نيويورك تايمز: بوتين يخسر في أوكرانيا لكنه يفوز بروسيا

استطلاعات الرأي الأخيرة، أظهرت أن بوتين يعمل على تعزيز الدعم من الجمهور الروسي، وحشد أمة تشعر بنفسها -كما يصورها- محاطة ومحاصرة ظُلمًا.

نيويورك تايمز: بوتين يخسر في أوكرانيا لكنه يفوز بروسيا
فلاديمير بوتين

ترجمات - السياق

رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يكون خسر حربه في أوكرانيا، إلا أنه لم يخسر معركته في روسيا، مشيرة إلى أنه تخلى عن أهدافه القصوى بأوكرانيا في الوقت الحالي، إذ تراجعت قواته حول كييف، وتنصل من أحلامه الامبراطورية، وتضاءلت أهدافه من الحرب، بعد أن وجهت ما سمتها -الشجاعة الأوكرانية والدعم الغربي- ضربة مدمرة لطموحاته.

لكن في المقابل فإن بوتين لم يخسر معركته في روسيا، بحسب الكاتب روس داوذات.

وقال داوذات في تحليل بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن رد الفعل الغربي على طموحات بوتين التي وصفها بـالمتطرفة، كان طلب تغيير النظام في الكرملين، وإفشال حربه في أوكرانيا، وإسقاطه وإقامة حكومة أكثر عقلانية، مشيرًا إلى أن ذلك لم يكن هدفًا غربيًا منذ البداية، وإنما أمل سقط من شفاه الرئيس الأمريكي جو بايدن في لحظات حماسية.

ووصف الكاتب تطلع الغرب إلى تغيير النظام في روسيا، بأنه "كان أملًا ضعيفًا، وقد أصبح الآن أضعف مما كان"، مشيرا إلى أنه رغم المستنقع العسكري في أوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، فإن شعبية بوتين تزيد في الداخل الروسي بشكل غير مسبوق.

 

دعم داخلي

وذكر الكاتب أن استطلاعات الرأي الأخيرة، أظهرت أن بوتين يعمل على تعزيز الدعم من الجمهور الروسي، وحشد أمة تشعر بنفسها -كما يصورها- محاطة ومحاصرة ظُلمًا.

وأوضح أن معدلات التأييد لبوتين تبدو -وفقا لاستطلاعات الرأي المستقلة الرئيسية في روسيا- مثل معدلات التأييد لجورج دبليو بوش، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

ونقل الكاتب عن أناتول ليفين -الأستاذ بجامعة جورج تاون، عضو في مؤسسة أمريكا الجديدة بواشنطن العاصمة، مؤلف كتب عدة عن روسيا- استبعاده أن تنفصل دائرة بوتين المقربة عنه لأسباب عدة، منها أن أعضاءها في الغالب من الخلفية نفسها، ويشتركون في الافتراضات الجيوسياسية ذاتها، وهم أكثر احتمالًا بكثير للقتال بلا رحمة فترة طويلة، مقارنة بالانقلاب على زعيمهم فجأة.

بينما رأت الصحفية الروسية فريدة روستاموفا -التي غادرت روسيا بسبب الغزو- أن الحرب، حتى الآن، ولدت تضامنًا معاديًا للغرب، وحققت حلم بوتين بالاندماج مع النخبة الروسية.

وتعليقًا على هذه التصورات، أوضح الكاتب أن العقوبات المفروضة من الخارج، والحرب الاقتصادية، غالبًا ما تؤدي إلى تعزيز القوة الداخلية للنظام المستهدف على المدى القريب، لأنه سيقدم كبش فداءً خارجيًا، عدوًا واضحًا يجب إلقاء اللوم عليه في أي انهيار اقتصادي محتمل بدلًا من قادة النظام، إلا أن ذلك على المدى البعيد، يؤدي إلى زيادة القمع في هذه الدول، ومنع أي محاولة لإضفاء الطابع الديمقراطي.

 

النمط البديل

وعن إمكانية ظهور نمط بديل للنظام الحالي في روسيا -حال هزيمة بوتين في أوكرانيا- ضرب الكاتب أمثلة بعدد من الدول التي استخدمت الولايات المتحدة العقوبات ضدها فترات طويلة من الزمن، من كوبا إلى كوريا الشمالية ومن إيران إلى فنزويلا، ناهيك عن العراق قبل الغزو الأمريكي عام 2003، مشيرًا إلى أن النمط الذي يمكن التنبؤ به هو (استمرار معاناة الناس، مع استمرار النظام)، وهو ما ينطبق على روسيا حاليًا رغم عزلتها عالميًا.

وقال إنه حتى لو تلاشى الاندفاع نحو بوتين مع تزايد الآلام الاقتصادية، فلن تكون القوى الجديدة -التي تتمكن من الحكم بسبب المعاناة الروسية- قوى ليبرالية، مشيرًا إلى أن أي تغيير في القيادة الروسية، من المرجح أن يكون مشابهًا لخلافة نيكولاس مادورو لـهوغو شافيز في فنزويلا، أكثر من شبهه لثورات عام 1989، التي غيَّرت النظام السوفييتي.

وذكر أنه في الحالة الروسية، من الواضح أن أفكار بوتين ونمطه السياسي سيستمران فترة ليست قصيرة هناك.

وأوضح أن هذا الافتراض -استمرار بوتين أو أفكاره في الحكم- له تأثيران، الأول للحرب نفسها، إذ إنه على المدى القريب، لن تستعيد أوكرانيا أراضيها إلا من خلال المعركة فقط، وليس من خلال تصور نظام جديد قد يكون أكثر وديًا على طاولة المفاوضات، والثاني أن على الولايات المتحدة ألا تُصعد عسكريًا ضد موسكو، وإنما عليها فقط الاكتفاء بتقديم الدعم للجيش الأوكراني، مع استمرار سياسة العقوبات.

ودعا الكاتب، الغرب، لاستمرار تفعيل سياسة العقوبات ضد موسكو، مشيرًا إلى أن روسيا ستظل عدوًا للغرب على مدى الأجيال القادمة، وتشكل تهديدًا واضحًا للمصالح الأمريكية والأوروبية، وذلك بافتراض استمرار (أفكار بوتين) داخل الأنظمة المقبلة، ولذلك لابد من العمل على إضعافها من الآن.

وأضاف مفسرًا وجهة نظره: العقوبات الاقتصادية الجماعية بحق الروس، التي لاشك ستزيد معاناة الشعب الروسي بمرور الوقت، قد تكون سببًا قويًا لثورة.