عودة ترامب إلى الساحة السياسية ليست مجرَّد مزحة

بمجرَّد أن يقرِّر الحزب الجمهوري، التضامن مع ترامب، مثلما حدث مع ستيورات المتظاهر، فإن تكاليف إطاحته سترتفع بسرعة، كما أنه في كل مرة، يتعاون فيها البعض معه، فإنهم يجعلون من الصعب للغاية، الخروج من هذا الفخ، من دون المخاطرة بتحمُّلهم والحزب التكاليف

عودة ترامب إلى الساحة السياسية ليست مجرَّد مزحة
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

ترجمات-السياق

أبرز الكاتب الأمريكي، جوناثان برنشتاين، تحرُّكات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في الفترة الأخيرة، وإمكانية عودته إلى الساحة السياسية من جديد، قائلاً إن هذه العودة ليست مجرَّد مزحة، تستدعي الضحك.

وأضاف برنشتاين، في مقال كتبه في الموقع الإلكتروني لشبكة بلومبيرغ الإخبارية، أن ترامب، لا يزال يدعي أنه فاز بالفِعل، في الانتخابات الرئاسية، التي أُعلنت نتائجها في يناير الماضي، بفوز الديمقراطي جو بايدن، كما يقول إنه سيعود إلى منصبه بحلول أغسطس المقبل، وذلك بعد عملية تدقيق، قال إنها تقدِّم دليلاً على تزوير أصوات الناخبين، مشيراً إلى أن بعض أنصاره يحرِّضونه على العودة، بينما يتجاهل البعض الآخر الأمر.

ورأى برنشتاين، أنه رغم أن من المغري التعامل مع الأمر برمته، على أنه مجرَّد مزحة، لكن هناك أسباباً وجيهة، لأخذه على محمل الجد، قائلاً من المحتمل جداً، أن ترامب لا يدرك أن ما يقترحه، أمر غير قانوني على الإطلاق، أي أن الخيار الذي يطرحه ليس خياراً من الأساس، لكنه استيلاء خارج نطاق القانون على السلطة، أي انقلاباً، حيث أنه يتعامل مع نظريات المؤامرة، كما لو كانت حقيقية، لكن أحياناً يكون الخيال مفيداً في تفسير السياسة الحديثة.

وتابع: "يروي المسلسل التلفزيوني Outlander، في مواسمه الثلاثة الأولى، قصة تمرُّد اليعاقبة في القرن الثامن عشر، والتحالف مع الأمير تشارلز إدوارد تسيوارت، المعروف بالشاب المتظاهر، الذي طالب بإرجاع الملك  المخلوع جيمس الثاني، من أسرة ستيوارت وورثته، إلى عرش إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا، وتم تصوير المتظاهر في المسلسل، على أنه شخصية سخيفة إلى حد ما، ومع ذلك، كان هناك كثيرون على استعداد لمساندته، إما لأنهم يؤمنون حقاً بقضيته، وإما لأنهم يرون إمكانية استخدامها، لتعزيز مصالحهم الخاصة".

وأشار برنشتاين، إلى أنه نظراً لأنه لم يكن هناك شخص مستعد لإخبار ستيوارت، بأن ما يفعله مجرَّد مزحة، فقد تركوه حتى انتهى به الأمر لقيادة الجميع إلى كارثة، حيث تم القضاء على تمرُّده في أرض المعركة، ولأن المسلسل يروى أحداثاً حقيقية قديمة، كانت الشخصيات الثانوية في العمل، تعرف حقيقة أن هذا التمرُّد محكوم عليه بالفشل، كما كانوا يعرفون أين وكيف ستتم هزيمته، لكنهم ظلوا عاجزين عن إيقاف ستيورات، لأن الموجودين حوله كانوا يعتقدون -إلى حد كبير- أنه ملك، حسب برنشتاين.

ورأى برنشتاين أنه على رغم أن مسلسل Outlander يتناول قصة تاريخية، فإنها تكشف عن مسار يبدو شبيهاً بما يحدث في الحزب الجمهوري اليوم، موضحاً أن هناك عدداً قليلاً فقط من السياسيين الجمهوريين، يعتقدون أن ترامب سيكون رئيساً مرة أخرى، بحلول أغسطس المقبل، بينما يفضِّل معظمهم الالتزام بسيادة القانون.

وأضاف برنشتاين: "بمجرَّد أن يقرِّر الحزب الجمهوري، التضامن مع ترامب، مثلما حدث مع ستيورات المتظاهر، فإن تكاليف إطاحته سترتفع بسرعة، كما أنه في كل مرة، يتعاون فيها البعض معه، فإنهم يجعلون من الصعب للغاية، الخروج من هذا الفخ، من دون المخاطرة بتحمُّلهم والحزب التكاليف".

ولفت برنشتاين، إلى أنه من الممكن ألا يصل أي من هذا إلى أي مكان، مرجعاً ذلك إلى محاولة بعض مستشاري ترامب، توجيهه إلى مسار آخر، وقال: "رغم أن ترامب معروف بإصراره على موقفه، فإنه معروف أيضاً بعدم متابعة الأمور، لذا ربما يتشتَّت انتباهه عن العودة من جديد، بدلاً من الاستمرار في بناء توقُّعات أقوى مؤيديه".

وختم الكاتب بالقول إنه من الممكن أيضاً، أن يرى المزيد من الجمهوريين، أن تكاليف تحدي ترامب، أقل من التكاليف التي قد يتحمَّلونها هم والحزب من دعمه، معتبراً أنه حتى لو غادر ترامب المشهد، فإن الديمقراطية في الولايات المتحدة، ستواجه مخاطر جسيمة، قائلاً: "لكنه حتى الآن لم يذهب".