تطورات أزمة أوكرانيا.. جثث متناثرة في الشوارع ومطالبات غربية بمعاقبة روسيا

وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليب، اتهم الأحد، القوات الروسية باستهداف أي أوكراني يصادفهم بوحشية، بعد العثور على جثث 20 مدنيًا على الأقل متناثرة في شوارع بلدة بوتشا، شمالي غرب كييف.

تطورات أزمة أوكرانيا.. جثث متناثرة في الشوارع ومطالبات غربية بمعاقبة روسيا

السياق

احتجاز رؤساء بلديات والانتقام بوحشية من الأوكرانيين، واستهداف منشآت في مدينة أوديسا الساحلية، وتركيز العمليات العسكرية شرقي أوكرانيا... تطورات «خطيرة» على خطى الأزمة التي دخلت يومها التاسع والثلاثين من دون حسم.

الأزمة الأوكرانية، التي لم تعرف طريقًا للسلام، شهدت في الساعات الماضية، تطورات عدة قد تعقد البناء على مفاوضات السلام في مدينة اسطنبول التركية.

وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليب، اتهم الأحد، القوات الروسية باستهداف أي أوكراني يصادفهم بوحشية، بعد العثور على جثث 20 مدنيًا على الأقل متناثرة في شوارع بلدة بوتشا، شمالي غرب كييف.

وقال الدبلوماسي الأوكراني، الذي نشر تغريدة له إلى جانب صور للجثث: «مذبحة بوشا كانت متعمدة. الروس يهدفون إلى القضاء على أكبر عدد ممكن من الأوكرانيين»، مطالبًا بفرض عقوبات جديدة من دول مجموعة السبع، بما في ذلك فرض حظر على الطاقة، وإغلاق الموانئ أمام السفن الروسية، وفرض حظر على البنوك الروسية التي تستخدم "سويفت" خدمة الرسائل التي تربط المؤسسات المالية بجميع أنحاء العالم.

وبحسب «سي إن إن»، فإنه عُـثر على القتلى، وجميعهم يرتدون ملابس مدنية، في أوضاع محرجة، بعضها مقلوب على الرصيف، والآخرون وجوههم لأعلى وأفواههم مفتوحة، بينما شوهدت جثة رجل ويداه مقيدتان خلف ظهره.

وقال رئيس بلدية بوتشا، أناتولي فيدوروك، إن المدنيين القتلى تلقوا معاملة غير إنسانية من القوات الروسية، مشيرًا إلى أنه «لا تزال جثث الذين أعدموا في شارع يابلسكا ببوتشا. أيديهم مقيدة خلف ظهورهم بخرق مدنية بيضاء، ثم إطلاق النار عليهم في مؤخرة رؤوسهم».

وقال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك في "تويتر": الرجال الذين عُثر عليهم وهم مقيّدو الأيدي قُتلوا برصاص جنود روس، مضيفًا: «هؤلاء لم يكونوا في الجيش. لم تكن لديهم أسلحة. لم يشكلوا أي تهديد. كم عدد هذه الحالات التي تحدث الآن في الأراضي المحتلة؟».

 

احتجاز رؤساء بلديات

قالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك، الأحد، إن القوات الروسية تحتجز 11 رئيس بلدية في روسيا، وقتلت رئيس بلدية أثناء احتجازه، مضيفة في رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي: «سنبلغ اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة والمنظمات الأخرى بأسرهم».

وقالت فيريشوك: الحكومة الأوكرانية علمت السبت أن أولغا سوخينكو، عمدة قرية موتيزين -وهي قرية في منطقة كييف- قُتلت في الأسر على أيدي القوات الروسية.

 

إجلاء المحاصَرين

يأتي ذلك بينما قالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك إن محاولات إجلاء الناس من مدينة ماريوبول الساحلية المحاصَرة ستستأنف الأحد.

وقالت فيريشوك إن 17 حافلة ستنطلق بالقرب من مدينة بيرديانسك الجنوبية، لإجلاء الناس من بيرديانسك وماريوبول المجاورة، مضيفة: 10 حافلات لإجلاء سكان ماريوبول وسكان من بيرديانس، وستحاول سبع حافلات الاقتراب من ماريوبول برفقة الصليب الأحمر.

