حرب أوكرانيا.. انفجارات تهز كييف ووقف إطلاق في ماريوبول لإجلاء المدنيين

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن قوات بلاده لا تستهدف سوى البنية التحتية العسكرية في أوكرانيا، مشدداً على أن روسيا مستعدة منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا لتوفير ممرات آمنة. 

حرب أوكرانيا.. انفجارات تهز كييف ووقف إطلاق في ماريوبول لإجلاء المدنيين

السياق

مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا يومها العاشر، وغداة الصدمة التي أحدثها قصف أكبر محطة طاقة نووية بأوروبا في زابوريجي، أعلنت روسيا وقفًا لإطلاق النار في ماريوبول، لإجلاء المدنيين من هذا المرفأ الاستراتيجي الواقع شرقي أوكرانيا.

كان رئيس بلدية ماريوبول، أعلن السبت أن القوات الروسية تحاصر المدينة، وتشن "هجمات بلا رحمة" عليها.

وكتب فاديم بويتشينكو على تطبيق تلغرام: "منذ خمسة أيام تتعرض مدينتنا وأسرتنا -التي تتألف من نصف مليون شخص- لهجمات بلا رحمة"، داعيًا إلى "مواصلة المقاومة".

وأضاف: "نبحث عن حلول للمشكلات الإنسانية والسبل الممكنة لإخراج ماريوبول من الحصار"، مؤكدًا أن "أولويتنا هي وقف إطلاق النار حتى نتمكن من إعادة البنية التحتية الحيوية، وإقامة ممر إنساني لجلب الغذاء والدواء إلى المدينة".

وبعيد ذلك، أعلنت روسيا وقفًا لإطلاق النار، للسماح بإجلاء المدنيين من ماريوبول ومدينة ثانية شرقي أوكرانيا، بعد مشاورات بين ممثلين لكييف وموسكو.

ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزارة الدفاع أن "الجانب الروسي يعلن نظام إسكات" السلاح من الساعة السابعة بتوقيت غرينتش و"فتح ممرات انسانية لإجلاء المدنيين من ماريوبول وفولنوفاخا".

وستشكل سيطرة موسكو على هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 450 ألف نسمة، الواقعة على بحر آزوف، نقطة تحول مهمة في غزو أوكرانيا.

فهي ستسمح بربط القوات الروسية، القادمة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، بعد استيلائها على مرفأين رئيسين في بيرديانسك وخيرسون، من جهة والقوات الانفصالية والروسية في دونباس من جهة أخرى.

ويحتل الجيش -منذ الجمعة- محطة زابوريجيا للطاقة النووية جنوبي شرق أوكرانيا، حيث أدى قصف مدفعي -حسب الأوكرانيين- إلى نشوب حريق فيها، وتنفي موسكو أن تكون تسببت بذلك.

وهذا الهجوم على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، تتألف من ستة مفاعلات، سبب صدمة للمجتمع الدولي.

وقالت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد، في مجلس الأمن الدولي الجمعة، إنه "تهديد هائل لأوروبا والعالم".

إلى ذلك أفادت مصادر أوكرانية، بدوي سلسلة انفجارات في العاصمة كييف. وذكرت وسائل إعلام أوكرانية أن أربعة انفجارات هزت كييف خلال أقل من ساعة.

البنية التحتية 

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، السبت، إن قوات بلاده لا تستهدف سوى البنية التحتية العسكرية في أوكرانيا، مشدداً في مؤتمر صحافي في موسكو، على أن "روسيا مستعدة منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا لتوفير ممرات آمنة". 

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، صباح السبت، إقامة "ممرات إنسانية" في مدينتي ماريوبل وفولنوفاخا الأوكرانيتين، واللتان تحاصرهما القوات الروسية، مشيرة إلى أن القوات الروسية، ستسير في "وضع صامت" لضمان أمن تلك الممرات الإنسانية.

