الإمارات والصين ... نِصف قرن من التعاون يتوَّج بشراكة اقتصادية وإقليمية

يحتفي البلدان، عام 2021 بذكرى مرور 50 عامًا على تأسيس العلاقات الإماراتية – الصينية، التي شهدت تطورًا خلال السنوات الأخيرة، لتتوَّج باختيار أبوظبي ضيف شرف، في منتدى بوجيانغ للابتكار 2021، الذي اختتم أعماله في شانغهاي.

الإمارات والصين ... نِصف قرن من التعاون يتوَّج بشراكة اقتصادية وإقليمية
جانب من منتدى بوجيانغ للابتكار 2021

السياق

العلاقات بين الدول ليست كالأفراد، ففي الأولى تكون المصالح والشراكات أساسًا وحيدًا يجمع بينها، وهو ما وجدت فيه الصين ضالتها، حيث اتخذت الإمارات شريكًا اقتصاديًا وإقليميًا.

ويحتفي البلدان، عام 2021 بذكرى مرور 50 عامًا على تأسيس العلاقات الإماراتية – الصينية، التي شهدت تطورًا خلال السنوات الأخيرة، لتتوَّج باختيار أبوظبي ضيف شرف، في منتدى بوجيانغ للابتكار 2021، الذي اختتم أعماله في شانغهاي.

واستضاف المنتدى معرضًا عالميًا لأحدث الابتكارات العلمية والتقنية، قُدِّمت خلاله إنجازات واختراعات من شركات ناشئة وصغيرة ومتوسطة، بينما حظيت الإمارات بقاعة خاصة لعرض منتجاتها المبتكرة واستعراض الفرص القائمة، في مجال ريادة الأعمال في القطاع التكنولوجي.

الابتكار طريق التقدم

ويدرك البلدان أن «الابتكار أحد المحرِّكات الرئيسة للتقدُّم»، بحسب الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدِّمة في الإمارات، الذي أكَّد في كلمته، خلال حفل افتتاح المنتدى، أن بلاده ترحب بالجميع، وتشجِّع على تطبيق مبدأ (اصنع في الإمارات).

وأوضح المسؤول الإماراتي، أن المبدأ الذي انتهجته بلاده، تجسَّد في علاقتها مع الصين، بالتعاون في القضاء على جائحة كورونا، فاللقاحات طوَّرتها الصين في وقت قياسي، بينما نشرتها الإمارات على نطاق واسع، في جميع أنحاء البلاد، لتحقيق أعلى معدل تطعيم في العالم، على حد قوله.

لم يكن التعاون في مكافحة كورونا، السبيل الوحيد لشراكة البلدين، بل إن الإمارات والصين دخلتا في شراكة للابتكار، وأنشأتا أكبر محطة للطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم "نور أبوظبي" من خلال تركيب 3.2 مليون لوحة شمسية، على مساحة 8 كيلومترات مربعة، بحسب وزير الصناعة الإماراتي، الذي أكَّد أن "نور أبوظبي" ستنتج 1.2 جيجاواط من الكهرباء النظيفة. 

إنجاز جديد

وأكد أن «الإمارات والصين ستحققان قريبًا إنجازا جديدًا، في قطاع الطاقة المتجدِّدة، مع حديقة الظفرة للطاقة الشمسية، التي ستكون ضعف حجم (نور) تقريبًا، وستحدِّد تعريفة منخفضة قياسية تبلغ 1.35 سنت لكل كيلووات/ ساعة»، ما يثبت حقيقة أن تعاون البلدين من أجل الابتكار، يؤدي لانخفاض التكاليف، وزيادة الفرص الاقتصادية، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية.

واستعرض الوزير الإماراتي فرص التعاون بين البلدين، خلال الفترة المقبلة، قائلاً: "في قطاع الطاقة، يجب علينا استكشاف إمكانات الهيدروجين الخالي من الكربون، ومطابقة خبرتنا وبنيتنا التحتية مع طلب الصين المتزايد، على المزيد من الطاقة، مع كمية أقل من الكربون».

خُطة طموحة

وتابع: "في علوم الحياة، دعونا نبني على تجربتنا مع كوفيد19، لابتكار أدوية جديدة وعلاجات متطوِّرة، يمكن أن تنقذ الأرواح وتوفِّـر أعمالًا قيّمة في مجال التكنولوجيا الحيوية. دعونا ندفع التكنولوجيا الزراعية لتطوير البذور، التي يمكنها تحمُّل الظروف القاحلة، ونبتكر أساليب الزراعة المستدامة، التي يمكنها إطعام عدد متزايد من سُكان العالم، مع توفير المياه وتقليل الآثار البيئية".