وفشل فريق تابع للجنة الدولية للصليب الأحمر، كان قد انطلق من زابوريجيه، السبت، في الوصول إلى ماريوبول، حيث أمضى الليل في طريقه إلى وجهته، وفقًا لما ذكره مسؤول صحفي باللجنة الدولية.

وأضافت فيريشوك أن السلطات الأوكرانية تخطط أيضًا لإجلاء الناس من سيفيرودونتسك وبوباسنا وليسيتشانسك وروبيزني وقرية نيجني في منطقة لوهانسك الأحد.

 

استهداف منشآت

أكدت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، استهداف مصفاة لتكرير النفط ومنشآت تخزين الوقود في مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية، التي نجت إلى حد كبير من وطأة الهجمات الروسية، منذ بدء الهجوم في فبراير الماضي.

وأضاف البيان الروسي، أن «صواريخ بحرية وجوية عالية الدقة دمرت صباح اليوم مصفاة لتكرير النفط وثلاث منشآت لتخزين الوقود وزيوت التشحيم بالقرب من مدينة أوديسا تم من خلالها توفير الوقود لمجموعة القوات الأوكرانية في اتجاه ميكولايف».

يأتي ذلك، بينما قال رئيس بلدية أوديسا، هنادي تروخانوف، إنه لم تقع إصابات في أعقاب الضربة، مشيرًا إلى أن «المحتلين ضربوا أهداف البنية التحتية الحيوية في أوديسا بالصواريخ(..) هناك حريق. لحسن الحظ، لم تقع إصابات. المباني فقط تضررت. الوضع تحت السيطرة».

وقال تروخانوف إن المباني المدنية والمنازل الخاصة تضررت في الهجوم. وتكهن العمدة أيضًا بأن روسيا ستستخدم في مرحلة ما وحدة من القوات المتمركزة في ترانسنيستريا -جمهورية انفصالية في البلد المجاور مولدوفا- مرددًا المخاوف التي أثارها المسؤولون الأوكرانيون.

وأضاف: «بالطبع، في وقت ما عاجلًا أم آجلًا سوف يستخدمونها(..) من الصعب تحديد الاتجاه، لكنْ هناك تهديد. القوات المسلحة الأوكرانية تعرف ذلك وتعمل على ذلك».

وفي حديثه عن الضربة، قال سيرهي براتشوك، المتحدث باسم هيئة الأركان العملياتية للإدارة العسكرية الإقليمية في أوديسا: «أصيب أحد أهداف البنية التحتية الحيوية هذا الصباح»، مضيفًا: «الوضع تحت السيطرة، والخدمات المعنية تعمل في الموقع، وستعلن التفاصيل».

 

الدفاعات الأوكرانية

إلا أن وزارة الدفاع البريطانية، قالت إن أوكرانيا تواصل تقديم تحد كبير للعمليات الجوية والصاروخية الروسية، ما يجعل الطائرات الروسية عرضة لأنظمة الدفاع الجوي قصيرة ومتوسطة المدى.

وقالت الوزارة: «عجز روسيا عن العثور على أنظمة دفاع جوي وتدميرها، أعاقا جهودهم للسيطرة على نطاق واسع في الجو، الأمر الذي أثر بدوره بشكل كبير في قدرتهم على دعم تقدم قواتهم البرية على عدد من الجبهات».

وأشارت إلى أن هناك تركيزًا للنشاط الجوي الروسي باتجاه جنوبي شرق أوكرانيا، مؤكدة أن القوات البحرية الروسية واصلت منع إعادة الإمداد الأوكراني بحرًا من خلال حصار بعيد للساحل الأوكراني في البحر الأسود وبحر آزوف.

وقالت الوزارة إن الألغام المبلغ عنها داخل البحر الأسود، تشكل خطرًا جسيمًا على النشاط البحري، مضيفة أنه رغم أن منشأ هذه الألغام غير واضح ومتنازع عليه، فإن وجودها يرجع بشكل شبه مؤكد إلى النشاط البحري الروسي.

 

مشاورات مباشرة

وفي محاولة لإعادة المشاورات بين البلدين المتحاربين، قال متعطش أراخاميا، عضو فريق التفاوض الأوكراني في المحادثات مع روسيا، إن الجانب الروسي استجاب بشكل إيجابي للمواقف الأوكرانية في العديد من القضايا، وإن هناك إمكانية لإجراء مشاورات مباشرة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين.

وقال أراخامية في تصريحات نقلها التلفزيون الوطني: «أعلنا موقفنا الأوكراني في اسطنبول(..) الاتحاد الروسي وافق على هذه المواقف، باستثناء قضية القرم».

