هل تشكل العقوبات الرياضية على روسيا سلاحاً ناجعاً؟

ألغيت جائزة روسيا الكبرى للفورمولا واحد، وفرضت اللجنة الأولمبية الدولية حظراً على رفع العلم الروسي وعزف النشيد الوطني، وهناك دعوات جدية لشطب روسيا من تصفيات مونديال 2022، حيث تخوض الملحق الأخير المؤهل الشهر المقبل

هل تشكل العقوبات الرياضية على روسيا سلاحاً ناجعاً؟

السياق

مثل استضافة روسيا لكأس العالم 2018 في كرة القدم، وأولمبياد سوتشي 2014 الشتوي، إلى جانب رعاية عملاق الغاز "غازبروم" للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) أدوات صلبة لتحسين صورتها عالمياً، وأكسبت الرئيس فلاديمير بوتين مكانة بين الشعب الروسي.

مع ذلك، أدّى قرار بوتين غزو أوكرانيا، إلى تدمير وهجه العالمي، ويعتقد خبراء أن ذلك قد يكلّفه غالياً على الصعيد الداخلي.

وسرعان ما جُرّدت سان بطرسبورغ من استضافة نهائي دوري أبطال أوروبا في كرة القدم لمصلحة باريس، وتحوم شكوك حول مصير رعاية "غازبروم" لـ "ويفا" المقدَّرة بأربعين مليون يورو سنوياً.

وألغيت جائزة روسيا الكبرى للفورمولا واحد، وفرضت اللجنة الأولمبية الدولية حظراً على رفع العلم الروسي وعزف النشيد الوطني، وهناك دعوات جدية لشطب روسيا من تصفيات مونديال 2022، حيث تخوض الملحق الأخير المؤهل الشهر المقبل.

وقال مدير التسويق السابق في اللجنة الأولمبية الدولية مايكل باين، لـ "فرانس برس": "طالما كان للرياضة تأثير هائل في المجتمع"، وأضاف: "المقاطعة الرياضية في جنوب إفريقيا لنظام الفصل العنصري، ربما كان لها تأثير مماثل أو أكبر من العقوبات الاقتصادية، على فرض تغيير في سياسة النظام".

بالنسبة لرئيس اللجنة الأولمبية البريطانية، السير هيو روبرتسون، فإن الحظر الرياضي الشامل قد يؤثّر في مكانة بوتين محلياً، حيث قال لـ "فرانس برس": "الرياضة مهمة بشكل غير متناسب للأنظمة الاستبدادية".

وأضاف: "عدم القدرة على المنافسة سيضرّ روسيا بشدة".

ويرى باين، الذي ينسب إليه الفضل في الأولمبية الدولية، على مدى عقدين من الزمن، في تحويل علامتها التجارية وشؤونها المالية من خلال الرعاية، أن بوتين يخاطر بمكانته بين أبناء شعبه. وقال الإيرلندي: "قد لا يهتم بوتين برأي بقية العالم بشخصه، لكن عليه الاهتمام بما يعتقده الشعب الروسي".

وأضاف: "اخسر دعم الشعب ينتهِ أمرك... تصرفات المجتمع الرياضي قد تلعب دوراً مؤثراً في الشعب الروسي".

 

تقاعس ومراوغة

لم يخجل نجوم الرياضة الروس، من التعبير عن قلقهم من غزو بوتين لأوكرانيا.

وصدرت أصوات مندّدة من أندي روبليف، المتوج الأحد بدورة دبي في كرة المضرب، ولاعب كرة القدم الدولي فيدور سمولوف، نجم هوكي الجليد المحترف في الولايات المتحدة أليكس أوفيتشكين، والدراج بافل سيفاكوف.

وأضاف باين: "لا يمكن لآراء الرياضيين الروس أمام قاعدة جماهيرهم، سوى أن تعزز شكوك المواطنين في قرارات قيادتهم، وتقوِّض الدعم المحلي لشن الحرب".

رغم ذلك، يقلل تيرينس بيرنز، المدير التنفيذي السابق في الأولمبية الدولية، الذي لعب أدواراً رئيسة في ملفات خمس مدن نجحت باستضافة الأولمبياد، من أهمية هذا التأثير، إذ قال لـ "فرانس برس": "أنتم تفترضون أن الشعب الروسي يرى، ويقرأ ويسمع الأخبار الحقيقية".

وتابع: "لا أصدّق هذا الأمر، ستصوّر الحكومة روسيا كأنها ضحية مؤامرة عالمية كبرى، تقودها الولايات المتحدة والغرب... عبارة مجازية استُخدمت بنجاعة منذ أيام الاتحاد السوفييتي".

 

المال الروسي

لكن بيرنز يعتقد أن الرياضيين -لسوء الحظ- يجب أن يُعاقبوا على سوء تصرّف حكوماتهم: "أعتقد أن روسيا يجب أن تدفع ثمن ما اقترفته، لسوء الحظ، يتضمن ذلك الرياضيين أيضاً".

وأضاف "كثيرون، مثلي، يعتقدون أن مساعدتهم في استضافة الأولمبياد وكأس العالم، قد تساعد في انفتاح المجتمع وتحريره، وتوفر مسارات جديدة لتقدّم شعب روسيا، نحن مخطئون مرّة جديدة".

بدوره، يعتقد روبرتسون أن السماح للروس بالتنافس، في وقت يعجز الأوكرانيون عن ذلك، أمر "لا يمكن تصوّره من الناحية الأخلاقية".

ويضيف باين أن الرياضات الفردية ينبغي أن تنظر إلى مشهد أخلاقي أكبر من خسائرها المحتملة نتيجة إنهاء عقود رعاية روسية "يواجه عالم الرياضة خطر خسارة المزيد بحال عدم الاستجابة، مقارنة بخسارة راعٍ روسي أو اثنين".

ويوافق ذلك روبرتسون، المشرّع السابق الذي شغل منصب وزير الرياضة والأولمبياد، مساهماً بنجاح أولمبياد لندن 2012.

وقال ابن التاسعة والخمسين: "ربما يتعيّن على عالم الرياضة أن يفطم نفسه عن المال الروسي".

وتابع: "في الأيام الماضية، بدا واضحاً أن العقوبات السياسية، الاقتصادية والتجارية ستؤذي الغرب كما روسيا، لكنه ثمن يجب أن نتحمله لتحقيق مصلحة أكبر".

بالنسبة لروبرتسون، لا يمكن للرياضة الوقوف مكتوفة اليدين، رداً على الغزو الروسي: "الغزو الروسي لأوكرانيا سيؤثر في الرياضة، لكن عواقب التقاعس أو المراوغة، ستكون أكثر خطورة".