ماذا سيفعل كيم بأسلحته النووية؟
على الرغم من أن بيونغ يانغ تُعد منذ فترة طويلة قوة نووية مُقلقة، إلا أن هناك أسبابًا حقيقية الآن تجعل واشنطن وحلفاءها اليابانيين والكوريين يأخذون التجارب الأخيرة على محمل الجد.

ترجمات - السياق
بعد أن أطلق الجيش الكوري الشمالي صاروخًا باليستيًا جديدًا "غير محدد"، في حلقة جديدة من مسلسل التجارب الصاروخية التي تجريها بيونغ يانغ، تساءلت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، عن هدف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من وراء ذلك، وماذا سيفعل بأسلحته النووية مستقبلًا، مشيرة إلى أن التجربة النووية المقبلة لكوريا الشمالية فيها ما يدعو إلى القلق، بينما يئنّ العالم بالفعل تحت وطأة الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وقالت في تقرير لها: إنه بعد إطلاقها صاروخًا بعيد المدى حلّق فوق الأراضي اليابانية، تتزايد المخاوف من أن كوريا الشمالية ستجري قريبًا تجربتها النووية السابعة، الأمر الذي يثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
ورأت أن مثل "هذا الاستفزاز" يأتي كجزء من حملة عسكرية تراكمية لمدة ستة أشهر لكوريا الشمالية تتضمن عشرات التجارب الصاروخية وخطابًا عدائيًا بشكل متزايد يستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها في غرب المحيط الهادئ.
وأجرت كوريا الشمالية تجربة لصاروخ بعيد المدى حلق فوق أراضي اليابان، بينما يتوقع خبراء أن تجري البلاد الشيوعية المعزولة تجربتها النووية السابعة قريبًا. وفي حال أقدمت بيونغ يانغ على هذه الخطوة، فإن ذلك سيكون جزءًا من حملة عسكرية متواصلة لكوريا الشمالية خلال الفترة الأخيرة، حيث شهدت عشرات التجارب الصاروخية.
تطور خطير
وبينّت ناشيونال إنترست، أنه على الرغم من أن بيونغ يانغ تُعد منذ فترة طويلة قوة نووية مُقلقة، إلا أن هناك أسبابًا حقيقية الآن تجعل واشنطن وحلفاءها اليابانيين والكوريين يأخذون التجارب الأخيرة على محمل الجد.
وترى أن السبب الأول الذي يدعو إلى القلق، هو أن كوريا الشمالية تستخدم الأسلحة النووية بمثابة حصن رادع، حتى تتصرف كما يحلو لها وتقوم بأعمال مألوفة لدى "الدول المارقة" مثل الإرهاب.
وأشارت إلى أن تقدم القدرات النووية لكوريا الشمالية يعني تعزيز نفوذ الزعيم كيم جونغ أون، وتشديد قبضته على السلطة، بينما يتصرف حاليًا دون محاسبة ولا مساءلة.
أما السبب الثاني -حسب المجلة- فهو أن التجارب الصاروخية والنووية تؤدي دورًا ماديًا أيضًا، لأنها بمثابة "مورد تكنولوجي" يدر المال عن طريق بيع التقنيات إلى دول مثل إيران وباكستان التي تسعى إلى تطوير تقنياتها النووية والصاروخية الباليستية.
فيما يتمثل السبب الثالث في أن كوريا الشمالية تحصل على جزء مهم من النقد الأجنبي، عن طريق شركات ذات نشاط إجرامي موجودة في الخارج، ولا سيما المختصة في التزوير والمخدرات، مشيرة إلى أن هذه السيولة من النقد الأجنبي تمر عبر الصين، ثم تصل إلى النخبة الحاكمة في كوريا الشمالية.
وأوضحت المجلة أن السبب الرابع يتمثل في أن كوريا الشمالية تبيع أسلحة لكل من روسيا وإيران، بينما قد تحصل في المقابل على تكنولوجيا نووية عالية القدرة، مثل تقنية النبض الكهرومغناطيسي النووي، وهي نوع من الهجمات ذات التأثير الكبير، إضافة إلى تطوير صواريخ عالية الدقة.
ومن جانبها -حسب المجلة-، تقدم إيران النفط، والعملة الصعبة لدعم النظام الكوري الشمالي، كمساعدة للالتفاف على العقوبات الأجنبية.
وخامسًا، تقوم كوريا الشمالية بهذه التحركات بإيعاز من الصين، حتى تظل الولايات المتحدة وحلفاؤها في حالة انشغال وانهماك بما يقع في شمال غربي آسيا.
وتوضح المجلة أنه ما دامت كوريا الشمالية تصدر هذه التهديدات النووية، فإن الولايات المتحدة تظل غير قادرة على تسخير كل الانتباه والمقدرات لأجل حماية تايوان من أي تدخل عسكري صيني محتمل.
سؤال مفتوح
وحول السؤال المفتوح دائمًا (ماذا سيفعل كيم فعلاً بأسلحته النووية؟)، أوضحت ناشيونال إنترست، أن بيونغ يانغ قد تتطلع إلى تطوير أسلحتها النووية بما يستطيع بلوغ جزيرة غوام الأمريكية غربي المحيط الهادئ على بُعد آلاف الكيلومترات.
