آبي أحمد يدعو المدنيين إلى الانضمام للجيش.. ماذا يحدث في إثيوبيا؟

آبي أحمد: أديس أبابا قرَّرت مواجهة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وإلغاء وقف إطلاق النار.

آبي أحمد يدعو المدنيين إلى الانضمام للجيش.. ماذا يحدث في إثيوبيا؟

السياق

بعد أقل من شهرين، من إعلانه وقف إطلاق النار من جانب واحد، مُني خلالها بسلسلة من الخسائر، سمحت لجبهة تحرير تيغراي، بالانتقال إلى المناطق المجاورة وأسفل الطريق السريع المؤدي إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، دعا رئيس الوزراء آبي أحمد المدنيين المؤهلين، للانضمام إلى القوات المسلَّحة، في إطار الحملة الواسعة التي يشنها على إقليم تيغراي، وأدانتها دول عدة.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد -في بيان- الآن هو الوقت المناسب لجميع الإثيوبيين المؤهلين، الذين بلغوا سن الالتحاق بقوات الدفاع والقوات الخاصة والميليشيات وإظهار حب الوطن، زاعمًا أن جبهة تحرير شعب تيغراي، تتلقى المساعدة من «أيدٍ أجنبية».

 

إلغاء وقف النار

وعن قرار وقف إطلاق النار، الذي أعلنه من جانب واحد، قال آبي أحمد إن «أديس أبابا قرَّرت مواجهة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وإلغاء وقف إطلاق النار».

وفي إشارة، إلى مدى صعوبة الوضع العسكري، الذي تعانيه إثيوبيا بعد 10 أشهر من القتال، قال آبي أحمد -الحائز جائزة نوبل للسلام- إن البلاد بأكملها يجب أن تقف خلف الجيش، لهزيمة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

وتوقَّع بيان رئيس الوزراء، مساهمة وسائل الإعلام والفنانين والناشطين «في تعزيز دعم الشعب للبلد»، مشيرًا إلى أنه «يجب على كل إثيوبي العمل بشكل وثيق مع الجيش، ليكونوا عيون وآذان البلد، من أجل تعقُّب وكشف جواسيس وعملاء جبهة تحرير تيغراي الإرهابية»، على حد قوله.

وقال مكتب رئيس الوزراء في بيانه: «أصبح من الواضح أن مزارعي تيغراي، لن يكونوا قادرين على الزراعة بأمان، ما لم ينفصل أهالي تيغراي إلى الأبد، عن الجماعة الإرهابية».

ويمتد موسم الزراعة شمالي إثيوبيا، من يونيو إلى سبتمبر، لكن القتال أوقف الزراعة والحصاد، ما أثار مخاوف من انتشار وشيك لظروف شبيهة بالمجاعة.

 

أطراف أجنبية

واتهم البيان بعض الأطراف، التي لم يسمها في المجتمع الدولي، إذ ألقى رئيس الوزراء الإثيوبي باللوم عليهم في «مكائد دبَّرتها أيدٍ أجنبية» في الحرب، مشيرًا إلى أن بعضهم ضُبطوا «متلبسين بدعم قوات تيغراي، تحت ستار المساعدات الإنسانية».

وبينما دعت واشنطن، إلى وقف إطلاق النار والحوار، تحوَّل الوضع على الأرض إلى صراع أوسع، بحسب "واشنطن بوست"، التي قالت إن دعوة آبي للتجنيد الجماعي، تُعَدُّ توسُّعًا في استراتيجية جديدة، تعتمد على الميليشيات الإقليمية من أجزاء من إثيوبيا، مثل المنطقة الصومالية وأوروميا، التي لم تشارك بالحرب في تيغراي.

ورداً على تصريحات آبي، قال المتحدِّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن «الخطاب الملتهب يجعل من الصعب على جميع الأطراف، الجلوس إلى الطاولة، والتفاوض على إنهاء هذا الصراع».

 

السلام الشامل

وأضاف المسؤول الأمريكي، أن «التركيز -كما نراه- يجب أن يكون على الحوار المطلوب، لتحقيق السلام الشامل، والأهم من ذلك، إنهاء معاناة الشعب المدني».

وجبهة تحرير تيغراي، حزب سياسي سيطر على إثيوبيا منذ ثلاثة عقود، وكان يقاتل الحكومة على مدى الأشهر التسعة الماضية، إلا أن الحكومة الإثيوبية صنَّفتها إرهابية، وفي الأسابيع الأخيرة، امتدت الحرب في تيغراي، إلى منطقتي أمهرة وعفر حيث سعت إلى إضعاف القدرات العسكرية للحكومة الإثيوبية، وهزيمة القوات المتحالفة من إريتريا المجاورة، والميليشيات العِرقية التي تدعم الحكومة.

 

كارثة إنسانية

وأدى القتال المتزايد، إلى تفاقم كارثة إنسانية رهيبة بالفِعل، بحسب صحيفة واشنطن بوست، التي قالت إن ملايين الأشخاص في تيغراي، يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، لكن الصعوبات -التي يلقي كل طرف باللوم فيها على الطرف الآخر- أعاقت تسليم المساعدات.