وحدد المسؤولون الأوكرانيون رؤيتهم لخريطة طريق لهدنة محتملة، تشمل وضعًا محايدًا محتملاً لأوكرانيا، مدعومًا بتحالف واسع من الضامنين الأمنيين.

كان وضع شبه جزيرة القرم -الذي ضمته روسيا من أوكرانيا عام 2014- نقطة شائكة في المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا. فأوكرانيا ومعظم المجتمع الدولي يعدون شبه الجزيرة محتلة بشكل غير قانوني، بينما يقول الكرملين إن وضع شبه جزيرة القرم تمت تسويته.

وقال الجانب الأوكراني إنه كان هناك اتفاق على تعليق المفاوضات بشأن وضع شبه جزيرة القرم 15 عامًا، لكن الجانب الروسي لم يؤكد ذلك، وكرر الكرملين موقفه بأن شبه جزيرة القرم جزء من روسيا.

وأشار أراخامية إلى إمكانية عقد اجتماع بين بوتين وزيلينسكي، قائلاً: «تم تطوير مسودات الوثائق بشكل كافٍ لإجراء مشاورات مباشرة بين رئيسي أوكرانيا والاتحاد الروسي. لذلك، مهمتنا الإسراع بتحضير المرحلة النهائية ليس من الوثيقة نفسها، لكن للقضايا التي تطرقنا إليها، والتحضير لاجتماع محتمل للرئيسين».

وأضاف أراخامية: «أمس اتصل أردوغان بنا وبفلاديمير بوتين. كما زعم أنه أكد من جانبه أنهم مستعدون لاجتماع في المستقبل القريب».

ووفقًا لأراخامية، يبدو أن احتمال أن تلعب الصين دورًا كضامن محتمل لأوكرانيا أمر موثوق به، مضيفًا: «نحن نتفاوض من خلال القنوات الدبلوماسية. ربما تكون حالة المفاوضات مع الصين الأقل استعدادًا مقارنة بالدول التي تساعدنا، ونحن على اتصال دائم. مرتين في اليوم. مع الصين، تزداد صعوبة الأمر قليلاً».

 

تعديل الاستراتيجيات

عدلت روسيا استراتيجيتها الحربية في أوكرانيا، للتركيز في السيطرة على دونباس ومناطق أخرى شرقي أوكرانيا، مع تحديد موعد مستهدف أوائل مايو المقبل، وفقًا للعديد من المسؤولين الأمريكيين المطلعين على أحدث تقييمات المخابرات الأمريكية.

وبعد أكثر من شهر من الحرب، لم تتمكن القوات البرية الروسية من السيطرة على المناطق التي تقاتل فيها، بينما يقول المسؤولون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتعرض لضغوط لإثبات قدرته على تحقيق النصر، مشيرين إلى أن شرقي أوكرانيا المكان الذي من المرجح أن يحقق فيه ذلك.

وبحسب مسؤول أمريكي، فإن اعتراضات المخابرات الأمريكية تشير إلى أن بوتين يركز على 9 مايو كيوم النصر لروسيا.

و9 مايو عطلة بارزة في التقويم الروسي، وهو اليوم الذي تحتفل فيه البلاد باستسلام النازيين في الحرب العالمية الثانية، باستعراض ضخم للقوات والأسلحة عبر الميدان الأحمر أمام الكرملين. ويقول المسؤولون إن بوتين يريد الاحتفال بانتصار من نوع ما في حربه في ذلك اليوم، لكن مسؤولين آخرين لاحظوا أنه حتى لو كان هناك احتفال روسي، فإن النصر قد يكون بعيدًا.

وقال مسؤول دفاعي أوروبي: «سيقيم بوتين موكب نصر في 9 مايو بصرف النظر عن حالة الحرب أو محادثات السلام»، إلا أنه مع ذلك يقول المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، إن أي مواعيد نهائية قد تحددها موسكو خطابيًا لا تغير الواقع على الأرض، الذي يؤكد أن روسيا تستعد لاحتمال نشوب صراع ممتد.

وقال دبلوماسي أوروبي: بينما يتحدث الكرملين بتفاؤل، يستعد بوتين «لحرب طويلة وطويلة على غرار الشيشان، لأنه إلى حد ما ليس لديه مكان آخر يذهب إليه».