حل الحكومة والبرلمان... كيف نجا عمران خان من محاولة إطاحته؟

تنص المادة 6 من الدستور على أن أي محاولات لتعليق الدستور أو إلغائه باستخدام القوة أو إظهار القوة أو بأي وسيلة أخرى غير دستورية تكون مذنبة بالخيانة العظمى.

حل الحكومة والبرلمان... كيف نجا عمران خان من محاولة إطاحته؟
عمران خان

السياق

يبدو أن الرياح جرت في المعركة السياسية الأخيرة بباكستان، ضد أنصار المعارضة، إذ نجا رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، من محاولة إطاحته من منصبه، بعد أن أوقف نائب رئيس البرلمان تصويتًا على سحب الثقة منه، بينما أعلن خان حل الحكومة.

وأكد نائب رئيس البرلمان قاسم سوري، الموالي لرئيس الوزراء، مطلع جلسة البرلمان، التي كان من المقرر أن تناقش تحرك المعارضة لحجب الثقة عن خان، بعد أن فقد أغلبيته البرلمانية، أن "مذكرة حجب الثقة هذه مخالفة للدستور، أرفض هذه المذكرة بموجب الدستور".

وبعد دقائق من قرار البرلمان، طالب عمران خان، الذي يواجه أصعب تحد في مسيرته السياسية، رئيس البلاد بحل البرلمان، ودعا الأمة إلى الاستعداد لانتخابات جديدة، وسرعان ما أعلن الرئيس موافقته على حل البرلمان تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة.

وقال وزير الإعلام الباكستاني، إن عمران خان سيواصل تأدية مهامه بعد قرار حل الحكومة، مؤكداً إجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال 90 يومًا.

كان خان قد خسر اقتراح حجب الثقة، مع حصول المعارضة على عدد كافٍ من الأصوات، لكن في تأجيل دراماتيكي للزعيم المحاصر، أوقف نائب رئيس البرلمان التصويت باعتباره "غير دستوري"، مستشهداً بالمادتين 5 و 6 من البرلمان الباكستاني.

تعليق الدستور

وتنص المادة 6 على أن "أي محاولات لتعليق الدستور أو إلغائه باستخدام القوة أو إظهار القوة أو بأي وسيلة أخرى غير دستورية تكون مذنبة بالخيانة العظمى".

وفقًا للمادة 58، "يحل الرئيس مجلس الأمة إذا نصح بذلك رئيس الوزراء، ويظل البرلمان قائمًا، ما لم يحل على وجه الاستعجال".

وقال رئيس الوزراء الباكستاني إن "مليارات الروبيات" التي أنفقت على "شراء" أصوات النواب سوف تضيع، ونصح أولئك الذين أخذوا الأموال بالتبرع بها لدور الأيتام والفقراء.

وأضاف: "استعدوا للانتخابات. لن تقرر أي قوى فاسدة مستقبل البلاد. وعندما يحل البرلمان ستبدأ إجراءات الانتخابات المقبلة، وتبدأ الحكومة تصريف الأعمال".

 

قضية خيانة

بدوره، خرج زعيم المعارضة الباكستانية، شهباز شريف غاضبًا من مبنى البرلمان، الذي رفض التصويت على حجب الثقة عن رئيس الحكومة عمران خان.

 وهدد زعيم المعارضة الغاضب، بتسجيل قضية خيانة ضد رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب بموجب المادة 6 من الدستور الباكستاني، بعد أن فاجأه قرار السلطة التشريعية غير المتوقع.

 

الجيش يعلق

إلى ذلك، قال الجيش الباكستاني، إنه ليس منخرطاً في السياسة، وذلك بعد أن سادت حالة من عدم اليقين في البلاد عندما نجا رئيس الوزراء عمران خان من محاولة للإطاحة به وسعى إلى انتخابات جديدة.

وقال الميجر جنرال بابار افتخار، رئيس قسم العلاقات العامة بالجيش الباكستاني، لوكالة "رويترز" رداً على سؤال بشأن مشاركة المؤسسة في تطورات اليوم: "الجيش لا علاقة له بالعملية السياسية".

ومنذ الاستقلال في 1947 عرفت باكستان أربعة انقلابات عسكرية ناجحة وعدداً مماثلاً من المحاولات الفاشلة. وحكم الجيش البلاد مدة ثلاثة عقود.

