بعد رسالة بايدن العاجلة لمواطنيه في أوكرانيا.. هل دقت ساعة الصفر؟
نتعامل مع أحد أكبر الجيوش في العالم..إنه وضع مختلف للغاية، والأمور يمكن أن تصبح جنونية بسرعة

السياق
ساعة الصفر أوشكت، بينما التحركات مستمرة على قدم وساق، لإنهاء فتيل الأزمة الأوكرانية، قبل تفاقمها وتسببها باندلاع حرب بين أكبر قوتين عسكريتين.
فالحرب التي لن تضع أوزارها -حال اندلاعها- إلا بعد أن تقضي على الأخضر واليابس، ستعيد رسم السياسات والقوى في العالم، وقد تجر قوى عالمية إلى أتون «لعبة خطرة».
تلك اللعبة الخطرة، التي تحدث عنها وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، يبدو أن واشنطن حزمت أمتعتها لخوضها، وهو ما بدا واضحًا من التحذير العاجل، الذي أطلقه الرئيس الأمريكي جو بايدن لمواطنيه في أوكرانيا، قائلًا: «على الأمريكيين المغادرة الآن».
وقال بايدن، في مقابلة مع شبكة إن بي سي: نتعامل مع أحد أكبر الجيوش في العالم(..) إنه وضع مختلف للغاية، والأمور يمكن أن تصبح جنونية بسرعة»، مشيرًا إلى أن الأوضاع في أوكرانيا قد تتفاقم بسرعة، ولن نرسل قوات لإنقاذ الأمريكيين الهاربين من داخل البلاد.
تحذيرات عاجلة
تصريح للرئيس الأمريكي، بدا متوافقًا مع تحذير لوزارة خارجيته، التي طالبت فيه الخميس رعاياها بمغادرة أوكرانيا على الفور.
كما يتوافق مع تصريح لوزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، اليوم الجمعة، أكد فيه أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ في أي وقت، مشيرًا إلى أنه قد يشمل تحركات قد تبدأ خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العاصمة الصينية بكين.
وأوضح بلينكن، في تصريحات على هامش مؤتمر صحفي من ملبورن مع نظرائه الأسترالي والهندي والياباني: «نحن في نافذة يمكن أن يبدأ فيها الغزو في أي وقت، وذلك يشمل أثناء الأولمبياد».
وعن طلب الخارجية الأمريكية، لرعايا بالمغادرة الفورية، قال بلينكن، في تصريح لشبكة سي إن إن: «ببساطة، ما زلنا نرى علامات مقلقة للغاية على التصعيد الروسي، بما في ذلك وصول قوات جديدة إلى الحدود الأوكرانية»، مشيرًا إلى أن تعليمات الوزارة كانت «واضحة للغاية في أن أي أمريكي يبقى في أوكرانيا يجب أن يغادر الآن».
عمل تصعيدي
وحشدت روسيا أكثر من 100 ألف جندي روسي، على طول الحدود الأوكرانية، في أعداد قالت عنها واشنطن، إنها مستمرة في الارتفاع، استعدادًا لغزو محتمل تعده الولايات المتحدة وشيكـًا.
يأتي ذلك، بينما اعتبر البيت الأبيض، التدريبات العسكرية الروسية واسعة النطاق في بيلاروسيا، عملًا تصعيديًا في الأزمة الأوكرانية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن واشنطن تنظر إلى هذه التدريبات العسكرية على أنها إجراء تصعيدي وليس تخفيفًا للتصعيد، مشيرة إلى أن مشروع القانون الذي أعده الحزبان الديمقراطي والجمهوري، بشأن العقوبات على روسيا، سيرسل رسالة قوية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وردا على أي عدوان عسكري لروسيا ضد أوكرانيا، قالت نائبة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، في تصريحات صحفية، إن واشنطن مستعدة -إلى جانب حلفائها وشركائها- لفرض تكاليف باهظة وسريعة على موسكو، حال إقدامها على مثل تلك الخطوة.
وفي هذا الإطار، أعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، أن كييف تخطط لإجراء تدريبات خاصة، تستخدم خلالها صواريخ مضادة للمدفعية زودها بها الغرب وطائرات قتالية مسيرة تركية.
إلا أن موسكو، واصلت تعزيز قواتها قرب أوكرانيا، كاشفة أن 6 سفن حربية في طريقها من البحر المتوسط إلى البحر الأسود، للمشاركة في مناورات بحرية دولية مقررة.
تعهدات روسية
وفي محاولة لطمأنة أمريكا، تعهد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيكسوف، بسحب قوات الروسية المنتشرة في بيلاروسيا، في إطار مناورات عسكرية تنتهي في فبراير الجاري، مشيرًا إلى أن أحدا لم يقل إن القوات الروسية ستبقى في بيلاروسيا.
وبينما يتهم الغرب روسيا بحشد آلاف الجنود على حدود أوكرانيا تمهيدًا لغزو محتمل، تنفي موسكو أي مخطط لشن هجوم، إلا أنها ربطت وقف التصعيد، بإنهاء سياسة توسيع حلف الأطلسي، وسحب قدرات الحلف العسكرية من أوروبا الشرقية.
وقال لورانس كورب، كبير الباحثين في معهد أمريكان بروجريسف، وستيف سيمبالا صاحب العديد من الكتب في مجال الأمن القومي يريان: إذا قررت روسيا غزو أوكرانيا بدلًا من شن عملية محدودة ضد إقليم دونباس المتنازع عليه، فإن آمالها، في تحقيق انتصار سريع وحاسم بتكلفة مقبولة، ستخيب.
وأشار المحللان، في مقال بموقع ناشيونال إنترستس الأمريكي، إلى أن إصرار الناتو على التظاهر بأن باب عضوية الحلف يجب أن يظل مفتوحًا أمام أوكرانيا، وإصرار روسيا على ضرورة إعلان الحلف بشكل مسبق، إغلاق الباب أمام أوكرانيا، يتجاهل الحقائق العسكرية والاستراتيجية.
وأوضحا أن "الناتو" غير مستعد، ولا يميل للدفاع عن أوكرانيا بالقوة المسلحة، ولم يدع كييف للانضمام إليه حتى الآن، بينما تقدم الحشود العسكرية الروسية الضخمة على حدود أوكرانيا محفزًا جديدًا للوحدة السياسية لدول حلف الناتو وزيادة جاهزيته العسكرية، وتعزيز الرغبة في دراسة طلب أوكرانيا الانضمام إلى الحلف.
عزلة موسكو
«أي حرب كبيرة في أوكرانيا ستزيد عزلة روسيا سياسيًا وتعرِّضها لخسائر عسكرية فادحة، في ظل معاناة القوات المسلحة الروسية من انتشارها الواسع، لمواجهة التهديدات في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى وسوريا وعلى الحدود الصينية»، بحسب المحللين السياسيين، مشيرين إلى أن أي خطوة من روسيا، ستكون مغامرة من بوتين بإثارة احتجاجات داخلية، إذا كانت الخسائر البشرية في صفوف القوات الروسية المحاربة في أوكرانيا كبيرة، أو إذا اتضح الفشل العملياتي والتكتيكي للقوات الروسية، في مراحل مبكرة من الصراع.
وأكدا أن الحرب ساحة غير متوقعة، فيمكن النظر إلى القتال من خلال قانون ميرفي وتذكيرات كارل فون كلاوسفيتس، بأن الاحتكاك يحدث بمجرد بدء إطلاق النار، ليتضح الفرق بين الحرب على الورق وحقيقة العمل العسكري.