من أين لك هذا؟.. كيف يحارب عبدالمجيد تبون الفساد في الجزائر

ينظر رجال السياسية بكثير من الاهتمام، إلى مثل هذه القرارات التي أصبحت تشكل ملامح السياسية الجديدة للرئيس عبدالمجيد تبون، الذي يبدو أنه يريد الدفع نحو بناء اقتصاد جديد للبلاد خالٍ من الفساد.

من أين لك هذا؟.. كيف يحارب عبدالمجيد تبون الفساد في الجزائر

ترجمات - السياق

تساءلت مجلة أفريكا ريبورت الفرنسية، عن الطريقة التي من الممكن أن يحارب بها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الفساد بين موظفي الخدمة المدنية، بعد تركيزه على العمل الوقائي لمحاربة الفساد، بدءًا من تحديد شروط جديدة ودقيقة لإعلان الصفقات والمناقصات في الجرائد.

ووجَّه تبون بضرورة استحداث هيئة جديدة، للتحري في مظاهر ثراء الموظفين العموميين بلا استثناء، من خلال إجراءات قانونية صارمة لمحاربة الفساد، عملًا بمبدأ "من أين لك هذا؟".

ويفتح مشروع القانون الجديد، الحديث عن السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، حيث تسعى الجزائر إلى مراجعة اللوائح القانونية التي تحارب الفساد، خاصة تلك التي تتعلق بتحويل الأملاك العمومية والتجارية، وشروط إعلان الصفقات والمناقصات العمومية.

وينظر رجال السياسية بكثير من الاهتمام، إلى مثل هذه القرارات التي أصبحت تشكل ملامح السياسية الجديدة للرئيس عبدالمجيد تبون، الذي يبدو أنه يريد الدفع نحو بناء اقتصاد جديد للبلاد خالٍ من الفساد.

 

زلزال

وترى "أفريكا ريبورت" أن إنشاء هيئة عليا للتحقيق في الفساد بين موظفي الخدمة المدنية، سيثير العديد من المخاوف، مشيرة إلى أن هذا الإعلان كان له تأثير يشبه الزلزال، عبر الإدارات الجزائرية ومؤسسات الدولة، إذ إنه لأول مرة، يجرى التحقيق مع الموظفين العموميين، إذا كانت أصولهم لا تعكس مستوى رواتبهم، أو لا تبررها موارد أخرى، مثل ميراث الأسرة.

كان الرئيس عبدالمجيد تبون، قد أمر بتسريع عملية تعزيز الإطار التشريعي للحياة العامة ومحاربة الفساد، لمواءمته مع التعديلات التي أدخلها الإصلاح الدستوري في 1 نوفمبر 2020.

وحسب المجلة، يعد القرار الأول من نوعه في تاريخ الجزائر منذ الاستقلال، فرغم العديد من القوانين، التي تحارب الرشوة والفساد الإداري ومظاهر الثراء، فإن الجزائر لم تعرف ميلاد هيئة بهذا الوزن.

وذكرت "أفريكا ريبورت" أن القرار جاء بعد أن أرهقت الجرائم المالية الخزينة الجزائرية عقودًا طويلة، وتسببت في خسارة الجزائر أكثر من 200 مليار دولار بحسب تقديرات الخبراء، بما تعرف قضائيًا بـ"فضيحة "الأموال المنهوبة" التي تسعى الجزائر منذ عامين لاستعادتها بكل الطرق.

 

الطريق الصحيح

وترى "أفريكا ريبورت" أن الجزائر بتطبيق قانون الشفافية الجديد، تسير على الطريق الصحيح، إلا أنها شددت على أهمية تحديد المهمة بدقة، حتى تستطيع الهيئة المستحدثة الوصول إلى مناطق الفساد واستئصاله.

وأوضحت أن هذه الهيئة -إضافة إلى المسؤولين البسطاء الذين يتولون مساعدتها حسب طلب الرئيس تبون- ستكون مسؤولة عن التحقيق مع موظفي الخدمة المدنية، خصوصًا أولئك الذين يعيشون أسلوب حياة لا يتناسب مع دخلهم، مشيرة إلى أن "البعض يملك عقارات فاخرة رغم أن رواتبهم لا تتجاوز 200 دينار جزائري".

ورغم أن هدف استحداث هذه الهيئة هو محاربة الفساد، فإن "أفريكا ريبورت" ترى أن هناك العديد من الانتقادات لهذا الإجراء، إذ يخشى البعض وجود ثغرات تضر بآخرين من دون تمييز.

ورغم هذه الانتقادات، فإن المجلة الفرنسية، أكدت أن قانون محاربة الفساد الجديد، له امتيازات عدة، أبرزها أن السلطة تريد إرسال إشارة قوية بأن: "مطاردة الفساد ستعيد الحد الأدنى من الثقة إلى المواطنين".

لن ينام القضاة

وتؤكد "أفريكا ريبورت" أنه بعد استحداث قانون الفساد الجديد، فإن الجميع سيكونون في مواجهة القانون والمساءلة، لأنه، بحسب المسؤولين الجزائريين "يجب ألا تتراك محاربة الفساد أحداً، سواء أسفل الدولة أو أعلى رأسها".

وعن الوسائل التي ستكون متاحة للسلطة العليا، أكدت المجلة الفرنسية، أنه سيكون من الضروري عدم عرقلة عمل رجال الهيئة من أي جهة، كما أنه يتعين على السلطات الضريبية الجزائرية أو البنوك أو حتى الإدارات التعاون، للوصول إلى لأقصى درجة من الشفافية.

وأشارت إلى أن عددًا من المراقبين الجزائريين، يتساءلون عن الهيكل التنظيمي لهذه الهيئة، وطبيعة الأعضاء، وهل ستتكون من قضاة أو إداريين، حيث يخشى المراقبين أن يطول الأمر، ويتعثر مشروع إنشاء الهيئة.

وأوضحت أنه في انتظار صدور النصوص التنظيمية، فإن خبراء القانون يتوقعون أن تتشكل هذه الهيئة من عدد من المؤسسات والشخصيات الوطنية، إضافة إلى الضبطية القضائية والمجتمع المدني وأصحاب الخبرة القانونية، كما من المتوقع أن تكون للأعضاء صلاحيات تحريك الدعوة العمومية، ضد المسؤولين الذين تظهر عليهم مظاهر الثراء الفاحش، بشكل قياسي مثير للانتباه.

وختمت المجلة تقريرها: "يصعب قياس الفساد في الجزائر، إذ إنه بحسب صحيفة الشروق المحلية، شهدت الخزانة العامة، خسائر خلال الفترة من ديسمبر 2019 إلى سبتمبر 2020، تجاوزت 70 مليار دولار"، مشيرة إلى أنه من الممكن أن يكون المبلغ أكبر بكثير في الواقع.