تقدم روسي

قالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديث استخباراتي، السبت، إن معدل الضربات الجوية والمدفعية الروسية في أوكرانيا خلال الـ24 ساعة الماضية، أقل مما كان عليه في الأيام السابقة، لكنها أشارت إلى أن القوات الروسية تتقدم في جنوب البلاد.

وأوضحت وزارة الدفاع البريطانية على تويتر، أن "أوكرانيا تواصل السيطرة على المدن الرئيسية في خاركوف وتشيرنيغوف وماريوبِلْ".

وأضافت أن "هناك تقارير عن قتال في الشوارع في مدينة سومي، ومن المرجح جداً أن جميع المدن الأربع محاصرة من قبل القوات الروسية".

ستة أضعاف تشيرنوبيل

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي سيتحدث إلى مجلس الشيوخ الأميركي عبر الفيديو السبت: "نجونا من ليلة كان يمكن أن تضع حدًا للتاريخ، لتاريخ أوكرانيا، لتاريخ أوروبا". وأضاف أن انفجارا في زابوريجيا كان سيعادل "ستة أضعاف" انفجار تشيرنوبيل.

ونفت موسكو -بشكل قاطع- الهجوم على الموقع. وأكد السفير الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا، أن هذه "كذبة".

وفي موسكو، اتهمت وزارة الدفاع الروسية "مجموعات من المخربين الأوكرانيين بمشاركة مرتزقة" بالوقوف وراء الحادث.

وأعلنت دول مجموعة السبع أنها "ستفرض عقوبات قاسية جديدة ردًا على العدوان الروسي".

من جهته، أصر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، على ضرورة "إنهاء" هذا النزاع، لكنه أكد أن الحلف لا يمكنه تلبية طلب فرض منطقة حظر جوي  لتجنُّب الانجرار إلى الصراع.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن "الطريقة الوحيدة لفرض شيء مثل منطقة حظر الطيران، إرسال طائرات من الناتو إلى المجال الجوي الأوكراني وإسقاط الطائرات الروسية، وقد يؤدي ذلك إلى حرب شاملة".

 

تخدير ذاتي

رد الرئيس زيلينسكي بحدة. وقال في تسجيل فيديو نشرته الرئاسة الأوكرانية، إن الحلف "منح الضوء الأخضر لمواصلة قصف مدن وقرى أوكرانية، ورفض فرض منطقة حظر طيران".

وأضاف أن دول الناتو أقنعت نفسها "بأن حظرًا للطيران فوق أوكرانيا، من شأنه أن يؤدي إلى عدوان روسي مباشر ضد الناتو"، مشيرًا إلى أنها "عملية تخدير ذاتي للضعفاء، الذين يفتقدون السلام الداخلي، بينما يمتلكون أسلحة أقوى بكثير من أسلحتنا".

في الوقت نفسه أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة أنه تم تسليم القوات الأوكرانية "في مواقع عدة(...) معدات بـ 240 مليون دولار بما في ذلك بعض أهم المعدات مثل تلك المضادة للدروع".

وذكر ميخايلو بودولاك مستشار الرئاسة الأوكرانية، أن جولة ثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية قد تعقد السبت أو الأحد.

لكن فرص تحقيق تقدم تبدو ضئيلة جدًا، فقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن الحوار مع كييف لن يكون ممكنا إلا حال قبول "المطالب الروسية" بما في ذلك ضمان وضع أوكرانيا  كدولة "محايدة وغير نووية" و"إخلائها الإجباري من السلاح".

ولم تفض جولتان من المحادثات، على الحدود الأوكرانية البيلاروسية ثم على الحدود البولندية البيلاروسية، إلى وقف القتال، لكن الطرفين اتفقا على إقامة "ممرات إنسانية" لإجلاء المدنيين.

بعد عشرة أيام من الحرب، من المستحيل التحقق من الأرقام بشكل مستقل، فقد أعلنت موسكو سقوط 2870 قتيلًا في الجانب الأوكراني و498 في الجانب الروسي، لكن كييف تتحدث عن قتل أكثر من تسعة آلاف جندي روسي.

