فورين بوليسي: أفغانستان بين قمع طالبان وانهيار اقتصادي

كبيرة مديري السياسات والمناصرة في لجنة الإنقاذ الدولية: ينبغي عدم حرمان الأفغان العاديين، بمن فيهم النساء والفتيات، من الخدمات الصحية، بسبب المواقف التي اتخذتها طالبان

فورين بوليسي: أفغانستان بين قمع طالبان وانهيار اقتصادي

ترجمات - السياق

وسط حملات القمع التي تشنها طالبان، لا تزال أفغانستان محرومة من مليارات الدولارات من المساعدات الدولية، مع القليل من الحلول في الأفق، ما يزيد وقع الانهيار الاقتصادي على المواطنين.

وذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن البنك الدولي علق مؤخرًا أكثر من نصف مليار دولار من مشاريع المساعدات لأفغانستان، بعد أن تراجعت حركة طالبان فجأة عن قرارها بالسماح للفتيات بالعودة إلى المدارس، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تزيد تعقيد إحدى أكبر الكوارث الإنسانية والاقتصادية في العالم.

ووفقًا للمجلة، ستمنع المؤسسة المالية متعددة الأطراف الأموال عن أربعة مشاريع بـ 600 مليون دولار لدعم التعليم والصحة والزراعة الأفغانية، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية قررت قطع المفاوضات الجارية بالعاصمة القطرية الدوحة مع طالبان، ردًا على قرار الحركة بوقف تعليم الفتيات.

 

انهيار

ونقلت "فورين بوليسي" عن متحدث باسم البنك الدولي، قوله: "يشعر البنك الدولي بقلق عميق إزاء قرار حكومة طالبان المؤقتة بعدم السماح للأفغانيات بالعودة إلى المدارس الثانوية"، مشددًا على أنه لن يعاد إطلاق المشاريع الأربعة حتى الاتفاق بين البنك الدولي والشركاء الدوليين، على إمكانية تحقيق أهداف المشاريع، في ظل المناخ الحالي في البلاد.

وأوضح المتحدث للمجلة، أنه أمام الأوضاع الإنسانية الصعبة في أفغانستان، منذ سقوط كابل في أغسطس الماضي، يتعين على الدول الأمريكية والأوروبية -التي لا تعترف أي منها رسميًا بطالبان- أن تخفف عقوباتها الاقتصادية على انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة التي ترتكبها طالبان، لمنع البلاد من الانهيار.

ونقلت المجلة الأمريكية عن عارف دوستيار، القنصل العام لأفغانستان في لوس أنجلوس، قوله: "قرارات تعليق الأموال بشأن أفغانستان سيف ذو حدين"، مشيرًا إلى أنه رغم أن المقصود طالبان، فإنها لن تشعر بالتأثير، بينما الشعب الأفغاني يعاني بشكل غير مسبوق.

وأضاف دوستيار: "في الواقع، يمكن لطالبان أن تنشر فخًا دبلوماسيًا للغرب، مستخدمة قرار تعليق تعليم الفتيات للاستفادة بالمزيد من تنازلات الولايات المتحدة وأوروبا"، مضيفًا: "لم نتحقق مما إذا كانت طالبان قد حظرت الفتيات من التعليم لأنهن يطبقن حقًا معتقداتهن أو إذا كان ذلك نوعًا من الاستراتيجية للقول إنهم سيعدلون سياساتهم مقابل بعض الطلبات مثل الاعتراف بهم وتدفق المساعدات الدولية؟".

 

ترحيب

في المقابل -"فورين بوليسي"- ذهب مسؤولون أفغان سابقون إلى حد الترحيب بقرار البنك الدولي، بتجميد 1.2 مليار دولار من الأصول الأفغانية، بعد سيطرة طالبان على كابل في أغسطس الماضي.

وقال زيلجاي ساجاد، القنصل الأفغاني العام السابق في نيويورك، للمجلة: "يجب معاقبة طالبان بسبب ما يفعلونه، لأنهم إذا تلقوا أموالاً من المنظمات الدولية من دون قيد ولا شرط، فإن الحركة ستضع المزيد من القيود على شعب أفغانستان".

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أنه كثيرًا ما اعتمدت أفغانستان على المساعدات الدولية، موضحة أنه خلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة هناك على مدى عقدين من الزمن، كان نحو 80 في المئة من ميزانية الحكومة الأفغانية من مانحين أجانب، وهو ما يفوق بكثير ما يمكن أن تستوعبه البيروقراطية الوليدة على النمط الغربي.

ورأت أن ما سمتها (الصدمة) المتمثلة في إيقاف تدفق المساعدات الأمريكية والأوروبية بعد أكثر من عقدين، تركت الدولة التي مزقتها الحرب في عزلة اقتصادية شبه كاملة.

وبينّت المجلة الأمريكية، أن هناك مخاوف من أن قرار البنك الدولي يمكن أن يلحق المزيد من الضرر بالفتيات المتأثرات بقرار طالبان بوقف تعليمهن، مشيرة إلى أن بعض العائلات -منذ استيلاء الجماعة المسلحة على السلطة- لجأت إلى تزويج الفتيات الصغيرات أو بيعهن لعمالة الأطفال، لكسب قوت يومهم، ومواجهة أعباء الحياة.

 

تزايد الأزمة

أمام المخاوف من انهيار اقتصادي أكبر، نقلت "فورين بوليسي" عن أماندا كاتانزانو، كبيرة مديري السياسات والمناصرة في لجنة الإنقاذ الدولية، قولها: "ستستمر الأزمة الاقتصادية في التدهور من دون تدخل دولي مع تأثيرات شديدة في الأفغان، والنساء والفتيات على وجه الخصوص"، مضيفة: "ينبغي عدم حرمان الأفغان العاديين، بمن فيهم النساء والفتيات، من الخدمات الصحية، بسبب المواقف التي اتخذتها طالبان".

وأوضحت المجلة أنه منذ اجتياح طالبان للعاصمة كابل، رفض المانحون الدوليون التعامل مع الحكومة الجديدة، خوفًا من تشجيع الحكم الوحشي لهذه الجماعة المسلحة، واختاروا بدلاً من ذلك العمل مباشرة مع المنظمات غير الحكومية الموجودة في البلاد لتقديم مساعدات إلى المواطنين، إلا أن طالبان تدخلت مؤخرًا لتوجيه هذه المساعدات إلى متلقين معينين، مشيرة إلى أنها أمام ذلك عرّضت الحركة المتشددة عُمال الإغاثة للخطر، لدرجة أنها احتجزت بعضهم بدعوى أنهم لا يمتثلون لمطالبها.

من جانبه، قال مسؤول أفغاني كبير سابق، تحدث مع المجلة الأمريكية بشرط عدم كشف هويته خوفًا من الانتقام: طالبان لم تكن شفافة بشأن الإنفاق على الصحة والتعليم، وخصصت بعض هذه الأموال لدفع ثمن المسلحين الذين يقاتلون معها.

وحسب "فورين بوليسي" يخشى بعض الخبراء أن تستخدم طالبان أيضًا الأموال الأجنبية المتدفقة إلى أفغانستان، لتوليد مصادر دخل غير مشروعة، مثل الأسلحة وتهريب البشر والمعادن وإنتاج المخدرات.