الفضاء الإلكتروني.. ساحة حرب دولية جديدة

الاقتصاد المعتمد على التكنولوجيا الرقمية، معرَّض لتدهور الثقة، التي تمكن الجيوش من تجربة التقنيات الجديدة والتدريب عليها، ما يزيد احتمال التطورات الثورية في القوة العسكرية

الفضاء الإلكتروني.. ساحة حرب دولية جديدة

ترجمات - السياق

كشفت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، مخاطر التهديدات الإلكترونية على الجيوش والحكومات، متوقعة أن تسبب الهجمات السيبرانية آثارًا مادية واسعة النطاق، تشبه تلك الناجمة عن التفجيرات المفاجئة على الأراضي الأمريكية، أو تدفع الدول إلى صراع عنيف، يخلِّف خسائر بمئات المليارات من الدولارات للشركات المستهدفة.

وقالت المجلة الأمريكية، في تحقيق، إن أول مَنْ حذر من الهجمات الإلكترونية وآثارها، كان جيمس آدامز المؤسس المشارك لشركة الأمن السيبراني iDefense، الذي أكد قبل 20 عامًا، أن «الفضاء الإلكتروني سيكون ساحة حرب دولية جديدة، حيث يمكن الفوز بالحملات العسكرية المستقبلية أو خسارتها».

 

آثار خطيرة

وأوضحت أن السنوات العشرين، التي انقضت منذ تحذير آدامز، كشفت أن التهديدات الإلكترونية والهجمات الإلكترونية لها أهمية كبيرة، مشيرة إلى أنها أدت إلى التجسس وسرقة كميات كبيرة من البيانات الحساسة والمحتكرة، كما هددت انتخابات في بلدان عدة، بينها أمريكا، وحرَّضت على الحركات الاجتماعية الجماهيرية.

وأشارت إلى أنه في خضم التحذير من الهجمات السيبرانية، فات صُناع السياسة، الخطر الأكثر غدرًا الذي تشكله العمليات الإلكترونية، وهو: كيف تقوِّض الثقة التي يضعها الناس في الأسواق، والاقتصادات والحكومات، وحتى الجيوش؟

وأكدت أنه إذا كانت الثقة على المحك -وقد تآكلت بشدة- فإن الخطوات التي على الدول اتخاذها، للبقاء والعمل في هذا العالم الجديد مختلفة، تتمثل في القيام بكل ما هو ممكن لضمان عدم حدوثه، إلا أن طريقة الحفاظ على الثقة في العالم الرقمي -رغم حتمية الهجمات الإلكترونية- هي بناء المرونة وتعزيز الثقة في أنظمة التجارة والحكم والقوة العسكرية والتعاون الدولي.

وقالت «فورين أفيرز»، إنه يمكن للدول تطوير هذه المرونة من خلال استعادة الروابط بين البشر وداخل الشبكات، عبر التوزيع الاستراتيجي للأنظمة التناظرية عند الحاجة، والاستثمار في العمليات التي تسمح بالتدخل اليدوي والبشري، مشيرة إلى أن مفتاح النجاح في الفضاء الإلكتروني على المدى الطويل، لا يكمن في طريقة لهزيمة الهجمات الإلكترونية، لكن تعلُّم كيفية البقاء على قيد الحياة، رغم الاضطراب والدمار الذي تسببه.

 

هجمات 11 سبتمبر إلكترونية

ورغم أن الولايات المتحدة، لم تشهد حتى الآن «هجمات 11 سبتمبر الإلكترونية»، ومن غير المحتمل في المستقبل حدوث هجوم إلكتروني، يتسبب في آثار مادية كارثية فورية، بحسب المجلة الأمريكية، فإن ثقة الأمريكيين بحكومتهم ومؤسساتهم وحتى مواطنيهم آخذة في التدهور، ما يضعف أسس المجتمع ذاتها.

وأوضحت المجلة الأمريكية، أن الهجمات الإلكترونية تفترس نقاط الضعف هذه، وتزرع عدم الثقة في المعلومات، وتسبب الارتباك والقلق، وتزيد الكراهية والمعلومات المضللة، مشيرة إلى أنه مع نمو التبعيات الرقمية للأشخاص، فإن هذا التهديد الإلكتروني للثقة، سيصبح أكثر خطورة.