وعبَّـر عن خطة طموحة، تسعى بلادها لتنفيذها، عبر إنشاء نظام بيئي أكثر كفاءة، لتحويل الأفكار الرائدة إلى منتجات قابلة للتسويق، داعيًا دول العالم للانضمام إليها في هذه الرحلة لـ«خلق القيمة من خلال الابتكار».

تطوير اللقاحات

من جهته، قال سفير الإمارات لدى الصين، علي عبيد الظاهري، على هامش المنتدى، إن تطوير اللقاحات المضادة لكوفيد-19 يُعَدُّ أحد مجالات التعاون المهمة بين البلدين، معرباً عن تطلعه إلى المزيد من التعاون، في مجال اللقاحات مع الصين.

ونقلت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية عن السفير الإماراتي قوله: «يسعدني أن أشهد نجاح المرحلة الثالثة، من تجارب لقاح سينوفارم، وبدء الإنتاج المشترك للقاحات كوفيد-19 والتأسيس السريع لموقع التطعيم الإقليمي في دبي».

هدية للعالم

ثمار تعاون الصين والإمارات، لن يجنيها البلدان وحدهما، بل إن البلدين سينتجان 200 مليون جرعة لقاح صيني، لمواجهة فيروس كورونا سنويًا، سيخصَّص الانتاج لدعم جهود العالم لمكافحة جائحة كورونا، بحسب السفير الإماراتي، في تصريحات لصحيفة تشاينا ديلي الصينية، نشرت مقتطفات منها وكالة الأنباء الإماراتية.

وأوضح الظاهري: «يتوقع كثير من العلماء في العالم، أنه ستكون هناك بلا شك أوبئة في المستقبل (..) لا يزال هناك الكثير مما يتعيَّن القيام به، ويظل هذا مجالاً مهماً للتعاون بين الصين والإمارات، خلال السنوات المقبلة».

وأشار المسؤول الإماراتي، إلى إنشاء البلدين معاهد مشهورة في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الحكومية والطاقات المتجدِّدة والتكنولوجيا الزراعية وغيرها، ما جعل من الإمارات مركزاً لوجستياً إقليمياً رئيسياً لمبادرة «الحزام والطريق»، ومهَّد للتعاون الناشئ بين العلماء والباحثين والجامعات والشركات المرموقة من الإمارات والصين، وعبَّد الطريق كذلك لمبادرات مستقبلية مزدهرة، في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

إشادات صينية

منتدى بوجيانغ دفع وسائل إعلام صينية، إلى الإشادة بالعلاقات الإمارات، التي وصفتها بأنها «دخلت مرحلة ذهبية»، من التعاون في المجالات الناشئة، لا سيما مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

وقالت صحيفة شنغهاي دايلي، في افتتاحيتها، إنه مع استمرار العالم في التغيُّر بوتيرة غير مسبوقة، ومع استمرار التقنيات الجديدة في تعطيل الطريقة التي نعيش ونعمل بها، لم يعد بناء نظام يحفِّز الابتكار أمراً اختيارياً، فمن الضروري للبلدين أن يحققا أهدافهما الاقتصادية.

رؤية إماراتية طموحة

من جانبه، أكد موقع شنغهاي للعلوم والتكنولوجيا، أن الإمارات عرضت رؤيتها للعلوم والتكنولوجيا، بينما تعمل على تطوير استراتيجيتها للبحث والتطوير وتحويل النتائج، مع التركيز على مجالات دعم السياسات ذات الأولوية وآليات التنسيق، لضمان توفير الحوافز للمناطق ذات الإمكانات الأكبر.

صحيفة شنغهاي أوبزيرفر، سلَّطت بدورها الضوء على المنتدى، كنافذة أمامية للانفتاح بين البلدين، مشيرة إلى أن الصين والإمارات شريكان استراتيجيان شاملان، وأن التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، يتعمَّق باستمرار.

ونقلت الصحيفة عن عمدة شنغهاي، غونغ تشينغ، قوله، إن شنغهاي أولت أهمية للتبادلات والتعاون مع الإمارات، فلدينا منذ عام 2000 تعاون مثمر، في مجالات التمويل والتجارة والبناء الحضري والثقافة.

وأشار المسؤول الصيني، إلى أن شنغهاي (المدينة المستضيفة للحدث) تعمل على تعميق بنائها لخمسة مراكز ومدينة دولية حديثة، تستفيد منها بالخبرات التنموية التي يتمتع بها البلدان.

وأضاف عمدة مدينة شنغهاي: من المؤمل أن ينتهز الجانبان فرصة البناء المشترك في إطار مبادرة «الحزام والطريق» للمزيد من التعاون، في الابتكار التكنولوجي، والمدن الذكية، والذكاء الاصطناعي.