لماذا يخشى البعض استحواذ ماسك على تويتر؟

آراء ماسك الخاصة بحدود التسامح الليبرالي لم تنضج، فإنه يبدو أنه يعتقد أن تويتر لا يحقق توازناً صحيحاً، لأنه يقمع الخطاب السياسي بدلاً من السماح بوجود ساحة شاملة للنقاش

لماذا يخشى البعض استحواذ ماسك على تويتر؟
إيلون ماسك

ترجمات-السياق

قال الكاتب الأمريكي جايسون ويليك، إن المطلعين في وادي السيليكون يشعرون بالرعب من استحواذ مؤسس شركة تسلا للسيارات الكهربائية، الملياردير إيلون ماسك، على "تويتر"، وإمكانية تخفيفه لضوابط منصة التواصل الاجتماعي الخاصة بالخطاب السياسي، التي رأى أنها كانت سبب حظر حساب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وتعليق حساب صحيفة نيويورك بوست.

وأضاف الكاتب، في مقال لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن عملية شراء "تويتر" هذه كشفت بعض الآراء المعارضة لماسك، التي رأى أن أغلبيتها تبدو خادعة وتخدم أغراضاً ذاتية.

واستعرض الكاتب، في المقال، بعض هذه الآراء المناهضة المنتشرة عن رجل الأعمال، التي جاءت كالتالي:

سيحول ماسك "تويتر" إلى بؤرة للإساءات والتهديدات العنيفة لأنه مؤيد لحرية التعبير المطلقة.

ورأى الكاتب أن سبب وصف البعض لماسك، بأنه مؤيد لحرية التعبير المطلقة، تغريدة كتبها على حسابه في "تويتر"، 5 مارس الماضي، قال فيها إن شركته "سبيس إكس" سترفض منع مصادر الأخبار الروسية من البث عبر أقمارها الصناعية، مشيرًا إلى أن هذه التغريدة لا تحمل ما يشير إلى أنه قد يسمح للتهديدات وعمليات الاحتيال والروبوتات بالسيطرة على المنصة، كما أنه قال، في مقابلة مع TED، الأسبوع الماضي: "لا أقول إن لديّ كل الإجابات عن كيفية تنظيم الكلام عبر الإنترنت، لكنني أعتقد أن وقف الحساب بشكل مؤقت لكسر القواعد، أفضل من الحظر الدائم".

وتابع: "رغم أن آراء ماسك الخاصة بحدود التسامح الليبرالي لم تنضج، فإنه يبدو أنه يعتقد أن تويتر لا يحقق توازناً صحيحاً، لأنه يقمع الخطاب السياسي بدلاً من السماح بوجود ساحة شاملة للنقاش، إلا أن هذا أيضاً لا يبدو كموقف جامح، فقد اعترف المؤسس المشارك، الرئيس التنفيذي لـ (تويتر) عام 2021، جاك دورسي، بأن الاتجاهات المتعلقة بتخفيف المحتوى السياسي قد أدت لتدمير الغرض النبيل والمُثل العليا للإنترنت المفتوح".

-سيؤدي سعي ماسك للسماح بمزيد من الخطاب السياسي على المنصة لتقويض أرباح "تويتر"

وأشار الكاتب إلى أنه كثيرًا ما جادل الخبير الاقتصادي في السوق الحرة، ميلتون فريدمان، بأن الغرض من الشركات ليس دعم القضايا الاجتماعية، لكن تعظيم أرباح أصحابها، ورغم أن هذه الفكرة عفا عليها الزمن في بعض الدوائر السياسية، فإن ماسك يتمسك بقضية اجتماعية (تعبير أكثر حرية على الإنترنت) تبدو مروعة بشكل كافٍ لإعطاء نخب رجال الأعمال والسياسة وجهة نظر فريدمان المحدودة، عن الغرض من الشركات، نظرة ثانية.