وأضافت: "قد يكون على طاولة المقترحات أيضًا هجوم بالقذائف الكهرومغناطيسية يمكن أن يشل حركة الولايات المتحدة أو اليابان أو كوريا الجنوبية".
وحسب المجلة، قد تتضمن التجربة النووية الكورية الشمالية أيضًا صاروخًا نوويًا صغيرًا نسبيًا، في مسعى لتأكيد قدرتها على إطلاق صواريخ باليستية من البحر، وهذا الأمر يصب في إطالة عمر النظام الحاكم في كوريا الشمالية.
أما فيما يخص السؤال المهم: (لماذا لا تعمل الصين على إنهاء البرنامج النووي في كوريا الشمالية؟)، أوضحت المجلة الأمريكية، أن توماس ريد، السكرتير السابق للقوات الجوية الأمريكية ونائب مستشار الأمن القومي، يشرح في كتابه الصادر عام 2010، "اكسبرس النووي"، كيف ساعدت بكين صراحةً نظام كيم جونغ أون في تطوير تكنولوجيا الأسلحة النووية، ونشرها جزئيًا من خلال شبكة عبدالقدير خان النووية الباكستانية.
وأشارت إلى أن ذلك جاء نتيجة لقرار اتخذه الأمين العام الصيني ورئيس الحزب الشيوعي دنغ شياو بينغ في عام 1982 بأن تكون بلاده موردًا لتكنولوجيا الأسلحة النووية لدول مارقة مثل باكستان وكوريا الشمالية وإيران والعراق وليبيا.
فعلى عكس التزاماتها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لعام 1969، نشرت الصين تكنولوجيا الأسلحة النووية إلى حلفائها لإحداث مشاكل للولايات المتحدة والغرب.
وترى المجلة الأمريكية، أنه "ليس من قبيل المصادفة أن كلًا من هذه الدول كانت بؤرة اشتعال عالمية متكررة على مدى العقود الأربعة الماضية".
الرد الإقليمي
وحول الرد الإقليمي على التطور النووي الكوري الشمالي، بيّنت ناشيونال إنترست، أن العديد من استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن ما لا يقل عن 70 في المائة من الشعب الكوري الجنوبي يريدون أن تصنع بلادهم أسلحة نووية خاصة بها، مشيرة إلى أن اليابان بدأت بالفعل بعض المناقشات حول الأمر، وعلى الأخص من قِبل رئيس الوزراء السابق، شينزو آبي، الذي اغتيل مؤخرًا.
من ناحية أخرى، فإنه رغم أن الولايات المتحدة تعارض امتلاك حلفائها في كوريا الجنوبية واليابان أسلحة نووية، إلا أنها تعمل أيضًا على تحديث رادعها النووي حتى يمتد إلى كلا البلدين، كحماية وردع من أي هجوم كوري شمالي محتمل.
ومن ثم طُرحت مؤخرًا قضية أكثر خطورة، وهي هل يثق حلفاء أمريكا -كوريا الجنوبية واليابان- في أن الولايات المتحدة من الممكن أن تخاطر فعليًا بتدمير مدينة أمريكية بالكامل لإنقاذ مدينة كورية أو يابانية، في إشارة إلى مدى اهتمام واشنطن بالدفاع عن البلدين الحليفين أمام أي هجوم كوري شمالي محتمل.
وأشارت المجلة إلى أن هذه القضية مطروحة بالفعل على الطاولة داخل البلدين الحليفين للولايات المتحدة، حيث تُجرى المزيد من المناقشات حول إضافة دفاعات صاروخية قوية إلى مزيج قوى الردع، وخاصة نظام الدفاع الجوي عالي الارتفاع (ثاد) لكوريا.
لسوء الحظ -حسب المجلة الأمريكية- رفعت الحكومة الكورية الجنوبية السابقة شعار "لا" - لا دفاعات صاروخية مثل ثاد، ولا تكامل مثل هذه الدفاعات مع الولايات المتحدة، ولا تعاون في مجال الدفاع الصاروخي مع اليابان -.
ولكن، رغم التخلي عن هذا الموقف مؤخرًا، إلا أنه للوصول إلى نشر دفاعات صاروخية كبيرة سيتطلب المزيد من الجهد.
ووصفت المجلة الصين بأنها تمثل "مركز اللغز النووي لشرق آسيا"، مشيرة إلى أن بكين تعتقد أن بإمكانها إرهاق الولايات المتحدة والتخلص من القوات الأمريكية من غرب المحيط الهادئ بدءًا من شبه الجزيرة الكورية.
وأوضحت، أنه "بدون الوجود الأمريكي، سيصبح غرب المحيط الهادئ وشبه القارة الهندية بحيرة صينية، مما يوقع 5 مليارات شخص و60 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي تحت سيطرة بكين"، مشددة: "هذا ليس من المصلحة الوطنية للولايات المتحدة".