بيان مجموعة السبع بشأن كورونا... خلط للسياسة بالعِلم أم شر لا بد منه؟

التكليف الرئاسي الأمريكي للتحقيق، في ما إذا كان فيروس كوفيد-19 قد جاء من مختبر صيني، أدانته بكين، محذِّرة مسؤولين في السفارة الصينية في واشنطن، من تسييس الجهود الرامية إلى تحديد أصل كورونا.

بيان مجموعة السبع بشأن كورونا... خلط للسياسة بالعِلم أم شر لا بد منه؟

السياق

تضمَّن البيان الختامي لقمة مجموعة السبع، التي تختتم أعمالها بكوروال البريطانية، دعوات لمواصلة التحقيق الدولي، لمعرفة منشأ فيروس كورونا.

وأعادت تلك الدعوات الجدل مرة أخرى، إلى منشأ كورونا، وما تبعه من تراشق واتهامات متبادلة، بين بكين وواشنطن.

بيان قمة مجموعة السبع، جاء بعد أيام من مقال في"وول ستريت جورنال" لريتشارد مولر أستاذ الفيزياء في جامعة كاليفورنيا بيركلي، والدكتور ستيفن كواي الرئيس التنفيذي لشركة "أتوسا ثيرابيوتكس"، التي تطوِّر عقاقير لمعالجة سرطان الثدي وفيروس كورونا.

وأكد الخبيران الأمريكيان، في مقالهما، أن فيروس كورونا، تم تصنيعه داخل مختبر صيني، مستندين بذلك إلى تسلسل التركيب الوراثي الخاص بالفيروس، وأن مختبر ووهان، كان معروفاً بإجراء أبحاث، تعرف باسم أبحاث اكتساب الوظيفة، مشيرين إلى أن تسرُّب الفيروس من المختبر، نظرية رائدة في معرفة أصله.

التقرير الأمريكي، ردَّت عليه السفارة الصينية في واشنطن، مشبِّهة تلك الروايات، بما وُجِّه إلى العراق، من اتهامات باطلة، بامتلاكه أسلحة دمار شامل قبل سنوات.

وقال ليو بينغيو المتحدِّث باسم السفارة الصينية في واشنطن، في تغريدة على "تويتر"، إن منشأ فيروس كورونا، موضوع العِلم، ويجب أن يُتدارس بشكل مشترك، بين علماء من مختلف أنحاء العالم، وعدم إعطائه أبعاد سياسية.

وأضاف المسؤول الصيني، أن أي استنتاج لمنشأ كورونا، يجب أن يتبع أساليب علمية، بالتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية.

اتهام أمريكي

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد في مقابلة مع موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي، الأسبوع الماضي، أن إدارة جو بايدن مصمِّمة على الوصول إلى حقيقة أصول وباء كورونا، متوعِّدًا بمحاسبة الصين، ما لم تتعامل مع قضية الجائحة بشفافية.

وقال الوزير الأمريكي، إن الصين عرقَّلت وصول المفتشين والخبراء الدوليين، إلى العديد من الملفات، أو تبادل المعلومات في الوقت المطلوب، مشيرًا إلى أن الوصول إلى الحقيقة، الطريق الوحيد الذي سيتيح للعالم منع ظهور أي وباء مقبل، أو على الأقل مواجهته والتخفيف من آثاره.

تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، جاءت بعد أيام من أمر وجَّهه الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى هيئات الاستخبارات، بإعداد تقرير عن أصل فيروس كورونا، مطالبًا هيئات الاستخبارات الأمريكية، بمضاعفة جهودها، وتقديم تقرير له في غضون 90 يوماً، كما تداولت أروقة البيت الأبيض بياناً، يفيد بأن رواية انتشار فيروس كورونا، بسبب حادث في مختبر عِلمي، لم يتم استبعادها.

 

بكين تحذِّر

التكليف الرئاسي الأمريكي للتحقيق، في ما إذا كان فيروس كوفيد-19 قد جاء من مختبر صيني، أدانته بكين، محذِّرة مسؤولين في السفارة الصينية في واشنطن، من تسييس الجهود الرامية إلى تحديد أصل كورونا.

التحذير الصيني لم يثنِ مسؤولي الاستخبارات الأمريكية عن تحقيقهم، فكشفت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير بثته قبل أيام، أن البيت الأبيض أُبلغ رسميًا، من مسؤولي الاستخبارات، بأن لديهم عدداً من البيانات، التي لم يتم إثباتها، عن أصل الفيروس، وهي تتطلَّب تحليلاً إضافياً بالكمبيوتر، لتحديد منشئه.