 

"فبركة" دعائية

أكد فلاديمير بوتين أن القوات الروسية لا تقصف كييف والمدن الأوكرانية الكبرى، ووصف المعلومات عن عمليات التدمير التي تقوم بها موسكو بـ "التلفيق الدعائي الجسيم".

في روسيا شدد الكرملين قمعه لكل الأصوات المعارضة للنزاع.

منذ بدء الهجوم في 24 فبراير تجرى عمليات اعتقال وإغلاق وسائل الإعلام المستقلة القليلة المتبقية، وإصدار نصوص قمعية، بينما يقدم الكرملين ووسائل الإعلام الروسية الرئيسة النزاع على أنه "عملية عسكرية خاصة".

ووقع  فلاديمير بوتين الجمعة قانونًا ينص على عقوبة بالسجن تصل إلى 15 عامًا لمن ينشر "معلومات كاذبة".

وأعلنت وكالة الأنباء المالية بلومبرغ وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تعليق نشاط صحفييها مؤقتًا، كما أوقفت شبكة "سي إن إن" الأميركية بث برامجها في روسيا.

كما أعلنت شبكة "سي بي سي/إذاعة كندا" تعليق عمل صحفييها موقتًا "بسبب القانون عن بث "أخبار كاذبة بشأن الجيش"، مشيرة إلى أنه "يهدف إلى تجريم التغطية الصحفية الحيادية والموضوعية للوضع الحالي في أوكرانيا وروسيا".

وفر أكثر من 1.2 مليون لاجئ من أوكرانيا، حسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة، ما أدى إلى تعبئة كبيرة لاسيما في البلدان المجاورة.

وقال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعًا جديدًا طارئًا الاثنين، لمناقشة الأزمة الإنسانية، بينما حذر برنامج الغذاء العالمي من نقص الإمدادات الغذائية، في المناطق المتضررة من الحرب.

في إطار العقوبات، أعلنت إيطاليا الجمعة أنها صادرت يخت رجل أعمال روسي مقرب من فلاديمير بوتين، وتشمله عقوبات الاتحاد الأوروبي.

وكتب فرديناندو جوليانو المستشار الصحفي لرئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي عبر "تويتر" أن "الشرطة الإيطالية صادرت يختًا بـ 65 مليون يورو يملكه أليكسي مورداشوف ويرسو في إمبيريا (شمالي غرب) بموجب العقوبات الأخيرة للاتحاد الأوروبي".

ومورداشوف هو مالك مجموعة الصلب "سيفرستال" وأحد أفراد الأوليغارشية  الروسية، الذين أدرجهم الاتحاد الأوروبي على لائحته السوداء.

من جهة أخرى، اتخذت شركات جديدة قرارًا بالابتعاد عن روسيا. فأوقفت مجموعة "سامسونغ إلكترونيكس" الكورية الجنوبية صادراتها إلى روسيا، حيث تسيطر على ثلث سوق الهواتف الذكية.

كانت مجموعة مايكروسوفت الأميركية العملاقة للكمبيوتر علقت الجمعة أي "مبيعات جديدة" لمنتجاتها وخدماتها في هذا البلد، بينما قررت مجموعة الصناعات الفاخرة الأولى في العالم "إل في إم إتش" إغلاق 124 متجرًا لها موقتًا".

 

حرب عصابات اقتصادية

قال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، إن بلاده تواجه ما وصفها بـ"حرب عصابات اقتصادية" من معظم الدول، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية المكثفة المفروضة على موسكو.

وتعهد متحدث الكرملين، بأن موسكو سترد على تلك العقوبات.

وبشأن التشريعات التي أقرتها روسيا، الجمعة، التي تعاقب على نشر "أخبار كاذبة" تتعلق بالجيش الروسي، قال بيسكوف إن بلاده "في وضع استثنائي يتطلب إجراءات استثنائية"، مشيرًا إلى أن القانون "كان ضروريًا بسبب الحرب الإعلامية غير المسبوقة على روسيا"، حسب وصفه.