الجنوب الليبي... أزمات متتالية ورصاص الفقر يطارد المواطنين

حسب إحصائيات رسمية، فإن الجنوب الليبي يسهم بنحو نِصف مليون برميل يومياً، أي نِصف إنتاج البلاد من النفط، إلا أن المعاناة التي شهدها الجنوب، أثَّرت في فرص التنمية داخله.

الجنوب الليبي... أزمات متتالية ورصاص الفقر يطارد المواطنين

السياق

على مدى عشر سنوات في ليبيا، ومنذ إطاحة نظام معمر القذافي، يشهد الجنوب الليبي حالة مزرية، أصابت الوضع الإنساني هناك بكارثة، هدَّدت سلامة وأمن المواطنين هناك.

وبحسب إحصائيات رسمية، فإن الجنوب الليبي يسهم بنحو نِصف مليون برميل يومياً، أي نِصف إنتاج البلاد من النفط، إلا أن المعاناة التي شهدها الجنوب، أثَّرت في فرص التنمية داخله.

ويمتلك الجنوب الليبي، ثروات نفطية ومنجمية، حيث أن أكبر مناجم الذهب في مدينة الكفرة، الواقعة في الجنوب.

وبخلاف نقص المواد الغذائية، والسيولة المالية، وعدم توافر متطلبات الحياة هناك، شهد الجنوب الليبي مؤخراً تدفقاً كبيراً للإرهابيين هناك، من بقايا خلايا داعش والقاعدة، بعد التضييق عليهم من قوات الجيش الليبي. 

وضع أمني مزرٍ

وبين الحين والآخر، يعلن الجيش الليبي، ضرب أوكار إرهابية، وإحباط هجمات لمتطرفين، والقبض على إجراميين وعصابات في الجنوب.

وأعلن الجيش الليبي اليومين الماضيين، القبض على ثلاثة إرهابيين، حيث تأتي العملية ضمن جهود مستمرة منذ أشهر، لملاحقة المتطرفين في المنطقة.

وأوضح الجيش، في بيان ألقاه المتحدِّث باسم القوات المسلحة أحمد المسماري، أن الجيش الليبي سيظل يطارد الإرهابيين، المنتشرين في الجنوب الليبي، لدحر أية محاولة، من شأنها الإخلال بالأمن.

واتهمت أطراف محلية داخل ليبيا، جهات إقليمية، بنقل الإرهابيين الى الجنوب،  لقتال الجيش الليبي، مشيرة إلى أن الجماعات المتمركزة في مناطق الجنوب، تنتمي إلى داعش والقاعدة وبوكو حرام.

نقص السلع وتردي الأوضاع

إضافة إلى ذلك، يشهد الجنوب الليبي ارتفاعاً في أسعار كثير من السلع، خصوصاً الضرورية، مثل الغذاء والوقود، لغياب الرقابة، حيث يتم تهريب السلع والوقود، وبيعها في السوق السوداء.

ويلجأ بعض التجار إلى مضاعفة أسعار البضائع، بحجة ارتفاع سعر الوقود، اللازم لنقل البضائع من طرابلس إلى مدن الجنوب، وكذلك حماية الشحنات المحملة بالبضائع، نظراً لغياب الأمن على الطرق.

كما تشهد مناطق الجنوب أيضاً، انتشار البطالة بين المواطنين، وعدم وجود فرص للعمل، وصعوبة التحاق خريجي الجامعات والمعاهد بأي وظائف .

قطاع صحي مُحطَّم

ويعاني أيضا قطاع الصحة في الجنوب الليبي، أزمات عدة، وسط حالة التناسي والإهمال التي يعانيها منذ سنوات، حيث أكَّد مسؤولو الصحة أن أزمة الكهرباء، الناتجة عن نقص إمداد الكهرباء، أثَّرت بشكل كبير في أداء المستشفيات، فضلاً عن نقص الفرق الطبية، الذي أثَّر في الوضع هناك.

وأشار المسؤولون أيضاً، إلى أن قطاع الصحة لجأ إلى السوق السوداء، للحصول على إمدادات بترولية لتشغيل المستشفيات، خوفاً من وقوع وفيات، بسبب حالات كورونا المحتجزة هناك.

ومع نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، يعاني الجنوب مغادرة الفرق الطبية الأجنبية، نتيجة الظروف الأمنية والإدارية هناك، كما لم تسلم المستشفيات من الاعتداءات، كغيرها من مؤسسات الدولة.

وبحسب إحصائيات رسمية، فإنه منذ الأول من مايو 2017 والأول من مايو 2018، سجَّلت الأمم المتحدة 36 اعتداءً على المرافق الطبية، أو العاملين في المجال الطبي، أو المرضى.

ومن الحوادث التي ذكرتها الإحصائيات، تعرُّض مركز سبها الطبي، جنوبي ليبيا، للقصف أو الرصاص الطائش 15 مرة .

من جانبه قال المنسِّق العام للجنة حقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، إلى منصة السياق، إن هناك تجاهلًا من الحكومات المتعاقبة لأوضاع الجنوب، رغم أن هذه المنطقة في ليبيا، تشارك بنسبة كبيرة في تطور الاقتصاد، نظراً لما تحويه من حقول نفطية ومناجم ذهب.

وأضاف حمزة، أن الجنوب الليبي يعاني أزمات اقتصادية، متمثِّلة في نقص السيولة، وأزمات أمنية مرتبطة بوجود تنظيمات إرهابية، ناهيك عن أوضاع اجتماعية، أثَّرت في الوضع العام هناك.

وأشار إلى أن اللجنة طالبت أكثر من مرة -بشكل رسمي- الحكومات التي تعاقبت على ليبيا، بضرورة الالتفات إلى الجنوب والاهتمام بأوضاعه .

وأوضح حمزة لمنصة السياق، أن ما تحمَّله أهالي الجنوب منذ الثورة، لم تتحمَّله منطقة أخرى في ليبيا، حيث أنه ليس من الطبيبعي أن تكون المدينة بلا وقود، ولا أطباء، ولا سلع غذائية، فكيف تسير الأمور بهذا الشكل؟!

وأعرب حمزة عن أمله بأن تلتفت حكومة الدبيبة، إلى ما يحدث في الجنوب الليبي، وأن تخصِّص صناديق لإعادة تأهيل الجنوب وإعماره.

وأثنى حمزة -في ختام حديثه- على جهود الجيش الوطني، الرامية لضرب الإرهاب في الجنوب، والعمليات المتتابعة التي يقوم بها، للقضاء على التنظيمات المتطرفة هناك.