مؤتمر بغداد... هل ينجح العراق في تعزيز دوره الإقليمي؟

مؤتمر بغداد... هل يحقِّق اجتماع الشراكة الأهداف الستة للعراق؟

مؤتمر بغداد... هل ينجح العراق في تعزيز دوره الإقليمي؟

السياق

التكامل الاقتصادي بين العراق والشركاء وعلاقته مع إيران، واستعادة استقراره الأمني وتعزيز دوره الإقليمي، والتطورات المتسارعة في أفغانستان، ومحاربة الإرهابيين، أهداف ستة لمؤتمر بغداد، الذي يُعقد اليوم السبت، بحضور قادة إقليميين ودوليين.

المؤتمر الذي يحضره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وملك الأردن عبدالله الثاني، ونائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، وأمير قطر تميم بن حمد ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إضافة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووفد تركي وإيراني، وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، يهدف إلى منح العراق دورًا بنّاءً وجامعًا، لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة.

وقالت مصادر من محيط رئيس الوزراء العراقي، إن العراق يأمل، من خلال مؤتمر التعاون والشراكة، الحصول على دعم لاستعادة الاستقرار الأمني والاقتصادي، وتعزيز دوره الإقليمي.

ورجَّحت المصادر أن تتمحور المحادثات، حول التطورات المتسارعة في أفغانستان، وسيطرة حركة طالبان على البلاد، وبروز تنظيم داعش، الذي تبنى الخميس اعتداءً على مطار كابل، ما يعزِّز المخاوف من تصاعد نفوذه مجددًا، بعد أن تمّ دحره في العراق عام 2017 وفي سوريا عام 2018 بدعم من تحالف دولي بقيادة أمريكية.

 

قضايا المنطقة

وقال مستشار لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إن المؤتمر لا يهدف لبحث القضايا الخلافية في المنطقة، لكنه يسعى إلى نزع فتيل التوتر بين طهران والرياض، اللتين قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية منذ عام 2016.

وأشار إلى أن علاقة العراق مع إيران، ستكون مطروحة للنقاش في المؤتمر، فالأخيرة تمارس نفوذاً على عدد من الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي العراقي، الذي تأسس عام 2014 لقتال تنظيم داعش.

من جانبه، قال وكيل وزارة الداخلية العراقي، نزار الخير الله، في مؤتمر صحفي عقده مؤخرًا، إن المؤتمر سيتناول قضايا التعاون والتكامل الاقتصادي بين العراق والشركاء والأشقاء، في محاولة لخفض أزمات البلد الآسيوي، الاجتماعية والاقتصادية، وتقليل نسبة البطالة المرتفعة، وحلحلة أزمة نقص الطاقة والكهرباء، والدفع باستثمارات في مجالات عدة، لا سيما البنى التحتية.

الخيرالله أضاف أن توجُّه الحكومة في مجال الاستثمار، والرغبة الجدية في بناء شبكات اقتصادية مهمة مع دول المنطقة، يشكل هدفاً  أساسيا من أهداف المؤتمر.

 

حركة طالبان

يعقد المؤتمر بعد أيام من سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، وصعود تنظيم داعش هناك، بينما ترى الباحثة في مركز نيولاينز للأبحاث في الولايات المتحدة، رشا العقيدي، أن تقدُّم الحركة في أفغانستان، قد يحفِّز التنظيم على إثبات أنه «لا يزال موجوداً في العراق».

وتواجه بغداد تحديات أمنية عدة، في الوقت الذي تلوِّح فيه أمريكا، بإنهاء المهمة القتالية لها في العراق، مع تحول مهمة نحو 2500 عسكري في العراق، إلى استشارية فقط بحلول نهاية العام.

إلا أن الرئيس العراقي برهم صالح، أكد في تصريحات سابقة، أن قمة بغداد لدول الجوار، لن تشكل أرضية لبقاء القوات الأجنبية في العراق، مشيرًا إلى أنه لا علاقة بين الاجتماع وإخراج القوات الأمريكية من العراق.

وقال صالح إن «البعض تصور أن قمة بغداد، قد تشكل أرضية لاستمرار القوات الأجنبية في العراق، لكن ذلك مغاير للواقع، ووفقًا لما توصلنا إليه في المباحثات مع البيت الأبيض، ستغادر القوات الأمريكية العراق في الوقت المحدد، ضمن البرنامج المقرَّر».

وأضاف الرئيس العراقي أنه «طبقًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع واشنطن، ستغادر جميع القوات الأمريكية العراق بحلول نهاية هذا العام».

تلك الظروف، قد تجعل تنظيم داعش شوكة في حلق بغداد، فرغم مرور أربع سنوات على هزيمته، فإنه لا يزال قادراً على شن هجمات ولو بشكل محدود، من خلال خلايا لا تزال منتشرة في مناطق نائية وصحراوية، كالهجوم الذي أودى بحياة 30 شخصاً في حي مدينة الصدر الشيعي في العاصمة الشهر الماضي.

 

تنظيم داعش

من جانبه، قال مدير مركز أبحاث صوفان في نيويورك، كولن كلارك، في تصريحات لـ«فرانس 24»، إن تنظيم داعش «لا يزال يملك عشرات الملايين من الدولارات وقادر –من دون شك- على تشكيل شبكات في العراق وسوريا».

تنامي «داعش» وسيطرة طالبان، تجعلان دعم العملية السياسية الجارية في العراق وإشراك الجيران فيها، أمرًا ملحًا، لأنه من غير عراق مستقر ومزدهر، لن تكون هناك حلول للتهديدات الأمنية في المنطقة، بحسب مصادر في محيط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يحضر المؤتمر.

وقال مستشار في قصر الإليزيه، في تصريحات لـ«فرانس 24»، إن «ماكرون يريد أن يثبت أن فرنسا لا تزال تحتفظ بدور في المنطقة وتواصل مكافحة الإرهاب،  وتدعم جهود العراق هذا البلد  المحوري والأساسي، في تحقيق استقرار الشرق الأوسط».

المسؤول الفرنسي يضيف: كما في منطقة الساحل، يتعلَّق الأمر بمحيطنا وبأمننا الوطني. فرنسا عازمة على مواصلة هذا القتال في العراق وخارجه، لتفادي عودة لا تزال ممكنة لتنظيم داعش.

وهو ما أكده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر صحفي، مع نظيره العراقي برهم صالح، قائلًا، إن انعقاد مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة مرحلة مهمة جداً، لافتاً الى أن المؤتمر سيضع إطار التعاون المشترك، في المعركة ضد الإرهاب.

 

دعم فرنسي

وأشار  ماكرون إلى أن «فرنسا مستمرة بالوقوف مع العراق في مواجهة التحديات»، مؤكدًا أن «دعم فرنسا للعراق في مكافحة الإرهاب لن يتوقَّف»، بحسب وكالة الأنباء العراقية.

وقال الرئيس الفرنسي، إن التعاون الاقتصادي مع العراق أساسي، موضحاً أن فرنسا ستعزِّز التعاون الثنائي مع العراق، وتدعم تنظيم الانتخابات المقبلة.

من جانبه، قال برهم صالح إن «اجتماع القادة في بغداد لتأكيد دعم العراق»، مشيراً الى أن «هناك الكثير من سياقات التعاون بين العراق وفرنسا».

وتابع أن «العراق كان لسنوات عنواناً للتنازع والصراع، واليوم يعقد مؤتمر بغداد لتأكيد ضرورة تجاوز الأزمات ودعم العراق واستقراره»، لافتاً الى أن «هناك تحديات جسيمة تواجه المنطقة تستدعي تجاوزها».