عشية عقد أولى جلسات مجلس النواب العراقي.. مرشحان يتنافسان على رئاسة البرلمان

يعوِّل الكثيرون على الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، التي من المقرر أن تعقد غدًا الأحد، لاختيار رئيس ونائبين لمجلس النواب، إلا أنه من المتوقع أن تقتصر الجلسة على أداء أعضاء مجلس النواب، الذين يقدر عددهم بـ329 نائباً اليمين القانونية

عشية عقد أولى جلسات مجلس النواب العراقي.. مرشحان يتنافسان على رئاسة البرلمان

السياق

24 ساعة تفصل العراق عن عقد أولى جلسات البرلمان، الذي جاء ثمرة انتخابات أثارت الكثير من الجدل، بعد أن مُنيت خلالها فصائل مدعومة من إيران بخسارة فادحة، لصالح التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.

ويعوِّل الكثيرون على الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، التي من المقرر أن تعقد غدًا الأحد، لاختيار رئيس ونائبين لمجلس النواب، إلا أنه من المتوقع أن تقتصر الجلسة على أداء أعضاء مجلس النواب، الذين يقدر عددهم بـ329 نائباً اليمين القانونية.

وبينما يرأس الجلسة أكبر الأعضاء سنًا هو محمود المشهداني (74 عاماً) الجلسة الأولى للبرلمان، وفقاً للسياقات الدستورية التي تمنح أكبر الأعضاء سنًا حق إدارة الجلسة الأولى، فإن القانون العراقي يقضي بانتخاب رئيس المجلس ونائبيه خلال 15 يوما بأغلبية مطلقة لأعضاء المجلس.

أما في حال تعذر تحقيق هذه الأغلبية في التصويت الأول، يعاد التصويت، إلا أن المرشحين يفوزون هذه المرة بالأغلبية البسيطة وهي نِصف أعضاء البرلمان، أي 165 عضوًا.

 

تحالف سُني

واستباقًا لجلسة البرلمان المرتقبة، أعلن تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، وتحالف عزم بزعامة خميس الخنجر، الأسبوع الماضي، تشكيل تحالف سُني يضم 64 نائبًا.

وقال تحالف تقدم، في بيان: «مع قرب موعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب، وإيمانًا منا بضرورة توحيد المواقف لتحقيق وحدة العراق وسيادته وحفظ حقوق جماهيرنا الوفية، فإننا نعبِّـر عن رغبتنا الصادقة في توحيد العمل السياسي بمحافظاتنا العزيزة تحت راية واحدة».

بيان تحالف تقدم، قوبل ببيان من تحالف عزم، أكد فيه الأخير، أنه ماضٍ مع تحالف تقدم في خدمة العراق وحماية حقوق أهله، وعدم الاستماع إلى الضغوط التي تحاول إبعاد الأطراف السياسية عن العمل المشترك.

ورغم البيانين التوافقيين، فإنه ما زال هناك خلاف جوهري بين الأطراف الشيعية، فالكتلة الصدرية تصر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بينما تريد قوى الإطار التنسيقي، تشكيل حكومة توافقية شبيهة بالحكومات التي تشكلت في العراق بعد عام 2003.

تباين آخر، يقف في وجه أولى جلسات البرلمان، إلا أنه هذه المرة بين الحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني، بشأن تسمية المرشح لشغل منصب الرئيس العراقي للسنوات الأربع المقبلة.

 

خلافات سياسية

وما زالت الأطراف الشيعية بعيدة عن تحقيق تحالف كبير، يضم جميع القوى الشيعية لتشكيل الكتلة الأكبر، بسبب إصرار الكتلة الصدرية على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، في حين تصر قوى الإطار التنسيقي التي تضم أغلبية القوى الشيعية الخاسرة بالانتخابات، على تشكيل حكومة توافقية شبيهة بالحكومات التي تشكلت في العراق بعد عام 2003.

ورغم عدم اتضاح هوية التحالفات، التي سيكون على عاتقها اختيار الرئاسات الثلاث (البرلمان، والجمهورية، والحكومة) خلال المرحلة المقبلة، إلا أن الساعات الماضية شهدت تصريحات، كشفت عن اثنين من المرشحين يتنافسان على رئاسة البرلمان، هما القيادي في تحالف عزم، رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، الذي سيرأس الجلسة المقبلة، بينما ينافسه على رئاسة البرلمان زعيم تحالف تقدم محمد الحلبوسي.

 

اختيار المشهداني

من جانبه، قال القيادي في تحالف عزم محمد نوري العبد ربه، في تصريحات صحفية، إن قيادات التحالف عقدت اجتماعًا في العاصمة العراقية بغداد، مساء الجمعة، واختارت المشهداني مرشحاً لرئاسة البرلمان.

وبعد ساعات من الاجتماع، سحب عضو تحالف عزم خالد العبيدي، ترشيحه لرئاسة البرلمان، لإفساح المجال أمام المشهداني، قائلاً: أعلن تنازلي عن الترشح لرئاسة البرلمان لصالح أخي الدكتور محمود المشهداني، لعلها تكون فاتحة عهد جديد، يسود فيه نكران الذات على الاستئثار بالمناصب والمصالح الشخصية.