المربع الأول

في غضون ذلك، أظهرت دراسات أن فيروس كورونا كان منتشرًا لأسابيع أو حتى لأشهر، قبيل ظهوره في ووهان في ديسمبر 2019، إلا أن دراسة أخرى، من جامعة كامبريدج، صدرت في أبريل 2020، رجَّحت نشأة الفيروس، بين سبتمبر وبداية ديسمبر 2019، سواء في الصين، أو في منطقة محاذية لحدودها.

 

نظريتان لنشأة الفيروس

بحسب التقارير، من المؤكد أن مختبر ووهان، كان يجري دراسات واختبارات عن الفيروسات التاجية، من فصيلتي RaTG13  وRmYN0، جعلت الكثيرين يطوِّرون فرضيتين لنشأته، الأولى تقول إن هذا الفيروس تمّ تطويره لصناعة سلاح بيولوجي، والأخرى تدَّعي أن خروج الفيروس عن المختبر، حادث عرضي لا تحرِّكه أي رغبة سياسية.

ووفقًا لفريق عِلمي، قادته البروفيسورة السويدية كريستيان أندرسون، أجرى دراسة تسلسل الجينوم لسارس -كوف-2  وقارنه بمن فحصوا تركيبة الفيروس، فإنهم استبعدوا أن يكون فيروس كورونا طُوِّر كـسلاح بيولوجي.

ويميل بعض الخبراء، إلى نظرية الحادث العرضي، الذي أفضى لخروج الفيروس من المختبر، وهو ما تنفيه القيادة الصينية، معلِّلة موقفها بعدم تسجيل أي حالات مرضية بين الخبراء، وفق البيانات الرسمية.

 

الصحة العالمية

قضية البحث عن منشأ فيروس كورونا، دخلت منظمة الصحة العالمية على طريقها الشائك، مؤكِّدة أن البحث عن منشأ الفيروس، مسعى تسمِّمه السياسة.

وقال مدير برنامج الطوارئ، في منظمة الصحة العالمية، مايك رايان، خلال مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي: "نود أن يفصل الجميع، إن استطاعوا، بين السياسة والعِلم في هذه القضية، فهذه العملية برمتها، تسمِّمها السياسة".

وكانت منظمة الصحة العالمية، أوفدت فريقًا إلى ووهان الصينية والمناطق المحيطة بها، مكث فيها 4 أسابيع، وأصدر تقريرًا في مارس 2021، رجَّح فيه أن يكون الفيروس، قد انتقل من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان آخر، واعتبروا أن فرضية ظهوره اصطناعياً، غير مرجَّحة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، خلال إحاطة إعلامية للدول الأعضاء في المنظمة، عن التقرير الذي نُشر في 30 مارس 2021)، إن الخبراء الدوليين "عبروا عن صعوبات في الوصول إلى البيانات الأولية" أثناء إقامتهم في الصين، مضيفاً: "آمل أن تستند الدراسات الجديدة المشتركة، إلى تقاسم بيانات بشكل أوسع وأسرع".

تصريحات منظمة الصحة العالمية، دفعت الولايات المتحدة و13 دولة حليفة لها، إلى إصدار بيان مشترك، عبَّرت فيه عن قلقها من التقرير، وحثَّت الصين على السماح للخبراء، بالوصول إلى البيانات.

إلا أنه حتى الآن، لا توجد أي تقارير تشير إلى أي حقائق، تؤكِّد رواية على حساب أخرى، ومن دون تحقيق عِلمي شفاف، لا يمكن للعالم أن يعرف ما الذي حصل.

 

إحصائيات رسمية

كان فيروس كورونا قد رُصد للمرة الأولى، أواخر 2019 بمدينة ووهان الصينية، ومنذ إعلان اكتشافه، بلغ عدد الإصابات به في أنحاء العالم نحو 173.3 مليون، بينما تجاوز عدد جرعات اللقاحات المعطاة في العالم 2.12 مليار جرعة، بحسب أحدث البيانات المتوفِّرة على موقع جامعة جونز هوبكنز الأمريكية.

كما أظهرت البيانات، أن إجمالي الوفيات ارتفع إلى ثلاثة ملايين و729 ألف حالة، بينما تصدَّرت الولايات المتحدة العالم في عدد الإصابات، تليها الهند ثم البرازيل وفرنسا وتركيا وروسيا والمملكة المتحدة وإيطاليا والأرجنتين وألمانيا وإسبانيا وكولومبيا وإيران وبولندا والمكسيك.