كيف ستكون نهاية الهجوم الروسي على أوكرانيا؟

يخشى المسؤولون الغربيون أن الغزو قد يدمر شرقي أوكرانيا ويترك كييف محاصرة في غضون أيام

كيف ستكون نهاية الهجوم الروسي على أوكرانيا؟

ترجمات - السياق

ضربات صاروخية ضد الدفاعات الجوية والبنية التحتية العسكرية الحيوية، وقصف على مواقع القوات الرئيسية، تلاه هجوم بري من ثلاثة محاور، بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا كما توقعت المخابرات العسكرية الغربية.

 في غضون ساعات من تعهد الرئيس فلاديمير بوتين بـ"إزالة النازية" عن أوكرانيا بغزوها، كانت الدبابات والقوات الروسية تتقدم عبر الحدود، في ما يهدد بأن يكون أكبر صراع في أوروبا، منذ الحرب العالمية الثانية.

وتعرَّضت دفاعات الخط الأول لأوكرانيا لهجوم صاروخي دقيق، كجزء من هجوم يخشى المسؤولون الغربيون أن يدمر شرقي أوكرانيا، ويؤدي الى الاستيلاء على كييف، في غضون أيام.

 

قدرة الأوكرانيين

ونقلت "فايننشال تايمز" عن مسؤول استخباراتي غربي كبير، إن "روسيا لديها القدرة، التي تمكنها من الاستيلاء على الأراضي بالسرعة التي تريد، بينما العامل الرئيس المتغير هو مدى قدرة الأوكرانيين على خوض معركة، ومقاومة التقدم الروسي".

 وبعد ساعات من بدء الغزو، كان المظليون الروس وطائرات الهليكوبتر الهجومية على بعد 25 كيلومترًا من وسط كييف، يقاتلون للسيطرة على مطار في الضواحي الشمالية الغربية للمدينة، بينما تم توجيه مواطني العاصمة إلى ملاجئ الحماية من  الغارات الجوية.

وأثارت السرعة -التي تم بها الهجوم- احتمال سقوط حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في وقت أقرب مما كان يعتقده حلفاء أوكرانيا في البداية، رغم أن مسؤولي الدفاع الغربيين قالوا إن حرب المدن، من المحتمل أن تشكل اختبارًا مختلفًا للقوات الروسية.

 "إنهم يتحركون في كييف"،  قال مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى، وأضاف: "من الصعب تحديد ما سيفعلونه في كييف، تقييمنا هو أن لديهم كل النية لقطع رأس الحكومة وفرض من يريدون في الحكم".

 

خنق كييف

بدأ الهجوم السريع -في الخامسة من صباح الخميس- بأكثر من 100 ضربة صاروخية بعيدة المدى ودقيقة، من قاذفات أرضية وسفن في البحر الأسود. تم استخدام صواريخ Kh-31P التي تستهدف الرادارات والبنية التحتية للاتصالات على نطاق واسع.

 مهد ذلك الطريق، لهجوم بري على ثلاثة محاور، بهدفين محتملين: التحرك جنوبًا باستخدام قوات من 30 ألف جندي في بيلاروسيا لتطويق كييف، بالتزامن مع القوات التي تتحرك شمالًا من شبه جزيرة القرم وأخرى من الغرب (من روسيا) لعزل الجزء الأكبر من الجيش الأوكراني -المنتشر شرقي البلاد- عن العاصمة.

كان القتال أكثر صعوبة في الشمال الشرقي، حيث كافحت القوات الروسية، للسيطرة على ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، خاركيف.

وقال مسؤول استخباراتي كبير، إن العواصم الغربية تعتقد أن بوتين "يريد خنق كييف بدلاً من تدميرها"، لكن كانت هناك مخاوف كبيرة من ارتفاع عدد القتلى، بالنظر إلى الهدف المعلن للرئيس الروسي المتمثل في "نزع سلاح" دولة يقدر تعداد جيشها بـ 215000 جندي.

