ما الذي يمكن أن تتعلمه أمريكا من أبوظبي للتكيُّف مع الطقس الحار؟

تختبر مدينة أبوظبي تصميمات جديدة، للتخفيف من درجات الحرارة في أماكن مختلفة، من حي عالي الكثافة، حيث توفِّر المباني الشاهقة بعض الظل، مرورًا بآخر منخفض الكثافة، إلى التقاطعات، حيث يتعيَّن على الناس عبور الشارع.

ما الذي يمكن أن تتعلمه أمريكا من أبوظبي للتكيُّف مع الطقس الحار؟

ترجمات - السياق

مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة في المدن الأمريكية، فإن واشنطن تتطلَّع إلى تصميم حلول، من أماكن يتعيَّن عليها بالفِعل إدارة درجات الحرارة القصوى، بحسب مجلة فاست كومباني.

مشيرة إلى أن العاصمة الإماراتية أبوظبي تُعَدُّ إحدى تلك المدن النموذجية، في التعامل مع الطقس الحار.

ففي أحد أيام شهر يوليو/تموز الجاري، ترتفع درجة الحرارة في العاصمة الإماراتية إلى مستويات قصوى، إلا أن حديقة تم بناؤها مؤخرًا تسمح بالراحة في الخارج، فبالإمكان إغلاق المظلة ذات الستائر الدوارة أثناء النهار، وفتحها ليلاً للسماح بدخول الحرارة.

المقاعد المظلَّلة جزئيًا بالمباني المجاورة، مع هيكل مظلة آخر في الأعلى لمزيد من الظل، بالإضافة إلى الجدران الموضوعة، والتي تساعد بعناية في توجيه النسيم عبر الحديقة ومنع الحرارة، فيما تقوم أجهزة الرش- الموضوعة بشكل استراتيجي- برش الماء في الهواء، كلها أشياء تساعد في تخفيف درجات الحرارة في أبوظبي.

تغيُّـر المناخ

الحديقة، التي تُعَدُّ جزءًا من مبادرة أبوظبي للتكيُّف مع تغيُّـر المناخ، تعد أحد الأمثلة على نوع التصميم، الذي يمكن أن يساعد المدن في جميع أنحاء العالم، مثل سياتل، التي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 108 درجات في يونيو/حزيران، في التعامل مع درجات الحرارة الشديدة.

ويقول كيشور فاراناسي، مدير التصميم الحضري، في شركة الهندسة المعمارية CBT، التي صمَّمت الحديقة ومشروعات تجريبية أخرى، للتخفيف من الحرارة في أبوظبي، وهي تقدِّم الآن بعض الأساليب نفسها لمدن مثل بوسطن... "إنهم يعرفون المشكلة ويحاولون تجاوزها".

 

تصميمات جديدة

وتختبر مدينة أبوظبي تصميمات جديدة، للتخفيف من درجات الحرارة في أماكن مختلفة، من حي عالي الكثافة، حيث توفِّر المباني الشاهقة بعض الظل، مرورًا بآخر منخفض الكثافة، إلى التقاطعات، حيث يتعيَّن على الناس عبور الشارع.

في كل حالة من تلك الحالات السابقة، يتم تفصيل التدخل حسب الحي، بحسب  فاراناسي الذي أكد أنه «من المهم جدًا فهم كل مناخ في مكان ما».

وعن العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، يقول فاراناسي: رغم أن المباني الحالية توفِّر الظِّل في أوقات معينة من اليوم، إلا أنها يمكن أن تحجب أو تساعد في تدفق الرياح.

وأضاف أن الرصيف مترامي الأطراف، إضافة إلى مواد البناء ومكيفات الهواء، تدفع المزيد من الحرارة إلى الشارع، بينما تضيف السيارات المزيد من الحرارة، كلها عوامل تؤدي إلى تسجيل درجات حرارة قياسية.

