قادة ليبيا في القاهرة لحل أزمة الحكومتين.. هل تنجح مصر؟

قالت مصادر للسياق إن القاهرة تبذل جهودًا مضنية لمنع أي اشتباكات مسلحة في العاصمة طرابلس، خوفًا من تدهور الأوضاع في البلد الذي يعد بوابة أمنها القومي، مشيرة إلى أن مصر لن تسمح بأية حالة احتراب لحل أزمة الانسداد السياسي.

قادة ليبيا في القاهرة لحل أزمة الحكومتين.. هل تنجح مصر؟

السياق

انسداد سياسي تعيشه ليبيا خلال الفترة الحالية، بسبب «تعنت» رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة لخلفه فتحي باشاغا، ما أدخل البلد الإفريقي، في أزمة توشك أن تتحول إلى حالة من «الاحتراب» الداخلي.

تلك الأزمة، التي كانت ستسفر قبل أيام، عن اشتباكات مسلحة بين قوات رئيس الحكومة السابقة والحالية، انتزع فتيلها في اللحظات الأخيرة، بعد تدخل وسطاء محليين وإقليميين ودوليين، إلا أنه مع استمرار التحشيدات المسلحة، باتت العاصمة طرابلس على شفا حفرة من نفق مظلم.

ذلك الانسداد وتلك الأزمة، دفعا أطرافًا إقليمية -بينها مصر- للتدخل لحلحلة الأزمة، لتكشف مصادر ليبية عن اجتماع تستضيفه القاهرة اليوم الثلاثاء يضم قادة ليبيا.

ضمانات مصرية

وقالت مصادر في تصريحات لـ«السياق»، إن العاصمة المصرية تستضيف اجتماعًا يضم رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لبحث حلحلة أزمة «تعنت» الدبيبة في تسليم السلطة.

وأوضحت المصادر، أن القاهرة ستقدم مبادرة جديدة للقادة الفاعلين على الأرض، تهدف لدعم حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا لتمكينها من تسلُّم السلطة، بلا اقتتال، بعد أن حصلت على ضمانات من بعض القوى، بعدم اللجوء للعنف لحل أزمة الحكومتين.

مصادر «السياق» شددت على أن القاهرة تبذل جهودًا «مضنية» لمنع أي اشتباكات مسلحة في العاصمة طرابلس، خوفًا من تدهور الأوضاع في البلد الذي يعد بوابة أمنها القومي، مشيرة إلى أن مصر لن تسمح بأية حالة «احتراب» لحل أزمة الانسداد السياسي.

جهود مصرية يبذلها قادة القاهرة خلال استضافة نظرائهم الليبيين، لضمان توحيد الجبهة الداخلية، ومنع أي تدخلات خارجية في الأزمة، بحسب مصادر «السياق»، التي أكدت أن هناك حلحلة وشيكة للأزمة، ستثمر نتائجها خلال الأيام المقبلة.

 

مشاورات تونس

تأتي الجهود المصرية، بعد أيام من فشل المشاورات التي استضافتها العاصمة التونسية برعاية الأمم المتحدة، إثر مقاطعتها من مجلس النواب الليبي، الذي عدَّها مسارًا موازيًا، للإعلان الدستوري الثاني عشر الذي سبق أن أصدره في فبراير الماضي.

كما تأتي بعد يوم من زيارة هي الأولى من نوعها للسفيرة البريطانية في ليبيا كارولين هورندل، إلى شرقي ليبيا، التقت فيها قادة ليبيين، أبرزهم القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.

ذلك اللقاء البريطاني الليبي، دعت خلاله الدبلوماسية البريطانية كارولين، جميع الأطراف في ليبيا إلى التواصل مع المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز، لتجنُّب عودة الحرب.

إلا أن الأطراف الليبية رافضة -حتى اللحظة- التفاعل مع المبادرة الأممية التي يعدونها تدخلًا في الشأن الليبي، ومحاولة لتجاوز المسار الذي رسمه البرلمان، لإجراء الانتخابات الليبية، بينما كشفت مصادر ليبية عن شروط برلمانية للتفاعل معها، أبرزها دعم حكومة باشاغا لتسلُّم السلطة من «براثن» الدبيبة.

 

اجتماع تركيا

تطورات محلية وإقليمية، تتناغم مع زيارة لمستشاري فتحي باشاغا إلى تركيا، كشفها لأول مرة مساء الاثنين، يهدف من خلالها الأخير إلى نزع الدعم الضمني الذي تقدمه أنقرة للدبيبة، الذي يحاول عبره «الاستقواء» والتأخر في تسليم السلطة لخلفه.

وبحسب مصادر ليبية، فإن اللقاء التركي الذي عُقد من 22 إلى 24 مارس الجاري، حاول من خلاله مستشارو باشاغا بناء اصطفاف حول حكومة الاستقرار بليبيا.

وضم وفد مستشاري باشاغا الثلاثة الرجل الثاني في المجلس الرئاسي الليبي السابق أحمد معيتيق، والرئيس السابق لهيئة الحوار الوطني والرئيس السابق للمجلس الوطني للتنمية الاقتصادية فاضل لامين، إضافة إلى محمد أحمد فرحات وهو دبلوماسي وزير دولة مسؤول عن شؤون الحكومة التي شكلها باشاغا.

وبحسب مصادر ليبية، فإن اللقاء يبدو أنه آتى أكله، خاصة أن رئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاغا، خرج قبل يومين بتصريحات أكد فيها أنه سيدخل وحكومته العاصمة طرابلس سلمًا لا حربًا، رغم عدم وجود مؤشرات على ذلك.

 

إزاحة الدبيبة

وأكدت المصادر أن باشاغا ضمن دعمًا دوليًا ومحليًا، لإزاحة الدبيبة من منصبه، بعد لقاء مستشاريه في العاصمة أنقرة، قبل أيام مستشارين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بينهم رئيس المخابرات هاكان فيدان، الذي يتابع الملف الليبي منذ سنوات.

إلى ذلك، قال المحلل السياسي الإيطالي دانييلي روفينيتي، في تحليل بموقع «ديكود 39» الإيطالي، إن زيارة مستشاري باشاغا، تكتسب أهمية، كونها تهدف إلى محاولة تجاوز "الجمود السياسي" للوضع الحالي في ليبيا.

وأكد المحلل الإيطالي، أن الدبيبة الذي يريد البقاء في المنصب لاستكمال فترته، يستند إلى دعم بعض الميليشيات الليبية المستعدة لحمايته بالسلاح، ضد رئيس الحكومة الحالية فتحي باشاغا، مشيرًا إلى أن الدبيبة يحتمي -كذلك- ببعض العلاقات الدولية التي نجح ببنائها في تجربته كرئيس سابق للحكومة.

إلا أن الوضع الحالي عدَّه الخبير الإيطالي «مقلقًا»، لأن بعض ميليشيات طرابلس أظهرت الاستعداد للدفاع عن الدبيبة، بينما أظهرت أخرى دعمها لباشاغا.

وبينما أكد المحلل الإيطالي، أن باشاغا يهدف إلى تجنُّب الاشتباكات، إلا أنه حذر من إمكانية «الانزلاق» بسهولة نحو الانجراف غير المسيطر عليه، مشيرًا إلى أن تحرك تركيا إلى صفوف رئيس حكومة الاستقرار، سيكون دافعًا قويًا للرجل القوي في ليبيا.