مقارنة بإيران.. استبعاد روسيا من نظام سويفت لن يكون مؤثرًا

منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا ترسخت رواية مثيرة للفضول، بأن حظر البنوك الروسية من نظام التحويلات السريعة، سيؤدي بطريقة ما إلى إخراج البلاد عن النظام المالي العالمي، إلا أن تجربة العقوبات المالية على إيران توحي بغير ذلك.

مقارنة بإيران.. استبعاد روسيا من نظام سويفت لن يكون مؤثرًا

ترجمات - السياق

قال أستاذ الاقتصاد المالي في جامعة لوبورو البريطانية، إن قرار الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بحظر روسيا عن نظام الدفع السريع "سويفت"، لن يؤثر في الاقتصاد الروسي بشكل كبير، واستشهد بما حدث مع إيران.

كانت الدول الغربية أعلنت فرض عقوبات جديدة ضد روسيا خلال الساعات الماضية، لعزل واستبعاد عشرات المصارف الروسية من نظام "سويفت" المالي العالمي، بعد عقوبات قاسية عليها إثر الصراع الروسي الأوكراني، بينما يرى مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن من شأن تلك العقوبات جعل "روسيا منبوذة ومشلولة".

وقال أليستير ميلن، أستاذ الاقتصاد المالي في جامعة لوبورو البريطانية، في تحليل بالصحيفة البريطانية: حرمان روسيا من نظام سويفت المصرفي الدولي، ليس مشكلة كبيرة بالنسبة لها، وسيكون له تأثير محدود وأقل فعالية من الناحية العملية، لأنه ليس إلا "رمز" للتنصل من ممارسة موسكو للقوة العسكرية في أوكرانيا، وليس أداة لفرض عقوبات اقتصادية.

 

تجربة إيرانية

وأوضح ميلن أنه منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا "ترسخت رواية مثيرة للفضول، بأن حظر البنوك الروسية من نظام التحويلات السريعة، سيؤدي بطريقة ما إلى إخراج البلاد عن النظام المالي العالمي، إلا أن تجربة العقوبات المالية على إيران توحي بغير ذلك".

وقال: الولايات المتحدة، طبقت وعززت بشكل دوري، عقوبات اقتصادية على إيران لعقود، منذ عام 1984 واستهدفت هذه العقوبات صناعة النفط الإيرانية، ومع ذلك، لم تتحول إلى عقوبات شاملة حتى عام 2006، عند اتخاذ سلسلة من "الإجراءات المالية المستهدفة" لمنع البنوك الأجنبية من إجراء معاملات مالية مع إيران.

وأشار أستاذ الاقتصاد المالي، إلى أن قانون العقوبات والمساءلة وسحب الاستثمارات الأمريكية الشامل على إيران، الصادر في يونيو 2010 وقانون تفويض الدفاع الوطني الصادر في ديسمبر 2011، حظر جميع المعاملات المالية الأمريكية الإيرانية.

ونبه إلى أنه في غضون ذلك، أدى الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، الصادر في فبراير 2011، إلى تجميد الأصول الأمريكية لحكومة إيران والبنك المركزي الإيراني وجميع المؤسسات المالية الإيرانية، ثم جمَّد الاتحاد الأوروبي -بصفته شريكًا مترددًا إلى حد ما في العقوبات المالية الأمريكية- أصول البنك المركزي الإيراني في يناير 2012، قبل أن تحذو دول أخرى حذوهما.

ورغم كل ذلك، فإنه -حسب الكاتب- "لم يتم إقصاء المؤسسات المالية الإيرانية من سويفت حتى 2012، وانتظار الولايات المتحدة مدة طويلة للضغط لحظر سريع يخبرنا بأنه ببساطة لم تكن أولوية"، مشيرًا إلى أن سبب ذلك أنه كانت هناك بنوك خارجية مقرها خارج الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة في الحلول البديلة، فلن يكون للحظر تأثير يذكر.

 

نظام مراسلة

ويرى ميلن، أن "سويفت" ما هو إلا "نظام مراسلة" وليس نظام دفع، مشيرًا إلى أنه على عكس المدفوعات نفسها، يمكن إرسال الرسائل من خلال طرق مختلفة، موضحًا أنه في حالة روسيا، يمكن للبنوك استخدام نظام التحويل الخاص بها، "إس بي إف سي"، الذي أنشِئ عام 2014 من قِبل البنك المركزي الروسي.

وأضاف: "يُستخدك هذا النظام بشكل متزايد من البنوك المحلية للمدفوعات، عبر العملات داخل الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، المكون من روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، وتزعم روسيا أنها استحوذت على 17% من رسائل المدفوعات الدولية الروسية، عام 2020".

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن نظام "إس بي إف سي"، يُستخدم أيضًا من بعض فروع البنوك الروسية في ألمانيا وسويسرا، مشيرًا إلى أنه يمكن لروسيا أيضًا استخدام نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود، أو شبكة سيبس، التي تم أنشِئت عام 2015 من بنك الصين الشعبي، لغرض المدفوعات عبر الحدود.

وحسب ميلن: "يتميز نظام سيبس بمشاركين غير مباشرين في العديد من البلدان، كما أن كل هذه الأنظمة - Swift و SPFC و CIPS –  لها البنية نفسها بناءً على معيار رسائل المدفوعات العالمية ISO20022، كما يمكنهم حتى استخدام (واتس آب) لتوجيه المعاملات اللازمة".

 

استعداد روسي

وعن الاستعداد الروسي لكل هذه التوقعات من العقوبات الغربية، أوضح أستاذ الاقتصاد المالي، أن روسيا أمضت عقدًا من الزمن في الاستعداد للحرب الحالية في أوكرانيا، ما يجعلها مستعدة للتعامل مع أية عقوبات اقتصادية مترتبة على قرارها بالحرب.

وقال: تجربة إيران تظهر أن "تجميد الأصول وحظر المعاملات والغرامات المفروضة على أي مؤسسة، تساعد في التهرب من العقوبات المالية، وهي أكثر فاعلية بكثير من حظر دولة ما من سويفت"، مضيفًا: "في الواقع، تعد القيود المفروضة على المعاملات التي أجراها البنك المركزي الروسي -نهاية هذا الأسبوع- بداية مهمة".

وأشار إلى أن الغرامات التي فرضتها السلطات الأمريكية بين عامي 2004 و 2019 على انتهاكات العقوبات، والتي تشمل في الغالب إيران، كلفت البنوك الغربية ما يقرب من 12 مليار دولار.

وختم الكاتب: "يتضح عدم فاعلية حظر سويفت من خلال حقيقة أنه بعد توقيع اتفاقية إيران النووية لعام 2015، وإعادة البنوك الإيرانية إلى شبكة الرسائل، ثبت أنها لم تكن قادرة على إجراء معاملات مع أي مؤسسات مالية أجنبية كبرى، بسبب العقوبات الأخرى".