كيف تغزو روسيا أوكرانيا؟

من المحتمل أن يتضمن الهجوم توغلاً سريعًا من بيلاروسيا نحو كييف، لقطع رأس الحكومة، ومن المرجح أن يسبق هذه الخطوة قصف مكثف، يستهدف البنية التحتية ومراكز القيادة، وربما مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه

كيف تغزو روسيا أوكرانيا؟

ترجمات - السياق

مع تزايد المخاوف الغربية، من غزو روسي وشيك لأوكرانيا، تواصل موسكو حشد عشرات الآلاف من قواتها على الحدود مع جارتها السوفيتية السابقة، وسط محاولات تبدو "يائسة" من قادة العالم لإيجاد حل دبلوماسي مناسب، قبل بدء الهجوم المحتمل.

وأوضحت صحيفة تليغراف البريطانية، أنه مع استمرار الحشد الروسي، يتبادر إلى أذهان الكثيرين "كيف يبدو مثل هذا الغزو إذا فشلت الجهود الدبلوماسية؟".

وذكرت الصحيفة أن روسيا تحاصر أوكرانيا من ثلاث جهات -في شبه جزيرة القرم من الجنوب، وعلى طول الحدود الروسية من الشرق، وفي بيلاروسيا من الشمال- ما يمنحها خيارات مختلفة للهجوم.

وحشدت روسيا نحو 130 ألف جندي روسي، إلى جانب 1200 دبابة وطائرة مقاتلة وبطاريات صواريخ بعيدة المدى، على الحدود الشرقية لأوكرانيا، وهو التجمع الذي أثار أكبر أزمة في العلاقات بين الشرق والغرب، منذ انتهاء الحرب الباردة.

 

طرق الغزو

وعن الطريقة التي من الممكن أن تقوم بها روسيا لإتمام عملية الغزو المحتمل، قالت "تليغراف": من المحتمل أن يتضمن الهجوم توغلاً سريعًا من بيلاروسيا نحو كييف، لقطع رأس الحكومة، ومن المرجح أن يسبق هذه الخطوة قصف مكثف، يستهدف البنية التحتية ومراكز القيادة، وربما مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه.

ونقلت الصحيفة البريطانية، عن مسؤولين بريطانيين، توقعهم بأن تصل القوات الروسية إلى قلب كييف، في غضون 48 ساعة من بدء الغزو حال حدوثه، مشيرين إلى أن الروس كانوا يأملون أن القوات الخاصة الموجودة بالفعل داخل المدينة، قد تعطل القيادة والسيطرة الأوكرانية، بما يكفي للسماح لقواتهم النظامية بالدخول من دون مقاومة، ولكن إذا فشل ذلك، يتعين عليهم إما الاستمرار في مواصلة الحصار، وإما القتال بطريقة وحشية للوصول إلى قلب العاصمة كييف.

ويفسر هذا التقييم، سبب انتقال العديد من السفارات الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، من كييف إلى مدينة لفيف في الغرب، وفقًا للصحيفة.

وأشارت إلى أن ميليندا سيمونز، سفيرة المملكة المتحدة في أوكرانيا، قررت -حتى الآن- البقاء في العاصمة، إلا أن الحكومة البريطانية تضع خططًا للطوارئ في لفيف.

وأوضحت أن نجاح الهجوم على العاصمة الأوكرانية، يتوقف على تدمير وحدات الجيش الأوكرانية، الأكثر قدرة وصعوبة في القتال، لمنعها من الرد.

ونقلت الصحيفة، عن محللين غربيين، قولهم: ذلك يستلزم تطويق القوات المتمركزة حاليًا شرقي أوكرانيا، التي تواجه خط التماس في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، مشيرة إلى أنه من المحتمل أن يتحقق ذلك بالتوجه جنوبًا وغربًا من بيلغورود، وشمالًا وشرقًا من شبه جزيرة القرم.

 

دمار جوي

ونقلت "تليغراف"عن محللين قولهم، إن القوات الأوكرانية المحصنة، من دون غطاء جوي مناسب، ستواجه -في حال الغزو- دمارًا كبيرًا من القوات الجوية الروسية، إذا حاولت التحرك رداً على الغزو، لكن إذا بقوا "محاصرين" في مواقعهم الحالية، فإنهم سيقصفون بضراوة، من خلال المدفعية الروسية المحتشدة على الحدود.

وتوقع المحللون، الذين تحدثوا للصحيفة البريطانية، أن يأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإرسال قوات إلى الأجزاء الانفصالية، التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، تحت غطاء "قوات حفظ السلام"، مشيرين إلى أنه في هذه الحالة "قد يتوقف عن الغزو الصريح، لكن هذه الخطوة ستزيد الضغط على كييف وحلف الناتو".