ورغم الاجتماع الذي عقده تحالف عزم، لاختيار المشهداني رئيسًا للبرلمان، فإن رئيس حزب الوطن مشعان الجبوري، قال في تصريحات صحفية، إن تحالفي تقدم وعزم اتفقا على دعم الحلبوسي لرئاسة مجلس النواب.

وأكد السياسي العراقي، أن دعم الحلبوسي لا يقتصر على التحالفين، بل إن رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بعث برسالة نصية كشف فيها عن دعمه للحلبوسي رئيساً للبرلمان، على حد قوله.

ووفقًا للمرسوم الرئاسي، فإن رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، دعا مجلس النواب الجديد إلى الانعقاد في التاسع من يناير الجاري، معبرًا عن آماله بأن يتمكن من تشكيل حكومة فاعلة تحمي مصالح البلد الآسيوي وتعزز سيادته.

وبينما أكد الرئيس صالح ضرورة التكاتف، لتحقيق الإصلاح المطلوب لعراق مستقر ومزدهر، أشار المرسوم الصادر عنه، إلى أن أكبر الأعضاء المنتخبين سنًا في المجلس الجديد سيرأس الجلسة.

 

حكومة أغلبية

كان مقتدى الصدر، الذي تصدرت كتلته نتائج الانتخابات العراقية، دعا مرارًا إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، كاشفًا عن نيته تسمية رئيس للحكومة من كتلته، إلا أن مراقبين قالوا إن النظام السياسي العراقي، لا يتيح للكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد تشكيل الحكومة تلقائيًا.

ولا يتيح النظام العراقي لأحد القدرة على تشكيل الحكومة من دون الحصول على 50% + 1، من عدد مقاعد برلمان المكون من 329 مقعدًا، بحسب مراقبين أشاروا إلى أن السُّنة والشيعة والكرد ومكونات أخرى، تحتاج إلى التوافق.

ورغم ذلك فإن مراقبين رجحوا أن تتمخض مفاوضات الكتل السياسية العراقية عن حكومة توافقية، يتوافق عليها تحالف كتلة الصدر، مع تحالف الفتح بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وهو ما تأكد، بعد إعلان رئيس تحالف الفتح هادي العامري في بيان، بقبول قرار المحكمة بنتائج الانتخابات التي حصل فيها على 17 مقعدًا من أصل 48 مقعدًا في البرلمان المنتهية ولايته.

 

تحالف أغلبية

بدورها، قالت «فرانس 24» إن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، قد يتوجه لتشكيل تحالف أغلبية داخل البرلمان، من خلال تحالفات مع أطراف خارج التشكيلات الشيعية، مشيرة إلى احتمال تشكيل ائتلاف مع رئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود بارزاني.

وأكدت الوكالة الفرنسية، أن الأحزاب الشيعية قد تلجأ في النهاية إلى اتفاق مرضٍ لاختيار رئيس للوزراء، بصرف النظر عن عدد المقاعد التي يشغلها كل حزب، ورغم تراجع الكتلة السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي في الانتخابات، فإن هذه التشكيلات التي يقدر عدد مقاتليها بـ160 ألفًا، ستبقى «لاعبا مهمًا» على الصعيدين الأمني والسياسي في البلاد.

 

ملامح الحكومة

أما عن ملامح الحكومة المقبلة، فقال مهند الجنابي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جيهان، في تصريحات سابقة لـ«السياق»: من المبكر الحديث عن اسم رئيس الوزراء العراقي الجديد، لكن إذا استطاعت الكتلة الصدرية، أن تشكل الكتلة الأكبر ربما تكون هناك فرصة لرئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي في ولاية جديدة.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن الحكومة الحالية، التي لم  يتجاوز عمرها عامًا ونصف العام، بدأت إصلاحات على مستوى السياسة الخارجية العراقية وأيضًا على مستوى الداخل العراقي، وعليها إكمالها.

 

"فيتو" ضد الكاظمي

وأشار إلى أنه قد يكون اسم رئيس الوزراء الحالي مطروحًا من قِبل الكتلة الصدرية، حتى وإن كانت هناك أسماء أخرى غير الكاظمي، لكن ما أعتقده أن النهج الذي سارت عليه حكومة الكاظمي سيستمر، إذا استطاعت الكتلة الصدرية أن تشكل الكتلة الأكبر وتشكل الحكومة.

وأكد الجنابي، أن الأطراف التي خسرت الانتخابات تضع «فيتو» على شخص الكاظمي، وعلى رئيس البرلمان السابق، إلا أنه في المقابل لا تضع الكتلة الصدرية، وباقي حلفاء الصدر من الكرد والسُّنة «فيتو» على أي جهة سياسية، بل يتبنى الصدر البرنامج الحكومي، الذي أكد أنه برنامج الإصلاح، ومواجهة الفصائل المسلحة، وإصلاح حقيقي في قطاع الأمن.

وشدد أستاذ العلاقات الدولية، على أن هذه التسمية أو هذا التكليف، إذا كان للكاظمي، سيلقى اعتراضًا كبيرًا من قِبل أطراف اعترضت على الأداء الحكومي، واستعرضت وهددت الدولة، وفي الوقت ذاته بعض الفصائل المسلحة، إلا أن من يتبنى «الفيتو» تجاه الكاظمي، لا يمتلك القدرة التأثيرية على إعاقة تكليفه داخل البرلمان.