وفي هذا السياق، قال الجنرال الذي بات محللاً سياسياً طلعت مسعود: "الخيار الأفضل في هذا الوضع إجراء انتخابات جديدة لتمكين الحكومة الجديدة من التعامل مع المشاكل الاقتصادية والسياسية والخارجية التي تواجهها البلاد".

التظاهر في الشوارع

خسر حزب خان "حركة إنصاف"، أغلبيته البرلمانية الأسبوع الماضي، عندما أعلن حزب حليف له أن نوابه السبعة سيصوتون إلى جانب المعارضة.

وانشق أكثر من 12 نائبًا من حركة إنصاف، بينما تحاول قيادة الحزب منعهم من التصويت بإجراءات قضائية.

ودعا عمران خان أنصاره للنزول إلى الشوارع، قبيل تصويت البرلمان على حجب الثقة عنه، للاحتجاج السلمي على ما وصفها بـ"مؤامرة" دُبرت خارج باكستان لإطاحته، ملمحاً إلى إمكانية رفض نتيجة التصويت.

وقال في تصريح لوسائل الاعلام الرسمية: "أريدكم أن تحتجوا جميعًا من أجل باكستان حرة ومستقلة".

ووصف معارضيه بأنهم "لصوص وجبناء" وألمح إلى أنه لا يزال يملك ورقة في يده. ووعد قائلًا: "لدي خطة لغد. لا تقلقوا. سأثبت لهم أنني ساهزمهم أمام البرلمان".

 

اتهام أمريكا

كان خان قد اتهم الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الباكستانية، وذكرت وسائل إعلام محلية أن خان تلقى تقريرًا من سفير باكستان في واشنطن، سجل لقاءً مع موظف أمريكي رفيع المستوى، قال له إن علاقات البلدين ستكون أفضل في حال مغادرة رئيس الوزراء منصبه، لكن واشنطن نفت أن تكون قالت ذلك.

ويتهم خان (69 عامًا) الولايات المتحدة بمحاولة إطاحته، لأنه يرفض الاصطفاف مع مواقف واشنطن حيال روسيا والصين.

 

تهديد حركة طالبان

ويتهمه معارضوه بسوء الإدارة الاقتصادية، مع تضخم جامح وتراجع سعر صرف الروبية والدين الكاسح، وبارتكاب هفوات على صعيد السياسة الخارجية.

 ويواجه عمران خان -نجم رياضة الكريكت السابق- أخطر أزمة سياسة منذ انتخابه عام 2018.

وتواجه الحكومة أيضًا تهديدًا متعاظمًا من حركة طالبان الباكستانية، التي أعلنت الأربعاء أنها تريد شن "هجوم" على القوى الأمنية خلال شهر رمضان.

وهيمن حزبا المعارضة الرئيسان -حزب الشعب الباكستاني وحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية- على الحياة السياسية لعقود مع حدوث انقلابات عسكرية، إلا أن عمران خان شكل ائتلافًا بعدما وعد الناخبين باستئصال الفساد المستشري منذ عقود.

ويفيد بعض المحللين بأن عمران خان خسر أيضًا دعم الجيش الحاسم، مفتاح السلطة السياسية الباكستانية.

ومنذ الاستقلال عام 1947 عرفت باكستان أربعة انقلابات عسكرية ناجحة، وعددًا مماثلًا من المحاولات الفاشلة، وقد حكم الجيش البلاد ثلاثة عقود.

إذا أطيح عمران خان، من المرجح أن يقود الحكومة الجديدة شهباز شريف من "حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية"، وهو شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي أطيح عام 2017 بتهم فساد مزعوم وسجن قبل إطلاق سراحه بكفالة في أكتوبر 2019 لدواع طبية.

لكن الحكومة طلبت السبت من القضاء، إلغاء قرار الإفراج بكفالة عن شهباز شريف، الذي يستهدفه تحقيق بتهمة غسل أموال منذ عام 2020. وينتظر صدور قرار محكمة لاهور شرقي البلاد الاثنين.

كذلك لا يستبعد أن يتولى المنصب بيلاوال بوتو زرداري من "حزب الشعب الباكستاني"، وهو نجل رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو والرئيس السابق آصف زرداري.