ونقلت "تليغراف"عن أوريسيا لوتسفيتش، المحللة الأوكرانية في معهد تشاتام هاوس، المعني بالشئون السياسية الدولية، قولها: مع تصاعد التوترات "يتحدث الجميع عن الغزو، لكن يمكنني التفكير في الكثير من الأشياء، التي يمكن أن يفعلها بوتين دون الغزو، فقد يترك الغرب يتساءل، مرة أخرى، ماذا يفعل، هل هذا غزو أم أنه ليس كذلك؟".

وأضافت: "في الوقت نفسه، نظرًا للقوة التي جمعتها موسكو شرقي أوكرانيا الانفصالية، هذه المنطقة أسهل موقع، يمكن من خلاله شن غزو شامل".

 

هجمات بعيدة المدى

ويرى المحللون أيضًا أن من بين الخطط، التي قد يلجأ إليها بوتين لإكمال الغزو، أن يأمر بشن هجمات بعيدة المدى بالأسلحة الثقيلة، مثل المدفعية بعيدة المدى وصواريخ كروز والضربات الجوية، مشيرين إلى أن ذلك سيسمح لموسكو بالهجوم، مع مخاطر انتقامية محدودة، كما أن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية المتقادمة ستُدمَّر بسهولة.

ونقلت "تليغراف"عن جاستن برونك، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة قوله: القوة الجوية وحدها لديها سجل ضعيف في اجتثاث القوات المتحصنة من جذورها، مشيرًا إلى أنه "إذا لم تنجح حملة جوية وصاروخية ومدفعية من هذا النوع، في فرض تنازلات على الأرض وإسقاط حكم زيلينسكي، ستتبعها القوات البرية".

وعما إذا لجأت روسيا للتدخل بريًا، أوضحت الصحيفة البريطانية، أن الأمر في هذه الحالة قد يأتي عبر الطريق السريع الساحلي M14 الذي يمتد بين شبه جزيرة القرم والحدود الروسية.

وحسب الصحيفة "سيشمل ذلك استخدام المشاة والدروع المدعومة بقوة مدفعية ساحقة، لإقامة ممر من نوزوازوفسك، التي يسيطر عليها الانفصاليون، عبر المدن الساحلية ماريوبول وبيرديانسك، حتى خيرسون عند مصب نهر دنيبر.

وأوضحت أن هذا الطريق له بعض المزايا لروسيا، ليس أقلها تأمين قناة شمال القرم، وهي قناة للمياه العذبة، إلى شبه جزيرة القرم قطعتها أوكرانيا بعد الضم الذي حدث عام 2014، لكن هذا الهجوم كان متوقعًا منذ فترة طويلة، لذا لن يفتقر إلى المفاجأة، كما سيسمح لأوكرانيا بتركيز جيشها على منطقة صغيرة نسبيًا تتمتع بحماية جيدة.

 

كييف

ومن الخيارات الروسية الأخرى لغزو أوكرانيا، ذكرت "تليغراف" أن ذلك يمكن أن يشمل إرسال قوات عبر الحدود في الشرق إلى خاركيف ولوهانسك، والهجوم من الجنوب عبر شبه جزيرة القرم.

وأشارت إلى أنه من شأن هجوم متعدد الجوانب، إجبار أوكرانيا إما على اختيار مكان تركيز جهودها، وإما توزيع مواردها بشكل ضئيل، وإما التراجع لتجنُّب الحصار.

وأضافت: "هناك العديد من الخيارات لكيفية تنفيذ مثل هذا الهجوم، سيناريو آخر سيشهد غزو القوات الروسية من بيلاروسيا إلى الشمال وعبر الحدود الروسية إلى الشرق، لكن بعض المحللين يرون أن هذا النهج العام مرجح نسبيًا في حال حدوث غزو".

ولإمكانية الوصول إلى كييف، أوضحت "تليغراف"أن العاصمة الأوكرانية ليست هدفًا سهلًا، إذ سيكون سكانها البالغ عددهم 3 ملايين نسمة معادين بشكل ساحق للقوات الغازية.

وأشارت إلى أن المدينة تقع على تلال على الضفة الغربية لنهر دنيبر، وبذلك يسهل الدفاع عنها، موضحة أن جسور الطرق والسكك الحديدية، التي يتعين على القوة المهاجمة أن تسلكها، يسيطر عليها منحدر يشبه الجرف، بينما يقع أقرب الجسور باتجاه مجرى النهر على بعد 60 ميلًا، وفي الشمال بُنيت سدود على النهر ليصبح خزانًا شاسعًا.

وتابعت: "يمكن لقوة غازية من بيلاروسيا أن تبطل تلك العقبات، بعبور الحدود على الضفة الغربية".

وذكرت أن بوتين قد لا يحتاج إلى الجبهة البيلاروسية، ولا دخول العاصمة، إذ لن يكون أمام الرئيس الأوكراني، مع تدمير جيشه واحتلال نِصف بلاده، ووقوف المدفعية الروسية بمرمى مكتبه، سوى الاستسلام".