فتح باب الترشح لرئاسة العراق.. هل يتوافق السياسيون على مرشح للمنصب الرفيع؟
يأتي قرار البرلمان العراقي، بعد أيام من قرار المحكمة الاتحادية الذي يرى أن إعادة فتح باب الترشيح غير دستوري، ما لم يخضع للتصويت في البرلمان.

السياق
بحضور 265 برلمانيًا، منح البرلمان العراقي اليوم السبت، الضوء الأخضر، لفتح باب الترشح لرئاسة العراق، من الغد ولمدة ثلاثة أيام.
وقال المركز الإعلامي لمجلس النواب العراقي، في بيان، إن المجلس عقد جلسته بحضور 265 نائباً، مشيرًا إلى أن 203 نواب صوتوا لصالح فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، بينما امتنع 62 عن التصويت.
وأوضح المركز الإعلامي، أنه استنادًا إلى قانون أحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) لسنة 2012 وموافقة مجلس النواب، على إعادة فتح باب الترشح لتولي منصب رئيس الجمهورية، يعلن المجلس فتح باب الترشُّح لتولي المنصب.
وناشد البرلمان، الراغبين بالترشُّح ممن تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها، تقديم طلباتهم التحريريـة مشفوعة بالوثائق الرسمية، التي تثبت توافر الشروط فيهم مع سيرهم الذاتية، إلى الدائرة القانونية في مجلس النواب، أثناء أوقات الدوام الرسمي.
شروط الترشح
وأشار البيان إلى أن الشروط الواجب توافرها في المرشح: أن يكون عراقياً بالولادة ومن أبوين عراقيين، وأن يكون كامل الأهلية وأتم الأربعين عامًا، وأن يكون ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية، ومن المشهود لهم بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن».
الشروط التي أعلنها البرلمان، تضمنت -كذلك- ألا يقل تحصيل المرشح الدراسي عن الشهادة الجامعية الأولية المعترف بها من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق، وأن يكون غير محكوم عليه بجريمة مخلة بالشرف، وألا يكون من المشمولين بأحكام إجراءات قانون المساءلة والعدالة، أو أي إجراءات تحل محلها.
مقترح تشكيل اللجان النيابية الدائمة، كان ضمن جدول أعمال جلسة التصويت على فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إلا أن رئاسة مجلس النواب، أعلنت عقد اجتماع مع رؤساء الكتل لحسم تسمية اللجان النيابية، كاشفة عن تأجيل التصويت إلى الجلسة المقبلة.
يأتي قرار البرلمان العراقي، بعد أيام من قرار المحكمة الاتحادية الذي يرى أن إعادة فتح باب الترشيح غير دستوري، ما لم يخضع للتصويت في البرلمان.
انقسام وخلافات
إلا أن الخلافات السياسية، التي شهدتها الساحة العراقية خلال الأيام الأخيرة، عكست حجم الانقسام بين الأحزاب الرئيسة، في بلد غالبًا ما تتخذ فيه القرارات المهمة بالتوافق، وعلى أساس مفاوضات تجرى بعيدًا عن الأضواء، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وقالت الوكالة إنه في الوقت الذي يعد المنصب من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي كان يتزعمه الراحل جلال طالباني، وشغل أعضاؤه المنصب منذ عام 2004، يتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني -بزعامة مسعود بارزاني- بتقديم مرشح للمنصب.
وأشارت إلى أن الديمقراطي الكردستاني دخل بتحالف كبير يقوده زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي يشغل أكبر عدد من المقاعد، ويضمّ تكتلاً سُنياً كبيرًا من مجموعة أحزاب أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
نصاب الثلثين... صعب
ويحتاج انتخاب رئيس الجمهورية، أن يكون نصاب الجلسة الثلثين؛ أي أكثر من 220 نائبًا، وهو أمر يبدو صعبًا مع مقاطعة الإطار التنسيقي، بحسب «الفرنسية»، التي قالت إنه بين الـ25 مرشحًا على منصب رئاسة الجمهورية، سياسيون مخضرمون، أبرزهم الرئيس الحالي برهم صالح، القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
كان وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري، المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، من أبرز المشاركين قبل أن ترفض المحكمة الاتحادية ترشيحه، بعد شكوى قدمها نواب على خلفية تهم بفساد مالي وإداري.
وبموجب عرف سياسي متبع في العراق منذ 2006، فإن الكورد يشغلون منصب رئيس الجمهورية، والسُّنة رئاسة البرلمان، والشيعة رئاسة الحكومة.
وانتخاب رئيس جديد للبلاد، خطوة لابد منها للمضي قدمًا في تشكيل الحكومة، وفق دستور البلاد، عقب الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في أكتوبر الماضي.
ويحضر الإطار التنسيقي لمشروع جديد لتمرير رئيس الجمهورية، إلا أنه سيحتاج إلى تأييد كبير من نواب البرلمان بعدد يقدر بثلثي النواب، حسب آخر تفسير للمحكمة الاتحادية.
إلا أن زعيم التيار الصدري، الذي فاز بأعلى مقاعد في البرلمان العراقي في انتخابات أكتوبر الماضي، يرفض إشراك بعض القوى الشيعية في الحكومة، وتحديدًا رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، في موقف أثار غضب القوى الشيعية، التي ترى الأمر «إقصاءً لها»؛ ما دفعها للضغط -بشتى الطرق- لإقناع زعيم التيار للعدول عن رأيه.
لعبة الأرقام
وبحسب وسائل إعلام محلية، رغم أن الإطار التنسيقي يزعم أنه تمكن من جمع 130 نائبًا برلمانيًا لتمرير مشروعه بشأن رئيس الجمهورية، فإنه ما زال يملك عددًا أقل مقارنة بمقاعد التحالف الثلاثي الذي يزيد على 170.
ويقضي مشروع الإطار التنسيقي، بالإبقاء على برهم صالح، رئيسًا للجمهورية، في محاولة لإعادة سيناريو 2020، بعد إطاحة حكومة عبدالمهدي، والقبول مرة أخرى بالكاظمي لولاية ثانية في رئاسة الحكومة.
خطة للإطار التنسيقي، يبذل من أجل تحقيقها الغالي والنفيس، بحسب مراقبين، أشاروا إلى أن التهديدات التي وجهت لبعض النواب -خاصة المستقلين- من فصائل مسلحة، إضافة إلى رسالة طهران التحذيرية الموجهة إلى مناطق القوى السُّنية، تأتي ضمن المشروع الإيراني بتمرير تلك الخطة، ومحاولة لتفتيت التحالف الثلاثي.