غزو أوكرانيا.. بوتين يعيد الحرب التقليدية الدموية إلى أوروبا
الحملة تتبع العقيدة العسكرية الروسية لهجوم بري متعدد الجوانب، تدعمه القوات الجوية والبحرية، وعمليات في الفضاء السيبراني، وهجمات على كل شيء، من الاتصالات اللاسلكية إلى أنظمة الرادار.

ترجمات - السياق
شنت القوات الروسية، ما يبدو أنه غزو واسع النطاق على أوكرانيا، حيث تقدَّم الآلاف من القوات البرية بسرعة، في صفوف على طول المحاور المختلفة، وسبقت ذلك ضربات جوية مكثفة وصواريخ كروز وهبوط القوات المحمولة جواً، خلف الخطوط الأوكرانية.
ورأت "فايننشال تايمز" أن حجم العمليات العسكرية، يشير إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين، يعتزم احتلال أجزاء كبيرة من أوكرانيا، على المدى القصير.
وأشارت إلى أن حملات التضليل الروسية، ممزوجة بضباب الحرب، لن تسهل عمل المحللين الذين ليس لديهم يقين بما يحدث على الأرض.
ومع ذلك، فإن الحملة تتبع العقيدة العسكرية الروسية لهجوم بري متعدد الجوانب، تدعمه القوات الجوية والبحرية، وعمليات في الفضاء السيبراني، وهجمات على كل شيء، من الاتصالات اللاسلكية إلى أنظمة الرادار.
في حين أن مصطلح الحرب الهجينة، أصبح مرادفًا تقريبًا للاستراتيجية الروسية، بين العديد من صانعي السياسة الأوروبيين، فإن ما نراه الآن في أوكرانيا، عودة أسلوب حرب أكثر خطورة وأكثر دموية في أوروبا، حرب تقليدية للمناورة السريعة، وفقًا لـ "فايننشال تايمز".
ما المتوقع؟
أولًا: ستكون استراتيجية روسيا، شن ضربات جوية وصاروخية، ضد أهداف أوكرانية ذات أولوية عالية، بما في ذلك المقرات العسكرية ومحطات الرادار والدفاعات الجوية، والمطارات والمراكز اللوجستية وطرق العبور، لمنع وصول التعزيزات إلى خط المواجهة.
أوكرانيا اشترت مؤخرًا طائرات بيرقدار تي بي2 التركية من دون طيار -التي روِّج لها على أنها ستغير قواعد اللعبة في نزاع ناغورنو كاراباخ- لكن فرصها ضئيلة على المدى الطويل، أمام أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة.
ثانيًا: نقل القوات الروسية المحمولة جواً (VDV)، وهي قوة رد فعل سريع عالية الاستعداد، إلى مواقع خلف الخطوط الأوكرانية.
وهناك سيحتلون تضاريس مهمة من الناحية التكتيكية، بما في ذلك التقاطعات والجسور، ويقيمون مواقع حجب، لمنع القوات الأوكرانية من تعزيز صفوفها.
ثالثًا: ستحاول مجموعات كتائب تكتيكية -مشكلة من 700 إلى 900 فرد في مركبات قتالية مدرعة مدعومة بالمدفعية والدفاع الجوي ووحدات الحرب الإلكترونية- التقدم بسرعة إلى أوكرانيا، للسيطرة على القوات المحلية، ما يضرب مقاومتها بضربات مدفعية ضخمة.
من المرجح أن تتجنَّب القوات الروسية القتال على نطاق واسع في المدن، لأن هذه العمليات تتطلب حشدًا من الجنود، ناهيك عن أنها طويلة الأمد ودموية.
ومع ذلك، سوف يدخلون كييف، من دون مقاومة كبيرة، قد يشبه دخول القوات الروسية العاصمة الأوكرانية الغزو الأمريكي لبغداد عام 2003: سريع وبجهد ضئيل.
معنويات الجنود
أشار محللون آخرون، إلى أن روسيا تمتلك ترسانة محدودة فقط من الذخائر الموجهة بدقة، إذا أصبحت المدن بالفعل مواقع رئيسة للقتال، ويمكن لموسكو استخدام أسلحة أقل دقة، لقصف هذه المراكز الحضرية.
وتعد القوات المسلحة الأوكرانية، في وضع غير موات بشكل كبير، نظرًا لاتساع رقعة التضاريس التي تحتاج إلى الدفاع عنها، وستعتمد التطورات على كيفية التعامل مع الهجوم الروسي الأولي، وعلى قوة معنويات الجنود.
ويتعين عليهم الانسحاب بطريقة منظمة، وإعادة تأسيس جبهة جديدة، وحشد تشكيلاتهم لشن هجمات مضادة.
إذا شنت القوات الأوكرانية مقاومة جدية، قد يكون هناك صراع عسكري طويل الأمد، مع التراجع إلى بعض المعاقل غربي البلاد، لكن الخيارات تبدو غير مبشرة.
نقاط الضعف
القوات المسلحة الروسية لا تخلو من نقاط الضعف، بما في ذلك نقص التدريب والمعدات القديمة عند بعض الوحدات. كذلك فإن استراتيجية دمج أنظمة الأسلحة المختلفة، بين أكثر العمليات العسكرية تعقيدًا، ولدى روسيا خبرة محدودة في إجرائها على هذا النطاق الواسع، وقد يشير ذلك إلى حرب استنزاف أطول مما يتوقعه بوتين.
لكن حرب عام 2008 في جورجيا، حيث أثبتت القوات المحلية أحيانًا أنها متفوقة من الناحية التكتيكية، كانت جرس إنذار في هذا الصدد، ما أدى إلى إصلاح القوات المسلحة الروسية.
ونتيجة لذلك، أصبح الروس أقوى عسكريًا، مما كانوا عليه في أي وقت، منذ نهاية الحرب الباردة.
هذه دعوة إيقاظ مهمة لأولئك الذين توقعوا أن الحرب المستقبلية ستهيمن عليها حملات التضليل والعمليات السيبرانية الهجومية، ففي أزمات مثل هذه، لا بديل للقدرات العسكرية التقليدية القوية.