وأشارت إلى أن مئات الآلاف من المدنيين في أمهرة وعفر، تأثَّروا بنقص المساعدات، بينما واجه ما لا يقل عن 700 ألف شخص، مستويات طارئة من الجوع.

والأسبوع الماضي، استولت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، على بلدة لاليبيلا في منطقة أمهرة، موطن الكنائس المحفورة في الصخر في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، التي تُعَدُّ مواقع للتراث العالمي، بينما توغَّلت في منطقة أمهرة، واستولت على مدينة وولدية، وهي تقاطع نقل رئيس، على الطريق الذي يربط أديس أبابا، وعاصمة الأمهرة، بحر دار، وجيبوتي، وتيغراي.

 

فظائع

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن الحرب شهدت فظائع، ارتكبتها قوات الحكومة الإثيوبية، التي قطعت الاتصالات، وفرضت قيودًا شديدة، على وصول الصحفيين وجماعات حقوق الإنسان.

من جانبها، قالت رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) هنريتا فور، التي ندَّدت بالفظائع، إنها «تشعر بقلق بالغ إزاء ما ورد عن مقتل أكثر من 200 شخص، بينهم أكثر من 100 طفل، في هجمات على العائلات النازحة في منطقة عفار».

وقُـتل ما لا يقل عن 12 من عُمّال الإغاثة منذ نوفمبر، عندما أرسل آبي أحمد قوات إلى تيغراي، لمحاربة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، بعد أن شنَّت الجماعة هجومًا على قاعدة عسكرية.

 

تطهير عِرقي

والأسبوع الماضي، زارت سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أديس أبابا لمدة يوم واحد، على أمل ممارسة نفوذها كرئيسة لمنظمة تمنح إثيوبيا، أكثر من مليار دولار من المساعدات السنوية، إلا أنها لم تلتقِ رئيس الحكومة آبي أحمد.

وزعمت الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى، أن الجيش الإثيوبي والقوات المتحالفة معه، قد انخرط في حملة تطهير عِرقي ضد تيغراي خلال الحرب، وهي تُهمة نفتها أديس أبابا، كما جمعت جماعات حقوق الإنسان، شهادات واسعة الانتشار من تيغراي، عن تعرُّضهم للعنف الجنسي والتجويع.

 

اتفاق للتهدئة

وكان رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اتفقا قبل أيام، على الضغط نحو إجراء مفاوضات، تقود إلى وقف إطلاق النار بمناطق الصراع في إثيوبيا.

إلا أن السكرتيرة الصحفية لمكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، بيلين سيوم، أكدت الخميس الماضي، رفض بلادها توسُّط السودان في حل أزمة إقيلم تيغراي، لأنه طرف «ليس ذا مصداقية»، على حد قولها.

وقالت سيوم، إن «العلاقة بالسودان في هذه المرحلة، شائكة بعض الشيء، لأن مستوى الثقة ببعض القادة تآكل بالفِعل، خاصة بعد دخول قوات الجيش السوداني أراضي إثيوبية في نوفمبر الماضي»، بحسب قولها.

وأشارت إلى أن «الثقة أساس أي مفاوضات، وأي وساطة أيضًا، وهي غير متوافرة حاليًا، وبحاجة إلى معالجة شاملة، قبل أن يصبح السودان طرفًا ذا مصداقية، في تسهيل أي وساطات بين الجبهة الإرهابية والحكومة الفيدرالية».

ويعيش إقليم تيغراي منذ نوفمبر 2020، على وقع معارك دامية بين القوات الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، أسفرت عن مقتل وإصابة وأسر الآلاف، وتهجير عشرات الآلاف، نحو مناطق حدودية بالسودان.

 

نقطة تحول

والشهر الماضي، شهدت الأوضاع في إقليم تيغراي نقطة تحول، خاصة بعد تمكُّن جبهة تحرير شعب تيغراي وقوات دفاع تيغراي، من إخراج الجيش الإثيوبي، من أجزاء كبيرة من المقاطعة، بما في ذلك ميكيلي عاصمة الإقليم.

إلا أن الحكومة الإثيوبية -بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد- أعلنت وقفًا لإطلاق النار من جانب واحد، بينما ردَّت جبهة تحرير تيغراي، بأن شرطها للانضمام إلى خطة وقف إطلاق النار، انسحاب جنود إريتريا والميليشيات من الإقليم.

وقال غيتاشيو رضا، المتحدِّث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي -في تصريحات صحفية حينها- إن الجبهة ستواصل القتال، حتى تتم تلبية شروطنا، مؤكدًا أن القوات الحكومية تم القضاء عليها.

وبينما لا تنوي جبهة تحرير شعب تيغراي توسيع مكاسبها على الأرض، إلى ما هو أبعد من تيغراي، أكد المتحدِّث باسمها، أنها تحاول فقط، إضعاف الجنود والميليشيات المنتشرين في الشمال، متعهدة بتحرير جنوب وغرب تيغراي، وهي أجزاء من مناطق احتلتها قوات ومسؤولون من أمهرة، منذ بداية الحرب.