نقطة أخرى، حذرت منها المجلة الأمريكية، وهي انعدام الثقة، التي تلعب دورًا مركزيًا في الاقتصادات والمجتمعات والنظام الدولي، مشيرة إلى أنها كالمادة اللاصقة، التي تسمح للعلاقات المعقدة بالبقاء، والسماح للأسواق بأن تصبح أكثر تعقيدًا، والحوكمة لتتوسع وتشمل عددًا أكبر من السكان أو مجموعة من القضايا.

وأكدت أن السوق الحديثة، لا يمكن أن توجد من دون الثقة، التي تسمح بتفويض المسؤولية إلى كيان آخر، فالمواطنون يثقون بأن العملات لها قيمة، وأن البنوك يمكنها تأمين الأصول وحمايتها، وأن سندات الدين على شكل شيكات أو بطاقات ائتمان أو قروض سيتم الوفاء بها، ما يزيد الأجور والأرباح والعمالة، إلا أن الثقة في القوانين المتعلقة بحقوق الملكية، تسهل التجارة والازدهار الاقتصادي، وتجعل الاقتصاد الرقمي هذه الثقة المعممة أكثر أهمية، فالناس لم يعودوا يودعون الذهب في خزنة بنكية.

 

انعدام الثقة

ورغم ذلك، فإن «فورين أفيرز» حذرت من أن الاقتصاد المعتمد على التكنولوجيا الرقمية، معرَّض لتدهور الثقة، التي تمكن الجيوش من تجربة التقنيات الجديدة والتدريب عليها، ما يزيد احتمال التطورات الثورية في القوة العسكرية.

وأشارت إلى أن الثقة تملي أيضًا استقرار النظام الدولي، فالدول تعتمد عليها في بناء اتفاقيات التجارة والحد من الأسلحة، والأهم من ذلك، للشعور بأن الدول الأخرى لن تشن هجومًا ولا غزوًا مفاجئًا.

ودللت «فورين أفيزر»، على فرضيتها، بالهجوم الإلكتروني على شركة النفط الأمريكية كولونيال بايبلاين، في مايو 2021، عندما أغلقت عصابة إجرامية تعرف باسم DarkSide خط الأنابيب، الذي يوفر نحو 45% من الوقود للساحل الشرقي للولايات المتحدة، وطالبت بفدية دفعتها الشركة في النهاية.

وقالت: رغم التأثير المحدود للهجوم في قدرة الشركة على توفير النفط لعملائها، فإن الأمريكيين أصيبوا بالذعر وتوافدوا على محطات الوقود بخزانات النفط والأكياس البلاستيكية لتخزين الغاز، ما أدى إلى نقص اصطناعي في المضخة، مشيرة إلى أن هذا النوع من عدم الثقة، والفوضى التي يسببها، لا يهددان أسس الاقتصاد الرقمي فحسب، بل أسس الاقتصاد كله.

 

الملكية الفكرية

لم يقتصر الأمر على الاقتصاد، بل إن سرقة الملكية الفكرية أو الأسرار التجارية، عن طريق اختراق شبكة شركة وأخذ بيانات حساسة مشروع إجرامي مربح، تستخدمه دول مثل الصين وكوريا الشمالية، للحاق بالولايات المتحدة والدول الأخرى، الأكثر إبداعًا في التكنولوجيا.

وأوضحت «فورين أفيزر»، أن كوريا الشمالية اشتهرت باختراق شركة الأدوية Pfizer في محاولة لسرقة تكنولوجيا لقاح كورونا الخاصة بها، وأدت عمليات التسلل لأبحاث القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية، إلى تقليد التقدم التكنولوجي في تطوير الطائرات والصواريخ.

وأشارت إلى أنه كلما أصبحت هذه الهجمات أكثر اتساعًا وتعقيدًا، قلّت ثقة الشركات في أن استثماراتها في البحث والتطوير ستؤدي إلى الربح، ما يؤدي في النهاية إلى تدمير الاقتصادات القائمة على المعرفة.

