مقترح بتعيين مبعوث أممي إفريقي لليبيا... ما الأسباب وسر التوقيت؟

الولايات المتحدة تريد استمرار المستشارة ويليامز، التي تعمل بشكل متناغم مع السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند

مقترح بتعيين مبعوث أممي إفريقي لليبيا... ما الأسباب وسر التوقيت؟

السياق

في خضم أزمة اقتصادية «خانقة»، ما زالت ليبيا تئن تحت وطأة صراعات سياسية، تنذر بتصعيد محتمل، يعيد الأوضاع في البلد الإفريقي إلى مربع العنف والصراعات.

وبينما تحاول ليبيا لملمة شتات نفسها وإعادة ترتيب أوراقها، لمجابهة تحديات المرحلة المقبلة، مازالت حكومة عبدالحميد الدبيبة «المقالة» تمثل عقبة كأداء أمام عبور هذا المنعطف، وسط تصعيد سياسي ممزوج بوعيد، بأن أي محاولة للاقتراب من طرابلس، ستواجَه بالكثير من إراقة الدماء.

أوضاع سياسية داخلية ملتهبة، تزامنت مع أزمات اقتصادية تفاقمت جراء الإغلاقات النفظية التي كبدت ليبيا، قرابة نصف إنتاجها النفطي، ما ينذر بأزمة غير مسبوقة، قد تفرض نفسها على الشارع الليبي، الذي يغلي من «الانسداد» الحاصل حاليًا.

ورغم الخلاف المحلي، فإنه قد يسهل حله، كونه بين أبناء الوطن الواحد، إلا أن الاختلاف بين الدول الغربية والإقليمية المتداخلة في الملف الليبي، أخطر الأزمات، لأن كلًا منها تسعى لتحقيق مآربها في ليبيا، من دون حساب لمصالح الليبيين.

 

حمم بركانية

ذلك الاختلاف الغربي لفظ حممه البركانية، مع الحديث عن تجديد مهام البعثة الأممية في ليبيا، إلا أنه عولج الأسبوع الماضي بشكل مؤقت، بالاتفاق على تجديد مهمة الأمم المتحدة ثلاثة أشهر تنتهي في 31 يوليو المقبل.

إلا أن ذلك الاتفاق، جاء مصحوبًا بالحديث عن تعيين مبعوث أممي إفريقي جديد إلى ليبيا، يكون بديلًا للممثلة الأمريكية ستيفاني ويليامز، التي يوصف أداؤها في مهمتها بـ«دون المستوى».

ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع، في القرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى تعيين ممثل جديد على وجه السرعة في الدولة الواقعة شمالي إفريقيا.

وبحسب المصادر، فإن موسكو كانت وما زالت أكثر المطالبين بتغيير وإقالة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، الأمريكية ستيفاني ويليامز، وتعيين رئيس جديد لبعثة الدعم مرحب به من قِبل موسكو.

وبينما لا يزال تفويض البعثة، التي من دون قيادة بعد استقالة المبعوث السلوفاكي السابق يان كوبييتش في نوفمبر 2021، قالت مصادر: «إذا لم يحدث شيء في غضون ثلاثة أشهر، وهو أمر ممكن، سيذهب مجلس الأمن إلى تأجيل فني جديد قصير الأجل أو إلى حل البعثة».

 

خطوة للحل

إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تعيين مبعوث إفريقي لليبيا، ليس خطوة نحو الحل، بل خطوة تريد بها روسيا فرض رؤيتها واستبعاد النظرة الأحادية، التي تعمل بها الولايات المتحدة، عن طريق المستشارة ستيفاني ويليامز.

وأوضح المحلل الليبي، أن الولايات المتحدة تريد استمرار المستشارة ويليامز، التي تعمل بشكل متناغم مع السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند، مؤكدًا أنها ستفتح الطريق لواشنطن لتنفيذ خطتها المستقبلية في ليبيا، التي أعلِن عنها.

وأكد أن الوضع أصبح أكثر وضوحًا، فالصراع الدولي هو العائق الحقيقي لحل الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن الجانب الروسي لديه مرشح إفريقي سيعمل لمصلحة الكرملين.

 

صراع دولي

وبينما قال إن روسيا ستتذرع بأن المبعوث الإفريقي سيكون أقرب لليبيين أكثر من غيره، أكد أنه لن يكون للمبعوث الجديد -حال الموافقة على المقترح- أي دور في ظل الصراع الدولي الدائر حول ليبيا.

وأشار إلى أن ليبيا أصبحت حلبة تتصارع عليها القوى الدولية في سبيل مصالحها الشخصية، وساحة لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة وروسيا وحلفائهما، محذرًا من أن الفترة المقبلة ستكون من أصعب الفترات التي ستمر بها ليبيا.

وعن الدور المصري في دعم المرشح الإفريقي، قال إن القاهرة داعمة لحل الأزمة الليبية، ولها دورها الفاعل في الملف الليبي، مشيرًا إلى أنها ستؤدي الدور ذاته، وربما بصلاحيات أكبر في المستقبل.

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي جمال الفلاح، في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك دعوات محلية وإفريقية وأووربية، بضرورة تعيين مبعوث إفريقي لليبيا، لكون الأخيرة منضوية تحت لواء الاتحاد الإفريقي، نافيًا أن يكون المطلب روسيًا فقط.

 

مبعوث محايد

وأوضح المحلل الليبي، أن الدول الغربية وبينها روسيا، رأت ضرورة تعيين مبعوث محايد، خاصة بعد أن استفحل النفوذ الأمريكي في ليبيا، ما تسبب في مخاوف لدى موسكو من إمكانية إخراجها من ليبيا.

وأشار إلى أن مصر ومجلس النواب الليبي والاتحاد الإفريقي يرون ضرورة تعيين مبعوث إفريقي، لتقليل التدخلات في الشأن الليبي، مؤكدًا أن هناك دعمًا كبيرًا لهذا المقترح، الذي يرون ضرورة وجوده كوسيط محايد في الأزمة الليبية.

وأكد أن المبعوث الأممي الجديد، سيتأثر بالدول الفاعلة في مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن المبعوثين الأممين السابقين لم يتمكنوا من التوصل لحلول جوهرية.

وشدد على أنه إذا استطاع المبعوث الأممي الإفريقي المقترح تحجيم دور الدول الغربية المتداخلة، وإخراج المقاتلين الأجانب، سيتمكن من التوفيق بين الأطراف الداخلية، التي يعمل بعضها وفقًا لأجندات خارجية.