيرة إلى أنه جرى إزالة لافتة تشير إلى أن المبنى كان موطنًا للسفارة الأوكرانية، إضافة إلى إغلاق الأبواب.

وقطعت الحكومة الأوكرانية العلاقات الدبلوماسية مع روسيا في 24 فبراير الماضي، بعد أن أمرت موسكو بغزو البلاد.

 

أوكرانيا تنفي

ونفت وزارة الدفاع الأوكرانية أنباء عن سقوط مدينة خيرسون الجنوبية في أيدي الروس، بحسب المتحدث باسم الوزارة، الذي قال: «وفقًا للمعلومات الواردة من لوائنا، فإن المعارك مستمرة الآن»، مشيرًا إلى أنه لم يتم الاستيلاء على المدينة.

كانت وسائل إعلام رسمية روسية، قد ذكرت أن القوات الروسية سيطرت على المدينة.

وبحسب شبكة «سي إن إن»، فإن خدمة الطوارئ الحكومية الأوكرانية، استهدفت قسم الشرطة الإقليمية في خاركيف وجامعة خاركيف الوطنية، بضربة عسكرية صباح الأربعاء.

وتُظهر مقاطع الفيديو المباني التي اجتاحتها النيران وأفراد الطوارئ الذين حضروا مكان الحادث، بينما أصيب ثلاثة أشخاص، بحسب بيان خدمة الطوارئ بالولاية.

واعترف المتحدث العسكري الروسي، الميجور جنرال إيغور كوناشينكوف -في بيان اليوم الأربعاء- بأن وزارة الدفاع الروسية شنت ضربات بعيدة المدى بأسلحة دقيقة، استهدفت البنية التحتية للاتصالات الأوكرانية.

وأكدت وكالة الأنباء الروسية "تاس"، أن منشآت وكالة المخابرات الأوكرانية كانت من الأهداف التي قُصفت.

وتعرضت الثلاثاء، المنطقة المحيطة ببرج تلفزيوني في العاصمة الأوكرانية كييف لضربات عسكرية، بحسب مقاطع فيديو وصور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تأكيد وزارة الداخلية الأوكرانية وقوع ضربة عسكرية، بالقرب من برج التلفزيون.

 

الأجواء في كييف

مع بزوغ فجر الأربعاء، كانت الأجواء في كييف هادئة ومتوترة؛ فهناك نقاط تفتيش في جميع أنحاء المدينة، وطوابير طويلة أمام الصيدليات، بينما تستعد المدينة ليوم آخر من الضربات والانفجارات المحتملة.

ورأى مراسلو "سي إن إن" على الأرض امرأة تسير بكلب في الشارع، إلا أنه بخلاف ذلك لم يكن هناك أي شخص في الخارج؛ فالجميع يحتمون في الأقبية والملاجئ وأماكن أخرى تحت الأرض، بينما تنتشر أكياس الرمل والحواجز المضادة للدبابات وأكوام الكتل الخرسانية حول نقاط التفتيش بالمدينة.

ويمكن التعرف إلى العديد من متطوعي قوات الدفاع الإقليمية، الذين يحرسون نقاط التفتيش من خلال شاراتهم الصفراء، فبينما يرتدي البعض ملابس مموهة، يرتدي آخرون ملابس مدنية، حاملين بنادق جديدة معلقة على جوانبهم.

 

مدينة أشباح

وتحوَّل مركز المدينة في أوديسا إلى مدينة أشباح، بعد أن تحصنت المدينة بأكياس الرمل استعدادًا للمعركة، في ثالث أكبر مدينة بأوكرانيا، التي كأنها تحت القصف.

ولأيام عدة، تم تحذير سكان أوديسا من احتمال هبوط برمائي روسي؛ وبات السكان الشباب يعرفون أن دورهم حان للقتال، متأهبين بالفعل بالسلاح.

 

حلبة ملاكمة

كان السكان المحليون، الذين أصيبوا بجروح، على حافة الهاوية، بينما تحاول القوات الروسية اقتحام المدينة، إلا أن الشباب شكلوا حلقات تسببت في انفجار دموع أجدادهم، عندما كانوا يتذكرون رعب عام 1941 أثناء هجوم ألمانيا النازية.

فقاعة الطعام تحولت -على وجه السرعة- إلى آلة جيدة لدعم شباب المدينة بالأدوية والإمدادات الأساسية، بينما باتت دار الأوبرا القريبة بالمدينة محصنة تمامًا، كما كانت منذ أكثر من ثمانية عقود.

وفي حين أنه يمكن الشعور بأن الجميع سيبقون للقتال، فإن القطارات تمتلئ بالأمهات الشابات وأطفالهن اليائسين للفرار.

