لمواجهة خصمين... ما تكلفة تحديث أمريكا أسلحتها النووية؟

الولايات المتحدة تحدث رادعها النووي للمرة الثالثة فقط منذ عام 1960، بعد راحة استمرت أكثر من أربعة عقود، حيث باتت البلاد بصدد استبدال أنظمة أسلحة يتراوح عمرها بين أربعين وسبعين عاماً، بعد أن أصبح من غير الممكن تأجيل تحديثها

لمواجهة خصمين... ما تكلفة تحديث أمريكا أسلحتها النووية؟

ترجمات - السياق

قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية إنه على مدى السنوات الثلاث الماضية، أفاد مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي بأن حكومة الولايات المتحدة أنفقت ​​11.8 مليون دولار كل ثانية، و707 ملايين دولار كل ساعة، و16.9 مليار دولار كل يوم، و6.2 تريليون دولار في المتوسط كل عام.

وأضافت المجلة، في تقرير، أنه على سبيل المقارنة، عندما كان الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي في منصبه، في ذروة الحرب الباردة، كانت الحكومة الأمريكية تنفق 186 ألف دولار في الثانية، وهو ما يعادل زيادة بنسبة 6174% في الإنفاق الحكومي على مدى الستين سنة الماضية.

 

تحديث الأسلحة النووية

أشارت المجلة إلى أنه وفقاً للسيناتور جاك ريد، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، فإن الولايات المتحدة تحدِّث رادعها النووي للمرة الثالثة فقط منذ عام 1960، بعد راحة استمرت أكثر من أربعة عقود، حيث باتت البلاد بصدد استبدال أنظمة أسلحة يتراوح عمرها بين أربعين وسبعين عاماً، بعد أن أصبح من غير الممكن تأجيل تحديثها.

 كما أن الخيار البديل الوحيد للتحديث، هو ترك الأسلحة تصدأ حتى تنتهي صلاحيتها، الأمر الذي يؤدي لإخراج الولايات المتحدة من مجال الردع النووي.

بالنظر إلى أن كل المراجعات التي أجريت للوضع النووي للولايات المتحدة، من قبل الإدارات الخمس الماضية، التي خلصت إلى أن الردع النووي لا يزال أولوية للبلاد، فإن أمريكا تشرع مرة أخرى في جهود تحديث قاذفاتها وغواصاتها وصواريخها الأرضية، لإطالة عمر رؤوسها الحربية النووية وترسانتها، وتطوير مجموعة جديدة من أنظمة القيادة والتحكم النووية المقاومة للتدخل الإلكتروني.

 

تكلفة التحديث

وفقاً لمكتب الميزانية في الكونجرس، فإن تكلفة الردع النووي الأمريكي ستبلغ نحو 1.2 تريليون دولار على مدى الثلاثين عاماً المقبلة، وهو ما يمثل أقل بقليل من 50 مليار دولار سنوياً، وستبلغ ذروة هذه الميزانية في العام المالي 2029-2030 عندما تبدأ أحدث المنصات النووية العمل.

ورأت المجلة أن هذا الرقم يعد مضللاً، لأنه لا يتعلق فقط بتكلفة التحديث ولكن أيضاً تكلفة تشغيل وصيانة الأنظمة النووية القديمة للولايات المتحدة، بما في ذلك صواريخ "مينيوتمان" التي نُشرت أول مرة عام 1970، والغواصات من طراز "أوهايو" التي نُشرت أول مرة عام 1981، وصاروخ "دي-5" الذي نُشر عام 1990، فضلاً عن تكلفة القاذفات الاستراتيجية، التي تتجاوز بكثير المكونات الموجودة في القاذفات النووية التقليدية.

ولفتت المجلة إلى أنه حتى في حال تصديق هذه الأرقام، فإنها تظهر أن هذا الإنفاق يحتاج إلى صفقة، إذ يتعين على أولئك الذين يعارضون التحديث، لأسباب تتعلق بالتكلفة، مواجهة حقيقة أن تكلفة عدم القيام بأي شيء، سوى إطالة عمر المنصات والقوى النووية الحالية، تبلغ ثلثي التكاليف السنوية الحالية للمشروع النووي، وكذلك خلال الثلاثين عامًا المقبلة، ولذا فإنه حتى لو احتفظت الولايات المتحدة بأنظمتها القديمة، وهو ما لا تستطيعه من الناحية الفنية، فإن التكلفة ستظل ضِعف تكلفة بناء قوة ردع جديدة وأكثر قدرة وفعالية.

 

العصر النووي

بالنظر إلى العصر النووي، نجد أن الولايات المتحدة أنفقت 24 مليار دولار سنوياً في المتوسط ​​بين عامي 1946و2022 على ردعها النووي، وهو ما يبلغ قرابة تريليوني دولار خلال هذه الفترة.

وبينما تبلغ تكلفة المشروع النووي 49 مليار دولار سنوياً، فإن تكلفة القاذفات ذات القدرات النووية، وصواريخ كروز المرتبطة بها، إضافة إلى برنامج الردع الاستراتيجي الأرضي، والغواصات الاثنتي عشرة والصاروخ D-5/2 المرتبط بها، تبلغ 8.5 مليار دولار سنوياً تُنفق على عمليات الاقتناء والبحث والتطوير، وهو ما يقل بـ3 مليارات دولار عما أنفقه الأمريكيون عام 2019 على الذهاب إلى دور السينما".

ووفقاً للمجلة، فإن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام، أن البرنامج الحالي لتحديث الصواريخ البالستية العابرة للقارات، سيستمر خمسة وخمسين عاماً، كما أنه من المقرر أن تستمر الغواصة الجديدة من طراز كولومبيا سبعين عاماً، في حين أن القاذفة "بي-21" قد تستمر نصف قرن تقريباً، ويشير الاستثمار، الذي يبلغ 450 مليار دولار، في الاقتناء والبحث عن المنصات النووية وتطويرها وتحديثها، إلى إنفاق 7.5 مليار دولار سنوياً على مدى العقود الستة المحتملة، التي سيشمل فيها الردع النووي الأمريكي هذه المركبات أو المنصات الجديدة.

 

تكاليف التشغيل

صحيح أنه ستحدث بعض تمديدات الصلاحية بلا شك خلال هذه الفترة، لكن هذه الترقيات ستكون أسهل بكثير نظراً للهندسة الرقمية، كما أنه يمكن أن تصبح تكاليف التشغيل والصيانة السنوية أقل بنسبة الثلث إلى الثلثين بسبب التقدم التكنولوجي، حسب المجلة.

وقالت "ناشيونال إنترست": رغم أن هذه التكاليف في متناول يد الولايات المتحدة، فإنه نظراً لنمو القوات النووية الروسية والصينية، والتقدم النووي الإيراني، وتطوير كوريا الشمالية الأخير للصواريخ البالستية، فإن الولايات المتحدة تواجه خصمين على الأقل، بجانب مجموعة من التهديدات النووية الأخرى، مشيرة إلى أنه لردع هذه القوات، فإن تكلفة الردع النووي الأمريكي، يجب أن تكون صفقة واشنطن الأهم.