فشل الوساطة المغربية... إخوان ليبيا يتمسَّكون بأجندتهم لاختيار مرشحيهم على رأس المناصب السيادية
أصر مجلس الدولة الليبي، بقيادة الإخواني خالد مشري، على الاحتفاظ بمنصب رئيس البنك المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، الأمر الذي رفضه مجلس النواب، الذي طالب بدوره بتنفيذ مخرجات مؤتمر بوزنيقة، القاضي بتوزيع ملف المناصب السيادية جغرافياً بين أقاليم ليبيا الثلاثة (طرابلس-فزان-برقة).

السياق
فشلت المغرب، خلال اليومين الماضيين من الوساطة بين مجلس النواب الليبي ومجلس الدولة، في حل أزمة المناصب السيادية الشاغرة، بعد تعنُّت موالين لتنظيم الإخوان، لحلحلة الأمور وإنجاز اختيار المناصب السيادية.
وأصر مجلس الدولة الليبي، بقيادة الإخواني خالد مشري، على الاحتفاظ بمنصب رئيس البنك المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، الأمر الذي رفضه مجلس النواب، الذي طالب بدوره بتنفيذ مخرجات مؤتمر بوزنيقة، القاضي بتوزيع ملف المناصب السيادية جغرافياً بين أقاليم ليبيا الثلاثة (طرابلس-فزان-برقة).
وقال رئيس مجلس النواب المغربي، الحبيب المالكي، إن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بذل جهوداً مضنية لتسوية الخلافات، إلا أن المالكي لم يصدر أي تصريحات عن المفاوضات، التي أجريت مع خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الليبي، الذي أجمع مراقبون، على أنه كان السبب الرئيس لإفشال المباحثات.
وقال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في مؤتمر صحفي عقب انتهاء مباحثاته في المغرب، إن "ملف المناصب السيادية حُسم في اجتماع بوزنيقة، القائم على توزيع جغرافي، حيث اجتمعت لجنتان من مجلسي النواب والدولة، وأكدتا تكليف لجنة تحت إشراف أممي، لاختيار المناصب السيادية.
وأوضح صالح أنه "تم الاتفاق في بوزنيقة، على كيفية اختيار المناصب السيادية، ومسؤولية الحسم في هذا الشأن، تقع على عاتق لجنة 13 +13" مشيراً إلى أن مجلس النواب، ملتزم بمخرجات برلين والصخيرات، بينما الطرف الآخر لم يلتزم بما اتفق عليه.
وقال مصدر مطلع، حضر المباحثات التي جرت في المغرب، إلى منصة السياق، إن رئيس المجلس عقيلة صالح، أبدى تمسُّكه بمخرجات بوزنيقة، القاضية باختيار المناصب السيادية على أساس جغرافي، إلا أن رئيس مجلس الدولة خالد المشري، رفض ذلك وأصر على إملاء رغبته في اختيار بعض المناصب، وعلى رأسها محافظ البنك المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، الذي من المفترض أن يكونا من شرقي ليبيا وليس الغرب.
وأضاف المصدر، أن الأسماء التي طرحها المشري لهذين المنصبين من غرب ليبيا، وهذا إذا تم تنفيذه، سيكون مخالفاً لما تم الاتفاق عليه، حيث أن المسؤولين في المغرب، طالبوا المشري أيضاً، بالالتزام بما تم الاتفاق عليه، لكنه رفض.
وأكد أن مطالب مجلس النواب، تتفق تماماً مع إرادة الشعب الليبي، ومع ما يطلبه المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن مؤتمر برلين الثاني، سيدعم ذلك.
وتأجَّل الاجتماع، بين عقيلة صالح وخالد المشري مرات عدة، و بات الأمر يهدِّد اختيار المناصب السيادية، الذي يشكِّل عقبة كبيرة، أمام مواصلة تشكيل المؤسسات الحكومية في ليبيا، ويهدِّد إجراء الانتخابات في موعدها، 24 ديسمبر المقبل.
ويأمل المراقبون، أن تنجح الوساطة المغربية، في دفع الأطراف إلى تجاوز هذه الأزمة، لتسمية مَنْ يتولون المناصب السبعة، إلا أن التعنُّت الإخواني يهدِّد إنجاح الوساطة وحسم الملف.
وبحسب مخرجات اجتماع للجنة (13 + 13)، جرى توزيع المناصب السيادية، بناءً على المعيار الجغرافي، على أقاليم ليبيا الثلاثة، بمنح إقليم برقة محافظ ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، وطرابلس ديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، وفزان هيئة مكافحة الفساد والمحكمة العليا.
وقال المحلِّل السياسي معاذ الثليب، إلى منصة السياق، إن تنظيم الإخوان، من المستحيل أن يفوِّت الفرصة، من دون اقتناص المناصب المهمة، حتى يستطيع أن يكون الجزء الأكبر في اللعبة السياسية داخل ليبيا.
وأضاف الثليب: "إذا عدنا إلى الخلف ونظرنا إلى ما أضافته المناصب السيادية من مكاسب لتنظيم الإخوان، سنفهم لماذا هم متمسِّكون باختيارها وعدم التفريط فيها".
وتابع الثليب أنه منذ تولي الصديق الكبير منصب رئيس البنك المركزي، استطاع التنظيم التحكُّم في أموال الليبيين، واستطاع أيضاً التحكُّم في أمور السيولة المالية، لدرجة أن هناك مدناً حُرمت من السيولة والوقود، بإمضاء رئيس المنصب المركزي، كونهم معارضين لفكرة تنظيم الإخوان.
وأضاف الثليب، أن الأمر كان مفيداً لهم عسكرياً بشكل كبير، فالأسلحة التي كانت تحط في مطاراتهم، من تركيا وقطر والسودان، كانت بأموال ليبيا، وبإمضاء الصديق الكبير رئيس البنك المركزي، الأمر الذي منحهم أفضلية، في نزاعاتهم العسكرية، التي أغرقوا فيها البلاد.
وأشار إلى أن اقتناص التنظيم أيضاً، منصب رئيس ديوان المحاسبة، جعل هناك غطاءً لما يفعله البنك المركزي، من صرف أموال على الأسلحة والمليشيات، من دون أن يحاسبه أحد، حيث أن الجهة الرقابية، التي من المفترض أن تكون كاشفة لأي عمليات فساد، في البنك المركزي، هي نفسها تحت إمرة تنظيم الإخوان، فكيف تكون هناك محاسبة؟!
وأوضح الثليب، أن المناصب السيادية ستكون مسألة حياة أو موت، بالنسبة للإخوان، حتى لو اضطروا إلى تحريك حرب مرة أخرى داخل البلاد، كيفما فعلوا عام 2014، عندما جاءت الانتخابات على غير رغبتهم، وأقصتهم من المشهد السياسي.