وبحسب «فورين أفيزر»، فإنه لا مكان توجد فيه تهديدات الثقة أكثر من الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، فإذا لم يعد المستخدمون يثقون في إمكانية حماية بياناتهم الرقمية وأموالهم، فقد ينهار النظام المالي الحديث المعقد، على العكس من ذلك، فإن التحول نحو العملات المشفرة، التي لا يتم دعم معظمها بضمانات حكومية، يجعل الثقة في قيمة المعلومات الرقمية أكثر أهمية.

 

في قلب التهديدات

المجتمعات والحكومات أيضًا عرضة للهجمات على الثقة، بحسب المجلة الأمريكية، التي قالت إن المدارس والمحاكم والحكومات البلدية أصبحت أهدافًا لبرامج الفدية، حيث يُقطع اتصال الأنظمة أو جعلها غير مجدية حتى تدفع الضحية، مشيرة إلى أنه بينما يمكن أن يؤدي التأثير المباشر لهذه الهجمات، إلى تدهور مؤقت في الحوكمة والوظائف الاجتماعية، فإن الخطر الأكبر يتمثل في أن عدم الثقة على المدى الطويل في سلامة البيانات المخزنة من الحكومات - سواء سجلات الزواج أو شهادات الميلاد أو السجلات الجنائية أو أو تقسيم الممتلكات- يمكن أن يقوِّض الثقة في الوظائف الأساسية للمجتمع.

وقالت «فوين أفيزر»، إن اعتماد الديمقراطية على المعلومات ورأس المال الاجتماعي لبناء الثقة في المؤسسات، أثبت أنه ضعيف بشكل ملحوظ لعمليات المعلومات التي تعتمد على الإنترنت، فالحملات التي ترعاها الدولة، والتي تثير تساؤلات عن نزاهة بيانات الحوكمة (مثل فرز الأصوات) أو التي تقسم المجتمعات إلى مجموعات صغيرة من الثقة الخاصة، تؤدي إلى ظهور قوى تثير الاضطرابات وتهدد الديمقراطية.

 

الجيوش معرضة للخطر

وحذرت المجلة الأمريكية، من أنه يمكن للعمليات السيبرانية أيضًا، أن تعرض القوة العسكرية للخطر، من خلال مهاجمة الثقة في الأسلحة الحديثة، مشيرة إلى أنه مع صعود القدرات الرقمية، بدأت الدول الاعتماد على الأسلحة الذكية وأجهزة الاستشعار المتصلة بالشبكة والمنصات المستقلة لجيوشها.

وأوضحت أنه نظرًا لأن هذه الجيوش أصبحت أكثر قدرة رقمية، فقد أصبحت أيضًا عرضة للعمليات السيبرانية، التي تهدد موثوقية ووظائف أنظمة الأسلحة الذكية هذه، مشيرة إلى أنه في حين أن التركيز السابق على التهديدات الإلكترونية، ركز على كيفية عمل العمليات الإلكترونية مثل القنبلة، فإن الخطر الحقيقي يحدث عندما تجعل الهجمات الإلكترونية، من الصعب الوثوق بأن القنابل الفعلية ستعمل كما هو متوقع.

وأشارت «فورين أفيزر»، إلى أنه نظرًا لأن الجيوش تتحرك بعيدًا عن ساحة المعركة، من خلال العمليات البعيدة، ويفوِّض القادة بمسؤولية الأنظمة المستقلة، فإن هذه الثقة تصبح أكثر أهمية، ليبرزو التساؤل: هل يمكن للجيوش أن تؤمن بأن الهجمات الإلكترونية على الأنظمة المستقلة لن تجعلها غير فعالة، أو الأسوأ من ذلك، أنها ستؤدي إلى قتل الأشقاء أو المدنيين؟

 

ثقة هشة

وقالت إنه بالنسبة للجيوش شديدة الارتباط بالشبكات، مثل تلك الموجودة في الولايات المتحدة، فإن الدروس المستفادة من عصر المعلومات المبكر، أدت إلى مذاهب وحملات وأسلحة، تعتمد على التوزيعات المعقدة للمعلومات، مشيرة إلى أنه في ظل غياب الثقة في المعلومات، أو الوسائل التي تُنشر من خلالها، ستصبح الجيوش في وضع حرج، في انتظار أوامر جديدة، وعدم التأكد من كيفية المضي قدمًا.