 

مكافحة الحرارة

«فاست كومباني»، قالت إن الأشجار تساعد العديد من المدن في مكافحة الحرارة الشديدة، حيث توفِّر الظِّل وتطلق بخار الماء البارد من خلال أوراقها، مؤكدة أهمية زراعة الأشجار، في الأحياء ذات الدخل المنخفض، التي بها عدد أقل من المساحات الخضراء.

إلا أنه في الأحياء المبنية، التي لا يمكنها إضافة مساحات خضراء بسهولة فيها، أو في المدن المعرَّضة للجفاف، حيث يصعب الحفاظ على الأشجار، فإن هناك استراتيجيات أخرى يمكن أن تعمل معًا، للمساعدة في جعل الأيام الحارة أكثر راحة، بحسب المجلة الأمريكية.

 

حديقة الجيب

حديقة الجيب، هي أحد الأمثلة، إذ تعتمد بعض الميزات على الأفكار القديمة، مثل التصميم المسمى «السكة»، وهو مسار شرق أوسطي تقليدي، بين المباني الموجَّهة مع الرياح، لتحقيق أقصى قدر من النسيم.

وعند التقاطع المصمم للمشروع التجريبي، تجعل هياكل الظِّل الكابولية والمقاعد المظلَّلة، الانتظار في محطة للحافلات، أو انتظار تغيُّـر الضوء عند ممر المشاة، شيئًا مريحًا.

مدينة مصدر

إلا أنه في التطورات الجديدة، يمكن أن يكون البناء أكثر مرونة، في مواجهة الحرارة منذ البداية، ففي مدينة مصدر، وهي المجتمع المستدام، الذي هو قيد الإنشاء في الصحراء خارج أبوظبي، فإن كل ما يتعلَّق بالتصميم، يأخذ في الاعتبار الحرارة.

ويقول فاراناسي: «نبني مدينة من الصفر، لذلك عندما تفعل ذلك، من الواضح أنك تتمتع بأكبر قدر من التحكُّم في كل عنصر، من حيث اعتبار كيفية مقاومة المباني أشعة الشمس، وتظليل الأماكن العامة، والاستفادة من الرياح، والتخطيط للمساحات الخضراء، في جميع أنحاء المدينة».

 

استراتيجيات مماثلة

وإلى الولايات المتحدة، حيث يمكن أن تساعد استراتيجيات مماثلة لتلك التي تقوم بها أبوظبي، في مقاومة الارتفاع السريع، في عدد أيام الحر الشديد كل عام.

فاراناسي أضاف أنه من المهم، النظر في النظام، فإن اتباع نهج مثل طلاء الشوارع باللون الأبيض، يمكن أن يجعل الطرق أكثر برودة، لكن ينتهي به الأمر إلى عكس المزيد من الحرارة على المشاة والمباني القريبة.

 

تغييرات شاملة

وأشار إلى أنه يمكن أن تساعد التغييرات الشاملة، مثل الانتقال إلى الأحياء التي تعطي الأولوية للمشي وركوب الدراجات على القيادة، في التخفيف من الحرارة، مؤكدًا أن أماكن وقوف السيارات، إذا أصبحت مساحات خضراء، على سبيل المثال، فسيكون الحي أكثر برودة، لأن الحرارة تنبعث من الرصيف.

ويمكن أن تخدم التصميمات أيضًا غرضًا مزدوجًا للمساعدة في الصيف والشتاء، ففي منطقة بوسطن، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي بناء مقترح، يشبه السقف فوق ممر للمشاة، إلى تظليل المنطقة في الطقس الحار، ومنع تساقط الثلوج والمطر عندما يكون الجو باردًا.

وتضطر المدن الأمريكية الآن، إلى التفكير أكثر في هذه الأنواع من الحلول، وحتى وقت قريب، كانت الحرارة «تهديدًا غير مرئي، مقارنة بارتفاع مستوى سطح البحر»، كما يقول فاراناسي.

وأشار إلى أنه يمكن للناس، أن يفهموا ارتفاع مستوى سطح البحر، ورغم أنهم لم يركزوا على الحرارة بالقدر نفسه، فإن من الواضح الآن، أنها مشكلة في الولايات المتحدة.