نظام التعليم الإماراتي يدفع من أجل السلام والتسامح الديني

تساءل ماركوس شيف: ما الذي يجعل المناهج الدراسية الإماراتية استثنائية للغاية؟ وكيف تؤثر الكتب المدرسية على آفاق السلام في الشرق الأوسط؟.

نظام التعليم الإماراتي يدفع من أجل السلام والتسامح الديني

ترجمات - السياق

أشاد الرئيس التنفيذي لمعهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (IMPACT-se)، ماركوس شيف، بنظام التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي قال إنه يدفع من أجل السلام والتسامح الديني.

وقال شيف، في تقرير لـ"المجلس الأطلسي": رغم أن التعليم مفتاح تعزيز بناء مجتمعات مسالمة ومتسامحة، فإنه يمكن أن يكون أيضاً أداة للتطرف السياسي والديني يستغلها الفاعلون السيئون، إذ أن التعليم لا يكشف عما يؤمن به المجتمع في الوقت الحاضر فحسب، بل عما يطمح إليه في المستقبل أيضاً، فهو بقوة التنبؤات السياسية نفسها.

وتابع: "ولهذا السبب فإنه عندما تبذل دولة ما جهوداً كبيرة لتعليم طلابها احترام الآخر، والتسامح الديني، وصنع السلام كطريقة لحل النزاعات فإنه يجب الإشادة بها، وفي هذه الحالة، هذا البلد هو الإمارات العربية المتحدة".

وتساءل: "ما الذي يجعل المناهج الدراسية الإماراتية استثنائية للغاية؟ وكيف تؤثر الكتب المدرسية على آفاق السلام في الشرق الأوسط؟".

استمرار الخوف

وقال ماركوس شيف: "يعد التعليم القياسي العالمي ظاهرة جديدة نسبياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ أنه على عكس الغرب، فإن المناهج في العديد من البلدان، ذات الأغلبية العربية أو المسلمة، تُكتب وتُنشر مباشرة من قِبل الدولة، حيث يتلقى الطلاب عادةً كتاباً واحداً لكل مادة في كل فصل دراسي، يحتوي على المعلومات المعتمدة رسمياً، والتمارين التي على الطلاب حلها، وإدراكاً لقوة هذه العملية، حوَّلت بعض السلطات التعليم إلى سلاح لتعزيز المشاعر والمعتقدات السلبية تجاه أعداء الدولة، وتم توجيه ذلك إلى أقليات عِرقية ومجموعات دينية، فضلاً عن البلدان الواقعة خارج حدودها".

وأشار شيف إلى أنه تاريخياً، كان اليهود وإسرائيل الهدف الأساسي للشيطنة في المنطقة، وهو ما رآه أمراً غير مفاجئ، مضيفاً أن بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستخدم المناهج لاستمرار الخوف والكراهية على نطاق واسع، من خلال التفسيرات الدينية المتطرفة، والتشوهات التاريخية، وفي بعض الحالات، نظريات المؤامرة الصريحة، وهو ما قال إنه "يحرم شبابهم من رؤية بديلة للسلام والازدهار المتبادل".

ورأى الكاتب أنه عام 2011، أصبحت قيادة الإمارات على دراية بهذا النمط، واتخذت إجراءات صارمة ضد التطرف، الذي أثارته جماعة الإخوان المسلمين في الدولة سنوات عدة، ومن خلال عملية الابتكار والتحول التي بدأت عام 2016، اتخذت أبوظبي خطوات لضمان أن يخدم التعليم الوطني المصلحة الإماراتية الجديدة.

الاتفاقات الإبراهيمية

وقال شيف إنه قبل توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية عام 2020، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وضعت الإمارات الأساس لسلام حقيقي بين الشعبين، من خلال الاستفادة من قوة الكتب المدرسية، إذ يتم إعداد الطلاب لمستقبل يتعايش فيه الفخر القومي والعِرقي والديني مع قيم الانفتاح والتنوع والمواطنة العالمية.

