كيف دُفعت صناعة الطيران الروسية إلى حافة الهاوية؟
خلال أسبوع سببت العقوبات الأمريكية والأوروبية مشكلات خطرة لقطاع يتعافى من الوباء

ترجمات - السياق
دخلت شركات الطيران الروسية في أخطر أزماتها منذ عقود، بعد حظرها من التحليق عبر مساحات شاسعة من سماء العالم، ومنع حصولها على قطع الغيار الحيوية، وتجريدها من التأمين، في وقت تكافح فيه للاحتفاظ بطائراتها.
وأطلقت الحكومات الغربية العنان لموجات من العقوبات، منذ أن أرسل فلاديمير بوتين قوات إلى أوكرانيا، أواخر الشهر الماضي، إحدى تلك الموجات وجَّهت ضربة واضحة، استهدفت صناعة شكلت 6 في المئة من قدرة الخطوط الجوية العالمية، العام الماضي.
عقوبات مشددة
وأعلنت شركة الخطوط الجوية إيروفلوت، التي تسلَّمت أول طائراتها الغربية من شركة إيرباص، عندما كان بوريس يلتسين في الكرملين، أنها ستوقف الرحلات الدولية باستثناء بيلاروسيا.
كما ألغت شركة S7، ثاني أكبر شركة طيران في روسيا، رحلات جوية خارج المجال الجوي المحلي.
وقالت "فايننشال تايمز"، في تقرير: مع عدم وضوح المدة التي ستدوم فيها العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حذر الخبراء من أنه في أسوأ السيناريوهات، ستتقلَّص جداول شركات النقل المحلية الروسية، إلى مستويات لم نشهدها منذ ثلاثة عقود.
وتحظر عقوبات الاتحاد الأوروبي بيع الطائرات أو أي من مكوناتها، أو نقلها، أو توريدها، أو تصديرها، بينما فرضت الولايات المتحدة قيودًا على الصادرات، بما في ذلك على قطاع الفضاء الجوي الروسي.
بدوره، أشار روب ستالارد، المحلل في فارتيكال ريسيرش بارتنرز، إلى أن "قطاع الطيران الروسي بات على قدم المساواة مع كوريا الشمالية وإيران، ومماثلًا لما كان تحت الحكم السوفييتي".
وتعرَّضت شركات الطيران الروسية للضربة، في الوقت الذي كانت ترسم فيه خططًا لتجاوز الاضطراب الناجم من جائحة كورونا.
واستُبدل التقلب الشديد، بالتوقعات بانتعاش مطرد ومستدام في الطلب المحلي، على الأقل في الوقت الحالي.
بدورها، نصحت حكومات الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، مواطنيها بمغادرة البلاد، عندما كانت الرحلات التجارية متاحة.
ركود عميق
ومع ذلك، توقع الاقتصاديون أن الاقتصاد الروسي سيدفع قريبًا إلى ركود عميق، بينما يستعد المسؤولون التنفيذيون، في مجال الطيران المحلي، لانخفاض حاد في الطلب.
وفي وقت متأخر من يوم الجمعة، خفَّضت وكالة التصنيف فيتش التصنيف الائتماني لشركة إيروفلوت من BB إلى B-، وتوقعت أن "تعطل العقوبات بشدة أعمالها"، وامتنعت شركة إيروفلوت عن التعليق.
وعلَّقت شركتا إيرباص وبوينج هذا الأسبوع توريد قطع الغيار والخدمات، وألغت دعم الصيانة الحيوي لإبقاء الطائرات في الجو.
وتمثل مجموعتا الفضاء الجويتان 70 في المئة من الأسطول التجاري الروسي، المؤلف من قرابة 880 طائرة، وفقًا لـ "سيريوم". وقدَّرت شركة استشارات الطيران أي بي آي، أنه كان من المقرر تسليم 37 طائرة جديدة لشركات الطيران الروسية، من إيرباص وبوينج هذا العام.
كما أوقفت شركة بوينغ، التي كانت نشطة في روسيا منذ أواخر التسعينيات، عملياتها في حرمها التدريبي في موسكو، حيث كانت تدرِّب آلاف الطيارين كل عام، لمحاكاة الطيران والصيانة والتدريب على المقصورة.
في غضون ذلك، قالت شركة Embraer البرازيلية، وهي مورد آخر للطائرات لشركات النقل الروسية، إنها تلتزم بالعقوبات.
كما أوقفت شركات رولس-رويس وسفران وجي إي للطيران، توفير خدمات الدعم مؤقتًا.
سرقة الطائرات
وقال بيتر والتر، مدير الشؤون الفنية وإدارة الأصول في "أي بي آي": "نظرًا لأن قطع الغيار محدودة، نتوقع أن نرى الطائرات الموجودة على الأرض في روسيا، تتعرض للسرقة للحصول على قطع غيار للحفاظ على بقية الأسطول قيد التشغيل".
وسيعيد ذلك، المشاهد نفسها التي حدثت في إيران، حيث واصلت شركات الطيران رحلاتها، رغم تعرُّض البلاد لعقوبات اقتصادية بسبب برنامجها النووي.
حيث تمكنت بعض شركات الطيران الإيرانية، من تأمين طائرات وقطع غيار من الخارج، عن طريق التهرب من العقوبات.
واتخذت الولايات المتحدة عام 2013 إجراءات ضد شركات وأفراد في قيرغيزستان وأوكرانيا، لتأجيرها وبيعها لشركتي طيران إيرانيتين، في ما وصفتها بـ "محاولة الالتفاف على العقوبات".
وقال مسؤول تنفيذي في صناعة الطيران الروسية، إن روسيا قد تضطر في النهاية إلى محاولة تطوير أجزاء الطائرات وقطع غيارها الخاصة. ووفقًا لوكالة أنباء تاس، وضعت وزارة النقل الروسية السبت مشروع قانون لمساعدة شركات الطيران، بما في ذلك مقترحات من شأنها السماح لشركات "الطرف الثالث" بالتدخل وصيانة الطائرات.
في حين أن فقدان قطع الغيار سيكون تحديًا خطيرًا إذا استمرت العقوبات لأشهر، فإن شركات الطيران ستغرق في أزمة فورية إذا فُصلت عن شبكة أنظمة التكنولوجيا الخلفية، التي تدعم الطيران التجاري الحديث.
وبعد أن اعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، حظر الرحلات الجوية الروسية من المجال الجوي الأمريكي، تحركت الحكومة البريطانية بعد ذلك بـ 48 ساعة لاستبعاد قطاع الطيران من سوق التأمين وإعادة التأمين في لندن.