وأكدت أن هذه العوامل تهدد أنظمة الثقة الهشة، التي تسهل السلام والاستقرار داخل النظام الدولي، إذ تجعل التجارة أقل احتمالًا، والحد من التسلح أكثر صعوبة، والدول أكثر شكًا في نوايا بعضها، كما أدى إدخال الأدوات الإلكترونية للتجسس والهجمات والسرقة، إلى تفاقم آثار عدم الثقة، ومن الصعب مراقبة القدرات السيبرانية الهجومية.

وأشارت إلى أن الافتقار إلى المعايير المتعلقة بالاستخدامات المناسبة للعمليات الإلكترونية، يجعل من الصعب على الدول الوثوق بأن الآخرين سيلتزمون بضبط النفس، لتُثار تساؤلات بينها: هل يستكشف المتسللون الروس شبكات القوة الأمريكية لشن هجوم إلكتروني وشيك، أم أنهم يبحثون فقط عن نقاط الضعف، مع عدم وجود خطط مستقبلية لاستخدامها؟ وهل العمليات الإلكترونية الأمريكية تدافع إلى الأمام حقًا لمنع الهجمات على الشبكات الأمريكية، أم أنها ستار لتبرير الهجمات الإلكترونية الهجومية على أنظمة القيادة والسيطرة الصينية أو الروسية؟

 

العيش مع الفشل

إلا أنها قالت إن الحلول الأمريكية للمخاطر في الفضاء الإلكتروني، ركزت -حتى الآن- على الجزء المتعلق بالفضاء السيبراني، من ردع التهديدات السيبرانية، ودحرها أثناء مهاجمتها لأهدافها، لكن هذه الاستراتيجيات التي تركز على الإنترنت، واجهت صعوبات بل وفشلت، فالهجمات الإلكترونية آخذة في الارتفاع، وفعالية الردع مشكوك فيها، بينما لا تستطيع الأساليب الهجومية وقف موجة الهجمات الصغيرة، التي تهدد الأسس الرقمية الحديثة في العالم.

وأكدت «فوين أفيزر»، أن الآثار الهائلة - مثل الاختراقات الأخيرة لبرامج إدارة الشبكة الخاصة بـ SolarWinds وبرنامج البريد الإلكتروني الخاص بـ Microsoft Exchange Server - ليست إخفاقًا للدفاعات الإلكترونية الأمريكية، أكثر من كونها عرضًا لكيفية تصور الأنظمة المستهدفة وبنائها في المقام الأول، مشيرة إلى أنه يجب ألا يكون الهدف وقف عمليات التطفل السيبراني، لكن بناء أنظمة قادرة على مقاومة الهجمات الواردة.

 

حلول

وشددت على أنه إذا لم يعد المستخدمون يثقون بإمكانية حماية بياناتهم وأموالهم، فقد ينهار النظام المالي الحديث، فعلى المستوى التقني، يجب أن تعطي الشبكات وهياكل البيانات، التي تدعم الاقتصاد والبنية التحتية، الحيوية والقوة العسكرية الأولوية للمرونة، ما يتطلب شبكات لامركزية وكثيفة، وهياكل سحابية مختلطة، وتطبيقات زائدة على الحاجة، وعمليات نسخ احتياطي.

وأكدت المجلة الأمريكية، ضرورة الاعتماد على النسخ الاحتياطية المادية لأهم البيانات (مثل الأصوات) والخيارات اليدوية لأنظمة التشغيل، عند عدم توفر الإمكانات الرقمية، فبالنسبة لبعض الأنظمة شديدة الحساسية (كالقيادة والسيطرة النووية)، قد تكون تلك الخيارات التناظرية، حتى عندما تكون أقل كفاءة، تنتج مرونة ملحوظة.

وأشارت إلى أن المستخدمين في حاجة إلى الوثوق بأن القدرات والشبكات الرقمية صُممت لتتحلل بأمان، بدلاً من الفشل الذريع، مؤكدة أن اختيارات تصميم القدرات والشبكات الرقمية، لن تؤدي إلى زيادة ثقة المستخدمين فحسب، بل ستقلل أيضًا الحوافز التي تدفع الجهات الفاعلة الإجرامية والجهات الحكومية، إلى شن هجمات إلكترونية.