ورأى الكاتب أن الادعاء بأن السماح بالمزيد من الخطاب السياسي سيضر بالأرباح، انعكاس مناسب للمعسكر المؤيد للتحكم في التعبير عن الرأي، لافتاً إلى اتهام حملة مقاطعة منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، التي سُميت "أوقفوا الكراهية من أجل الربح"، للمؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرج، عام 2020، بالسماح بالخطاب السياسي الضار لأنه يؤدي للربح من خلال الإعلانات، والآن بات الادعاء هو أنه إذا قام "تويتر" بتحرير قواعد التعبير عن الرأي الخاصة به للسماح بخطاب أكثر إثارة للجدل فقد تقل أرباحه.

ماسك ساخر ويكتب منشورات ساخرة

وأضاف الكاتب: "الوعود الكبيرة والمُبالغ فيها التي أطلقها ماسك، تثير تساؤلات عما إذا كان سينفذ رؤيته في (تويتر) فعلاً بعدما بات المسيطر على المنصة، كما أن التشابكات المالية الحالية والسابقة لأعماله مع واشنطن والحكومات الأخرى، قد تؤدي إلى تعقيد استقلال المنصة".

ووفقاً للكاتب، فإنه حتى لو كان رجل الأعمال، البالغ من العمر 50 عاماً، يتمتع بسلوكيات أفضل، فإن معارضة شرائه "تويتر" كانت ستكون بالقدر نفسه من الضراوة، لافتاً إلى أن زوكربيرج كان قد دافع بشدة عن المطالب التقدمية بمزيد من الرقابة السياسية على "فيسبوك" في خطاب في جامعة جورج تاون عام 2019، لكنه حينها تعرض للهجوم بلا هوادة، ما دفعه للتراجع عن كلامه، مشيراً إلى أن المشكلة لا تكمن في شخصية ماسك الساخرة، ولكن في أنه اختار أن يخوض معركة مع المعسكر الراغب في تخفيف المحتوى في وادي السيليكون.

-تحكم أحد الرجال الأثرياء في مؤسسة مثل "تويتر" لا يتماشى مع الديمقراطية

ورأى الكاتب أنه هذا الرأي قد يكون صحيحاً، لكنه نقل عن الزميل في معهد "هدسون"، مارشال كوسلوف، قوله إن هناك تقليد قديم في أمريكا وفي جميع أنحاء العالم، يتمثل في شراء رجال الأعمال لوسائل الإعلام (بما في ذلك واشنطن بوست) وذلك جزئياً لدعم المهام العامة لهذه المنصات، وهو أمر يتماشى مع القيم الديمقراطية طالما أن ملكية وسائل الإعلام لا تتركز تحت سيطرة فرد واحد أو فصيل بعينه.

وتابع: "لا تهدف الصيغة الديمقراطية الخاصة بتقييد سلطة الإعلام، إلى تدمير هذه السلطة، لكنها تهدف إلى ضبطها من خلال بيئة تنافسية، لذا فإننا لسنا مضطرين إلى تنفيذ رغبة التقدميين المتمثلة في إلغاء وجود المليارديرات لتسوية ساحة اللعب للديمقراطية، إذا كانت المؤسسات المملوكة لهؤلاء المليارديرات تحقق توازناً بين بعضها".

وأوضح الكاتب أنه عندما يتعلق الأمر بأكبر الشركات الأمريكية، التي لديها أكبر تدفق للمعلومات عبر الإنترنت، من غير الواضح أنه سيجرى اتباع هذه الصيغة الخاصة بالتنافسية، إذ اكتسب عمالقة التكنولوجيا بعض الميزات الخاصة بالحكومات، لأنها تنظم المنافسات السياسية، وتملك حسابات لمجموعة كبيرة من صانعي السياسات، كما تحيط بها جماعات الضغط غير الربحية.

ونهاية المقال، قال الكاتب إنه لا يوجد خطر من أن تحل فلسفة ماسك، الخاصة بعدم التدخل في آراء مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، محل فلسفة التقدميين التي تفرض سيطرتها على معظم أنحاء وادي السيليكون، مضيفاً أن الخطر يكمن في أنه قد ينجح في إدخال قدر من المنافسة في هذا النظام المغلق بشكل متزايد، حيث يبدو أن الحجج المُثارة ضده، معنية -في المقام الأول- بإبقاء هذا النظام مغلقاً إلى الأبد.