هل بإمكان عقوبات الصدمة والترويع إيقاف بوتين؟

تفوق السعوديون على بوتين في حرب أسعار النفط لعام 2020 من خلال إظهار أن بإمكانهم تحمُّـل آلامها الاقتصادية أكثر من روسيا

هل بإمكان عقوبات الصدمة والترويع إيقاف بوتين؟
الامير محمد بن سلمان وفلاديمير بوتين

ترجمات - السياق

قبل عامين خاضت موسكو معركة اقتصادية، لكن وقتها لم يكن منافسها من دول الغرب، بل السعودية، كما لم تكن ساحة المعركة "الامبراطورية السوفيتية القديمة"، بل سوق النفط، وتمكنت الرياض من هزيمة موسكو.

رغم الاختلافات الكبيرة مع أزمة اليوم، فإن فحص ما فعله السعوديون وكيف فعلوه، هو مفتاح فهم نقاط ضعف روسيا، بحسب شبكة بلومبرج.

توفر العقيدة العسكرية المتمثلة في الصدمة والترويع، الأمل بأن إلحاق ألم هائل بسرعة بالعدو، من شأنه تدمير إرادته في المقاومة، قبل أن يبدأ أي قتال فعليًا.

وأشارت "بلومبرج" إلى أن هذه الاستراتيجية طبقها السعوديون على الروس، اقتصادياً.

في مارس 2020، اندلعت الخلافات بين الرياض وموسكو، اللتين كانتا تعملان معًا -حتى ذلك الحين- لإدارة سوق النفط.

وذكرت "بلومبرج" أن المملكة العربية السعودية، كانت قلقة بشأن تأثير كورونا، وأرادت خفض إنتاج النفط لدعم الأسعار، بينما رأت موسكو أن لا حاجة لذلك وقتها.

 

حرب أسعار

واجهت المملكة العربية السعودية روسيا، من خلال مضاعفة جهود الإنتاج، ما أشعل فتيل حرب أسعار النفط، وفقًا لـ "بلومبرج".

وأشارت إلى أن المملكة قدَّمت -دفعة واحدة- أكبر تخفيضات على أسعار خامها، وأعلنت زيادة كبيرة في الإنتاج. 

ومع بدء التداول، عانى خام برنت أكبر انخفاض في الأسعار في يوم واحد منذ حرب الخليج 1990-1991، حيث انخفض 24%، وكان السعوديون يظهرون أنهم مستعدون لإطلاق النار على أقدامهم لإلحاق الألم بروسيا.

مع انخفاض أسعار النفط، انخفض الروبل الروسي بنحو 5%، مسجلاً مستوى قياسيًا منخفضًا مقابل الدولار. وخلال الأيام القليلة التالية، أصدرت المملكة العربية السعودية مزيدًا من الإعلانات، بقصد واضح، لدفع أسعار النفط إلى الانخفاض. وفي غضون أسبوعين، تراجعت أسعار النفط 40%.

 كانت حملة الصدمة والترويع السعودية صارخة، لدرجة أن دافعها كان واضحًا لموسكو: أقصى قدر من الألم الاقتصادي، لإجبار الكرملين على العودة إلى طاولة المفاوضات، على الفور.

 

نجاح السعودية

نجحت السعودية في حملتها، وتوصلت القوتان النفطيتان -في النهاية- إلى اتفاق، وتوضح هذه الحادثة أن روسيا ضعيفة اقتصاديًا، وأن النفط والسلع الأخرى، أكبر نقاط ضعفها. 

ربما يكون الكرملين قد قدَّر بالفعل العقوبات الغربية على قطاعه المصرفي، وديونه السيادية، وأوليغارشيته، لكن ما لم يضعه في حسبانه، أن الغرب سيطلق النار على قدمه -من خلال خفض واردات السلع إلى الصفر- لإحباط بوتين.

وقد يكون استهداف النفط والغاز الطبيعي والسلع الأخرى، أمرًا غير مستساغ في الغرب، بسبب التكلفة الاقتصادية الباهظة، لكنها أسرع طريقة لإيقاف اندفاع بوتين.

من اليوم، يموِّل الغرب حرب بوتين في أوكرانيا، حيث يشتري بمئات ملايين الدولارات من الموارد الطبيعية الروسية يوميًا. 

إما التوقف عن شرائها، وإما ايجاد طريقة لإيقاف المدفوعات، بما في ذلك فصل روسيا عن SWIFT، وهو نظام الدفع العالمي بين البنوك.

وقالت "بلومبرج": "قد يكون الأوان فات لمنع الغزو، لكن لا يزال هناك متسع من الوقت، لمنع بوتين من الاندفاع نحو كييف".