وشددت على أن جعل البنية التحتية الحيوية والقوة العسكرية، أكثر مرونة في مواجهة الهجمات الإلكترونية، ستكون له آثار إيجابية في الاستقرار الدولي، فالبنية التحتية والسكان ستكون الأكثر مرونة والأقل عرضة للتأثيرات المنهجية طويلة الأمد للهجمات الإلكترونية، لأنها يمكن أن تتعافى بسرعة، ما يقلل الحوافز التي تدفع الدول إلى الضرب الاستباقي لخصم عبر الإنترنت، حيث إنها ستشكك في فعالية هجماتها الإلكترونية وقدرتها على إكراه المستهدفين.

وفي مواجهة هجوم صعب ومكلف وغير فعال، من غير المرجح أن يرى المعتدون فوائد مواجهة الهجوم السيبراني في المقام الأول، علاوة على ذلك، فإن الدول التي تركز على بناء المرونة والمثابرة في قواتها العسكرية الممكّنة رقميًا، أقل عُرضة لمضاعفة الضربة الأولى أو العمليات الهجومية، مثل الضربات الصاروخية بعيدة المدى أو حملات الاستباق.

وتشير المعضلة الأمنية، إلى أن الدول التي لن تخوض حربًا مع بعضها، تجد نفسها في حالة نزاع لأن كلًا منها غير متأكدة من نوايا الأخرى، وعندما تركز الدول على الدفاع أكثر من الهجوم، من غير المرجح أن تتورط في صراعات عدم الثقة وعدم اليقين.

 

الشبكات البشرية

ومع ذلك، فإن حل الجانب التقني ليس سوى جزء من الحل، بحسب المجلة الأمريكية، التي قالت إن أهم علاقات الثقة التي يهددها الفضاء الإلكتروني، هي الشبكات البشرية في المجتمع، أي التي تربط الناس كأفراد وجيران، حتى يتمكنوا من العمل لحل المشكلات، مشيرة إلى أن التهديدات الإلكترونية تقوِّض الثقة بين الناس والمجتمعات، فعلى سبيل المثال، منصات التواصل الاجتماعي، التي تنظم مجموعات من الأفراد ذوي التفكير المماثل، أو حملات التضليل التي تروِّج للانقسامات داخل المجموعة وخارجها، صُممت الخوارزميات وصوت النقرات، للترويج للغضب فقط، من أجل تحفيز هذه الانقسامات، وتقليل ثقة مَنْ هم خارج المجموعة.

وقالت «فورين أفيزر»: حان الوقت لإعادة تنشيط المجتمعات المادية، وحان كذلك للأحياء والمناطق التعليمية والبلدات، لإعادة بناء الروابط التي قُطعت لإنقاذ الأرواح أثناء جائحة كورونا، مشيرة إلى أن هذا النوع من إعادة البناء لن يأتي من وسائل التواصل الاجتماعي ولا الرؤساء التنفيذيين لتلك المنصات، ولا الأدوات الرقمية، بل يتطلب قادة شجعان يمكنهم إعادة بناء الثقة من الألف إلى الياء، وإيجاد طرق لربط المجتمعات التي انفصلت عن بعضها.

وتابعت: رغم الصعوبات والتكلفة، على الديمقراطيات والاقتصادات الحديثة، مثل الولايات المتحدة، منح الأولوية لبناء الثقة في الأنظمة التي تجعل المجتمعات تعمل، سواء كانت الشبكة الكهربائية أو البنوك أو المدارس أو آلات التصويت أو وسائل الإعلام، ما يعني خططًا احتياطية، وقرارات استراتيجية لما يجب أن يكون على الإنترنت أو رقميًا، وما يجب أن يظل تناظريًا أو ماديًا، وبناء شبكات -عبر الإنترنت وفي المجتمع- يمكنها البقاء حتى عند مهاجمة عقدة واحدة.

وأكدت أنه إذا كان بإمكان كلمة المرور المسروقة، إخراج خط أنابيب نفط، أو استمرار حساب وسائل التواصل الاجتماعي المزيف في التأثير على الآراء السياسية لآلاف الناخبين، فستظل الهجمات الإلكترونية مربحة للغاية، بحيث يتعذر على الأنظمة الاستبدادية والجهات الإجرامية مقاومتها.