وبحسب «سي إن إن»، فإن السكان شاهدوا المسيرة المروعة للروس إلى بلدة خيرسون، على بعد نحو 125 ميلاً (200 كيلومتر) غربي أوديسا، وهي بلدة لم يتخيل السكان المحليون فيها أن القوات الروسية ستتجول في شوارعها.

فقبل بضعة أشهر فقط، كان بطل العالم للوزن الثقيل أولكسندر أوسيك يواجه منافسين في حلبة الملاكمة، إلا أنه عاد إلى وطنه في أوكرانيا، مستعدًا لحمل السلاح للدفاع عن بلاده.

وعندما سُئل الثلاثاء عن سبب عودته أجاب: «القتال واجبي، للدفاع عن منزلي وعائلتي، يجب أن أفعل ذلك»، مضيفًا أنه لا يريد قتل أي شخص، لكنه سيفعل ما هو ضروري لحماية نفسه وأحبائه.

ولدى سؤاله عما إذا كان خائفًا قال: «روحي للرب، وجسدي وشرفي لبلدي وعائلتي، فلا خوف، لا خوف على الإطلاق».

 

انفجارات في خاركيف

ونشرت وكالة أنباء خاركيف، مقطع فيديو يظهر انفجارًا هائلاً وموجة صدمات شوهدت من الطابق العلوي لمبنى سكني، بينما تعرضت المدينة الواقعة شمالي شرق أوكرانيا إلى دمار كبير.

وبحسب مقاطع الفيديو التي التُقطت في حي خلودنا هورا غربي خاركيف، فإن عددًا من المباني تعرضت لأضرار بالغة على طول شارع Kholodhnohirska Stretet. وتضم المنطقة عددًا من الأسواق والمحلات التجارية ، إضافة إلى بعض المباني السكنية.

وقال يوري كوتشوبيج، أحد سكان خاركيف المحليين، إن انفجارين كبيرين على الأقل هزا المدينة مساء الثلاثاء، بالقرب من حي أوليكسييفكا شمالي خاركيف، قرابة الساعة 10 مساءً.

وفي أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها وكالة أنباء خاركيف، شوهد انفجار هائل وصدمة من الطابق العلوي لمبنى سكني.

من جانبه، قال رئيس الشرطة المحلية إن القتال بين الجيشين الروسي والأوكراني، اندلع خلال الليل بالقرب من مستشفى عسكري في خاركيف، إلا أنه من غير الواضح -في الوقت الحالي- ما إذا كان الانفجار مرتبطًا بالقتال.

 

سيطرة روسية

وأفادت وسائل إعلام رسمية روسية، نقلاً عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الميجور جنرال إيغور كوناشينكوف، بأن القوات الروسية سيطرت على مدينة خيرسون.

ونقلت وكالة أنباء تاس الحكومية عن كوناشينكوف قوله إن البنية التحتية المدنية ومرافق دعم الحياة والنقل الحضري تعمل كالمعتاد.

وتظهر لقطات شاشة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الجيش الروسي يسيطر على وسط المدينة، حيث شوهدت عربات عسكرية تسير على طول دوار شمالي خيرسون الثلاثاء، ومتوقفة في ساحة سفوبودي وسط خيرسون.

يأتي ذلك بعد أيام من القتال والقصف العنيف، الذي ألحق أضرارًا بالمباني السكنية والمنشآت المدنية، وإثر نشر رئيس البلدية رسالة شديدة اللهجة على "فيسبوك" يحذر فيها من تعرُّض المدينة للهجوم.

 

مباحثات جديدة

وفي محاولة للاتفاق على خطة للسلام بين روسيا وأكرانيا، يعقد الوفدان الروسي والأوكراني جولة جديدة من المباحثات، بعد فشل السابقة، بحسب ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، الذي قال إن وفدًا روسيًا سيكون «في مكانه» الأربعاء لإجراء المحادثات مع أوكرانيا.

وبينما لم يذكر المسؤول الروسي تفاصيل مكان أو شكل المناقشات، إلا أنه قال في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين: «بعد ظهر اليوم، سيكون وفدنا في مكانه بانتظار المفاوضين الأوكرانيين(..) وفدنا سيكون جاهزًا لمواصلة الحديث الليلة».

وقال المتحدث باسم الكرملين، إنه لا يستطيع التكهن بما إذا كان الوفد الأوكراني سيحضر أم لا، مضيفًا: «نأمل أن يحدث ذلك».

ورفض بيسكوف الكشف عن مكان المحادثات المحتملة، التي جاءت بعد يومين من مباحثات بين الطرفين، عُقدت على مقربة من الحدود الأوكرانية، لمناقشة وقف إطلاق نار محتمل، إلا أنها لم تسفر عن أي نتيجة ملموسة.