 وقال صمويل كراني إيفانز، المحلل في معهد رويال يونايتد سيرفيسز في لندن لـ "فايننشال تايمز": حتى الآن ، ركز الكرملين على تجنُّب البنية التحتية المدنية الرئيسة، لكنه قد يوسع الهجوم ليشمل مرافق البنية التحتية، لإضعاف المقاومة الأوكرانية".

 ويتوافق هذا التقييم، مع  التقارير الاستخباراتية الغربية التي حذرت من أن لدى روسيا "قائمة قتل" للأوكرانيين، الذين ستتم مهاجمتهم أو اعتقالهم عند الغزو.

 

انسحاب استراتيجي

وتساءل كراني إيفانز: "المهم هو ما الهدف النهائي لروسيا؟"،  وأضاف: "إذا ذهبوا إلى حيث توجد القوات الأوكرانية فقط، فإن ذلك يتوافق مع  تصريحات بوتين المتكررة عن نزع سلاح  أوكرانيا، وسيتبع ذلك تغيير النظام، أما إذا دخلت القوات الروسية المدن، فمن المحتمل ألا تكون هناك قوات أوكرانية، و سيشير ذلك إلى هدف مختلف".

ونقلت "فايننشال تايمز" عن مايكل كوفمان، كبير الباحثين في مؤسسة فكرية، مقرها الولايات المتحدة، قوله، إن السؤال الحاسم الذي يمكن أن يحدد مصير الحرب هو ما إذا كانت القوات الأوكرانية ستنظم انسحابًا استراتيجيًا لتجنُّب التطويق أو العثور على خط احتياطي، يمكنها من خلاله مقاومة أو تأخير التقدم الروسي غربًا بنجاح.

 وأضاف: "من حيث الكم والنوع، تتمتع روسيا بتفوق كبير"، وتابع: "لكن الأوكرانيين يواجهون وضعًا قاتمًا، ينبغي ألا نفاجأ بالتقدم البري الروسي المبكر، فالسؤال هو: متى تختار القوات الأوكرانية الصمود عند خطوط الجبهات؟".

وذكر كوفمان أن الهدف الثانوي، هو تأمين الساحل الأوكراني بهجوم على أوديسا، مع الاستفادة من الانتشار البحري الكبير لروسيا.

 حيث أغلقت روسيا الوصول إلى بحر آزوف، وهو جزء من البحر الأسود بين شبه جزيرة القرم وشرقي أوكرانيا، وقال مسؤولون غربيون: من المحتمل أن يكون من المستحيل أن توافق تركيا على مناشدة من كييف لإغلاق مضيق البوسفور أمام البحرية الروسية.

 هجمات سيبرانية

لم يكن هناك -حتى الآن- أي دليل على أن الهجوم الروسي ترافق مع هجمات سيبرانية تستهدف إمدادات الطاقة وشبكات الاتصالات في أوكرانيا، كما توقعت العواصم الغربية، وفقًا لـ "فايننشال تايمز".

وتشير المعلومات الاستخباراتية المشتركة بين حلفاء الناتو، إلى أن بوتين على المدى المتوسط، ​​قد يحتاج إلى نحو ستمئة ألف جندي في أوكرانيا، للتعامل مع الدفاع الأولي القوي من القوات المسلحة الأوكرانية، وقمع حرب العصابات من مقاتلي المقاومة، بعد السيطرة على الدولة.

 وقال ماتيو بوليج، وهو زميل باحث في برنامج أوراسيا في "تشاتام هاوس": "أظن أن العمليات ستستمر على مراحل: يومين إلى أربعة أيام من التقدم، ثم توقف لتقييم الوضع -عسكريًا وسياسيًا، بينما تعتمد الخطوات التالية على معدلات خسائر الجيش".

 وتابع: "يبدو أنه نهج متطرف، لكن يمكن أن يكون استراتيجية خداع لمجرد الاستيلاء على دونباس"، في إشارة إلى المنطقة الشرقية من أوكرانيا التي يحتلها الانفصاليون المدعومون من روسيا، وأوضح أن "السؤال المهم هو: كيف تبدو خريطة أوكرانيا بعد كل ذلك؟"