ووفقاً لشيف، فقد أظهرت دراسة شاملة جديدة لمعهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (IMPACT-se)، ومقره تل أبيب ولندن، أن المناهج الإماراتية تقف في طليعة تدريس هذه القيم وغيرها في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأشار إلى أن المعهد فحص المناهج الدراسية الإماراتية منذ عام 1998، باستخدام المعايير المستمدة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) كمعيار عالمي، وبعد مراجعة 220 كتاباً مدرسياً إماراتياً للصفوف من 1 إلى 12 خلال العام الدراسي 2021-2022، وجد المعهد منهجًا آخر غيَّـر نفسه، ليس للامتثال لهذه المعايير فحسب، ولكن لإعداد الإماراتيين لعصر جديد من السلام والتسامح.

وتابع: "الأمر المثير للإعجاب، الطريقة التي يتعلم بها الأطفال في الإمارات، إذ يتم تعليمهم الحوار والتفكير النقدي بدلاً من الحفظ، كما تتحدث الكتب المدرسية عن أهمية التفاعل مع المختلفين عنهم، وتوضح حق الناس في الاحترام والكرامة، بمن في ذلك غير المسلمين وغير العرب وغير مواطني الإمارات، فهم لا يقومون بتدريس ذلك كمبدأ فحسب، لكنهم يوضحون أيضاً أنه يؤدي إلى فوائد ملموسة للأفراد والمجتمع".

أسلوب الحياة

قال ماركوس شيف: "يركز المنهج أيضاً على المشاعر والتجارب التي تمنح معنى للحياة، فهو يتحدث عن أسلوب الحياة الصحي، واتخاذ الشخص موقفاً إيجابياً، وتجربة ومشاركة السعادة مع الآخرين، بما في ذلك أولئك الموجودين خارج المجتمع، باعتبارها ضرورية لعيش حياة غنية ومرضية، كما تثني الدروس في الكتب المدرسية على المحبة والمودة والعلاقات الأسرية مع غير المسلمين، وتتحدث بإيجابية عن العلاقات بين الأديان، لا سيما في ما يتعلق بالمسيحية، وتعليم التسامح وقبول اليهودية، وفي تغيير مرحب به، لم يجد المعهد أي أمثلة على معاداة السامية أو التحريض تجاه اليهود في المناهج الدراسية الإماراتية".

ورأى شيف أن الشيء الرائد حقاً في المناهج الإماراتية، كيفية استخدام الدولة لموادها التعليمية الإسلامية لتعزيز هذه القيم، إذ تؤكد الكتب -من خلال استخدام الآيات القرآنية والأحاديث- أهمية السلام والتسامح مع غير المسلمين، كما أنها ترفض ربط التطرف والعنف باعتبارهما من سمات الإسلام، ولكن على العكس من ذلك، فإن الكم الهائل من المواد الإسلامية التي تستخدم والتي تُعلِّم التسامح واحترام المسيحيين واليهود، مصدر إلهام، كما أنه لم يتم تبني هذه القيم من خلال النصوص المكتوبة فحسب، ولكن باستخدام الصور والرسوم التوضيحية في الكتب المدرسية عبر مختلف الصفوف والموضوعات، حسب شيف.

واقعية المناهج

ذكر الكاتب أنه في غضون أسابيع من توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، تم الحديث عن هذه الاتفاقية في ثلاثة كتب تعليمية إسلامية منفصلة للصفوف السادس والثامن والثاني عشر، كما طُلب من الطلاب كتابة مقالات عن آثارها الإيجابية، وتم تعديل المواد المعادية لإسرائيل إن لم تتم إزالتها، إذ لم تعد هناك فقرات تقدم معلومات ومؤامرات معادية للسامية، وبينما يتم الاستمرار في تدريس الالتزام بالقضية الفلسطينية، تجدر الإشارة إلى أنه تمت إزالة الجزء الذي قدَّم القضية على أنها "أساس الصراعات في الشرق الأوسط".

وأوضح الكاتب أن الكتب المدرسية في الإمارات تتخذ موقفاً أكثر واقعية، في ما يتعلق بالقضايا السياسية والأمنية الإقليمية، إذ يتم تصوير إيران على أنها فاعل معاد، كما تتم الإشادة بخدمة الوطن، بما في ذلك الاستشهاد في الدفاع عنه، كما تتضمن المناهج دروساً عن حل النزاعات وصنع السلام.

ونهاية التقرير، قال شيف إن دعم السلام والتسامح الديني في المناهج الإماراتية، يعكس تغييراً جذرياً في القيم التي تسعى أبوظبي إلى نقلها للجيل القادم.